إسرائيل ستدعم الهدوء

باحثة مصرية: لا توجد خطوات فلسطينية جادة لاستغلال الأزمة الأوكرانية

محمود عباس وبوتين.
محمود عباس وبوتين.

لم يدرك الجانب الفلسطيني بعد لحظة نضج الأزمة "الروسية - الأوكرانية" ولم يتخذ حتى الآن أي خطوات جادة لتوظيف الصراع الدائر لصالح القضية الفلسطينية، مثلما تفعل إسرائيل، خاصة مع التحديات العديدة التي يمكن أن تلحق بها، وفي مقدمتها توظيف إسرائيل للحرب من أجل تشجيع هجرة يهود أوكرانيا وروسيا لزيادة عدد سكانها من اليهود، والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية.

ومع تواصل فتيل الحرب يبدو أن الموقف الفلسطيني، يجد صعوبة في التعرف على التغييرات الجارية ومدى القدرة على استيعاب التحديات والمخاطر، وعدم التقدير حول انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على القضية الفلسطينية.

الكاتبة "شيماء منير" الباحثة في الصراع العربي الإسرائيلي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكدت أنه لم يعد مكان أو وقت للمناورة، وانتظار الموقف الأمريكي والأوروبي الذي بات واضحا بعدم وجود أفق سياسي، ويجب اتخاذ خطوات سريعة للتوافق الوطني واعتماد الفلسطينيين على ذاتهم في مجابهة العالم الظالم.

اقرأ أيضاً: كتاب وباحثون: الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية بحاجة للحذر

وأشارت الكاتبة إلى ازدواجية المعايير الدولية التي تنتهجها الدول الغربية حيال الملف الفلسطيني، ورفض فرض عقوبات مماثلة ضد إسرائيل بسبب احتلالها الأراضي الفلسطينية، والتطبيق الانتقائي للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، وفي الوقت الذي تصف فيه المقاومة الفلسطينية بالإرهاب" وتفرض الحصار عليها، يتم فتح باب التطوع "العلني" لدعم أوكرانيا.

وأضافت أن هذا الواقع يدفع المستوى الرسمي الفلسطيني لشن حملة دولية للمطالبة بتنفيذ قواعد القانون الدولي على إسرائيل دون تمييز مثلما يحدث حيال روسيا، وعلى نحو متزامن الانخراط في خطوات عاجلة لإنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الفلسطيني من أجل ضمان فعالية الحراك الفلسطيني في المحافل الدولية، من خلال البناء على ما تم الإجماع عليه من قبل باختيار الانتخابات كمدخل لإنهاء الانقسام والمؤجلة منذ مايو العام الماضي، لاسيما في ضوء انشغال إسرائيل خارجيًا بدور الوسيط في الأزمة الأوكرانية وعدم رغبتها في أن تظهر أمام العالم بأنها العائق أمام ممارسة الشعب الفلسطيني حقه الانتخابي وإدارة العملية الديمقراطية.

وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية أكدت أن الشرعية الدولية لا تتجزأ، ولا يجوز الكيل بمكيالين، محذرة في بيان لها من استغلال الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة بما فيها ميليشيات ومنظمات المستوطنين للانشغالات الدولية بما يجري في أوكرانيا؛ بهدف تصعيد عدوانها وانتهاكاتها وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني"، وسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتعميق الاستيطان في الضفة المحتلة عامة وفي شرق القدس وأحيائها المختلفة، بما فيها حي الشيخ جراح بشكل خاص.

كما دعت الباحثة في الصراع العربي الإسرائيلي لتوظيف انشغال الأطراف الإقليمية التي كانت من بين العوامل المعرقلة للمصالحة من أجل الدفع قدمًا بخطى المصالحة والانتخابات.

في المقابل رأت الباحثة أن دولة الاحتلال ستحرص في الفترة المقبلة على التهدئة خاصة في غزة، وفي الوقت نفسه ستقوم بتعزيز قدراتها على ردع أي هجوم متزامن من عدة جبهات، مع تأمين وتحصين جبهتها الداخلية، خاصة وأن إشعال حرب في غزة سيكون له مردود سلبي على صورة إسرائيل كوسيط لتسوية الصراع في أوكرانيا، حينما يتم الكشف عن وجهها الحقيقي واعتداءاتها في غزة والقدس.

اقرأ أيضاً: هل تؤثر حرب أوكرانيا على المساعدات الدولية للفلسطينيين؟

وكان وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس أمر بزيادة عدد تصاريح العمال الذين يخرجون للعمل في إسرائيل من قطاع غزة، كجزء من سياسة جديدة لتحسين الحياة المعيشية في القطاع، وتنفيس الاحتقان الداخلي، خاصة أن السياسات الإسرائيلية واضحة وترفض أي مسار سياسي، وتتمسك برؤية ما يسمى تقليص الصراع التي يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، والاكتفاء بالسياسة القائمة بالتسهيلات الاقتصادية، والتي تتعاطى معها السلطة، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية، باتت تتعاطى مع مقاربة الحلول الاقتصادية، وتأجيل البحث في أي حلول سياسية في المستقبل.

كما أن هذا الموقف انسحب على الدول الأوربية، والذي عبر عنه المستشار الألماني "أولاف شولتس" الذي قال خلال زيارته لإسرائيل الشهر الماضي: "نلاحظ أن إسرائيل تتخذ خطوات في الشهور الأخيرة لتحسين معيشة الفلسطينيين، وأنا أبارك ذلك. ولكن، لكي نمنع التصعيد يجب التقدم في مفاوضات عينية حول السلام، لكن هذا موضوع للمستقبل".

وحرصت الحكومة الإسرائيلية منذ بداية الأزمة الأوكرانية على التحرك سياسيًا من أجل احتواء الغضب الروسي جراء موقف إسرائيل الذي دعم وحدة أوكرانيا وسيادتها الكاملة على أراضيها، والإدانة التي جاءت على لسان وزير الخارجية يائير لابيد للهجوم الروسيّ، والذي اعتبره "انتهاكاً للنظام الدولي".

كما جاءت توصيات مختصون إسرائيليون بتوخي الحذر في التعامل مع أطراف الصراع وعدم تبنى مواقف تصعيدية ضد روسيا من جانب قيادة الجيش الإسرائيلي من أجل مواصلة التنسيق المتعلق بالتهديدات الإيرانية في سوريا، وفقًا "لآلية منع التصادم"، خاصة مع الرسائل التصعيدية التي بعثتها روسيا لإسرائيل من خلال النشاط المتزايد للطيران الروسي والسوري المشترك على حدود الجولان دون إخطار تل أبيب بذلك.

وتؤكد الباحثة المصرية أن هناك فرص وحلول عملية للفلسطينيين يمكن التعجيل بتوظيفها لصالح القضية، بدلًا من انتظار مآلات الحرب وتداعياتها على بنية النظام الدولي، ما سيمكن الفلسطينيون من تحرك دولي موحد وفق خطة وطنية للمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين، واحترام قواعد القانون الدولي دون ازدواجية للمعايير.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo