من أين لك هذا

علم فلسطين
علم فلسطين

هناك العديد من الأسباب الرئيسية لنشأة الانقسام الفلسطيني منها ما هي أسباب داخلية مثل تناقض الأيديولوجيا والبرامج السياسية وعدم قدرتها على التكامل، والاستقطاب الحزبي الثنائي الحاد الذي استقطب او حيد مجمل القوى المجتمعية من مؤسسات مجتمع مدني وإعلام حر وشرائح مثقفة وجامعات، ومنها ما هو خارجي ناجم عن التأثر الخارجي والصهيوني خصوصا على بعض القوى الأمنية المتنفذة والتي ساهمت في إشعال شرارة الانقسام.

ومن جهة أخرى فإن هناك أسبابا إما ظهرت او تعززت وازدادت مع طول أمد الانقسام مثل الانقسام المؤسسي والقانوني بين باقي بقايا الوطن وبروز حقيقي لمراكز قوى عسكرية وأمنية واقتصادية تحافظ على بقاء الانقسام وتستفيد منه من خلال التربح من المال والمورد العام واستغلاله لمصالح ضيقة حزبية او شخصية واستغلال النفوذ والسلطة لمراكمة الثروات الشخصية والاستحواذ على المناصب الحساسة مما عزز مراكز النفوذ تلك ودفعها للمحافظة على الانقسام الذي يعززها، وهي ليست علاقة غريبة فالعلاقة السببية والتبادلية بين الفساد وتمركز السلطة واضح ومعلوم، فاستمرار الانقسام الفلسطيني لأمد نسبي طويل عزل كافة أشكال الشفافية والمسائلة والرقابة كالجهات التشريعية مما زاد الطين بلة.

اقرأ أيضاً: دراسة تكشف خفايا موازنة حكومة غزة

إن هذا الفساد يتجلى بشكل أكثر وضوحا كلما صعدنا أكثر في هرم السلطة الحاكمة والحزبية وبات النفوذ والثراء وتمركز السلطة واضحا وجليا لدى القادة المتنفذين حتى في عيون القيادات الوسطى والقواعد الحزبية وليس أفراد المجتمع فحسب، إلا أن الفارق والمفارقة أن مفردات الهرم الحزبي تتجاهل وتحامي عن هذا الفساد حفاظا على مكتسباتها الهشة وهو قبول الفساد الذي تحدثنا عنه في مقالنا السابق.

إن تعدد أسباب الانقسام وتشعبها خلق الكثير من حقول الألغام التي تمنع المصالحة وعقد إيجاد آلية للوساطة او الحل وهنا بيت القصيد، ان ثراء الحكام سياسيين او أمنيين او حزبيين لهو الشاهد الحي على وحشية الانقسام فهو وكيل Proxy عن بقاء الانقسام من عدمه ومن هنا تبرز أهمية قانون من اين لك هذا.

إن حجم ثروات وممتلكات ونفقات عديد من كبار القادة المتنفذين لهو استخفاف واضح بكل مكونات المجتمع الفلسطيني، فلا محاولة لإخفاء الثروة ولا أشكال النفقات او الممتلكات التي لا يمكن لدخله الطبيعي كمسؤول ان يراكم اقل هذه الممتلكات، كما أن سعيه لإعادة الانتخاب مثلا لشكل آخر من الاستخفاف، فهل يمكن ان نجعل الكشف عن الثروة والتحقيق حولها والمحاسبة شرطا للإستمرار في المناصب القيادية العليا للأحزاب والحكم عموما، ان مثل هذا الشرط قد يكون محبذا لمن لم تتلوث يده بالسمسرة على حساب شعبه وقضيته أما الآخرون فيحولون بين شعبهم وأهدافه. وأخيرا فهل من يجرؤ على طرح هكذا قانون في حكومته او حزبه وهل من تيار مبادر يراهن على نزاهته وشفافيته ام باتت مراكز النفوذ ملوكا تملك ولا تحكم فقط.                       

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo