حارة حزب الله

حسن نصر الله
حسن نصر الله

بعيدا عن تفاصيل الحادثين المؤلمين في مخيمات أهلنا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إن شعبنا يثق في تجاوز ما جرى دون مزيد من الشروخ في الجدار الوطني، وثقتنا في مؤسسة القضاء والعدل اللبنانية لإنصاف الشهداء وتخفيف آلام ذويهم بالعدالة.

الحدث تم التعامل معه بمسؤولية عالية من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بزيارة لبنان والوقوف على كل التفاصيل والحيلولة دون المساس بالوضع الفلسطيني الصعب والحساس في مخيمات اللجوء، وضمان عدم اشتعال هذه البؤر الحساسة في منطقة تقع تحت ضغط إقليمي مرير يستقوي على البلد الضعيف والمنهك، وهو تصرف حكيم من السيد مشعل.

المؤسف هو تعامل حزب الله مع ممثل طرف فلسطيني فاعل في الساحة الفلسطينية وكل مكونات المخيمات، وجاء سريعا على قاعدة الحل والمعالجة المسؤولة، في المقابل ليؤكد حزب حسن نصر الله أن حساباته إقليمية أكثر منها لبنانية.

وإذا كان حزب الله ينظر من زاوية المحور وحلفائه، فلماذا لم يعترض على زيارة دولة التطبيع الأولى للعاصمة السورية، أم أنها فقط حالة استقواء على الضعيف في تفريغ وإسقاط معيب لسياسات دول الضغط على لبنان لاختيار وجهة سياسية أحادية، دون فهم لأسس السيادة التي تليق بلبنان شعبا ودولة.

اقرأ أيضاً: مشعل في لبنان.. زيارة جريئة وسط ملفات معقدة

آن الآوان أن يفهم حزب الله أن لبنان دولة تضم مكونات متعددة وتوازنات مطلوبة، وعليه أن يخرج من منطق "لبنان حارة حزب الله"، فهذا البلد العزيز على كل عربي يملك حسابات لا يمكن فصلها عن عمقها العربي، ويحق للدولة اللبنانية إقامة علاقات متعددة بما يخدم شعب لبنان وتاريخه الكبير.

إن التعامل الفلسطيني مع لبنان يقوم على ثوابت أكبر من "أنانية الحزب"، من أهمها التعامل مع بلد مضيف كريم خاصة بعد قرار وزير العمل الأخير، ثانيها أن بيروت قلعة صمود في وجه الطموحات الإسرائيلية العدوانية للسيطرة على البر والبحر والجو، كما أنها بلد اشتباك دائم مع كيان احتلالي له أطماع في أرض لبنان وحدوده البحرية، وثالثا أهمية الحفاظ على استقرار المخيمات كجزء من النضال الوطني نحو حق العودة، ومنع الزج بهؤلاء الصامدين نحو الهجرة للعواصم الباردة.

عدم استقبال مشعل لا يليق بحزب الله بوصفه جزء من التركيبة اللبنانية، ولا يضر الضيف، لأن الاستقواء في نظر الفلسطيني يجب أن يكون موجها فقط للعدو الذي يستبيح الأجواء اللبنانية ويتمسك بأرض عزيزة من أرضه.

ونصيحة من العقل لقادة حزب الله عليهم أن يتوقفوا قليلا عن متابعة مفاوضات فيينا، والاهتمام بأولويات بيروت الراهنة.

نتمنى لزيارة مشعل النجاح ونزع فتيل أي صراع يدمي قلوبنا، ويئد الفتنة في مهدها، وأن تكرس استقرارا فلسطينيا إيجابيا داخل المخيمات، بعيدا عن تشكيل أي عبء إضافي على الدولة اللبنانية كان الله في عونها.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo