العام ٢٠٢٢.. صراعان في غزة وإيران بين الحلول الواقعية والحرب الشاملة

محمود الزهار في الذكرى الأولى لوفاة القائد العام الجنرال قاسم سليماني
محمود الزهار في الذكرى الأولى لوفاة القائد العام الجنرال قاسم سليماني

سلطت "مجموعة الأزمات الدولية" الضوء على أبرز صراعين في منطقة الشرق الأوسط  من بين عشرة نزاعات، أبرزها الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والايراني الاسرائيلي الامريكي، وكيف ستؤول الأوضاع في هذين الصراعين خلال العام الجديد 2022م، وانعكاسهما على المنطقة.

وأشار تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" نشره موقع 180 اللبناني، إلى أن الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، يتطلب حلولاً واقعية، بعد أربعة حروب خلال اثنا عشر عاماً، كان آخرها حرب مايو 2021م، التي اندلعت بسبب الانتهاكات الاسرائيلية والمستوطنين لأهالي القدس وخاصة في حي الشيخ جراح، ومحاولات الاحتلال الإسرائيلي طرد سكانه وإحلال المستوطنين بدلاً منهم.

وأوضح التقرير أن الحرب الأخيرة على غزة أكدت أن عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ميتة وأن احتمال تنفيذ حل الدولتين يبدو اليوم أقل من أي وقت مضى.

ولفت التقرير إلى أن الحرب الأخيرة حملت تطورات جديدة بمقاييس مختلفة، صدمت الحكومة الإسرائيلية، حيث توحد الفلسطينيون في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل (داخل إسرائيل) إلى جانب الجدل الذى عمَّ العواصم الغربية.

ويقول التقرير :" على الرغم من الحروب إلا أن عناصر الصراع ومسبباته موجودة ومن دون حلول، وفداحة الحرب لم تغير أي شيء من سياسة الاحتلال الإسرائيلي تجاه قطاع غزة؛ الإبقاء على الحصار الاقتصادي والأمني واستمرار سياسة القمع والتضييق ضد المدنيين الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً: نهاية 2021.. أغرب زيارة من عباس لغانتس

ويضيف أن الحكومات في معظم العواصم مشدودة الأعصاب لكنها لم تفعل شيئا يُذكر إزاء الجرائم الاسرائيلية بحق الفلسطينيين. فبرغم اللهجة الجديدة التي استخدمها الديموقراطيون، اكتفت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالادعاء أنها تُمارس "دبلوماسية هادئة ومكثفة، لكنها في الوقت نفسه سمحت للعدوان الإسرائيلي أن يستمر.

كما أن الأشهر التي تلت الحرب الأخيرة لم تجلب ولو بصيص أمل، على الرغم من الإطاحة برئيس الوزراء الليكودي بنيامين نتنياهو، بائتلاف حكومي يقوده نفتالي بينيت، والتي وضعت "وجها أكثر ليونة" للعلاقات الخارجية لإسرائيل، وأعلنت عن أملها في "تقليص" الصراع مع الفلسطينيين من خلال تحسين الوضع الاقتصادي داخل الأراضي المحتلة ومنح السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية بشكل جزئي تعزيزات هامشية. إلا أن هذه الحكومة تسير على نهج سابقاتها، وتمضى في سياسة توسيع المستوطنات غير الشرعية وقمع الفلسطينيين أينما وجدوا، حتى أنها ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما حظرت عمل ست جمعيات مدنية فلسطينية تُعنى بقضايا حقوق الإنسان، ووجهت إليها تُهمًا بارتكاب أعمال إرهابية.

يشير التقرير إلى أن العام الماضي كان مدعاة لليأس. فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تنصلت من كل ما هو مطلوب منها لإنجاح محادثات مشتركة مع الفلسطينيين وبقيت تدعى شعار التفاوض بالاسم فقط.

وبدورهم، فقد الفلسطينيون الثقة في أن التفاوض مع الإسرائيليين سيحقق لهم دولة فلسطين التي يحلمون بها.

أما بالنسبة لتحقيق الهدوء، يضع التقرير شروطاً وإجراءات لابد من تحقيقيها مثل: إعلان هدنة طويلة الأمد وفك الحصار عن قطاع غزة، وقف عمليات سلب وطرد الفلسطينيين من منازلهم وأملاكهم في القدس الشرقية، والعودة إلى الترتيبات السابقة التي تضمن بقاء الأماكن المقدسة هادئة إلى حد ما.

لكن هذه الإجراءات والشروط قد تساعد فقط في تجنب نشوب حرب جديدة لفترة زمنية. إن استمرار الدبلوماسيين بالتشدق بحل الدولتين يعنى الاستمرار في منح "إسرائيل" الغطاء لكى تمضى في قضم المزيد من أراضي الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع. بينما المطلوب الآن هو وضع حد لإفلات "إسرائيل" من المعاقبة على ما ترتكبه من انتهاكات وممارسات فظيعة بحق الفلسطينيين. بعبارة أخرى، حان الوقت لمعالجة الوضع على الأرض بواقعية.

وفي الملف الآخر، المتعلق بالصراع الإيراني الامريكي الاسرائيلي بشأن الملف النووي الإيراني، خاصة بعد انسحاب واشنطن عام 2018 من الاتفاق الموقع عام 2015 للحد من التطور النووي الايراني، فإن الأمل في إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني قد تلاشى وثمة تصعيد آخر يلوح في الأفق.

ووفقاً للتقرير، فإنه من المُرجّح أن يؤدى الفشل في استعادة الاتفاق أو التوصل لصفقة جديدة خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى جعل الاتفاق الأصلي في خبر كان، بالنظر إلى التقدم التكنولوجي الكبير الذى تحققه إيران، وأصبحت على أعتاب صناعة القنبلة النووية، مستفيدة من الانسحاب الامريكي أحادي الجانب من الاتفاق، الأمر الذي دفع ايران لتسريع عملية التطوير النووي، ويفصلها عن تحقيق غايتها 3-6 أسابيع فقط.

ووضع التقرير ثلاثة خيارات أمام انهيار الاتفاق النووي وعدم جدواه، وتمثل الخيار الأول في أن يسعى الدبلوماسيون إلى عقد صفقة أكثر شمولا، على الرغم من أن ذلك سيكون بمثابة عبء صعب بالنظر إلى العلاقات غير الودية، بل العدائية التي ستترتب جراء إنهاء الاتفاق الأصلي. فيما الخيار الثاني يتمثل في السعي إلى ترتيب مؤقت "القليل ــ مقابل ــ القليل" يحد من استمرار تقدم إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها. أما الخيار الثالث والأخير وهو الأكبر والحقيقي يبقى أن المفاوضات بين واشنطن العظمى وطهران مهددة بالانهيار.

ويرى التقرير أن انهيار المفاوضات يعنى الكارثة. إيران ستستمر في تطوير برنامجها النووي بدون عوائق. وسيكون على واشنطن إما أن تقبل إيران كـ "دولة على عتبة النووي" قادرة على صنع قنبلة أو الموافقة مع ما تطرحه "إسرائيل" والمشاركة في شن ضربات مركزة تعيق قدرات إيران النووية.

ووفقاً للتقرير فإنه في حال حدث الهجوم العسكري على إيران، فمن المحتمل أن يندفع قادة إيران نحو التسليح، خصوصاً وأنهم يستنيرون حساباتهم من ما حدث مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذى عندما تنازل عن برنامج أسلحته النووية تمت الإطاحة بنظامه بكل سهولة. وأيضا من ما حدث لزعيم كوريا الشمالية الذى انتزع احترام ترامب لبلاده لأنها مسلحة نوويا.

ومن المرجح أيضا أن تنفس طهران عن غضبها في مختلف أرجاء منطقة الشرق الأوسط، وستكون العراق ولبنان وسوريا في مرمى النيران. قد تزيد الحوادث من خطر المواجهة المباشرة بين إيران والولايات المتحدة أو بين إيران و"إسرائيل" أو مع الحليفين معا، وهو ما يتجنبه الأطراف، ويمكن أن تخرج الخلافات عن السيطرة بسهولة وتتطور إلى صدام حقيقي.

المصدر : متابعة- زوايا
atyaf logo