صحف عبرية: إعدام أبو عاقلة عزز الرواية الفلسطينية وكارثة حلت بالاحتلال

تشييع جنازة شيرين ابو عاقلة
تشييع جنازة شيرين ابو عاقلة

أقرت الصحف العبرية بخطورة جريمة قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة الفضائية يوم الأربعاء الماضي، واعتبرتها من أخطر الحوادث التي أضرت بدولة الاحتلال والتي من الممكن أن تؤدي إلى تدهور الأوضاع الميدانية واستمرار ما أسمتها موجة العنف في الضفة والقدس.

عاموس هارئيل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس العبرية قال إن الحادثة التي قتلت فيها الصحفية الفلسطينية، من أخطر الحوادث في جولة التصعيد الحالية، ومن المؤسف أن بعض ردود فعل كبار المسؤولين الإسرائيليين على مقتل الصحفية لا تشير إلى فهم لخطورة الوضع.

وأضاف أن أبو عاقلة أصبحت رمزًا ذا أهمية مزدوجة، سواء بالنسبة للفلسطينيين أو للنضال من أجل حرية التغطية الصحفية، مشيرًا إلى أن حادثة جنين كانت وسيكون لها آثار ثانوية، ليس فقط على المستوى الأمني، ومن المحتمل أن تؤثر قرار القائمة العربية الموحدة بخصوص بقائها في الائتلاف الحكومي، كما أنه لا يزال من غير الواضح كيف ستتصرف الحكومة القطرية المالكة للجزيرة.

التملص يعزز الرواية الفلسطينية

وانتقد المحلل العسكري موقف جيش الاحتلال الذي راح يوجه اتهامات لا أساس لها، بدلاً من التعبير عن الأسف على مقتل أبو عاقلة والقول: إن إسرائيل تأخذ الحادث على محمل الجد وأنها مستعدة لإجراء تحقيق شامل، مؤكدًا أن التملص الإسرائيلي، دون دليل، يحقق عكس ما هو مطلوب، ويعزز فقط الرواية الفلسطينية للحادث في نظر وسائل الإعلام الدولية.

وأضاف تنبع الصعوبة الإضافية من حقيقة أن إسرائيل لم تصل إلى هذا الحادث بأيدٍ نظيفة تمامًا، فخلال الأسابيع الأخيرة، تم توثيق أعمال عنف من قبل الشرطة والجنود الإسرائيليين ضد الصحفيين الفلسطينيين في القدس وجميع أنحاء الضفة الغربية، والتي تضاف حسب قوله إلى قصف إسرائيل برجًا حيث كانت مكاتب وكالة أنباء أسوشييتد برس في غزة، دون تفكير كافٍ خلال العدوان الإسرائيلي على غزة قبل عام.

اقرأ أيضاً: فلسطين من أسوأ دول العالم في "حرية الصحافة".. ما الأسباب؟

وطالب الصحفي الإسرائيلي بإجراء تحقيق بمشاركة محققين أجانب، مشيرًا إلى أن تحقيق وحدة التحقيقات العسكرية تحت إشراف النيابة العسكرية الإسرائيلية ليس كافياً وأن الأضرار الناجمة عنها ستكون طويلة الأمد.

لا تسارعوا بالاعتذار

أما "غيورا آيلند" رئيس شعبة العمليات في زمن قضية الشهيد الطفل محمد الدرة والذي قتل برصاص جنود الاحتلال عند مفترق نتساريم بغزة بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، فطالب حكومة الاحتلال بألا تسارع في الاعتذار على قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة.

وزعم أنه توجد ثلاثة استنتاجات من حادثة مقتل الصحفية الفلسطينية: الأول، توجد أحداث محظور الرد عليها على الفور بل الإصرار على تحقيق جذري، شريطة أن يلتزم الجيش الإسرائيلي مسبقا بأن ينشره أيضا ويلتزم بموعد معين.

والثاني، غاية التحقيق ليست الإثبات أن "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، بل تقصي الحقيقة حتى لو كانت أليمة أو محرجة.

وأضاف أنه في حال الاستنتاج الثالث وهو أن القتل سببه الطرف الآخر، فإن المطلوب إيجاد أدلة تقنع الإسرائيليين على الأقل مثلما تقنع أيضا المحافل المهنية الدولية.

وتطرق الكاتب الإسرائيلي لصحيفة يديعوت أحرنوت إلى حادثة مقتل مسؤول أممي في جنين عام ٢٠٠٣ ، بعد أن قامت قوة من الوحدات الإسرائيلية الخاصة " الدوفدفان" بإطلاق النار عليه على مقربة من منشأة للأمم المتحدة.

وأضاف طلب مني حينها كرئيس لشعبة التخطيط في ذاك الوقت أن أقدم لقاءات اعتذار سواء في وزارة الخارجية في لندن أو مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، وأعلنت حينها بأني سأفعل هذا لكن فقط بعد أن أجري بنفسي تحقيقا جذريا.

اقرأ أيضاً: "محور القدس".. تهديدات جدية أم مجرد شعارات؟

تبين في التحقيق أن الحديث يدور عن خطأ مؤسف لكنه خطأ من شأنه أن يقع في أوضاع مشابهة، فقد رأى الجنود أن الرجل كان يحمل مسدسا على مسافة بضعة أمتار منهم وفي ضوء تبادل النار في المنطقة استنتجوا أنه من الصواب إطلاق النار عليه فورا، ولاحقا تبين أن الذي في يده لم يكن مسدسا بل جهاز هاتف كبير للاتصال بالقمر الصناعي.

هُزمنا في الإعلام

من جهتها قالت "أرئيلا رينغل هوفمان" الصحفية الاسرائيلية إن المشكلة تكمن في أن إسرائيل تسعى الى احتكار مكانة الضحية، وأن في طبيعتها دولة احتلال عنصري، وهو ما يزعج اسرائيل ويخرجها عن طورها، لا سيما أن الفلسطينيين باتوا في مكانة الضحية في الضمير العالمي، منذ الانتفاضة الأولى (1987)، ما يفسر لجوء إسرائيل، التي تظن أنها استثناء كدولة احتلال، لإشهار فوبيا العداء للسامية، كأن العداء لسياسات الإجرام والاحتلال الإسرائيلي هو عداء لليهود، في حين هو أكثر شيء يضر اليهود.

وأكدت أنه لا مخرج من هذه الدوامة إلا بإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، وتساءلت "أرئيلا رينغل هوفمان": "منذ 55 سنة على الأقل: ماذا نفعل هناك، انتصرنا بمفاهيم عسكرية، لكننا هُزمنا في الإعلام، وهذا ما يقرر الوعي. ما الذي تبحثون عنه داخل رام الله مع دباباتكم؟ مع استمرار الوضع الحالي وغياب أي مؤشر على تسوية متفق عليها.

وتابعت إن موت مراسلة "لجزيرة" شيرين أبو عاقلة في تبادل لإطلاق النار بين الجيش والمسلحين في جنين أعاد إلى البحث مسألة التغطية الإعلامية للمواجهات إلى العناوين الرئيسة، بمفاهيم معينة أبو عاقلة هي صيغة متطورة للطفل محمد الدرة، لأن الحديث يدور عن صحافية، يفترض أن ترفع التقارير من الميدان، أن تكون وسيطاً بين الواقع والمشاهد في البيت، وتستحق جراء ذلك الحصانة حتى وهي في ميدان المعركة.

وأكدت أن نتائج التحقيق في ملابسات موت أبو عاقلة الذي سيجريه كل واحد من الطرفين لن تغير الصورة التي تجذرت حتى قبل أن تطلق الرصاصة الفتاكة.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo