تقرير مشعل في لبنان.. زيارة جريئة وسط ملفات معقدة

صورة من اللقاء
صورة من اللقاء

سلط انفجار مخيم برج الشمالي الضوء أكثر على جدلية وفعالية التواجد العسكري لحماس في لبنان وسط اتهامات بانفجار مصنع للأسلحة يتبع للتنظيم، وهو ما نفته حماس.

 لكن الحدث سرعان ما تطور إلى حالة توتر أمني داخلي في المخيمات بعد اتهام حماس لعناصر من الأمن الوطني الفلسطيني يتبعون لحركة فتح بقتل 3 فلسطينيين يتبعون لحماس أثناء تشيع شهيد الانفجار حمزة شاهين.

ثمّ ثنائية معقدة هذه المرة حملها القائد التاريخي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، أثناء زيارة هي الأولى من نوعها له منذ عشر سنوات بعد خروج الحركة من سوريا، وبعد توليه منصبه الجديد، تشمل هذه الثنائية مهمتين ثقيلتين تبتدئ بتهدئة الأوضاع الأمنية المتوترة داخل المخيمات التي تشهد في الأساس وضعاً اقتصادياً متردياً وحالة من النزوح والهجرة، وهو ما يشير إليه عضو دائرة العلاقات الوطنية في حركة حماس إبراهيم المدهون.

والمهمة الثانية تشمل تطمينات للجهات الرسمية اللبنانية حول الأمن وسلاح الحركة في المخيمات أو خارجها، وهو ما أكده مشعل في لقائه الأول مع مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان قائلاً: "الفلسطينيون في لبنان ضيوف في هذا البلد.. هم تحت سقف القانون والنظام ويحترمون أمن البلد...لن يرضى الفلسطينيون بديلاً عن وطنهم ولا توطنياً لهم".

اقرأ أيضاً: قرار بريطانيا بحظر "حماس": عوامل أنضجته..وأهداف أوجبته

وأضاف مشعل: "نطالب المسؤولين في لبنان بمعاقبة القتلة... لا يمكن تبرير هذه الجريمة، لكن بالتأكيد هذا لا يعني أننا سنذهب نحو احتراب داخلي".

مشعل ولبنان.png

في الزيارة السابقة لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في يونيو الماضي بعد معركة سيف القدس مباشرة ظهر صفوف من الملثمين يحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة ومعصوبون بوسم القسام على رؤوسهم للترحيب بهنية في مشهد هو الأول من نوعه، في الوقت الذي صرح فيه هنية قائلاً: "زيارة لبنان تكتسب أهمية خاصة لدى حماس".

أكملت طوابير الملثمين القساميين في مخيمات لبنان المشهد العسكري بعد عملية إطلاق ثلاثة صواريخ من لبنان في 13 من مايو 2021 خلال معركة سيف القدس، ركز الإسرائيليون حديثهم وقتها بكل وضوح حول مستقبل المشروع العسكري لحماس في لبنان.

وقد وصف "أليئور ليفي" في تقرير نشرته يديعوت أحرنوت في 3 ديسمبر الحالي أن هناك تخوفات جدية من قدرة فرع الشمال التابع لحماس في لبنان على فتح جبهة إضافية في حال اندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع غزة.

وزعم ليفي: "لا يكتفي فرع الشمال الذي تعمل حماس علي بنائه في محيط منطقة صور بلبنان وبغطاء من حزب الله على التحرش فقط بإسرائيل وتشتيت انتباهها، بل إلى جرها نحو جبهة إضافية في أي مواجهة قادمة".

ولطالما كان الوجود الفلسطيني في لبنان محط انتباه بالنسبة لحماس التي تبحث عن كيفية الاستفادة منه بقدر الإمكان لتعزيز الثوابت الفلسطينية أهمها حق العودة، وكذلك لإسناد المقاومة الفلسطينية في الداخل، لذلك دفعت بهذا القدر من قياداتها عبر فترات متتالية إلى مخيمات لبنان لتوطيد العلاقة مع الفصائل الفلسطينية، وكذلك مع كافة الجهات اللبنانية الفاعلة.

في هذا السياق صرح القيادي في الجماعة الإسلامية في لبنان سامي الخطيب لـ "زوايا" أن أهمية زيارة مشعل باعتباره رأس الحركة في الخارج تأتي لاستمرار حشد الموقف الفلسطيني بشكل خاص واللبناني بشكل عام خلف المقاومة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز العلاقة مع القيادات اللبنانية الرسمية والحزبية والشعبية.

وأضاف الخطيب: "زيارة مشعل هي بوابة وصول للبنان الدولة والشعب من أجل دعم اللاجئين الفلسطينيين وتثبيت القرار الذي صدر وسمح بانفراجة قانونية للعمالة الفلسطينية في لبنان في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون".

اقرأ/ي أيضاً:  كاتب سياسي: حماس لم تبنِ مساراً جديداً يؤهلها لقيادة المرحلة بعد حركة فتح

وكان وزير العمل اللبناني أزال حظراً سابقاً على اللاجئين الفلسطينيين من العمل في كثير من المهن، من بينها الطب والصيدلة والهندسة والمحاماة ورئاسة تحرير الصحف في خطوة لاقت ترحيباً فلسطينياً من كافة الفصائل في لبنان.

فيما يبلغ تعداد الفلسطينيين فيه 174 ألف لاجئ وفق لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في الحكومة اللبنانية التي تعمل في 12 مخيم فلسطيني، بالرغم من أن إحصائيات الأونروا تقترب من 450 ألف لاجئ يقيم 237 ألف منهم خارج المخيمات الفلسطينية.

باعتبار التواجد الفلسطيني في دول الطوق تحديداً لبنان -بعد تهجير فلسطينيي سوريا- يمثل هاجساً لـ"إسرائيل" ويهدد الحدود الآمنة لها، ويديم الوصل مع الفعل الفلسطيني في الداخل لإفشال مخططات محاصرة المقاومة في بقعة جغرافية واحدة، وفق ما يراه "المدهون".

مشعل في لبنان.docx2.jpg

إلا أن تقاطعاً في السياق السابق يشير له الباحث في شؤون اللاجئين والمدير التنفيذي لمجموعة العمل من أجل سوريا محمود زغموت حول "محاولة جهات مشبوهة توتير الأوضاع الأمنية في المخيمات الفلسطينية مثلما حدث سابقاً في مخيم عين الحلوة أو المية مية وشاتيلا، إضافة لتوفير الطرق السريعة للتخلص من فلسطينيي لبنان عبر تهجيرهم إلى أوروبا وأمريكا وتحويلهم إلى عبء على لبنان عبر تضخيم الهواجس الأمنية، ما دفع لتقلص التواجد الفلسطيني في لبنان".

وأكد زغموت في حديثه لـ "زوايا" أن أهمية زيارة مشعل إلى لبنان في هذا التوقيت بالذات تأتي لتثبيت حقوق الفلسطينيين وبحث أوضاعهم الاقتصادية مع الدولة اللبنانية، لوقف مخططات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى إعادة هندسة الوجود الفلسطيني في لبنان عبر تهجيرهم وتفتيت المخيمات، مثلما حدث في مخيم اليرموك سابقاً، الذي كان يمثل الخزان الأكبر للمقاومة الفلسطينية وفعالياتها في الخارج.

فيما يختتم المدهون حديثه مع "زوايا" بتركيز زيارة مشعل على المستوى الرسمي اللبناني لتثبيت حقوق الفلسطينيين، ثم تثبيت تواجد الحركة في المخيمات الفلسطينية في ذكرى انطلاقتها 34، إضافة لتهدئة الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo