القضية الفلسطينية تدخل العام الجديد

تهدئة هشة في غزة وغياب أفق المصالحة والتسوية

قصف في غزة
قصف في غزة

تدخل القضية الفلسطينية العام الجديد 2022 وهي مثقلة بالأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية، وخلف ذلك كله حكومة إسرائيلية يمينية وإدارة أمريكية لا ترغبان في تقديم حلول سياسية أو تجميد الاستيطان، وأطراف دولية لا تقدم حلولا، وتسعى إلى تهميش القضية الفلسطينية.

وفي هذا السياق، ترى "عبير ياسين" الباحثة في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن عام 2021 شهد العودة إلى جذور العديد من القضايا الأساسية على صعيد العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية، ومستقبل التسوية السياسية، والسلام الاقتصادي مقابل السلام السياسي، بالإضافة إلى الحديث عن المقاومة مقابل التسوية، إلا أن العديد من القضايا وعلى رأسها المصالحة، وفك الحصار، وإعادة إعمار قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى، ظلت مفتوحة للنقاش دون حل.

وتؤكد الباحثة أن تأثير حرب غزة الرابعة والاتفاق بين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة برئاسة "نفتالي بينيت"، والرئيس الأمريكي "جو بايدن" على أهمية التهدئة دون التسوية، سيستمر  خلال الفترة المقبلة.

وترفض الفصائل التوصل إلى هدنة أو تهدئة محددة المدة، يتمثل الهدف الممكن منها في توفير الظروف الضرورية للعودة إلى حالة تقترب من الوضع ما قبل حرب غزة الرابعة، وهو الأمر الذى يتوقف على التقدم في مجمل الملفات المطروحة للاتفاق بين الفصائل والاحتلال.

وأحد هذه الملفات الشائكة "صفقة تبادل الأسرى"، والتي ترتبط بالقدرة على تنفيذ الاحتلال بعض وعود حماس العلنية، وخاصة تحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى، وكل النساء والأطفال وكبار السن، والأسرى الذين تمكنوا من الهروب من سجن جلبوع الإسرائيلي في سبتمبر الماضي.

اقرأ أيضاً: كاتب إسرائيلي: الاستيطان غباء استراتيجي

وترى الباحثة أنه ورغم صعوبة قبول الاحتلال الإسرائيلي بمطالب حماس، فإن تطورات قضية الأسرى خلال ٢٠٢١، والتهديد الفلسطيني بأن تقود أوضاع السجون إلى حرب جديدة، تؤكد على أهمية الملف للفصائل وللشعب الفلسطيني، وأنه ومن خلال التوصل إلى صفقة تبادل يمكن التوافق على قضايا أخرى تحقق التهدئة، على الأقل في المدى القصير.

وأضافت أن الوضع المالي المتأزم للسلطة، وحاجة غزة للإعمار، يكسب المسار الاقتصادي قيمته، ويتم التعامل مع الفكرة بوصفها فترة مؤقتة للتهدئة، كما يتوقف مستقبل الطرح الاقتصادي في المدى القصير على عدة عوامل، أبرزها التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى وهدنة أو تهدئة طويلة مع غزة ضمن خطة للإعمار وفك الحصار عن القطاع.

ورغم التحديات التي تواجه فكرة السلام الاقتصادي فلسطينياً، رأت الباحثة "ياسين" أنه يمكن التوافق في المدى القصير على تهدئة غير مقيدة المدة مقابل حزمة من المطالب الفلسطينية على صعيد الضفة والقطاع، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل ربط التهدئة بتجميد الاستيطان وجهود تهويد القدس، من أجل تجنب التصعيد والحفاظ على فرص إعلان الدولة الفلسطينية في المستقبل.

وعلى صعيد العلاقة مع الاحتلال، تؤكد الفصائل على المقاومة بوصفها الطريق الذى يفترض أن يتم الالتزام به للتحرر، وخاصة مع الحديث عن الانتصار في حرب غزة، وتطالب بضرورة تغيير القواعد القائمة في تعامل السلطة مع الاحتلال، وهو التصور الذى يقيد مساحة الاتفاق بين الفصائل والسلطة الملتزمة بالمفاوضات السياسية.

وحول ملف المصالحة الفلسطينية، أشارت الباحثة إلى أن العام الماضي انتهى بالانقسام حول الانتخابات المحلية مع تغير المواقف بين السلطة وبعض الفصائل من حيث التأييد والمقاطعة، رغم التحرك الإيجابي على مسار المصالحة، مع التوصل إلى خريطة طريق انتخابية خلال حوار الفصائل الذى عُقد في القاهرة في فبراير الماضي.

وقالت إن الجدل الذى أحاط بتأجيل الانتخابات بين فتح والفصائل أظهر حجم الاختلافات القائمة في عدد من الملفات، ومنها ملف إعمار القطاع، حيث طالبت السلطة بإدارة القطاع وأموال الإعمار، فيما رفضت حماس وأكدت على أهمية إجراء الانتخابات أو تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الفصائل ويتم من خلالها وضع إطار أوسع للعمل الفلسطيني.

واستبعدت الكاتبة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني دون التوافق على المصالحة السياسية، مع تأكيد صعوبة مثل هذا الاتفاق بعد التطورات التي شهدها عام ٢٠٢١ على صعيد خريطة الطريق الانتخابية، بالإضافة إلى سلبيات وأسباب التأجيل التي جعلت الانتخابات رهنا بالموقف الإسرائيلي من إجراء الانتخابات في القدس، وهو الموقف غير القابل للتغيير وفقاً للمعطيات القائمة.

كما تظل المصالحة بعيدة عن التحقق دون الاتفاق على التهدئة وملف الإعمار بين الفصائل والاحتلال من جانب، وتحديد الخطوط الأساسية للمسار الفلسطيني المطلوب للتعامل مع التطورات التي شهدها عام ٢٠٢١ من جانب آخر.

وبينت الباحثة أن تطورات عام ٢٠٢١ أبرزت أهمية الدور المصري للقضية الفلسطينية بصفة عامة والتعامل مع قضايا قطاع غزة بصفة خاصة، وتوقعت أن يستمر هذا الدور خلال عام ٢٠٢٢.

وكشفت أن نجاح الجهود المصرية يتوقف على تحقيق درجة أكبر من التوافق بين السلطة والفصائل من أجل الحصول على مكاسب سياسية من الجانب الإسرائيلي في الملفات المعنية، وتقليل اعتماد الفصائل على التصعيد، وترشيد الوعود التي تقدمها الفصائل علناً بكل ما تمثله من ضغوط على مخرجات عملية التفاوض وشعبية تلك المخرجات.

المصدر : متابعة - زوايا
atyaf logo