سعت لاحتواء المقدسيين

دراسة: حكومات الاحتلال خلقت واقعًا يصعب التراجع عنه في القدس

القدس
القدس

أكدت ورقة بحثية أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لجأت إلى مجموعة من الأدوات والآليات من أجل إدارة حياة الفلسطينيين شرق مدينة القدس المحتلة بما يتواءم مع استراتيجيتها الساعية إلى تهويد مدينة القدس، وفرضت "نوعية حياة" من الناحيتين الاقتصادية والسياسية أثقلت كاهل المقدسيين ووضعتهم في مأزقٍ كبير خاصة في قضايا السكن والبناء وغيرها.

وبينت الورقة التي أعدها الباحث "عبد القادر بدوي" ونشرها المركز الفلسطيني للدراسات الفلسطينية "مدار" أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اعتمدت سياسة الاستيعاب والأسرلة ضمن سياساتها تجاه المقدسيين سعيًا منها لاحتوائهم في النظام الاقتصادي الإسرائيلي، بعد أن "أدركت" أنه لا يُمكن لاقتصاد القدس أن يتطوّر دون استدماج المقدسيين فيه، كونهم وفق هذا المنظور، كتلة بشرية كبيرة في المدينة لا يُمكن تجاوزها في إطار عملية "التطوير الاقتصادي العام".

وأكدت الورقة أن الدافع الأمني كان حاضرا في جميع خطط وقرارات حكومة الاحتلال مع اختلاف تسمياتها، بداعي القلق على المستوطنين اليهود المتواجدين شرق القدس، وأضافت أن الربط بين الأوضاع الأمنية والأوضاع الاقتصادية في القدس، لا يعّبر عن سياسة إسرائيلية جديدة، فهذه السياسة هي نفسها المطبقة في باقي مدن الضفة المحتلة، والتي تعتمد على استبدال الحقوق السياسية بالتحسينات الاقتصادية الجانبية التي لا تتجاوز في أفضل حالاتها معدلات معينة، بهدف الحفاظ على تفوق المستوطنين وأن يكونوا أول المستفيدين من مشاريع البنية التحتية المادية والصحية والتكنولوجية.

وتركزت غالبية القرارات والخطط الإسرائيلية في القدس الشرقية التي استعرضتها الورقة في مجالات التعليم والسياحة والبنية التحتية والصحة بشكل رئيس، ومن خلال هذه المجالات، يمكن الكشف عن مكامن هذه الخطط وأهدافها، وتأثريها عليها أيضا.

المستوطنين في القدس

وبحسب الورقة لجأت حكومات الاحتلال إلى استيعاب المقدسيين ضمن منظومة التعليم الإسرائيلية، في حين حاربت المنهاج الفلسطيني والمدارس التي التزمت به، ووضعت مجموعة من الحوافز للمدراس التي تُدّرس المنهاج العبري واللغة العبرية، وبشكل متزامن وضعت مجموعة من "الحوافز" في الجامعات العبرية لتشجيع المقدسيين على الانخراط فيها، كلّ ذلك بهدف تأهيلهم لسوق العمل الإسرائيلية، كأيد عاملة رخيصة، بما يضمن تطور هذه السوق ونهوضها بشكل رئيس، حيث تشير المعطيات إلى أن مدارس القدس الشرقية، تعاني من نقص في مئات الغرف الصفية، مقارنة بالزيادة السكانية المتوقعة.

اقرأ أيضاً: الضفة تعيش على صفيح ساخن قابل للانفجار

أما على صعيد البنية التحتية، فإن الخطط والقرارات الحكومية الإسرائيلية السابقة، وعلى الرغم من الموازنات الضخمة التي حددتها لتطوير البنية التحتية ومشاريع الطرقات، فإن الهدف الرئيس منها هو خدمة المستوطنين في شرق القدس وربط المستوطنات ببعضها البعض عبر ايجاد تواصل جغرافي بينها، وتحويل الأحياء العربية إلى ما يشبه الكانتونات المعزولة، بشكل يحول شرق المدينة إلى معازل ثنائية القومية بين المستوطنين والفلسطينيين، وذلك بعد أن مزقت المستوطنات والتجمعات اليهودية، من فرص وجود فضاء مديني عربي متواصل ومنسجم جغرافياً وديمغرافياً.

ومن الناحية السياسية، قالت الورقة إن سلطات الاحتلال سعت إلى خلق واقع جديد على مدار عقود طويلة، ليس آخرها الخطط والقرارات الحكومية المذكورة سابقا، عبر إقامة الأحياء اليهودية والمستوطنات شرق القدس وتشجيع الهجرة إليها، وعرقلة التوسع الفلسطيني الطبيعي وفرض قيود صارمة على السكن والبناء، وهدم المنازل.

وتابعت الورقة أن عملية التهويد المسعورة التي تشهدها البلدة القديمة جاءت في إطار إعادة إنتاج، وشرعنة، الرواية اليهودية الصهيونية حول القدس الشرقية وتحديدا البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، وهو الأمر الذي ينطبق على الخطط الاقتصادية الحكومية التي هدفت إلى القضاء على أي إمكانية لـ"تقسيم القدس"، أو نقل السيادة فيها ألي طرف آخر.

وخلصت الورقة إلى أن السياسات الإسرائيلية فرضت واقعا جيوسياسي في القدس بشكل واضح ومطلق تقريب كمدينة موحدة، وخلقت واقعًا جديدًا سيكون من الصعب التراجع عنه ما لم يُفرض عليها دوليًا بعد أن تمكّنت من إعادة صياغة "حلّ الدولتين" بطريقة تضمن مصالحها واعتباراتها التي تحتل القدس فيها المرتبة الأولى "كعاصمة موحّدة"، حيث عملت ومن خلال منظومة استيطانية تهويدية متكاملة إلى تشويه طابع المدينة المقدّسة وصولاً إلى محاولة تغييره كلّيًا ليُصبح طابعًا يهوديًا صهيونيًا.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo