من التوقعات الى الاحتمالات.. هل يعود ترامب الى رئيسا لأمريكا

ترامب
ترامب

هل يعود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الى البيت الأبيض؟ يبدو حتى الآن سؤال استنكاريا في ضوء التقديرات، فيما تغيب الإجابة الواضحة مع ضبابية مشهد الانتخابات الامريكية القادمة والمقررة في نوفمبر المقبل، والتي قد تحمل مفاجآت من هذا العيار، فيما يتداول الكثير إعلاميا وسياسيا حيثياتها حيث تبدو حظوظ ترامب مطروحة على الطاولة للرجل الذى يواجه أكثر من 91 تهمة جنائية تتنوع ما بين التزوير الى التمرد والتآمر احتيالا على الدولة وتحمليه مسؤولية أحداث الشغب التي وقعت قبل عامين ونصف العام في مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن ورغم ما يواجه من تهم قد تودي به الى السجن لا الحكم الا انه متمسك بحياته السياسية ويقود حملات في هذا الاطار تحت عنوان استعادة البيت الأبيض من الديمقراطيين.

عقبات في طريق العودة إلى البيت الأبيض

شخصية ترامب الجدلية لا سمعته السياسية ربما هي من عادت به مجددا الى الواجهة السياسية رغم أن الجمهوريين لم يحسموا قرارهم بعد بشأن مرشحهم الذي سيخوض غمار الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024، لكن ثمة عراقيل وعقبات تعترض طريق عودته الى البيت البيضاوي بسبب الإشكالات القانونية بالإضافة الى افتقاد الرجل للاجماع داخل الحزب الجمهوري حول ترشحه.

بيد ان ابرز التحديات والعقبات التي تواجه عودة ترامب الى السباق الانتخابي هي في جلها قانونية حيث ينظر المدعين العامين الفيدراليين في عدد من الاتهامات التي وصفت بـ"التاريخية". وأبرزها لوائح اتهام في قضيتين، المدفوعات التي منحت للممثلة ستورمي دانيلز من أجل شراء صمتها، أما اللائحة الثانية فترتبط بالقضية التي رفعتها وزارة العدل ضد ترامب، بتهمة سوء التعامل مع الوثائق السرية.

وعلى الرغم من ان المحكمة العليا في كولورادو أعلنت إنها وجدت "أدلة واضحة ومقنعة على أن الرئيس ترامب متورط في التمرد"، وخلُصت إلى أن "أغلبية أعضاء المحكمة ترى أن ترامب غير مؤهل لتولي منصب الرئيس، بموجب المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة"، والتي تمنع أي شخص سبق له وأن أقسم على الولاء لدستور الولايات المتحدة، من أن يشغل أي منصب فيدرالي، إذا ما نكث بقسم اليمين عبر مشاركته في التمرد الان انه يمكن من الوجهة القانونية لترامب المشاركة في هذه الانتخابات

لكن شبح الملاحقة القانونية لازال يحوم فوق راس ترامب الذي يحاول كسب التعاطف والتأييد متهما كل من يسعون الى إبعاده عن السلطة بأنهم لصوص وقراصنة حيث لم يستبعد وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند إمكان محاكمة دونالد ترامب وقال "نعتزم محاسبة كل من يتحمل المسؤولية الجنائية عن (دوره) في أحداث 6 يناير، وفي أي محاولة للتدخل في انتقال السلطة القانوني من إدارة إلى أخرى".

الى ذلك قال أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا ريتشارد هاسن، الذي يعد أحد كبار الخبراء في الولايات المتحدة في قانون الانتخابات، إن ترامب لا يزال أمامه طريق لشغل منصب الرئيس في حال فوزه بإعادة انتخابه في عام 2024. مؤكدا إن الدستور الأميركي يحتوي على متطلبات "قليلة جدا" للعمل كرئيس، مضيفا "القانون لا يمنع أي شخص متهم أو مدان أو حتى يقضي عقوبة بالسجن من الترشح لمنصب الرئيس والفوز بالرئاسة".

يتساءل الكاتب إميل أمين هل هناك إمكانية ما لعودة ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض؟

هذه هي علامة الاستفهام المثيرة للجدل في الداخل الأمريكي، وحتى على الصعيد الدولي، ذلك أن ترامب لم يكن رئيسا إعتياديا، بل صاحب قفزات غير مفهومة، وسياسات لا يمكن توقعها في الحال أو الاستقبال. كما ان هناك ملايين من الأمريكيين، يدعمون ترامب حتى الساعة، ويرون أنه قد تعرض لظلم شديد، وغبن بالغ، ومن هذا المنطلق فإنهم يتحينون الفرصة للثأر من الديمقراطيين في الإنتخابات القادمة.

فوبيا ترامب مقابل زهايمر بايدن

رغم ما يقدمه ترامب من خطاب شعبوي داخل أمريكا يلقي أصداء واسعة الا ان انصار بايدن يسعون الى تحويله لخطر يتهدد الديمقراطية الامريكية ويثيرون الأقليات باعتباره معاديا لسياسات الهجرة حيث هاجم الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب له في بنسلفانيا، عشية الذكرى الثالثة للهجوم على الكابيتول، دونالد ترامب وأنصاره قائلا انهم يتوسّلون "العنف السياسي" (من مؤيدي شعار "فلنجعل أميركا عظيمة مجددا")، مضيفا أن ترامب "يتحدث عن دماء الأميركيين المسمومة، مستخدماً بالضبط الخطاب نفسه الذي استخدم في ألمانيا النازية".

كما انتقدت حملة الرئيس الأميركي جو بايدن، خطط سلفه دونالد ترامب المعلنة للتوسع الشديد والسريع في حملته ضد الهجرة خلال ولايته إذا عاد إلى البيت الأبيض. وإذا فاز في انتخابات عام 2024، يعتزم ترامب إعادة تنفيذ العديد من سياسات ولايته الأولى، بما في ذلك حظر دخول مواطني بعض الدول ذات الغالبية المسلمة، واستخدام "القاعدة 42" لإبعاد طالبي اللجوء. ويريد أيضاً ترحيل "ملايين" المهاجرين سنوياً

لكن ترامب نفسه لم يخف برامجه التي يرى الكثير انها عدائية خاصة تجاه المهاجرين حيث قدم ترامب سلسلة مما بدا أنه يشبه وعود حملته الانتخابية، وتعهد أيضًا بالعودة إلى البيت الأبيض. وقال في هتافات "سوف نستعيد بيتنا الأبيض الرائع"، مستهدفا سياسات الرئيس الحالي جو بايدن، حيث أكد "سنغلق كارثة بايدن الحدودية، ونعيد ترسيخ بقوتنا القوية في سياسة المكسيك"، وسننهي الهجرة المتسلسلة، وسننهي يانصيب التأشيرات وسنقوم بتضييق الخناق على الهجرة غير الشرعية ونوقف موجة الجريمة في المدن التي يديرها الديمقراطيون.

الانتقادات لترامب لم تتوقف عند حدود برامجه بل وصلت الى تصريحاته المثيرة للجدل والتي أشاد بها بذكاء «حزب الله»، وانتقد ضعف القوات الإسرائيلية وضعف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما وصف المتحدث باسم البيت الأبيض، أندرو بيتس إن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب «خطيرة ومضطربة». ولا يخطر ببالنا تماماً لماذا يشيد أي أميركي بمنظمة إرهابية مدعومة من إيران، ويصفها بأنها ذكية».

يقول الكاتب محمد خليفة على الرغم من أن الكثير من الأمريكيين، وخصوصاً الذين ينتمون إلى الأقليات، الذين أظهر لهم ترامب العداء الواضح في خطاباته وسياساته، قد صوتوا لصالح منافسه في الانتخابات الرئاسية جو بايدن، ما أدى إلى فوز الثاني بالانتخابات، إلا أن الواقع الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة اليوم بدا مقلقاً أشد القلق، فقد حدث تضخم لم تشهده تلك البلاد عبر تاريخها لكن مشروعه السياسي لم يحقق الرفاه للأمريكيين المتطلعين إلى من يخرجهم من نفق الأزمة التي وقعوا فيها.

الى ذلك وصف الباحث في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا ديفيد دي روش، شخصية ترامب "بالمستقطبة"، مضيفا ان هناك أربعة أسباب لعودة ترامب، تتأرجح بين العثرات الاقتصادية والسياسية وضرر الانسحاب الكارثي من أفغانستان بصورة جو بايدن، والشهرة الكبيرة التي يحظى ترامب من بين الجمهوريين، بالإضافة إلى اعتبار مؤيدي ترامب أن التحديات القانونية التي تواجهه سعي من الدولة العميقة لاستبعاد المرشح الوحيد الذي يتحدى سيادتها.

الى ذلك قالت صحيفة "غازيتا" الروسية، ومن الصعب جدًا تحديد من قد يخرج منتصرًا خلال 11 شهرًا، فيمكن أن يُطلق على ترامب بثقة اليوم، لقب المرشح الأوفر حظًا في السباق الرئاسي، فبحسب استطلاع أجرته شركة ماكلولين آند أسوشيتس، فإن 47 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع مستعدون للتصويت للرئيس السابق، و44 بالمئة مستعدون للتصويت لبايدن"، وفي الدراسة التي أجرتها مؤسسة "هارت" للأبحاث وإستراتيجيات الرأي العام، أصبحت الفجوة أكثر اتساعا، حيث تفوق ترامب على خليفته بنسبة 6 بالمئة.

تحولات سياسية

عودة ترامب الى الرئاسة ان تحققت فهي تحمل معها متغيرات على صعيد السياسية الخارجية الامريكية والتي كانت مثار انتقاد للرئيس الحالي جو بايدن خاصة على صعيد الحرب الأوكرانية والموقف من الصين والانسحاب من أفغانستان والدعم الإسرائيلي غير المحدود لكيان الاحتلال والاضرار بصوره الولايات المتحدة.

حالة عدم الرضي في الأوساط الامريكية عن سياسات بايدن كانت بمثابة ورقة رابحة في يد الرئيس السابق، دونالد ترامب، الذى قال إنّ الرئيس الحالي، جو بايدن قد يشعل حرباً عالمية ثالثة ويتسبب في دمار الولايات المتحدة خلال الأشهر العشرة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. مجددا تأكيده بأنه لو كان رئيساً للولايات المتحدة، لما اندلعت الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وكان سيبقي الوضع في شبه الجزيرة الكورية تحت السيطرة لأنه حسب رأيه، لديه القدرة على التعامل مع زعماء العالم على عكس بايدن.

تقول أستاذة تاريخ وعميدة كلية فيرجينيا التقنية للفنون الليبرالية والعلوم الإنسانية لورا بيلمونت، حاول ترامب التخلي عن قيادة أمريكا للعالم واستبدالها بعقلية أكثر تركيزاً على الداخل، لكن اللحظة التي شعرت فيها بالدهشة، كانت في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع فلاديمير بوتين في عام 2018 في هلسنكي، حيث وقف في صف بوتين، فيما يتعلق باتهام المخابرات الأمريكية لروسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، مضيفة لا أستطيع تصور رئيس أمريكي منتخب يقف بكامل قوته مع خصم غير ديمقراطي لبلاده.

على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي اعتبرت فترة حكم ترامب فلسطينيا واحدة من أسوأ الفترات بعد محاولاته تمرير صفقة القرن وهي خطة السلام في الشرق الأوسط التي اقترحتها ادارته ورفضها الفلسطينيون بشدة مما دفعه الى قطع المعونات والمساعدات المالية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا في اطار العقوبات وشكلت هذه الفترة بالنسبة لكيان الاحتلال على الصعيد السياسي مكسبا دفعت رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للقول بأن ترامب أعطى دولة الاحتلال ما لم تتمكن من أخذه سابقاً في البيت الأبيض.

حول تأثير المواقف السياسة الامريكية تجاه العدوان على قطاع غزة والدعم اللامحدود لكيان الاحتلال على الانتخابات يقول الكاتب الصحفي احمد مصطفي لن يؤثر الدعم الأميركي اللامحدود الذي توفره الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها على غزة على فرص إعادة انتخاب الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن، حتى لو زاد بايدن وفريقه الانتخابي من هذا الدعم وحشدوا التأييد الغربي للضغط على العرب أكثر، فلا هذا سيحل مشكلة الانشقاقات في القاعدة الانتخابية للديمقراطيين ولا هو سيوفر للرئيس الحالي تحسنا في استطلاعات الرأي بين الناخبين عموما.

المصدر : خاص -زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo