كاتبة سياسية: عملية السلام أعادت صياغة الهيمنة الإسرائيلية ومشروع الدولة لن يحقق التحرير

طفل يطالب بحق العودة
طفل يطالب بحق العودة

يدافع البعض عن إمكانية إنقاذ مشروع الدولة الفلسطينية من خلال إصلاح السلطة الفلسطينية، إلا أنه بات جليًا الآن أن مشروع الدولة في الضفة الغربية وغزة لا يمكنه حماية الحقوق الفلسطينية، ولا يخدم سوى مصالح حفنة صغيرة من الفلسطينيين تضم السلطة الفلسطينية وأعوانها وبعض المستثمرين الرأسماليين الإقليميين والعالميين.

وفي السياق رأت "ليلى فرسخ" المحللة السياسية في شبكة السياسات الفلسطينية أن "عملية السلام" أعادت صياغة هيكل الهيمنة الإسرائيلي الاستعماري بدلاً من إنهائه، حيث سمحت لإسرائيل بفرض حصار على غزة لأكثر من 15 عامًا، ومضاعفة عدد المستوطنين في الضفة، بما في ذلك القدس الشرقية، ثلاث مرات تقريبًا من عام 1992 إلى عام 2020.

كما أدت عملية السلام إلى تجزئة الكيان السياسي الفلسطيني باستحداث السلطة الفلسطينية التي أخذت بحكم الأمر الواقع مكان منظمة التحرير، وعرَّضت في غضون ذلك التحرير الفلسطيني وحق العودة للخطر.

اقرأ أيضاً: انتخابات جامعة بيرزيت: عقوبة لـ"فتح"..وإنذار لـ"حماس"

وأكدت "فرسخ" أن مشروع الدولة الفلسطينية فشل في تحقيق التحرير وذلك بسبب وجود عاملين أساسيين، أولاهما قبولُ منظمة التحرير الفلسطينية بنموذج التقسيم وتخليها عن هدفها المتمثل في إقامة دولة ديمقراطية على كامل أرض فلسطين، واكتفت بدولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة كإعلان رمزي لاستقلالها، فيما يكمن العامل الثاني في قبول الفلسطينيين بإجراء مفاوضات مع إسرائيل على أساس اتفاقات أوسلو لعام 1993، بدلاً من مواجهة الصهيونية والمطالبة، بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة.

وتساءلت أستاذة الاقتصاد السياسي، كيف للفلسطينيين أن يضعوا تصورًا جديدًا لتقرير مصيرهم خارج إطار الدولة القومية؟ وما هي البدائل المتاحة والتحديات؟ بعد موت حل الدولتين وفشل السلطة الفلسطينية في تحقيق التحرير والعدالة.

وتابعت :"على الفلسطينيين أن ينأوا عن نموذج التقسيم، أو حل الدولتين، في أي مسعى يسلكونه لإحراز حقوقهم، وأن البديل يكمن في إعادة تعريف الدولة وليس تخيل إمكانية تجاوزها، بالاعتماد على سياسة الصمود والتعبئة الشعبية التي تؤكد الأصلانية الفلسطينية.

وأكدت "فرسخ" أن التحدي يكمن في تحديد شكل الدولة الديمقراطية التي يريد الفلسطينيون إنشائها، وفي وضع استراتيجية سياسية لحشد الدعم الوطني والإقليمي والدولي لها، مشيرًة إلى أن هذا التحدي ليس قانونيًا أو دستوريًا وحسب، بل أيضًا تحدٍّ سياسي في المقام الأول، حيث يتعين على الفلسطينيين وضع استراتيجيةً سياسية جديدة توحِّدُهم، واتخاذ خطوات اقتصادية وسياسية وقانونية لتفكيك هيكل الفصل العنصري الاستعماري الذي أوجدته إسرائيل من أجل بناء نظام سياسي جديد.

وطالبت المحللة السياسية الفلسطينيين بالتصدي لمسألة الصهيونية، بدلاً من تجريدها كما فعلت عملية أوسلو، وأن يبيِّنوا كيف يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين أن يكونوا مواطنين متساوين في دولة ديمقراطية؟.

وأضافت أنَّ بناء مستقبلٍ حرٍّ لفلسطين يستلزم تفكيك الامتيازات الاستعمارية وهياكل الهيمنة بقدر ما يستلزم التعريف بحقوق اليهود أو الإسرائيليين الراغبين في البقاء في فلسطين كمواطنين متساوين، دون تجريدهم من هويتهم أو المساس بحق الفلسطينيين في العودة، وهو حقٌّ محمي بموجب القانون الدولي.

ورأت "فرسخ" أن الطريقة الوحيدة لإنهاء استعمار فلسطين تكمن في الابتعاد عن الدولة القومية كنموذج للدولة أو هدفٍ للتحرير، حيث كشفت تجربة العقود الثلاثة الماضية، أن إنشاء دولة فلسطينية مقطَّعة الأوصال ضمن إطار التقسيم يستبعد اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل من تعريف القومية الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: "فتح" تكتسح نقابة المحامين وخلافات واتهامات بالفساد داخلها

وشددت الكاتبة السياسية أن الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل باتوا في وضع يؤهلهم للاضطلاع بدور محوري في قيادة النضال التحرري، مثلما فعل اللاجئون في أعقاب حرب عام 1967، والفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة إبان الانتفاضة الأولى عام 1987 وعملية أوسلو.

وقالت إن الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 48 يستطيعون القيام بهذا الدور إلى حدٍ كبير لأن حل الدولتين قد فشل، وبديله من أجل المضي قدمًا هو إنشاء دولة ديمقراطية واحدة على أرض فلسطين التاريخية، سواءً كانت دولة ثنائية القومية أم لا، ولأنهم الأقدر على فهم واقع الهياكل السياسية الإسرائيلية، ولذلك هم قادرون على سد الفجوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في النهوض بحل الدولة الواحدة.

وخلُصت الكاتبة السياسية إلى أن التحدي الذي يواجهه الفلسطينيون الآن يكمن في الاتفاق على مشروع وطني جمعي جديد يتجاوز التقسيم، وهو لا يمكن أن يتحقق قبل إحياء منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها لأنها الهيكل السياسي الممثل الوحيد الذي ينضوي تحت رايته الفلسطينيون كافة داخل فلسطين التاريخية وخارجها. وتحقيقًا ذلك، ينبغي أن يتولى جيلٌ جديد من الفلسطينيين زمامَ قيادة منظمة التحرير والتصدي للسلطة الفلسطينية التي همّشت المنظمة وتخلت عن مشروع التحرير.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo