دراسة: رؤية للخروج من المأزق السياسي في الداخل الفلسطيني المحتل

فلسطينو الداخل
فلسطينو الداخل

خلصت ورقة بحثية، إلى وضع ثلاث بدائل سياسياتية للفلسطينيين في الداخل المحتل (إسرائيل) قابلة للتنفيذ، تساهم في وضع رؤية مشتركة جديدة للحركات الفلسطينية السياسية، ترتكز على محاربة التفرقة الفلسطينية الجغرافية والتنظيمية التي صنعتها "إسرائيل"، وضرورة تحقيق الوحدة الوطنية رغم الظروف الجغرافية والسياسية الصعبة.

وأشارت الدراسة الصادرة عن مركز مسارات، إلى أن الاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1948م، وهو يقوم على محاولة دمج الفلسطينيين الباقين في وطنهم كمجموعة هامشية في الدولة، مركزين على دعمهم في الحقوق المدنية، دون التطرق إلى جوهر الديمقراطية المتمثلة بالمساواة بينهم وبين اليهود، وعلى هذا الأساس سنت "إسرائيل" قوانين تساهم في تثبيت فوقية إثنية يهودية.

ولفتت الورقة إلى أن رد الفلسطينيين في الداخل المحتل (فلسطينيو 48) تمثل في محاولات التذكير وتطبيق جوهر الديمقراطية الأساسي (المساواة)، من خلال القانون ومؤسساته، والتمثيل السياسي أمام صناع القرار أيضًا، متمثلًا بالمؤسسة التشريعية الإسرائيلية (الكنيست).

ولفتت الورقة البحثية إلى أن الأجسام السياسية الفلسطينية مرت في مطبات عديدة نظرًا لظروف قمعية، والتزمت اضطراريًا بسقف الأدوات المقبول أمنيًا ولا يهدد طبيعة الدولة. وصولاً إلى الانقسام بين الاحزاب عقب انسحاب النائب عباس منصور من القائمة المشتركة وتشكيل القائمة الموحدة وخوض الانتخابات والمشاركة في اول حكومة ائتلافية يمينية استيطانية ويحافظ على استقرارها، وقبلها أوصت القائمة المشتركة في انتخابات ايلول سبتمبر 2019 إلى الجنرال الحربي بيني غانتس.

وشددت الورقة ، على أن الأحزاب السياسية في الداخل المحتل، لم تواكب التطور من حيث ضخ دماء جديدة من الشباب في الأحزاب، واهملتهم الأمر الذي دفع هؤلاء لتشكيل العديد من الحراكات للاعتراض على السياسات الاسرائيلية بحقهم من جهة، وانتصارا وتضامناً مع اشقائهم في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، كما حصل في هبة مايو 2021م، عندما انتفضت المدن الفلسطينية في الداخل المحتل في وجه الشرطة الاسرائيلية، تضامناً مع غزة.

وخلصت الورقة إلى أنه وبناءً على الاختلاف القائم بين الأحزاب السياسية في الداخل المحتل، تشتتت جهود توحيد فلسطيني 48 ليثقوا بحزب واحد أو جهة واحدة تمثلهم في الكنيست لتحصيل حقوقهم، ونتج عن ذلك تفتت للنسيج الوطني للفلسطينيين؛ كون الأحزاب السياسية تمثل ناخبيها.

اقرأ أيضاً: الصانع: دور أحزاب الداخل محدود وأحياناً سلبي تجاه قضية النقب

مشيرة إلى أنه إذا استمر الوضع على حاله، سيخسر فلسطينيو 48 وحدتهم، ما يؤثر سلبيًا على الحقوق المدنية والسياسية أيضًا، كما أكدت على أن استمرار الوضع القائم، وانشقاق القائمة المشتركة، سيزيدان الوضع سوءًا، وسيؤثران على وحدة المجتمع الفلسطيني في أراضي 48، حيث إن وحدة الأحزاب العربية تستطيع أن تفرض حضورها على المشهد السياسي الإسرائيلي، وعلى المحافل الدولية بشكل أكبر. 

وشددت الورقة البحثية على أن هنالك ضرورة ملحة، في ظل الظروف السياسية الحالية، للعودة إلى القضية المركزية التي يمر ومر بها الشعب الفلسطيني على مدار العقود الماضية، والمتمثلة بتجربة الطرد الجماعي والتهجير واللجوء التي تعرض لها الشعب الفلسطيني باعتبارها حجر الزاوية، إضافة إلى السعي إلى تطوير خطاب سياسي يرتكز على المضي بالقضية الفلسطينية قُدمًا، ولا يتنازل عن اتهام "إسرائيل" بجرائم الحرب التي مررنا بها.

البدائل السياساتية

وقدمت الورقة البحثية ثلاثة بدائل سياساتية، يمكنها أن تشكل حالة انقاذ لحالة الاحزاب السياسية في الداخل المحتل إذا ما تم العمل بها أو بعضها، لتشكيل قوة موحدة في وجه الاحتلال لنيل حقوقهم المدنية والسياسية.

وتمثل البديل الأول، في "تشبيك الحراكات السياسية المحلية"، حيث شهدت البلدات الفلسطينية في الداخل المحتل العديد من الحراكات التي قادها الشباب الراغبين في التغيير والمهمشين أصلاً، وشددت الورقة على أهمية تشبيك هذه الحراكات التي تعتبر في الوقت الحالي بديلًا للعمل السياسي المنظم في أراضي العام 48، نظرًا للوضع القائم.

فيما تمثل البديل الثاني، في "خطاب وحدوي لفلسطينيي 48"، لأن توحيد الخطاب يعتبر بداية طريق لمنع تفاقم تأثير وضع الخطاب الحالي على الحالة السياسية والاجتماعية الفلسطينية على صعيد المجموعة الواحدة وعلاقتها مع المجموعات الأخرى. ومن أجل توحيد الخطاب، يتطلب بناء خطوات عديدة، منها توضيح طبيعة العلاقة مع "إسرائيل"، وتقع هذه المسؤولية على المنظرين والمفكرين، ولدى فلسطينيي 48، قراءات عدة لطبيعة العلاقة مع "إسرائيل"، يجب علينا العودة إليها، وبخاصة في ظل التفتت الحاصل، منها وثيقة حيفا.

فيما تمثل الخطوة الثانية في بناء البديل المُقترح هو التوافق بين الأجسام السياسية جميعًا، وبما أنه هنالك اختلاف حول التصويت في الكنيست، وعدم معقولية بناء خطاب وطني جامع تحت مظلة المنظومة الإسرائيلية، فترى الورقة أن المركبات الأساسية في الخطاب يجب أن تتم بواسطة الشعب وبطريقة ديمقراطية، كما أن الأجسام السياسية في أراضي العام 48 تستطيع ترتيب الخطاب الداخلي للتخاطر الفكري مع منظمة التحرير الفلسطينية دون أن يتعرض فلسطينيو الداخل الى المساءلة القانونية، وهذا يكون السبيل في بناء وحدة فلسطينية شاملة.

ويتمثل البديل الثالث، في "إطار وحدوي في أراضي العام 48 يحمي الخطاب"، أي ضرورة احتواء أي خطاب فلسطيني في إطار وطني برؤية أو برنامج مشترك، بهدف الحفاظ عليه من تهديدات العمل من داخل المنظومة السياسية الإسرائيلية المعرضة لتعميق التناقضات بفعل الدمج ما بين المواطنة والانتماء. ويقوم هذا الإطار على أساس التمثيل الديمقراطي الجوهري من أجل تمثيل مركبات الشعب الفلسطيني في أراضي العام 48 كافة، من أجل محاولة حل المعضلات الأساسية حول ماهية العمل تحت المظلة الإسرائيلية.

وأوضحت الورقة أن هذا البديل يرتبط ارتباطا وثيقاً مع البديل السابق، نظرًا لضرورة ترجمة الخطاب على أرض الواقع من خلال عمل سياسي، وبحكم الظروف المركبة والاختلاف في حدود العمل السياسي. ويؤدي هذا الإطار، بالضرورة، الى خلق منظومة فاعلة واحدة تجاه القضايا المجتمعية التي يجب معالجتها بعيدًا عن المنظومة السياسية الإسرائيلية، كالوعي الوطني مثلًا.

المفاضلة بين البدائل

ورأت الورقة أن هنالك علاقة تكاملية بين البدائل السياساتية الثلاثة، وتؤكد ضرورة العمل بها جميعًا. على الرغم من ذلك، هنالك إدراك كامل بأن الحالة السياسية الفلسطينية في أراضي العام 48، فيها كم من المنتفعين المتواجدين في مراكز صنع القرار، ولهذا يمكننا أن نرى أن البديلين الثاني والثالث لديهما مقبولية أقل قياسًا مع البديل الأول.

المصدر : متابعة - زوايا
atyaf logo