العمال .. بين جشع المؤسسات وقرار الحد الأدنى للأجور الجديد

عمال يعملون أعمال شاقة
عمال يعملون أعمال شاقة

على الرغم من وجود قوانين ناظمة تتعلق بالحد الأدنى للأجور في فلسطين، إلا أن المؤسسات لا تلتزم بها، بل أنها تقوم باستغلال العامل بشكل مخالف للقوانين لقانون العمل، الأمر الذي عزاه مختصون في شؤون العمال، إلى غياب الرقابة من قبل وزارة العمل من جهة، وعدم وجود قاعدة بيانات شاملة للمؤسسات والعمال بداخلها، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن أهمية القرار الجديد الذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في شهر يناير القادم والقاضي بتحديد الحد الأدنى للأجور بـ 1880 شيقلاً بدلاً من 1450.

إجراءات لضمان تنفيذ القرار الجديد

من جهته شدد نضال غبن مدير جمعية التنمية العمالية – عامل، في حديث خاص لـ "زوايا"، على ضرورة التزام المؤسسات في القطاعين العام والخاص، بتنفيذ قرار وزير العمل نصري أبو جيش الذي حدد الحد الأدنى للأجور بـ 1880 شيقل، مشيراً إلى أن القرار السابق والذي حدد الأدنى للأجور بـ 1450 شيقل لم تلتزم به المؤسسات المشغلة للعمال بالكامل، وتحديداً في قطاع غزة الذي لا يخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية قضائياً وإدارياً، بخلاف الضفة الغربية التي توجد فيها بيئة قانونية مختلفة عن القطاع.

وأشار إلى أن التهرب من قبل المؤسسات بالالتزام بقرار الحد الأدنى للأجور شمل مؤسسات في الضفة الغربية، ويعلل أصحاب المؤسسات عدم قدرتهم على الالتزام بسبب الأزمة الاقتصادية، التي تعيشها المصانع والشركات. مستدركاً أن الأزمة الاقتصادية لا ينكرها أحد خاصة في الوقت الحالي، وهي أزمة يعيشها العالم أيضاً بسبب جائحة كورونا، إلا أن هناك مؤسسات كبيرة تستطيع الالتزام بقرار الحد الأدنى للأجور لكنها تتهرب ولا تلتزم بسبب جشعها وطمعها وغياب الواعز الأخلاقي والقانوني لديها.

وأشار إلى أن أشكال التحايل على القرار عديدة، خاصة أن هناك 70% من العمال لا يعملون ضمن عقود عمل، إضافة إلى أن هناك عمال غير مسجلين لدى مكاتب العمل في وزارة العمل، وهناك شركات ومصانع عمل عشوائية تندرج ضمن الاقتصاد غير المنظم، بالتالي لا يوجد أي آليات للرقابة عليهم، ولذلك لا يوجد عقد أو اتفاق ضمني، كما لا يوجد التزام في أجر العامل لا يوجد أيضاً التزام في عدد ساعات العمل.

اقرأ أيضاً: التقارب الإماراتي الإيراني يزعج "إسرائيل"

وحول آليات تطبيق القرار من قبل المؤسسات، يجب أولاً ضبط سوق العمل ضمن قاعدة بيانات كاملة ومحددة يلتزم بها كل اصحاب العمل بما فيها المنشآت الصغيرة، كما يجب أن تخضع لالتزام وزارة العمل وتكون مسجلة حتى تتمكن لجان التفتيش في الوزارة من المتابعة.

أسباب عدم التزام المؤسسات بالقرار

وعز غبن عدم التزام أصحاب المؤسسات بالقرارات التي تتعلق بالعمال، إلى غياب النقابات العمالية، وبالتالي غياب الرقابة من قبل النقابات، خاصة أن هناك جيش من النقابيين مسجلين في ديوان الموظفين للسلطة، وبالتالي هم موظفون لا يلامسون قضايا العمال وتبني مشاكلهم.

كما حمل وزارة العمل المسؤولية عن غيابها وضعف التفتيش، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة وغياب فرص العمل، بالتالي العامل يضطر للعمل بما يريده صاحب العمل لعدم وجود بديل آخر. 

القرار الجديد هروب للأمام

في ذات السياق، أعرب الناشط والباحث المهتم بالحقوق العمالية والنقابية محمود زيادة، عن شكوكه من القرار الجديد برفع الحد الأدنى للأجور لـ 1880 شيقل، بأن يكون القرار جاء هروبا إلى الأمام من الاستحقاق الواجب المتعلق بتطبيق الحد الأدنى للأجور الأول 1450 شيقل، والذي لم يطبق منذ عام 2013 على أكثر من 30 بالمئة من العاملين بأجر في القطاع الخاص والقطاع العام.

واعتبر زيادة في حديث لـ "زوايا"، أن الحديث عن أهمية تطبيق القرار الجديد بالحد الأدنى للأجور دون الاجابة على السؤال الاول لماذا لم تلتزم المؤسسات بالقرار الأول القاضي بتحديد الحد الأدتى للأجور بـ 1450 شيقل؟
ورأى أن عدم تطبيق القرار الأول نابع من عدم وجود إرادة وتدبر لتطبيق القرار، وبذلك يكون القرار الثاني 1880 شيقل ليس أكثر من هروب من الالتزام بالحد الادنى للأجور الاول.

وتوقع زيادة أن ترتفع نسبة عدم الالتزام بالقرار الجديد من 30% في القرار الأول إلى أكثر من 50% في القرار الثاني. مثل العاملات في رياض الاطفال وغيرهن. 

وتساءل زيادة، هل هذا القانون هو مقترح أو مُقر من أجل التطبيق أو من أجل الدعاية والاعلام؟.

ورأى الناشط في حقوق العمال أن وزير العمل بقراره الجديد، لم يحمل نفسه مسؤولية جديدة، بل أقدم على استبدال المسؤولية بالتهرب منها، لأنه يتم إقرار مثل هذا النظام غير القابل للتطبيق، خاصة أن لدينا تجربة من العام 2013 مع الحد الادنى للأجور الاول.

ونوه إلى أن المستفيدين من هذا القرار هم ذوي الأجور المتدنية، إلا إذا ذهبنا وتعاملنا مع الفكرة التي تشكل "نكتة" بأنه عدد الذين يطبق عليهم قانون نظام الحد الادنى للأجور يصل إلى 90 بالمئة على اعتبار أن الحد الادنى استبداله بالحد الأعلى، أي علينا الاحتفاء بان الحد الادنى للأجور مطبق على غير المستهدفين منه؛ بمعنى محاولات بائسة لادعاء تحقيق انجازات في غير مكانها وخير عارف وعالم بهذا الأمر هم العمال والعاملات الذين لا يحظون ويصلوا حتى الان للحد الادنى للأجور، بل أن هناك من يتقاضى أقل من نصف الحد الادنى للأجور.

سنلاحق المخالفين للقرار قضائياً

بدوره، حذر شاهر سعد رئيس اتحاد نقابات عمال فلسطين، المؤسسات من عدم الالتزام بالقرار، موضحاً أن النقابة تعمل على توجيه وإرشاد العمال وبالذات العاملات في كيفية التصدي لأي محاولة للالتفاف على الحد الأدنى للأجور.

وقال سعد في حديث لـ "زوايا"، ذاهبون للعمل بكل جهد في الأشهر الثلاثة الاولى من تطبيق القرار الجديد بخصوص الحد الادنى للأجور، بحيث يكون تطبيق آمن في كل فلسطين، وسيتم فتح خط مجاني وحوافز للمبلغين عن أصحاب المؤسسات غير الملتزمة بالقرار.

وأضاف، لدينا خطة لمتابعة تنفيذ القرار، وتم البدء في تنفيذها بزيارة المؤسسات، وسيكون هناك تأييد حول القرار من قبل المؤسسات الحزبية أو المجتمع المدني أو النقابات.

وأوضح أن النقابة ستتعامل مع وزارة العمل بشكل أساسي وسيتم تزويدها بالشكاوي، وسيتم رفعها للقضاء من خلال وزارة العمل التي تمثل الضابطة القضائية من خلال المفتشين على أصحاب العمل الذين لا يطبقون القرار الجديد.

وأشار إلى أن أي مؤسسة لا تلتزم بالقرار وتفصل أي عامل يعترض على أجره اذا كان مخالفاً للقرار، فسيتم اعتباره فصلاً تعسفياً من قبل صاحب العمل، وسيتم إجباره على دفع راتب عامين كاملين للعامل.

الجدير ذكره، أن العامل الفلسطيني في السوق المحلي، يعاني الاضطهاد من قبل أصحاب العمل لعدم التزامهم بالحد الأدنى للأجور واستغلال حاجة العمال وإجبارهم على العمل بشكل مخالف للقوانين الناظمة، الأمر الذي يضع تطبيق القرار الجديد على المحك لعدم التزامهم بالقرار الأول، وهو ما يدعو للتساؤل حول جدوى القرار؟

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo