تحليل دراسة: الأمن الفلسطيني عزز العنف الاجتماعي والبديل المساءلة المجتمعية

الامن الفلسطيني
الامن الفلسطيني

طالبت ورقة سياسية بتعزيز المساءلة المجتمعية والعدالة الإصلاحية في فلسطين، وإطلاق أفق التفكير لإيجاد بدائل لنظام الشرطة والعدالة الرسمية والعقاب بالسجن الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء. 

وترى الورقة التي أعدتها "يارا هواري" المحللة الرئيسية في شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة" أن الشرطة الفلسطينية عززت من العنف القائم على النوع الاجتماعي بدلاً من التصدي له، ليس فقط باعتدائها على المتظاهرات، بل وبإحجامها عن التدخل في حالات العنف الأسري، كما أخفقت المحاكم الفلسطينية كذلك في توفير الحماية والعدالة للنساء والفتيات اللاتي يتعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وتابعت:" لا يقتصر هذا على فلسطين بالطبع، حيث أن مؤسسات الشرطة والعدالة في جميع أنحاء العالم تخذل النساء في مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وغالبًا ما تُنفَّذ الممارسات "الأمنية" العالمية باسم حقوق المرأة، بدءًا من التدخلات الإمبريالية وصولًا إلى الاستبداد الوطني. 

وتسعى الورقة السياسية إلى المساهمة في النداء العالمي لعالم خالٍ من السجون، وإلى إطلاق أفق التفكير في بدائل لنظم الشرطة والسجن، وذلك من خلال تحري الأشكال البديلة من المساءلة والعدالة في فلسطين، وإيمانًا بضرورة أن يتم ذلك خارج مؤسسات الشرطة.

وترى المحللة السياسية "هواري" أن إنشاء المؤسسات الأمنية والشرطية الفلسطينية لم تكن خطوةً نحو التحرير، وإنما كان امتدادًا للنظام الاستعماري السجَّان وذراعًا له، حيث تعمل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ضمن إطار ما اسمتها "أمننة السلام"، أي أنها تعمل بموجب تعاون كامل مع النظام الإسرائيلي، ويعتمد وجودها على هذا التعاون حيث تستمد تمويلها من دول ثالثة وتكون مساءلة أمامها. 

اقرأ أيضاً: التقارب المصري القطري.. بماذا سيعود على غزة؟

وتفوق ميزانية القطاع الأمني التابع للسلطة الفلسطينية، ومن ضمنه الشرطة المدنية، ميزانية قطاعات الصحة والزراعة والتعليم مجتمعة. ولا تكمن المشكلة في انحراف الأولويات وحسب، فما يثير القلق بوجه خاص هو أن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تعكف على نحو ممنهجٍ ومستمر على قمع المعارضة السياسية. 

وبينت المحللة السياسية أن المجتمعات حول العالم أخذت تُحيي ممارسات المساءلة المجتمعية والعدالة الإصلاحية المبنية على فهمٍ متعدد الجوانب لهياكل السلطة، كتلك الهياكل القائمة على الأبوية والطبقية والعرق داخل المجتمع، مشيرةً إلى أن المساءلة المجتمعية تهدف إلى رد المظالم والتصدي للعنف داخل المجتمعات دون مشاركة مؤسسات الشرطة، وهي عملية تتضافر فيها جهود أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الناشطين لمعالجة ما يقع من الضرر والعنف. 

وتطرقت الورقة إلى انتشار العنف المسلح وعنف العصابات في المجتمعات الفلسطينية في الداخل الفلسطيني المحتل بعد الانتفاضة الثانية، الأمر الذى حدا ببعض المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل إلى التعامل أكثر مع مؤسسات الحكومة الإسرائيلية أملًا في مواجهة العنف، والتي أخفقت في الحد من الجريمة في المجتمعات الفلسطينية، رغم زيادة المراقبة وتجنيد فلسطينيين أكثر للخدمة في الشرطة الإسرائيلية. 

كما تطرقت الورقة إلى حركة "حياة السود مهمة" وهي حركةٌ غير متجانسة، تعمل ضمن حملة لإلغاء الشرطة وعقوبة السجن واعتماد بدائل مجتمعية لاعتقادها بأن نُظم الشرطة والسجون ترسخ الاضطهاد الاستعماري والعرقي والطبقي على نحو لا تضاهيه فيه النظم الأخرى في كثير من الأحيان. 

وتؤمِن هذه الحركة بأن الحبس كشكل من أشكال الاستجابة للضرر والمظالم لا يكاد يُسهم في التصدي للأسباب الجذرية، وأن المساءلة المجتمعية والعدالة الإصلاحية هي بدائل أفضل للتعامل مع الضرر والعنف، ولذلك ينادي العديد من ناشطي الحركة بسحب التمويل من الشرطة وتخصيصه للمبادرات المجتمعية والصحية والتعليمية.

وبينت أن المساءلة المجتمعية في فلسطين تمارس منذ أجيال، حيث استُخدمت "الصُلحة" من أجل محاسبة المُخطئين والمصالحة بين الأطراف المتنازعة وهي في عرف العادات والتقاليد العشائرية لا تنطوي في العادة على وساطة المحاكم.

وتقر الكاتبة أن مفهوم خلو العالم من السجون، لا يزال عصيًا على مخيلة الكثيرين، وأن تحقيق ذلك يتطلب من منظمات المجتمع المدني، ومجموعات المناصرة، والمجموعات الشعبية الفلسطينية إيلاء الأولوية لتطوير مهارات المساءلة المجتمعية، بما في ذلك تبادل المعارف مع المنظمات المتخصصة، وعقد دورات تدريبية عبر الإنترنت، وحلقات للتثقيف والتوعية الشعبية. 

كما طالبت المحللة السياسية الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بإلغاء مخصصات تمويل الشرطة وقوات الأمن الفلسطينية، وإيلاء الاهتمام والتمويل لمبادرات العدالة البديلة والإصلاحية، بالإضافة إلى دعوة المؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الفلسطينية تبنى بروتوكولات لحالات الطوارئ تتفادى تدخل الشرطة وتُحجِّم دورها في جميع أنحاء فلسطين.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo