في الوقت الذي توقعت فيه دولة الاحتلال والعقل الصهيوني بأن الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948 قد تم محو ذاكرتهم وسلخهم عن قضيتهم الأولى، تخرج مشاعل الأمل في كل قضية مفصلية خاصة موضوع الأرض لتنفجر في وجه الاحتلال وتعيده لنقطة الصفر.
فها هو "النقب" يُسطر يوماً بعد يوم بأبنائه الميامين بطولات وصمود ملحمي في وجه مخطط الاحتلال الاسرائيلي بتشجير النقب والسيطرة على أراضيه على حساب أصحاب الأرض، لينتفضوا يداً واحدة في وجه شرطة وجيش الاحتلال.
النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي طلب الصانع، قال في مقابلة خاصة مع موقع "زوايا" :" إن ما يجري في النقب هو استمرار لمشروع التهجير والتطهير العرقي وسلخ المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتركيز المواطنين الفلسطينيين في تجمعات سكنية أقرب إلى جيتوات تنقصها كل مقومات الحياة.
وأضاف على هذا الأساس فإن معركة النقب هي معركة على المستقبل للوجود الفلسطيني في النقب خاصة أن مساحة النقب 12 كيلو متر مربع، 12 مليون دونم ومساحته تشكل 60 بالمئة من المساحة التي أقيمت عليها دولة "الكيان الإسرائيلي".
وتابع بأن الوجود الفلسطيني هناك هو ما تبقى من الأراضي الفلسطينية بعد معركة الأرض في الجليل والمثلث فبقيت المعركة الآن على أرض النقب.
وأوضح الصانع بأن هناك مشروعين في النقب، المشروع السلطوي المدعوم بالمؤسسات الاسرائيلية وبغطاء حكومي، والمشروع الوطني الفلسطيني للحفاظ على أرض الآباء والأجداد والوجود الفلسطيني على الارض، مضيفا بأن المخطط كان عدم الاعتراف بالقرى من أجل إرغام سكانها على الرحيل تحت ذرائع البناء غير المرخص؛ إلا أن هذه المخططات فشلت رغم هدم آلاف البيوت ولم يرحل السكان.
وواصل الصانع حديثه، أن المخطط الآن هو التهجير من خلال وضع اليد على الارض بالأشجار وعلى هذا تسير الأمور.
اقرأ أيضاً: دراسة: "إسرائيل" سجنت نفسها بعقلية الجدران تحت ذريعة الأمن
وحول مآلات الأمور، أشار الصانع إلى أن الجيل الجديد الذي يمتلك حماسة وشجاعة في تمسكه بأرضه كانت جلية في وجه مخططات "إسرائيل" التي لم تتعامل باحترام مع هذه الهبة الشعبية، وإنما من خلال القمع الذي أدى إلى اعتقال أكثر من 130 مواطنا وإصابة العشرات بجروح ويتلقون العلاج في المشافي.
ورغم القمع الاسرائيلي للمنفضين في النقب، أكد الصانع بأن هذه الممارسات لم تزد أهالي النقب إلا تمسكاً وإيماناً بقضيتهم وعدالتها، ولهذا السبب ستكون هناك فعاليات احتجاجية ووقفات على مفترقات الطرق واحتجاجات، إضافة إلى التحركات على مستوى العالم لتدويل القضية، مؤكداً بأن الرهان بالأساس هو على صمود الأهالي في الأرض وعدم الانسياق وراء أية مقترحات "إسرائيلية".
وشدد الصانع على أهمية أن تبقى الاحتجاجات والنضال داخلي شعبوي حتى لا تكون هناك أية ذراع لدى المؤسسة الاسرائيلية لضرب هذا النضال المدني الوطني والمشروع أيضا تحت أية ذرائع.
وأكد الصانع أهمية أية خطوات تتم لتدويل قضية النقب خاصة في مجال الاعلام والحفاظ على سلمية ومدنية هذا النضال لكسب الرأي العام حتى "الإسرائيلي"، علما أن هناك يهود يدعمون هذا النضال ويشاركون فيه.
دور الأحزاب محدود وأحياناً سلبي
وحول دور الأحزاب العربية في الكنيست أعرب الصانع عن أسفه من أن الدور للأحزاب محدود، وللأسف في بعض الاحيان سلبي نتيجة الانقسام بين القائمة الموحدة والقائمة المشتركة، وهذا أدى لحدوث تجاذبات سياسية ومناكفات تنعكس سلبا على وحدة النضال الجماهيري والشعبي، ونحن نقول بشكل واضح قضيتنا فوق الأحزاب، والأحزاب هي وسيلة لدعم القضية ويجب أن لا تكون القضية قرباناً على مذبح المصالح الحزبية.
وفي قضية القرى غير المعترف بها ومستقبلها، أشار الصانع إلى أن هنالك ست قرى مهددة بالتهجير الآن، ونحن ندرك أن المخططات لم تبدأ من اليوم وكما أفشلنا مخططات سابقة مثل مخطط برافر بالنضال الشعبي، نحن نثق أننا سننجح في إفشال هذا المخطط، وهذا يتطلب تضحيات ونفس طويل وسيرورة في الخطوات النضال بشكل تصاعدي وهذا ما سيكون.
وشدد الصانع على أهمية استخدام كل وسائل الضغط على المؤسسة "الاسرائيلية" وإيصال رسالة واضحة بأنه لن يرضى أي عربي شريف على ما تقوم به "إسرائيل" في النقب من هدم للمنازل ومصادرة الأراضي خاصة وأن قضية النقب قضية عادلة والفلسطينيون أصحاب حق.
وأردف الصانع بأن هناك 35 قرية فلسطينية غير معترف بها في "النقب" بينما لا توجد قرية يهودية واحدة غير معترف فيها، بينما يشكل الفلسطينيون 38 بالمئة من مجمل سكان النقب وتريد "إسرائيل" أن تضعهم في مساحة لا تزيد عن 3 بالمئة من الأراضي في خطوة لمصادرة مستقبلنا ومنع تطورنا ومنع الاعتراف بحقوقنا في أرض الاباء والاجداد.
وجدد الصانع التأكيد على عدالة مطالب اهالي "النقب" والتي تشمل العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق وفقا لكل المواثيق والأعراف الدولية والانسانية حتى كحقوق لنا كأصحاب وطن أصليين ومواطنين.
وأكد أنه لهذا السبب فإن هذه المطالب تحظى بالتفاف وحدوي جماهيري من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، حتى باتت قضية "النقب" هي قضية العرب الأولى في الداخل، وعليه يجب تحويلها إلى إحداث رأي عام داخلي وخارجي وأن تصبح رافعة للضغط على "اسرائيل" والضغط على الأحزاب العربية بما فيها القائمة الموحدة التي هي شريك في هذه الحكومة الائتلافية "الإسرائيلية".