تشمل سلاح فتح

تقرير صِدامُ نابلس.. هل أطلقت السلطة عملية استعادة "الهيبة"؟

مواجهات مع السلطة بالضفة الغربية
مواجهات مع السلطة بالضفة الغربية

شهدت مدنٌ ومناطق بالضفة الغربية، في الأيام الأخيرة، تطورات "مقلقة" بالنسبة للسلطة الفلسطينية، حيث تمثلت بوقوع مواجهات بين عناصر أمنها ومحتجين في بيت لحم وطولكرم، ولاحقاً مع مسلحين خلال تشييع جثمان شهيد من حركة "فتح" في مدينة نابلس، وسابقاً في مخيم جنين.

رسالة السلطة: "بدأنا بسلاح "فتح"؟

الصحفي من نابلس عميد دويكات أكد لموقع"زوايا"، أنه بناء على المعلومات المتوفرة، فإن ما حصل في نابلس من صدام ومناوشات بين قوات أمنها ومسلحين محسوبين على حركة "فتح"، جاء نتيجة عدم الإلتزام بطلب مسبق من السلطة بضرورة عدم إظهار السلاح، وإطلاق النار في الهواء، خلال تشييع جثمان الشهيد جميل الكيال، الذي ارتقى برصاص قوات الإحتلال أثناء اقتحامها نابلس ليل الإثنين.

وأكد مصدر أمني بالسلطة الفلسطينية، أن تصدي عناصر الأمن للمسلحين، كان بمثابة رسالة لكل المناطق الفلسطينية بلجم السلاح "المنفلت"، بإعتباره "مُضرّاً بهيبة السلطة على نحو خطير". ومفاد رسالة السلطة "أنها ماضية نحو إنهاء أي مظهر يضر بدورها ومكانتها، وقد بدأت بمسلحي فتح. وهي تحذر الجميع، بأنها لن تسمح بسلاح غير سلاحها".

واتهم المصدر، حركة "حماس" بإستغلال ما يجري بالضفة، بإتجاه توتير الشارع وتفجيره في وجه السلطة الفلسطينية.

وذكرت مصادر فتحاوية لـ "زوايا"، أن المسلحين الذين تصادموا مع الأمن الفلسطيني في نابلس، ليسوا محسوبين على القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، وإنما على الجناح الرسمي لحركة "فتح"، لكنّ ما حدث ناتج عن وجود خلافات داخل "إقليم فتح" بنابلس، تبسببت بها الانتخابات الداخلية الأخيرة للحركة.

الواقع، أن الجدل الداخلي المثير للإزعاج الرسمي في السلطة، وحتى للولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، هو أن جهات فتحاوية مسلحة كانت، أحياناً، جزءاً من الصدام مع السلطة في بعض مناطق الضفة مؤخراً، وهو ما تعتبره تل أبيب "حالة خطيرة" تظهر واقعاً من "قلة حكم" في بعض الأحيان، الأمر الذي ولّد مخاوف إسرائيلية من أن يؤدي لمآلات أمنية مُضرّة بها.

يأتي ذلك، فيما تصاعد حديث الاحتلال، في الفترة الأخيرة، عن جهد كبير من مؤسستها الأمنية لمنع استفاقة حركة "حماس" في الضفة، حيث شنت حملة اعتقالات واسعة في الضفة والقدس خلال الأيام القليلة الماضية، طالت نحو مئتين من نشطائها وقياداتها، ومروراً ببث مزاعم بشأن ضبط أموال وأسلحة بحوزة خلايا "حماس"، تم تفكيكها واعتقال أفرادها، "بهدف إشعال الضفة"، وفق الرواية الإسرائيلية.

السلطة تشعر بخطر على مكانتها

الحال، أنّ الأروقة السياسية والأمنية في السلطة الفلسطينية تشعر أنّ هيبتها ومكانتها، يتم المس بها على نحو غير مسبوق، وهو ما دفعها إلى اتخاذ السلطة لقرار أمني "حاسم" بالوقوف بقوة ضد السلاح غير الرسمي، في أي مكان في الضفة، حسب ما أفاد مصدر من مفوضية التبعئة والتنظيم في حركة "فتح" لـ "زوايا".

وتأتي زيارة وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بني غانتس المرتقبة إلى رام الله، هذا الأسبوع، للقاء رئيس السلطة محمود عباس ومسؤولين أمنيين فلسطينيين، بطلب أمريكي وقناعة من تل أبيب، بضرورة بحث سبل تحسين الواقع الإقتصادي للفلسطينيين؛ بغية تعزيز مكانة السلطة وهيبتها.

وحسب المختص بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي، فإن زيارة غانتس "الجديدة" كان يُفترض أن تتم قبل ذهابه إلى الولايات المتحدة، غير أنها تأجلت.

ويخضع غانتس في هذه الأثناء لحجر صحي، كإجراء صحي إسرائيلي روتيني يُتّخذ بسبب كورونا، عند عودة أي مسؤول إسرائيلي من السفر الخارجي، وهو ما يجعل أي تأجيل آخر للقاء غانتس-عباس أمراً وارداً.

ويدعي الاحتلال الإسرائيلي، أن أي تنامٍ لنشاط "حماس" في الضفة، أمر مقلق لها، وأيضاً للسلطة، بقولها "إن حماس تسعى لإشعال الضفة والقدس".

وهنا، يعتبر محللون إسرائيليون مختصون بالشأن الفلسطيني، أنّ القلق من نشاط "حماس" في الضفة، مصلحة مشتركة لكل من "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، لا حباً في السلطة، بل حفاظاً على "الاستقرار". وتقوم المصلحة المشتركة على أن تبقى "حماس" خارج اللعبة. فالاحتلال الإسرائيلي يريد السلطة حاكمة للضفة، وحماس في غزة، دون أي إخلال بهذا التوازن في السيطرة بين الثنائي الفلسطيني، وهي حالة فلسطينية منقسمة تخدم المصلحة الإسرائيلية.

سببان للحالة الفلسطينية المحتقنة..ماهما؟

ويقول الباحث الإستراتيجي د.عنان وهبة لموقع "زوايا"، إنّ تفسير الحالة المُحتقنة فلسطينياً، يعود إلى أن السلطة موجودة في ظرف مفصلي الآن لسببين: الأول، وجود منعطف إستراتيجي إقليمي من حيث السياسات. والثاني، ترقب دائم داخل السلطة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني عامّة، لكيفية انتقال السلطة إلى قيادة جديدة بعد مرحلة محمود عباس.

ولهذا، فإن الحالة التزامنية الفلسطينية والإقليمية تزجّ بالقوى السياسية للفصائل المختلفة نحو الواجهة. فتيارات من "فتح" تتحرك لإعداد قيادة بدور فعال في الداخل الفلسطيني، وحماس تقوم بتحريك الشارع في الضفة لبرهنة حضورها السياسي والجماهيري، وهو ما يجعل الخطاب الفصائلي الفلسطيني أقرب لـ"خطاب فلسطيني داخلي وعرض عضلات، أكثر من كونه موجهاً نحو الإحتلال"، حسب وهبة.

وأما الجهات الأمنية والسياسية لدى الاحتلال الإسرائيلي، "فتتعامل مع الحالة الميدانية الفلسطينية بردة فعل تقليدية، قائمة على "ضبط الأمن وإحتواء الشارع الفلسطيني، والتعاون الأمني"، كما يضيف وهبة.

لكنّ قيادياً مقرباً من رئيس السلطة الفلسطينية، قال لموقع "زوايا" أنّ السلطة تفكر بطريقة بعيداً من المصلحة الإسرائيلية، وإن كانت تل أبيب تعمل بمنهجية "سكب البنزين على النار، وتوريط السلطة وكأنها تتعاون مع إسرائيل ضد حماس".

وبين أن السلطة تكافح أي نشاط مضر بها من قبل حماس وأي جهة أخرى، من منطلق مكانة السلطة الشرعية، ومواجهة "أي أجندات تطاولها، وليس تساوقا مع الاحتلال".

وتنظر حركة "حماس"، إلى الضفة الغربية كأهمية ميدانية مضاعفة، إدراكاً منها بأن تأثير أي نشاط واحد لها في الضفة يُوازي أضعاف التأثير الذي يمكن أن يُحدثه إطلاق صاروخ واحد من غزة نحو المستوطنات المحاذية للقطاع، بفعل الواقع الجيوسياسي للضفة، والذي يتيح تماساً مباشراً مع القدس والمستوطنات وأراضي 48.

وهذا الواقع المتحرك يجعل ميدان الضفة مقلقا أكثر للاحتلال الإسرائيلي من الناحية الأمنية، كما تعتقد دوائر إستراتيجية بحثية إسرائيلية.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo