البودكاست الفلسطيني.. بدايات محدودة تحتاج الرعاية والتطوير

عروضات البودكاست
عروضات البودكاست

يتجّه العالمُ نحو الاهتمامِ بالبودكاست، عبر إنتاجِ مواد مسموعةٍ ومرئيةٍ بجميع اللغاتِ، يستطيع المستمع أن يطلّع عليها في أي وقتٍ يريده، مواكبةً لتطور التكنولوجيا وتطور المتلقي أيضًا.

وأنتج العالم أكثر من 5 ملايين حلقة بودكاست بأكثر من 100 لغة منذ 2004، بحسب المدرب الإعلامي ساجي الشوا خلال حديثـه لـ "زوايا".

ورغم أن البودكاست قد بدأ ينتشر عربيًا في عام 2008، بحسب موقع "البودكاست العربي" وتوهج حاليًا، إلا أنه فلسطينيًا ما زال في طور البناء، وتحفّه العديد من التحدياتِ.

وفي هذا التقرير، تستطلع "زوايا" آراء أصحاب التجارب والخبراء حول البودكاست وواقعه فلسطينيًا، والميزاتِ والتحديات المحيطـة بتطوره وارتقائه فلسطينيًا.

البودكاست عربيًا

وبين المدرب الإعلامي ساجي الشوا، أن البودكاست هو أشهر وسائط "الإعلام الرقمي" الجديد، وازداد انتشاره عربيًا في عام 2012، عبر منصات عربية من خلال إنجازٍ فردي أو من خلال مجموعة من المهتمين أو الإعلاميين.

وينتشر البودكاست عربيًا في مصر عبر منصات عديدة، وفي الخليج عبر منصات "صوت" و"محتواي"، لافتا أن فكرة البودكاست تنبثق مع إنتاج موادٍ مسموعةٍ أو مرئية، وثم ثم نشره عبر تطبيقات البودكاست المختصة بالصوت مثل "ساوند كلاود".

اقرأ أيضاً: النمو المستحيل.. قطاع الاتصالات الفلسطيني بمواجهة الاحتلال الرقمي

وتعد السعودية هي الدولة العربية الأكثر استماعًا، يليها مصر والأردن، مبينًا "الشوا" أن السعودية لوحدها تستقطب أكثر من 5 ملايين مستمع سنويًا، والإمارات أكثر من 3 ملايين مستمع.

البودكاست فلسطينيًا

وحول البودكاست الفلسطيني، أسِف "الشوا" لانخفاض نسبة الاستماع، مع غياب الإحصائيات حول عدد المنتجين في غزة، في المقابل أوضح أن هناك بدايات في الضفة في إنتاج البودكاست الذي يتطرق للقضايا الفلسطينية.

هناك نقص كبير في "البودكاست" فلسطينيًا، حيث يفتقد إلى الانتشار والتميز، ومحدودية في البودكاست الذي يتحدث عن القضايا الفلسطينية، حيث من الضروري أن تخلقَ عند المستمع ثقافة المتابعة للبودكاست، كما يوضح "الشوا".

وبين أن البودكاست يحتاج عملية تراكمية ونفس طويل للحصول على الميزات الكاملة، لافتًا إلى ضرورة إيمان صناع البودكاست بالفكرة والديمومة حتى تحقيق الأهداف كاملة على المدى البعيد، وتعزيز الجمهور وتسويق حلقات البودكاست بشكل جيد.

وبشأن الميزات التي من المفترض أن تكون في البودكاست الفلسطيني ويفتقدها، لفت إلى ضرورة أن يتضمن البودكاست محتوى قويًا، يستطيع نقل الحقائق وتعزيزها بالبحث والتدقيق، واستخدام البودكاست بأكثرِ من لغةٍ لمخاطبة الجمهور المستهدفِ بشكل مهنيٍ وفعال، وهذا ما يفتقده البودكاست الفلسطيني.

وبين أن البودكاست سواءً كان عاديًا أم احترافيًا، يحتاج إلى فريقٍ قادرٍ على جمع المعلومات من مصادر متنوعة، وتسجيلها عبر مواد حصرية تتعلق بالقضايا الفلسطينية، وعمل مونتاج لها ونشرها بشكل مجاني.

وبدأ الشباب الفلسطيني بما لديهم من أدواتٍ في إنتاج برامج بسيطة، مبينًا أن البودكاست يحتاج إلى ترويجٍ وتسويقٍ جيدين، داعيًا الجامعات والإعلاميين للدخول في هذا المضمار وتعزيز الإمكانيات. حسب الشوا".

ودعا للاهتمام بالبودكاست فلسطينيًا، لافتًا إلى غياب الأرضية للعمل في البودكاسات، وعدم اهتمام المؤسسات الإعلامية ولا حتى الرعاة به.

نص خطوة

وبين أن فكرة حلقات البودكاست الخاصة به "نص خطوة" انبثقت من خلال حضور تدريب في الأردن يتحدث عن البودكاست، لينقل "الشوا" الفكرة فلسطينيًا، والتحدث عن قضايا الشباب وتطوير حياتهم وحل قضاياهم المختلفة، مبينًا أن الموسم الثاني سيتحدث عن البيئة داخل العمل الإعلامي.

ويعتمد البودكاست على الفن السردي في برامجه الحية وتنشر على تطبيقات البودكاست، ويكون حوارًا فرديًا أو جماعيًا ويعرض معلومات دسمة، كما يقول "الشوا".

مساحة من الحريةِ

وفي ذات السيّاقِ، أشادت الإعلامية أنسام القطاع بالبودكاست الذي ينتج موضوعات متنوعة، ويكون بعيدًا عن الرقابة حتى اللحظة، عكس التضييق الذي يمارسه فيس بوك ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل عامٍ على المحتوى الفلسطيني.

ويتميز البودكاست بقدرة المتلقي على سماعه في كل وقتٍ وحين، عكس الراديو المتقيد ببرامج إذاعية وأوقاتٍ معينة، كما تقول "القطاع" لـ "زوايا".

وحول تجربتها، بدأت "القطاع" رحلتها مع البودكاست، عبر دوراتٍ تدريبية أون لاين، مبينةً أنها كانت تبحث بشغف عن المعلوماتِ والحقائق لإنتاج حلقاتٍ عن البودكاست.

ويعدّ البودكاست ضعيف في غزة ولا يعلمه تفاصيله الكثير من الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، مبينة أنه في الآونة الأخيرة بدأت بسماع صدى صوتٍ حول البودكاست والعمل حوله.

رمضانيات وتحديات

وأنتجت "القطاع" أكثر من 4 حلقات بودكاست بعنوان "رمضانيات"، مبينةً أنها واجهت العديد من التحديات حول الاستمرارية، وأنها ستواصل العمل على إنتاج المزيدِ من الحلقاتِ.

وبينت أن أكبر تحديات البودكاست الفلسطيني، هو حاجته لجهد كبير من جمع للمعلومات والتسجيل والمونتاج، الأمر الذي لا يقابله أجر ماديٍ مثل المذيعين، كما أن البودكاست كما ترى "القطاع" ليس من أولويات المؤسسات الإعلامية والممولين والرعاة ولا حتى اهتمام الجمهور الكبير.

قدس بودكاست

واعتبر الصحفي الفلسطيني سائد نجم، الذي يعمل في عدة وكالات منها "شبكة قدس"، بأن البودكاست بدأت يتشكل فلسطينيًا، رغم بداياته وضعفه في الاستمرارية والمضمون.

ووفرت منصات التواصل والتطبيقات مساحة كبيرة للفلسطينيين بشكل خاص، والعرب بشكل عام لإنتاج البودكاست وانتشاره، موضحًا أن جائحة كورونا رفعت من عدد الجمهور المستمع له" بحسب نجم.

ولا يوجد رقابة حتى اللحظة على محتوى البودكاست وخضوعه لرقابة الاحتلال، مبينًا أنها فرصة للفلسطينيين لتعزيز حضورهم في هذا المضمار.

تحديات

وحول التحديات، أشار نجم إلى عدم تفرغ الصحفيين لمهنة البودكاست، وأنه يحتاج لنفس طويل، وأن العملية تراكمية حتى يقدر منتجو البودكاست على تحقيق أهدافهم.

وتعيش المؤسسات الإعلامية حالةً من الترهل والضعف، متمثلة في عدم إدراكها لفوائد البودكاست، وعدم ضخها كوادر جديدة، وإغلاق مؤسسات بسبب ضعف التمويل، وهذه عوامل قد أثرت في ضعف البودكاست فلسطينيًا، كما يقول "نجم".

اقرأ أيضاً: الصحافة الورقية الفلسطينية.. بين تحدّي الإعلام الرقمي واستمراريتها رغم انخفاض المبيعات

وأنتجت شبكة قدس من شهر أكتوبر 2021 حتى الآن قرابة 20 حلقة تتعلق بالقضايا الفلسطينية، إضافة إلى أعدادٍ متفرقةٍ، موضحا "نجم" أنهم سيسعون لتعويض ما فات من حلقاتٍ.

ويشاهد حلقات بودكاست قدس ما بين 1000-2000 مستمع بالمتوسط، معتبرًا ذلك متوسطًا جيدًا لعدد المستمعين.

ويستطيع منتجو البودكاست التربح من خلاله، عبر نشره في منصات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك ويوتيوب وغيرها.

ودعا في حديثه لـ "زوايا" إلى ضرورة إدراج البودكاست في المناهج التعليمية، وضخ كوادر جديدة في المؤسسات الإعلامية قادرة على إنتاجه ومواكبة الإعلام الحديث، وتوفير فرص عمل عبر الأون لاين.

بودكاست "صدفة"

من جانبها قالت الصحفية الفلسطينية ومخرجة الأفلام القصيرة سحر يوسف لبد، أن تجربتها بدأت العام الماضي، حيث انطلقت الفكرة من خلال تلقيها دورة في البودكاست قبل عامين.

وبحثت "لبد" كما تقول لـ "زوايا" عن فلسطينيين قابلوا صدفًا جميلة في حياتِهم لتكون انطلاقة لعملهم ونجاحهم، إلا أنها واجهت الصعوبات في استقطاب الأشخاص، مبينة أن الفكرة ما زالت تراودها، وأنها مستمرة في العمل من أجل إنجاح الفكرة.

وتحتاج "لبد" إلى حاضنةٍ فلسطينية لتعزيز فكرتها بالإمكانياتِ ولمواصلة العمل في البودكاست.

ويفتقد منتجو البودكاست، إلى حاضنةٍ لتنمية مواهبهم واحتضانهم وتطوير مهارات الكوادر الإعلامية في محتوى البودكاست وإنتاجه، ونقل القضايا الفلسطينية بجميع أشكالها وبلغات عديدةٍ إلى العالم، مواكبةً لتطور البودكاست من حيث المحتوى والاستمرارية.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo