خفضت كلفة الاحتلال

كاتب فلسطيني: السلطة أخفقت ككيان انتقالي وتحولت الى جزء من منظومة السيطرة

من اجتماعات مجلس الوزراء
من اجتماعات مجلس الوزراء

أدى اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 إلى تهميش المنظمة، وإضعاف وحدة الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده، وتقوية السلطة المقيدة بسقف اتفاق أوسلو، وتقوية المنظمات الأهلية غير الحكومية.

وراهنت القيادة الفلسطينية على أن الحكم الذاتي سيتطور إلى دولة ذات سيادة، وهو الرهان الذي خاب وولد المأزق الراهن الذي يواجهه هذا المشروع اليوم، وأثار سجالات غنية بشأن سبل الخروج من هذا المأزق.

استمرت سلطات الاحتلال في فرض الوقائع الاستيطانية، بما في ذلك تأسيس بنية تحتية للاستيطان، ومضت في تهويد القدس بوتيرة متسارعة، ومصادرة الأراضي وتقطيع أوصال الضفة وفصلها عن قطاع غزة والقدس، بعد أن رفضت الانسحاب من أراضٍ فلسطينية في المرحلة الانتقالية، بما في ذلك رفضها تطبيق اتفاق "واي ريفير" لسنة 1998، الذي ينص على الانسحاب من 13% من أراضٍ إضافية من الضفة الغربية.

ورأى "مهند عبد الحميد" الكاتب والصحافي الفلسطيني أنه ومع إخفاق مفاوضات كامب ديفيد في يوليو 2000، برعاية إدارة كلينتون، بين الشهيد الرئيس ياسر عرفات وإيهود باراك، سقط الرهان على اتفاق أوسلو، وشكل اندلاع انتفاضة عام 2000، فرصة لقادة الاحتلال في دمج النضال الفلسطيني بالإرهاب، وللتحرر من كل القيود في حربها على الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: مما تخشى السلطة..لو طبقت قرارات "المركزي"؟

وأكد الكاتب أن قيادة المنظمة لم تراهن على الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه، بل راهنت على الإدارات الأميركية لإيجاد الحل، وتكيفت مع شروطها إلى حد كبير، كما أخفقت السلطة في أن تكون كياناً وظيفياً انتقالياً، وأصبحت جزءاً من منظومة السيطرة، بعد أن شكلت حاجزاً فعلياً ونفسياً ما بين الناس والاحتلال، وساهمت في خفض كلفة الاحتلال.

وبين الصحفي الفلسطيني أن انفصال قطاع غزة عن الضفة وخضوعهما لسلطتين متناحرتين أدى إلى تعطيل المجلس التشريعي وكل اللجان المرتبطة به، وإلى تمركُز صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية في السلطة التنفيذية الأبوية، وتحولت مؤسسات المنظمة، كالمجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية، إلى مؤسسات شبه معطلة وتابعة لمركز القرار، وخاضعة للسلطة مالياً.

ورأى "عبد الحميد" أن القوى السياسية الفلسطينية أصبحت عاجزة عن إخراج المشروع الوطني من مأزقه، وأن التعويل بات على بنى جديدة ناشئة، تضم مفكرين ومثقفين وحقوقيين وحركات اجتماعية ونقابات واتحادات ومؤسسات مستقلة ومبادرات شبابية ونسوية وكل العناصر والفئات الحية في الحركة السياسية والمجتمع.

وأوضح أنه لا يمكن إقصاء الإسلام السياسي، كما رأى أنه لا يمكن أن يكون البديل، وأن التحدي الكبير يكمن في الإجابة على التساؤل، هل يمكن التلاقي بين الإسلام السياسي و"الحركة الوطنية" في مشروع واحد؟.

وأضاف أن هناك مَن يدعو إلى قاسم مشترك يرضي كل الاطراف، وهذا يصطدم بالمكانة الشرعية والقانونية لفلسطين المتحققة، التي تستند إلى قرار التقسيم 181 واعتراف أكثرية دول العالم بدولة فلسطينية على حدود الـ 67، هذه الشرعية المرفوضة من الإسلام السياسي.

وطرح الكاتب عدة اجتهادات فلسطينية للخروج من المأزق الحالي عبر العودة إلى مشروع الدولة الواحدة، دولة ثنائية القومية، كبديل من حلّ الدولتين، عبر حلّ السلطة وإعادة تحميل الأعباء للدولة المحتلة، ويستند دعاة هذا المشروع إلى فشل حل الدولة الفلسطينية في مناطق الـ 67، الذي أوصل الحركة الوطنية إلى الباب الموصد وجزّأ الشعب.

اقرأ أيضاً: "فتح".. هل تعود إلى خيار "المقاومة المسلحة"؟

في حين يرى آخرون أن الحل يكمن في التمسك بالدولة المستقلة على أراضي الـ 67، باعتبارها ممراً إجبارياً للسلام والحل السياسي الواقعي، فليس من الحكمة برأيهم التراجع عن حل الدولتين المدعوم من أغلبية دول وشعوب العالم، بما في ذلك جزء من المجتمع الإسرائيلي، وإنما التركيز على مضمونه واستمرار التمسك بحق العودة، وتفكيك البنى الاستعمارية.

ويطالب أصحاب هذا الرأي السلطة القائمة بالتحلل من التزاماتها الأمنية والاقتصادية وإعادة تعريف العلاقة بإسرائيل، والتحول إلى جهاز للتحرر من الاحتلال، وبناء نظام سياسي بمضامين عصرية وحديثة كسلطة قانون وانتخابات ورقابة ومساءلة ومحاسبة، واعتماد اقتصاد صمود بدلاً من الاقتصاد الريعي.

كما طالب البعض بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل إطار جامع، كونغرس فلسطيني يسمح بمشاركة ممثلي الـ 48 وإيجاد صيغة لمشاركة حركتي "حماس والجهاد الإسلامي"، واعتماد المقاومة الشعبية كاستراتيجية، وليس كمناورة.

ومن بين الاجتهادات التي طرحها الكاتب الفلسطيني "عبد الحميد" مهمة الحفاظ على الذات والبقاء، باستبدال خطاب الدولة بخطاب الهوية والبناء الوطني ووضع الإنسان في المركز، وليس الدولة، وإلى تمسُّك الفلسطينيين بهويتهم الوطنية في كل مكان، بعد فشل استئصالهم.

المصدر : متابعة- زوايا
atyaf logo