الغلاء بين الحكومة والتجار

صورة من الأسواق الشعبية بفلسطين
صورة من الأسواق الشعبية بفلسطين

لم تنفك الصدمات العالمية التي تؤثر على مواطن الانتاج العالمية وسلاسل التوريد العالمية وصولا للازمة الروسية الاوكرانية وما رافقه من انهيارات اقتصادية على صعيد هذه الدول والتوقعات بنقص امدادات القمح والحبوب منا يؤثر على السوق العالمي، كما ان هذه الصدمات طالت الكثير من السلع النهائية الاستهلاكية والمعمرة وكذلك مشتقات الطاقة والوقود والسلع الوسيطة والسلع الغذائية الضرورية.

ان هذه الازمات الممتدة والمستمرة والمتوقع بقائها امدا من الزمن وما يرافق ذلك من حالات عدم التأكد Uncertainty يضغط باستمرار على اسواق راس المال وعقود الخيارات Options وادخل العالم في دوامة التضخم الذي يوصف بالتضخم الابدي eternal نظرا لتوقع استمراره لاكثر من دورة اقتصادية Business Cycle. ان هذا ولا شك يضغط على السعر الاساسي للسلع واسعار النقل والتأمين وصعوبات الامداد، ولكن السؤال الحرج، هل هذا هو العبئ الاساسي والوحيد الذي يتم اضافته للسلع المختلفة في بلادنا؟

ان فلسطين اقتصاد صغير شديد الانفتاح Openness ويبلغ الانفتاح الاقتصادي والواردات حوالي 75% ، 53% من حجم ناتجتا المحلي الاجمالي مما يدلل على شدة تأثرنا بتقلبات وصدمات الاسعار الدولية وهذا ما يجعل حجم الحكومة النسبي Relative Government Size كبير كما هو الحال في الدول الصغيرة، وهذا ما يفترض معه قيام الحكومة بمواجهة هذه التقلبات لمواجهة الفقر وانعدام الامن الغذائي والتضخم.

اقرأ أيضاً: كتاب وباحثون: الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية بحاجة للحذر

ارتفعت العام الماضي بقطاع غزة اسعار الغاز 9.35% والايجار الفعلي للسكن 6.53% واسعار الزيوت النباتية 14.69% وبدائل السكر 9.18% واسعار الدجاج الحي 4.33% واسعار اللحوم الطازجة 4.23% والفواكه الطازجة 4.52%. ولكن من الملاحظ ان ارتفاع اسعار السلع في السوق المحلي وتجارة التجزئة لا تبرره الزيادات العالمية فقط والمستويات المشار لها وانما هناك العديد من العوامل التي تضخم سعر السلعة على المستهلك مثل:

- عدم الرقابة على جودة السلع والسلوك التجاري المعتاد برفع الاسعار في المواسم مثل شهر شعبان الحالي وشهر رمضان المبارك استغلالا لارتفاع الطلب.

- عدم كمال المعلومات والتواطؤ والأنماط غير التنافسية التي تسمح للتجار مدعوما باتحاداتهم والتماهي الحكومي بنقل العبئ الضريبة في حال الزيادات بالكامل للمستهلك معززا بالتواطؤ بغض النظر عن مرونة الطلب السعرية التي تحكم توزيع العبئ الضريبي بين المستهلك والمنتج.

- عدم قيام الدولة بدورها الرئيسي وهو الحفاظ على الاستقرار Stabilization بما فيه الاسعار وحماية المجتمع عموما والفئات الهشة من خلال دعم السلع الاساسية والحفاظ على تدفقها وتخفيف الضرائب عليها وهو ما يبدو حاجة ملحة في الوقت الحالي على الرغم من بعض المؤشرات التي تظهر مراعاة الحكومة للمرحلة الخطرة القادمة حول اسعار السلع الاساسية

لا بد من الرقابة على التصرفات الانتهازية لدى الكثير من التجار والقطاعات التي سعت تحت تأثير الصدمة لرفع الاسعار المفرط وزيادة الربح. ان اغلب السلع التي ارتفعت اسعارها عالميا في العامين المنصرمين ادت لارتفاعات اكبر وغير منطقية في السوق الفلسطيني لا يبررها ارتفاع كلفة النقل او زيادة سعر السلعة من المنشأ او الضرائب الحكومية.

ان الدور الابرز هو السعي لتوفير تدفق آمن للسلع الاساسية والحبوب القمح خصوصا ان معظم استيرادنا من القمح من اوكرانيا، شأن العديد من الدول العربية، خصوصا ان المخزون مدته شهرين وهو غير استراتيجي مطلقا.

واخيرا على الحكومة في ظل هذه الظروف العصيبة توفير مخزون استراتيجي للوقود والسلع الاساسية من خلال القطاع الخاص ايضا وتوفير التسهيلات لذلك.

ان الدور الرقابي والتأشيري للحكومة في توفير السلع وتسهيل تزويدها والتعاقدات عليها والرقابة على جودتها واسعارها ومنع الاستغلال والاحتكار، بل والطمأنة حولها حتى لا تتأثر الاسواق امر شديد الاهمية، ناهيك عن حماية السلع الغذائية الاساسية والفئات الهشة التي تعاني انعدام الأمن الغذائي.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo