دراسة: الصين تنجذب لإسرائيل والعلاقات بينهما ستتطور مستقبلاً

الصين وإسرائيل
الصين وإسرائيل

كشفت ورقة علمية النقاب عن أن التنافس الأمريكي الصيني في المنطقة، ورغبة بكين في تعميق العلاقة مع "إسرائيل" لتكون جسراً للوصول للتكنولوجيا الغربية المتطورة، تعتبر من أهم المؤشرات الأكثر تأثيراً في تحديد مستقبل العلاقات "الإسرائيلية – الصينية".

وقدمت الورقة التي أعدها خبير الدراسات المستقبلية أ. د. وليد عبد الحي ونشرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان: "مستقبل العلاقات العربية الصينية سنة 2030"، رصداً للاتجاهات في العلاقات الصينية سعياً لرسم صورتها المستقبلية، لقياس الأثر بين مؤشرات هذه العلاقة وأبعادها بين العرب والصين.

وكانت المؤشرات الأكثر تأثراً في تحديد مستقبل العلاقات هي احتمال تسارع تطور العلاقات الإسرائيلية الصينية خلال العشر سنوات القادمة، واحتمال عسكرة نسبية للوجود الصيني على طول محطات مبادرة الحزام والطريق خصوصاً إذا احتدم التنافس الأمريكي الصيني بشكل أكبر، بالإضافة إلى استمرار الحاجة الصينية لمصادر الطاقة العربية على الأقل في العقد القادم.

وأوضحت الورقة أن مشروع الحزام والطريق يأتي في وقتٍ تَلُوح فيه اتجاهات استراتيجية أمريكية تتمثل في النزوع الأمريكي للتحلل تدريجياً وبهدوء من عُمق الانخراط الأمريكي في الشأن الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل احتلال الصين المركز الأول كشريك تجاري للمنطقة، وتزايد ظروف الاستقلال الأمريكي عن الحاجة لنفط الشرق الأوسط، والتلكؤ الأوروبي في توسيع دائرة عمل حلف الناتو خارج الإطار الأوروبي.

كما يبرز القلق الإسرائيلي من احتمالات "العسكرة التدريجية" للمشروع الصيني الذي بدأت بوادره بإقامة الصين لقاعدة عسكرية في جيبوتي، واحتمال بناء قواعد أو تسهيلات عسكرية في باكستان وفي الدول التي لها تجارب سابقة في استضافة قواعد عسكرية أجنبية، وتحديداً في الشرق الأوسط.

وأشار خبير الدراسات المستقبلية إلى التفكير الإسرائيلي في كيفية تأثير المشروع الصيني على العلاقات الأوروبية الإسرائيلية، خصوصاً في ضوء ردّ الفعل الحاد من بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة على إعلان إيطاليا عن مشاركتها في المشروع الصيني، لتكون الوحيدة من بين دول مجموعة السبع التي أخذت هذا الموقف.

وكشفت الورقة عن مجموعة من المتغيرات التي تشكل عناصر جذب إسرائيلي للصين، من بينها الموقع "الجيو- سياسي" و"الجيو- استراتيجي" لدولة الاحتلال إذ تعد فلسطين نقطة وصل بين القارات الثلاث (إفريقيا، وآسيا، وأوروبا)، وهو موقع يجعل من دولة الاحتلال نقطة جذب للمشروع الصيني نظراً لتقاطع موقعها مع شبكة المشروع الصيني باتجاه القارات الثلاث فيها.

اقرأ أيضاً.. كتاب وباحثون: الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية بحاجة للحذر

كما تعتبر الصين "إسرائيل" منفذا لها للوصول إلى التكنولوجيا الغربية، خصوصاً في ظلّ اشتداد الحصار الأمريكي على هذا الجانب في العلاقة مع الصين، ونظراً للشراكات العديدة للشركات الإسرائيلية مع الشركات الأمريكية بشكل خاص والأوروبية بشكل عام.

وبحسب الدراسة فهناك ثلاث تيارات للفكر الاستراتيجي الإسرائيلي في توجهها للعلاقة مع الصين يتمركز إحداها على الأمن ويدعو لعدم الذهاب بعيداً مع المشروع الصيني، نظراً لمخاوف هذا التيار من تداعيات سلبية تترتب على تنامي العلاقات الصينية الإسرائيلية بشكل يضر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية خصوصاً في ظلّ توتر العلاقات الأمريكية الصينية.

ويعزز هذا التيار رأيه بطرح موضوع الموقف الصيني من القضايا العربية خصوصاً الموضوع الفلسطيني، حيث ان الموقف الصيني المعلن من الحقوق الفلسطينية، أقرب للموقف الفلسطيني منه للموقف الإسرائيلي، وكذلك ضعف الاكتراث الصيني بالقلق الإسرائيلي من بيع الصين أسلحة لدول عربية ولإيران.

وخلافاً للهواجس الأمنية التي تسيطر على توجهات التيار الأول، يبدو التيار الثاني أكثر رغبة في تطوير العلاقات الصينية الإسرائيلية، ويشير هذا التيار إلى إن العلاقة الصينية الإسرائيلية لا سيّما في المجال التجاري تنمو بشكل مضطرد ومتسارع، وهو قابل لقفزات أكبر بمجرد تعزيز المشاركة الإسرائيلية في المشروع الصيني.

ومع تنامي التطبيع العربي مع "إسرائيل"، تعززت أفكار هذا التيار باتجاه العمل على جعل دولة الاحتلال نقطة عبور من المشرق العربي إلى أوروبا؛ وهو ما يستوجب تطوير البنية التحتية الإسرائيلية وربطها بامتداداتها مع فروع المشروع الصيني في الدول العربية. 

أما التيار الثالث فتقوم رؤية على فكرة محددة وهي النظرة التوفيقية بين توجهات التيار الأول والتيار الثاني، وتقوم ركائز هذه الاستراتيجية التوفيقية على قواعد مركزية، أهمها التوفيق بين المنظور الأمني والمنظور الاقتصادي البراجماتي.

ورأت الدراسة أن المشهد يميل إلى استمرار قوة النزعة البراجماتية في السياسة الصينية، والثبات على استراتيجية عدم دخول الصين في الصراعات الثنائية بين القوى الإقليمية، كما توقّع انخراطاً نسبياً من الديبلوماسية الصينية في العمل على التحويل التدريجي للعلاقات الدولية الشرق أوسطية، وتعزيز إدارة التنافس.

وحدد الكاتب بدراسته الصورة المستقبلية للعلاقات العربية الصينية استناداً لمصفوفة التأثير المتبادل، ورأى أن المشهد يميل سنة 2030 باتجاه استمرار نزوع صيني نحو العسكرة النسبية والبطيئة لبعض مرافق مشروع الحزام والطريق الصيني في المنطقة، لضمان أمن المصالح الصينية، دون الوصول إلى درجة المواجهة مع القوى الدولية الكبرى.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo