تقرير القمة العربية بالجزائر: هل تعيد فلسطين للواجهة؟

القمة العربية بالجزائر
القمة العربية بالجزائر

تتجه الأنظار إلى العاصمة الجزائرية بعد تحديد الرئيس عبد المجيد تبون، شهر آذار/مارس 2022 موعداً لعقد القمة العربية التي طال انتظارها، خاصة في ظل الظروف والاشكاليات التي تعيشها المنطقة من خلافات وتعقيدات، وعلى الرأس منها القضية الفلسطينية، وملف عودة سوريا للجامعة، والصحراء الكبرى، والتطبيع، ومنع إسرائيل من الالتحاق بالاتحاد الافريقي كعضو مراقب، الأمر الذي يدعو للتساؤل، هل بالفعل قمة الجزائر ستعيد القضية الفلسطينية للواجهة من جديد؟ خاصة بعد أن أدارت بعض الدول العربية ظهرها لفلسطين، حتى أصبحت "إسرائيل" على حدود الجزائر بعد اتفاق التطبيع المغربي الذي تعدى التعاون التجاري والاقتصادي، وصولاً للتعاون الأمني والعسكري.

يشار إلى أن الكل الفلسطيني، يجمع على الدور الريادي للجزائر من القضية الفلسطينية، والموقف الراسخ للجزائر، والذي عبر عنه قبل عقود الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين الذي قال:" نحن مع فلسطين ظالمة ومظلومة". إضافة للدعم المالي الذي لم ينقطع مطلقاً عن الفلسطينيين بخلاف بعض الدول العربية التي ترهن مواقفها في دعم الفلسطينيين للإملاءات الأمريكية – الاسرائيلية.

في المقابل فإن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي أعلن قيام دولة فلسطين في منتصف نوفمبر 1988 من الجزائر (اعلان الاستقلال)، كان قد أوصى رفاقه باللجوء للجزائر إذا ضاقت بهم المعمورة، فإنّ بها شعبًا ثائرا لا يخذل مظلومًا ولا يدير ظهره لطالب الحريّة، حتّى في أسوأ أحواله.

قمة فلسطين

وكشفت قناة الميادين عن وثيقة مخطط عمل الحكومة الجزائرية للقمة القادمة، وترتكز على ضرورة الدفع بالتعاون العربي الأفريقي لتحصين القارة الأفريقية من التمدّد الإسرائيلي، ودعم القضية الفلسطينية وحلّ الأزمة الليبيّة، وتحديد الجزائر هدفاً غاية في الأهمية وهو العمل على جعل القمة العربية المقبلة قمة فلسطين والدفاع عن القضية الفلسطينية، وإخراجها من دوامة الاشتباك العربي.

حفاوة في استقبال الرئيس عباس بالجزائر تحضيراً للقمة

وفي إطار التحضير للقمة، وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الجزائر بناء على دعوة رسمية من نظيره الجزائري تبون، وحظي باستقبال فريد، وناقش مع الرئيس تبون، التحضيرات للقمة، وما الذي تريده فلسطين منها. وجددت الجزائر التزامها وتعهداتها بمواصلة دعم القضية الفلسطينية، إقليمياً ودولياً.

وأكدت القيادة الجزائرية أن القضية الفلسطينية ستكون أبرز الملفات التي ستناقش خلال القمة العربية التي ستعقد شهر مارس القادم، من أجل دعم الصمود الفلسطيني وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، في هذا الظرف الحساس الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني وقضيته للخيانة من قبل بعض الدول العربية التي هرولت للتطبيع مع العدو الإسرائيلي والتي كان آخرها اتفاق التطبيع المغربي وتعزيز العلاقات مع الكيان الاسرائيلي خاصة على المستوى العسكري بعد الزيارة الأخيرة لوزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس.

وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، قد أكد في تصريحات إعلامية أن زيارة عباس إلى الجزائر تهدف إلى التنسيق بين فلسطين والجزائر من أجل أن تكون القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى على جدول أعمال القمة العربية التي ستنعقد خلال شهر مارس المقبل بالجزائر.

من جهته، أوضح السفير الفلسطيني في الجزائر فايز أبو عيطة في تصريحات لإذاعة "مونتي كارلو" الدولية، أن الرئيسين عبد المجيد تبون ومحمود عباس سيناقشان كيفية دعم القضية الفلسطينية خلال القمة العربية المزمع عقدها في مارس القادم بالجزائر، مشدداً على أن المطلب الفلسطيني الأهم من الجامعة العربية سيكون تأكيدها على مواقفها السابقة والتزامها بالمبادرة العربية للتوصل إلى حل دائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا لحل الدولتين، مؤكدا على وجود إجماع عربي حول هذه النقطة رغم حملة التطبيع الأخيرة.

وثمن أبو عيطة مواقف الجزائر الثابتة من القضية الفلسطينية، مؤكدا أن هذا الأمر يشجع على "الاتكاء" على الجزائر أكثر من أي وقت مضى لتلعب دورها الداعم للقضية الفلسطينية في ظل موجة التطبيع والأزمات والحروب التي تلم ببعض الدول العربية.

قمة هامة تأتي في ظروف ومتغيرات كثيرة

من جانبه، أكد البروفيسور الجزائري في العلوم السياسية والعلاقات الدولية د. بوحنية قوي لـ "زوايا"، أن القمة الجزائرية ستكون قمة هامة لأنها تنعقد في سياق إقليمي ودولي خاص، وتأتي في ظل متغيرات جديدة حيث وجود محاور جديدة وإعادة النظر في بعض العلاقات العربية – العربية، وأيضا العلاقات العربية - الإسرائيلية (التطبيع)، وبالأخص التطبيع الذي لم يكن موجود سابقاً.

وقال بوحنية: "إن قمة الجزائر ستطرح مركزية فلسطين باعتبارها قضية العرب الأولى وقضية القدس باعتبارها قضية مركزية في أي نزاع باعتبارها محل توافق عربي باعتبارها عاصمة فلسطين، مشدداً على أن الجزائر ستركز من جديد على ذلك وقالتها مرارا وتكرارا أنها تعتبر القضية الفلسطينية محور القضايا العربية ومعها حتى استرداد حقوقها وتأمين العيش الطبيعي على أرضه والتمتع بالاستقلال الكامل وإقامة دولته الفلسطينية على أراضي 1967 عاصمتها القدس الشرقية وفق المبادرة العربية التاريخية، وممكن أن تكون هذه القمة فرصة لإعادة ترميم بعض العلاقات العربية - العربية وفرصة لإعادة سوريا الى حاضنة الأمة العربية فضلا عن العديد من المحاور الفرعية.

فلسطين وسوريا على رأس القضايا 

في ذات السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية رضوان بوهيدل، لـ "زوايا"، أن الجزائر تراهن على الملفات العربية خلال قمة الجزائر والتحديات والرهانات الكبيرة التي تواجه العلاقات العربية - العربية والأزمات التي تعيشها الدول العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبي والصحراء الغربية، والأزمة في الخليج والحرب على اليمن.

وقال:" إن الجزائر تراهن على عودة سوريا إلى مقعدها إلى الجامعة العربية بعد غياب طال كثيرا والجزائر تضع نوعا ما شروطها لإنجاح هذه القمة خاصة أن كل القمم التي تم عقدها بالجزائر كانت قمم بمخرجات تاريخية ومهمة ومصيرية بالنسبة للأمة العربية.

وأضاف، بالنسبة للجزائر فإن كل القمم الخاصة، فلسطين هي جزء منها وجزء لا يتجزأ ولا يمكن عقد قمة عربية دون الحديث عن الملف الأم وهو الملف الفلسطيني والاحتلال الصهيوني لهذه الارض الطيبة لذلك هذه القمة لاستعادة الزخم للقضية الفلسطينية بعد تراجعه من خلال التطبيع الذي شهدته عدة من الدول العربية وهو ما أثر على سيرورة دعم القضية الفلسطينية.

وطالما عودت الجزائر الفلسطينيين على الوقوف إلى جانبهم ودعمهم في كل المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية، دون شروط أو أهداف خاصة، سوى أنها تدعم النضال الفلسطيني وصولاً لتقرير مصيره، وإقامة الدولة الفلسطينية، فإن القضية الفلسطينية ستكون حاضرة وبقوة في هذه القمة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo