<!-- Google Tag Manager --> <script>(function(w,d,s,l,i){w[l]=w[l]||[];w[l].push({'gtm.start': new Date().getTime(),event:'gtm.js'});var f=d.getElementsByTagName(s)[0], j=d.createElement(s),dl=l!='dataLayer'?'&l='+l:'';j.async=true;j.src= 'https://www.googletagmanager.com/gtm.js?id='+i+dl;f.parentNode.insertBefore(j,f); })(window,document,'script','dataLayer','GTM-TPKQ4F92');</script> <!-- End Google Tag Manager -->

الوجه الأخر لإسرائيل !!

نفتالي بينيت وغانتس
نفتالي بينيت وغانتس

رغم ما تتمتع به اسرائيل من تفوق تكنولوجي تنافس بها دولا عظمى , ورغم امتلاكها ترسانة اسلحة كبيرة ومتنوعة, ورغم ان لديها اقتصادا قويا ونسبا عالية من النمو والاستثمارات ودخل الفرد, فضلا عن تغنيها بكسر السد العربي واقامة علاقات مع عدد من العواصم العربية, الا ان كل عوامل القوة هذه لا تمنع ان ترى النصف الاخر من الصورة, الصورة الهشة والمنكسرة, والعاجزة أمام الارادة الفلسطينية وتصميمها على كنس الاحتلال ونزع الشرعية وصمام الامان عنها وتحويل أمنها واستقرارها الى لعبة في أيدي شبان لم تعد لدهم الرهبة ولا الخوف من جبروت وبطش الاحتلال.

هذه الحقيقة ثبتت اكثر من مرة في المواجهات والاشتباكات التي حدثت بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال, سواء تلك المواجهات الشعبية او المواجهات العسكرية , اذ تبين ان دولة الاحتلال –كما وصفها الكثير من المحللين – بأنها اشبه ببيت العنكبوت- غير قادرة على تحمل تبعات المواجهات الطويلة, ولا تصمد امام المد الثوري المتنامي في اراضي الضفة الغربية وداخل الخط الاخضر, وليس لها (نفس) على دفع أثمان باهظة.

الحالة الثورية الفلسطينية لم تتوقف, بل هي اشبه بالسيل الهادر الذي يتوسع يوما بعد يوم وينتقل من مدينة لمدينة ومن مخيم لآخر, وكل يوم يبدع الفلسطينيون وسائل جديدة في مواجهة الاحتلال. ففي بعض الاحيان تقف غزة على قدميها وتخوض معركة دامية ضد الاحتلال وترغمه على استنفار كل قواته برا وبحرا وجوا وترفع حالة الطوارئ وتطلب من الاسرائيليين الدخول الى الملاجئ , وفي وقت اخر تنهض الضفة الغربية وتنطلق العمليات المسلحة ضد الجيش او المستوطنين , او تنطلق مواجهات شعبية صاخبة مع قوات الاحتلال, مما يدفعه الى استدعاء المزيد من قوات الاحتياط ونشر الاف الجنود في انحاء الضفة والشروع في حملات اعتقال واسعة في المدن والقرى , وتارة اخرى تعود مناطق الداخل الفلسطيني الى الواجهة حينما تخرج المسيرات والمظاهرات التي تحمل علم فلسطين وتشتبك مع قوات الشرطة والاحتلال , او حينما يقوم شبان فلسطينيون بمهاجمة اهداف اسرائيلية مما يجعل دولة الاحتلال تصاب بكثير من الهلع والرعب من توسع هذه النشاطات وتبدأ حينها في اتخاذا اجراءات قاسية ضد مواطني الداخل.

ان اسرائيل اصبحت محاصرة ومطاردة بالهجوم الفلسطيني الذي ضاق ذرعا بالجرائم والانتهاكات اليومية التي ترتكب بشكل ممنهج ودائم, ليس من قبل قوات الاحتلال فقط بل انها فتحت الباب على مصراعيه لقطعان المستوطنين والمتطرفين ان يستفزوا الفلسطينيين في اقدس مقدساتهم.

ويشير المحلل الأمني في صحيفة هآرتس الاسرائيلية عاموس هارئيل الى تخبط المؤسسة الامنية والعسكرية في امكانية السيطرة على الاوضاع في الاراضي الفلسطينية بقوله أن "مشكلة إسرائيل المزدوجة تتلخص في عدم وضوح المعلومات الاستخبارية، ومواجهة عدو غير مرئي (إشارة لمنفذي العمليات الفردية)".

اقرأ أيضاً: صحف عبرية: الوسيط المصري أوقف جماح التصعيد من قبل حماس

وأشار إلى أن جهاز الأمن العام (الشاباك) تحرك بقوة لمواجهة ما يبدو أنها منطقة ميتة استخباراتيا (فلسطيني الداخل)، ونفذ مداهمات واعتقالات ضد مواطنين عرب كانت لهم صلات مع تنظيم الدولة، أو يشتبه في أن لديهم مثل هذه العلاقات

اسرائيل تجد نفسها مام موجات غضب عارمة وجبهات متعددة, ولا تجد لها مخرجا من هذه الورطة سوى المكابرة واستخدام القوة في محاولة يائسة لردع وصد هذا المد الثوري.

لكن في نفس الوقت تجد ان استخدام القوة , والذي سبق استخدامه الاف المرات وبوحشية عالية, لم تردع الفلسطينيين عن الاستمرار في تحدي جبروت الاحتلال بالرغم من التكلفة الباهظة التي يتحملها الفلسطينيون من شهداء وجرحى واسرى وتدمير للبيوت والممتلكات.

ما تخشاه اسرائيل بالفعل وتحاول من التهرب منه هو هذا الجيل الجديد الذي يتصدر المواجهات. هو جيل يحمله في داخله وعيا جديدا خاصة انه لم يعايش مرحلة الهجوم الأمني الكاسح الذي شنته اسرائيل خلال حملة السور الواقي الإسرائيلية في 2002، كما ان هذا الجيل رأى بأم عينيه تهاوي عملية السلام وتراجع دور السلطة الفلسطينية , اضافة الى معايشته الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بشكل يومي في الاراضي الفلسطينية ، الأمر الذي عزز لديه دوافع المواجهة مع الاحتلال والمستوطنين دون اكتراث بالسلطة الفلسطينية التي باتت في نظر هذا الجيل انها لم تعد تمثل طموحاته في دحر الاحتلال او تحقيق شيء من الانجازات.

لقد استغرب الكثير من الاوساط الامنية والعسكرية من جرأة هذا الجيل في التصدي لقوات الاحتلال بل والهجوم عليها بشكل مباشر لدرجة ان المراسل العسكري الصهيوني أور هلير قال للقناة العاشرة بعد أن رافق قوات الاحتلال في اقتحام جنين يوم 9/4/2022 : "لم أصدق أن أكثر من 1000 شاب يلقون الحجارة والحارقات ويهتفون ضدنا، وأن أحد الفتية ضرب باب الجيب العسكري، وقال: افتح، افتح، وبيده حجر"!

وعلّق بالقول: "غريب جداً هذا الجيل، لا يخاف أبداً رغم إصابة سبعة منهم بالرصاص الحي، وكثرة الجنود، أكثر من 50 دورية وجرافة، دخلنا ولم نُرعب هؤلاء!".

هناك الكثير من المحللين الإسرائيليين الذين باتوا يتحدثون بصوت واضح وجلي ان امكانية اسكات الفلسطينيين من خلال القمع وجبروت القوة لم يأت بأي نتيجة, بل انه ارتد على إسرائيل سلبا من خلال تشويه صورتها في العالم, كما انه صب الزيت على نار الثوة في الاراضي الفلسطينية, ويدعون إسرائيل الى ان تكون (اكثر عقلانية) ولا تكابر في تجاهل حقوق الفلسطينيين او في السماح للمتطرفين اليهود لجر المنطقة الى نتائج كارثية.

خلال جولة المواجهات الاخيرة في المسجد الاقصى, ارغمت دولة الاحتلال, وبتوصيات من اجهزة الامن, ان توقف المتطرفين اليهود عن اقتحام المسجد الاقصى وذبح القرابين, كما وافقت على اعتقال بعضهم, وصارت تصدر تصريحات بانها ليست معنية في تصعيد الامور, مما اعطى اشارات قوية ان المواجهات اتت كلها وان هناك فرصة لفرض مزيد من التنازلات على دولة الاحتلال.

سبق قبل ذلك العديد من المعارك التي خاضها الفلسطينيون وحققوا فيها انجازات ملموسة, مثل معركة البوابات وتركيب الكاميرات او نصب الحواجز امام بوابات المسجد الاقصى.

من هنا يمكن الاستقراء ان ارادة الشعب الفلسطيني تغلبت على القوة العاتية للاحتلال, وفرضت عليه في كثير من الاحيان ان يتراجع عن قراراته وسياساته تجاه المسجد الاقصى او مدينة القدس .

اقرأ أيضاً: جنين تحت الحصار.. وهبة شعبية لنصرتها

كما ان المعتقلين في سجون الاحتلال سجلوا في اكثر من مرة انجازات باهرة حينما قرروا الدخول في اضرابات طويلة عن الاعتقال للإفراج عن المعتقلين الاداريين, وفي غزة نجحت المقاومة في ارغام الاحتلال على تلبية الكثير من الشروط التي تتعلق بالحياة في قطاع غزة مثل توسيع مساحة الصيد البحري وفتح المعابر والسماح بتدفق المواد الاساسية ودخول المساعدات الانسانية.

لقد نجحت منظمات المقاومة في مناسبات عديدة في استغلال نقاط ضعف الاحتلال وممارسة الضغط عليه لتقديم تنازلات كبيرة, ففي صفقة شاليط التي نفذت في العام 2010 تم الافراج عن 1027 اسير فلسطيني مقابل جندي اسرائيلي واحد , وقبلها كانت صفقات تبادل ناجحة تم الافراج خلالها عن مئات المعتقلين

كل هذا يشير الى تغير جوهري في حالة الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال والذي يمكن استغلاله بشكل افضل في تحقيق منجزات اكبر على الصعيد الوطني والسياسي.

كما انه يعطي درسا واضحا وقويا, ان دولة الاحتلال لا ينفع معها سوى المواجهة والقوة والاشتباك, وان اللغات الاخرى فقد محاها الشعب الفلسطيني من قاموسه.

ان اسرائيل لديها نقاط ضعف كثيرة ومتعددة , منها ما يتعلق بالتباين العرقي والديني داخل المجتمع الإسرائيلي والذي يشير الى وجود انقسام كبير بين فئات مختلفة مثل المتدينين والعلمانيين او بين اليهود الغربيين واليهود الشرقيين , فضلا عن عدم تقبل فلسطيني الداخل للاندماج مع المجتمع الاسرائيلي. ومن نقاط الضعف ما يتعلق بالجانب العسكري , مثل غياب الاقبال على التجنيد وتراجع جودة الجندي المقاتل والتهرب من الانضمام الى القوات البرية خوفا من المواجهات المباشرة, ومنها يتعلق بالجانب الامني الذي يقول بوضوح ان اسرائيل تواجه دوما تهديدات وجودية واستراتيجية مثل وجود نحو 7 مليون فلسطيني داخل حدود فلسطيني التاريخية يمثلون قنبلة ديمغرافية قد تنفجر في أي وقت, وهناك التهديد النووي الايراني وتطور قدرات المقاومة في غزة حزب الله, مما يعقد الامور امام دولة الاحتلال التي تجد نفسها امام جبهات متعددة تستنزف منها الكثير من الوقت والجهد.

الاستخلاص المهم هنا ان معادلة الصراع لم تعد كما كانت, ولم تعد اسرائيل تشكل (البعبع) الذي يرعب منطقة الشرق الاوسط ويحسب له الجميع الف حساب, فقد تبين ان فتية صغارا بامكانهم زعزعة الامن الاسرائيلي وارباكه وتشويه حالة الاستقرار التي تتغنى بها دولة الاحتلال, كما انه من المهم التأكيد ان اعادة ترتيب الحالة الوطنية الفلسطينية هو من اهم العوامل التي تقوض قوة الاحتلال وتشكل امامه سدا منيعا وتفرض عليه الا يستهين بقوة وقدرات الفلسطينيين او يتجاهل حقوقهم الوطنية.

الفلسطينيون لم ولن يملوا من الكفاح والنضال ضد الاحتلال, وليس من شك ان الغلبة ستكون لهم لانهم اصحاب قضية عادلة وتاريخ مشرف , اما اسرائيل التي تتحصن بالتكنلوجيا والجبروت العسكري وقوة القمع والبطش فستجد نفسها يوما أمام واقع لا يمكن تغييره او القفز عنه.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo