دراسة: الفلسطينيون بحاجة لمُواطَنة من نمط جديد تضمن حق العودة والحماية الدبلوماسية

سيدات يرفعن علم فلسطين على الشريط الحدودي
سيدات يرفعن علم فلسطين على الشريط الحدودي

تشير مشكلة المواطنة الفلسطينية إلى خلل جدي في القانون الدولي الحديث والمتمثل في احتكار مفهوم السيادة الذي يؤكد ممارسة الحكومات السلطة العامة، ويتجاهل مصالح الشعوب، وهو مفهوم تتوسطه عناصر متعددة للقانون الدولي.

ويرتكز النظام الدولي فقط إلى قرارات الحكومات، لا إلى أخذ العوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية وغيرها بعين الاعتبار، الأمر الذي يؤدي إلى أن تنشب حروب، وتنشأ معاناة يحاول القانون الدولي مواجهتها مباشرة، بعد أن كان المسبب بها.

وترى دراسة أعدها "فلاديسلاف تولستيخ: مدير قسم القانون الدولي في جامعة نوفوسيبيرسك في روسيا، و"جوني عاصي" أستاذ القانون العام والعلوم السياسية في جامعة النجاح الفلسطينية أن الصراع من أجل حقوق الإنسان وحقوق الشعوب يجب ألا يُهمل، بل على العكس من ذلك، تحدد هذه الحقوق استراتيجيا الصراع التي تكمن في تجاوز حصر النظام الدولي في القرارات الحكومية، وتطوير مؤسسات جديدة تأخذ في الحسبان أموراً أُخرى غير السيادة مثل الانتماء إلى أمّة أو مجموعة وطنية.

وطالبت الدراسة بإنشاء مواطنة من نمط جديد في القانون الدولي تعكس عضوية أمة تسعى لتقرير مصيرها، فعلياً على أرض الواقع حيث تشكل مكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة أساساً قانونياً لذلك.

وأكدت الدراسة أن العودة إلى المواطنة الفلسطينية قبل سنة 1948، تتضمن إثارة الجانب الأخلاقي والطعن في شرعية نظام المواطنة الإسرائيلي الذ يؤثر في الحياة اليومية للشعب الفلسطيني كله، وتمنح حقوقاً سياسية وأُخرى لجميع المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتشرعن مكانتهم؛ كما تعزز حق العودة وتضمن تنشيط منظمة التحرير الفلسطينية.

وأضافت أن امتلاك هذه المواطنة لا يتعارض مع امتلاك جنسية أُخرى تكون بمثابة ضمان إضافي لحق العودة، ذلك بأن مَن يحملها يستطيع، بعد إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أن يحظى بمواطنة منتظمة، علاوة على ذلك، قد تخدم المواطنة كأساس لتحديد مكانة الفلسطينيين في دول أُخرى وفي المنظمات الدولية، ويمكن أن تُستخدم أيضاً كأساس للحماية الدبلوماسية التي تمارسها المؤسسات الفلسطينية، كخطوة مهمة نحو الاستقلال والحكم الذاتي.

وتطرق الأكاديميان إلى تاريخ المواطنة الفلسطينية خلال فترة الانتداب وبعدها، حيث كان سكان فلسطين، حتى سنة 1917، رعايا عثمانيين، قبل أن تحتل بريطانيا فلسطين وتمنح عصبة الأمم بريطانيا الانتداب على فلسطين، ونصت اتفاقية "لوزان" على أن جميع المقيمين في الأقاليم التي خضعت في الماضي للدولة العثمانية، سيُمنحون، بحكم الواقع، مواطنة الدولة التي تم نقل صلاحية إدارة الأقاليم إليها، واستخدم سكان فلسطين جواز سفر عُرف باسم "جواز سفر بريطاني – فلسطين"، وتلقوا الحماية الدبلوماسية من المملكة المتحدة.

وأوضحت الدراسة أنه في عام 1948، انتهى نظام الانتداب وتوقف العمل بالمواطنة الفلسطينية إلّا في قطاع غزة حيث استمر حتى سنة 1967، فيما حصل جزء من الفلسطينيين على المواطنة الإسرائيلية، ومُنح جزء آخر المواطنة الأردنية، وحصل جزء ثالث على مكانة مقيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما حصل الجزء الرابع على مكانة لاجئ، وذلك بعد احتلال كامل فلسطين.

وتابعت: أصدرت إسرائيل عام 1952 قانون المواطنة، واعتبرت محاكمها أن المواطنة الفلسطينية لم تعد قائمة، فيما لم يتمكن كثيرٌ من الفلسطينيين إثبات إقامتهم لأن الجيش الإسرائيلي كان قد سحب بطاقات هوياتهم منهم، فضلاً عن أن القوات الإسرائيلية غالباً ما رفضت تسجيل الفلسطينيين. وقد تم تعديل قانون الجنسية الإسرائيلي على مرحلتين، الأولى في سنة 1968، والثانية في سنة 1980.

اقرأ أيضاً: "المركزي"..إختبار حقيقي لوحدة مكونات منظمة التحرير؟

في المقابل طبقت المملكة الأردنية قانون المواطنة على كل مَن يحمل المواطنة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبذلك يتمتع هؤلاء بجميع الحقوق التي يتمتع بها الأردنيون، وتقع عليهم الواجبات ذاتها، إلى أن غيرت الأردن سياستها معلنة فك الارتباط مع الضفة، وأن المقيمين في الضفة الغربية هم فلسطينيون.

كما سيطرت مصر على قطاع غزة، وحافظت على المواطنة الفلسطينية، ومنحت الفلسطينيين الحماية الدبلوماسية، فيما استقبلت دول عربية أُخرى اللاجئين الفلسطينيين من دون أن تمنحهم المواطنة، للحفاظ على حق العودة والهوية الفلسطينية.

وأشارت الدراسة إلى أن اسرائيل لم تلتزم بمنح المواطنة للفلسطينيين كونها المسيطرة على الأرض، بذريعة أن الفلسطينيين تنازلوا عن حقهم في المواطنة بشكل طوعي، ومالوا إلى استخدام القوة، ولم يطالبوا لفترة طويلة بالجنسية الإسرائيلية وأصروا على إقامة دولتهم الخاصة، بالإضافة إلى عدم قدرة المؤسسات الفلسطينية لتحريك دعوى دولية.

أما المواطنة الفلسطينية في الوقت الحاضر ووفق الدراسة فقد حدد اتفاق أوسلو 2 الذي وقّعته منظمة التحرير مع إسرائيل، المكانة القانونية للفلسطينيين الذي يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تضع السلطة الفلسطينية سجلاً للسكان، وتصدر أوراقاً رسمية مثل بطاقات الهوية، وهي أوراق ضرورية للدخول إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، وللخروج عبر المعابر.

وأضافت الدراسة أنه يحق للسلطة الفلسطينية منح إقامة دائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (ما عدا القدس) للمستثمرين ولزوجات أو أبناء المقيمين الفلسطينيين بهدف لمّ الشمل، وكذلك تسجيل من وُلد في فلسطين أو في الخارج في سجل السكان، وتسجيل أشخاص تحت سن السادسة عشرة، إذا كان أحد الوالدين مقيماً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع العلم أن كل هذه الحقوق بحاجة إلى موافقة مسبقة من السلطات الإسرائيلية التي يمكنها، ولأسباب أمنية، رفض الطلبات المقدمة لها.

وكشف الأكاديميان في دراستهما أن السلطة الفلسطينية امتنعت عمداً من تنظيم مسألة المواطنة، على افتراض أن المواطنة ترتبط بالدولة، وأن الدولة الفلسطينية لم تقم بعد، ونص القانون الأساسي الفلسطيني الذي تم تبنّيه في سنة 2002، أن مسألة المواطنة، ستنظم بحسب القانون، الأمر الذي يدعم تجاه إنشاء مواطنة من نمط جديد في القانون الدولي يعكس عضوية في أمّة تسعى لتقرير مصيرها

المصدر : متابعة -زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo