هل تتحول العقوبات على روسيا إلى كابوس؟

مجلة أمريكية: خطط روسية صينية للإطاحة بسيطرة الدولار عالمياً

الرئيس الروسي والصيني
الرئيس الروسي والصيني

أفردت مجلة أمريكية، مساحة لتقرير متخصص حول المخططات الروسية الصينية لإنهاء سيطرة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية، لافتاً إلى أن العقوبات الغربية التي يقودها الرئيس جو بايدن ضد روسيا، على خلفية غزوها لأوكرانيا، بأنها ستنقلب على المدى البعيد بشكل عكسي على الدولار وصولاً لإخراجه من السيطرة على النظام المالي العالمي، إذا لم تسرع على تفادي ذلك قبل فوات الأوان.

وذكرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية الشهرية المتخصصة في السياسة الخارجية، أن العقوبات الدولية التي تقودها أمريكا على روسيا، قد تؤثر على الأخيرة في المدى القريب؛ لكنها ستكون كارثة على المدى البعيد وخاصة على الهيمنة الأمريكية الاقتصادية على العالم بفرض عملة الدولار كعملة رسمية في التبادلات التجارية الدولية، نظراً لأن روسيا عملت منذ عقوبات إدارة أوباما في العام 2014 على خلفية ضم شبه جزيرة القرم، على نظام مالي بديل SPFS بدأ العمل في العام 2017، وانضمت اليه أكثر من 399 جهة حتى آذار مارس 2021. لتفادي خطر العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها.

اقرأ أيضاً: قلق في تل أبيب من الصمت الأمريكي على "معادلة الرد الإيرانية الجديدة"

ووفقاً للتقرير فإن روسيا منذ مارس 2014، تعمل إلى جانب الصين التي لها مصلحة في فرض عملتها اليوان كعملة تداول في وارداتها وصادراتها، بسبب الخلافات مع الولايات المتحدة.

وذكرت المجلة، أنه على الرغم من فرض حزمة العقوبات الاقتصادية على روسيا منذ وقت مبكر من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، حتى تاريخ اليوم، إلا أنها فشلت في إرغام روسيا على قبول وقف لإطلاق النار أو الانسحاب من أوكرانيا بل وتصر على الاستمرار حتى تحقيق أهدافها بالإطاحة بالحكومة الأوكرانية وتحييدها عن الانضمام لحلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي وتبقى دولة محايدة.

ولفتت المجلة أن الاستعراض الأمريكي العضلات الاقتصادية أكسب روسيا والصين وغيرها من البلدان مزيداً من الجرأة في حرمان الولايات المتحدة من القوة نفسها التي تجعل العقوبات مدمرة إلى هذا الحد.

ووفقا للتقرير المتخصص، فإن روسيا والصين ستسرعان للعمل بمبادرات من شأنها "إبطال دولرة" اقتصاديهما، وبناء مؤسسات وهياكل مالية بديلة تحميهما من العقوبات وتهدد في الوقت نفسه وضع الدولار الأميركي الأمر الذي سيجعل الولايات المتحدة تعاني من أجل التصدي لتلك الحركة ومعاكستها، فيما تضعف مكانتها العالمية.

ونوه التقرير إلى أن الدولار الأمريكي حافظ على مكانته ولم تستطع العملات الأخرى، (اليورو الأوروبي واليوان الصيني)، في إسقاطه من منصب الأول في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية الدولية، لذلك فإن العقوبات الأمريكية على أي دولة، تؤثر عليها اقتصاديا وتمنعه من جمع رأس المال في الأسواق العالمية لتمويل أنشطته.

ولفت التقرير إلى أن روسيا الأكثر رغبة في التخلص من نير الدولار، وتعمل مع الصين التي تشاركها تقويض الدولار دولياً، نظراً لأن الصين تعمل منذ زمن على عدم الاعتماد على الدولار كعملة وحيدة ولجأت إلى تنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي، وتشجيع مزيد من المعاملات باليوان.

يشار إلى أن دول عديدة تعاني من العقوبات الأمريكية مثل كوريا الشمالية وإيران وسوريا والعراق وميانمار وروسيا وغيرهم.

نقطة تحول روسي

وأشار التقرير إلى أنه منذ عام 2014 وفرض إدارة أوباما عقوبات على روسيا على خلفية ضم شبه جزيرة القرم، أطلقت الحكومة الروسية بنيتين تحتيتين ماليتين أساسيتين بهدف درء العقوبات والحفاظ على استقلالها المالي إذا انقطعت عن نظام سويفت" SWIFT العالمي، ويسمح للمصارف بمراسلة بعضها بعضاً. وتمثلت إحداهما في نظام وطني مستقل للدفع يعمل كبديل روسي لمنصات الدفع كـ "فيزا" و"ماستركارد"، بينما تجسدت البنية التحتية المالية الأخرى في نظام خاص للمراسلة المالية يسمى "نظام نقل الرسائل المالية" أو SPFS، والذي يمثل نسخة روسية من نظام سويفت.

اقرأ أيضاً: كتاب وباحثون: الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية بحاجة للحذر

ونوهت المجلة الأمريكية إلى أنه وخلال العملية الروسية لأوكرانيا ومع فرض العقوبات الدولية على موسكو، تقوم الأخيرة بمفاوضة الصين كي تنضم إلى النظام المالي البديل SPFS. مشيرة إلى أن هذا النظام يمكن الشركات الروسية والأفراد الروس من الاحتفاظ ببعض القدرة على الوصول، إلى الأسواق العالمية رغم العقوبات.

وأشار التقرير لإجراءات عديدة فعلتها روسيا لتقليل الاعتماد على الاحتياطي من الدولار، وشراء الذهب واليورو واليوان بدلاً منه.

وفي أكتوبر 2018، أيدت إدارة بوتين خطة مصممة للحد من تعرض روسيا إلى العقوبات الأميركية في المستقبل من خلال استخدام عملات بديلة في المعاملات الدولية. ومنذئذ، توقفت شركات الطاقة الروسية الرئيسة عن استخدام الدولار. وباعت "غازبروم نفت"، ثالث أكبر شركة منتجة للنفط في روسيا، صادراتها إلى الصين كلها باستخدام اليوان. وحولت شركة "روسنفت"، المختصة في النفط والغاز في روسيا، عقودها التصديرية كلها من الدولار الأميركي إلى اليورو في 2019، ليحل محل الدولار بالفعل باعتباره الأداة الرئيسة للتجارة بين الصين وروسيا.

كما تعتزم روسيا لإطلاق عملة مشفرة (الروبل الرقمي) مدعومة من الدولة تستطيع الالتفاف على الدولار مع أي جهة تقبل بالروبل الرقمي من دون تحويله أولا إلى دولارات في تجاوز لنظام سويفت العالمي المستند إلى الدولار في شكل كامل.

ويأمل واضعو السياسات في الصين في أن تساعد الشراكة مع روسيا في توسيع البنية التحتية المالية المستندة إلى اليوان، بما في ذلك منافس صيني لـ "سويفت" ونظام منافس للدفع بالبطاقات المصرفية، وبالتالي تعزيز وضع اليوان كعملة احتياطية وتعزيز الاستقلال المالي للصين.

ونوه التقرير الأمريكي المتخصص، لإدارة بايدن أن العقوبات على روسيا يخاطر بتسريع حركة أوسع لإبطال الدولرة، والتي من شأنها إضعاف القيادة العالمية الأميركية في شكل جوهري. مؤكداً على ضرورة أن تعزز الولايات المتحدة النظام المالي العالمي الذي يستند على الدولار إذا رغبت في الحفاظ على أساس القوة المهيمنة الأميركية ودعم خدمة الدولار كمنفعة عامة مستقرة لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار المالي العالمي. لافتاً إلى أنه يمكن لإدارة بايدن أن تحافظ على تفوق الدولار من خلال تخفيف التوترات مع الصين وتشجيعها على استخدام "سويفت" بدلاً من نظام SPFS الروسي. إضافة إلى ضرورة أن تزود أميركا الأوروبيين بمصادر الطاقة بدلاً من الغاز والنفط الروسي ومواجهة صادرات روسيا من الطاقة النووية بالشراكة مع حلفائها.

وخلص التقرير إلى أنه إذا فشلت واشنطن في كبح جماح النظام المالي البديل فستخلع اميركا عباءة زعامتها الاقتصادية العالمية.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo