لتهميش دور السلطة

تحليل الإدارة المدنية الإسرائيلية تتعمق داخل الاقتصاد الفلسطيني

العمال الفلسطينيين
العمال الفلسطينيين

توسعت الإدارة المدنية الإسرائيلية، خلال السنوات الأخيرة، في خدماتها المقدمة مباشرة للمواطن الفلسطيني تحت شعار تحسين واقع الفلسطينيين الاقتصادي، وشمل مجالات عديدة في الزراعة والصناعة والعمل داخل إسرائيل، مستغلةً  في خطتها جائحة كورونا وأزمة توقف التنسيق الأمني والمدني مع السلطة الفلسطينية خلال عام 2020، لتمضي تدريجياً لتهميش دور الارتباط الفلسطيني أو وزارة الشؤون المدنية.

وكشفت دراسة اقتصادية أعدها الباحث د. "وليد حباس" لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، أن الإدارة المدنية الإسرائيلية، حاولت في السنوات الأخيرة، التنصل بشكل أحادي الجانب من أحكام اتفاق أوسلو وملحقاته، وفرضت نفسها بشكل تدريجي كبديل عن السلطة الوطنية الفلسطينية ووزاراتها.

وبحسب بعض المراقبين، فإن الإدارة المدنية تتحضر لسيناريو تفكك السلطة الفلسطينية، أو إجبارها على التحول إلى مجرد جهاز حكم ذاتي تحت مرجعية سلطات الاحتلال.

وبحسب الورقة الاقتصادية فإن الموقع الجديد الذي تحاول الإدارة المدنية التحكم من خلاله بالحياة الاقتصادية الفلسطينية لا يزال في مراحله الأولى، رغم أنها قطعت شوطًا في نشاطاتها في السنوات الأخيرة، والتي اعتمدت على التواصل المباشر مع قطاعات الشعب الفلسطيني كافة في الضفة الغربية.

واستعرضت الورقة، أهم التدخلات التي تقوم بها الإدارة المدنية في مجالات الزراعة، والصناعة، والتصدير، وتشغيل العمال في الضفة الغربية.

فعلى الصعيد الزراعي تقوم الإدارة المدنية بمشاريع زراعية في أراضي الفلسطينيين في الضفة من خلال توفير كل المستلزمات المادية والمعرفية والتسويقية، وتعمل على إدخال أنواع جديدة من الزراعات التي تنتمي إلى تربة فلسطين والتي تعد أحد الاحتياجات الأساسية للسوق الفلسطينية، لكنها تأتي استجابة لإيعاز رأس المال الإسرائيلي وبتوجيه منه، كونه يرى فيها زراعة مربحة.

وتستفيد المصانع والشركات الإسرائيلية من نفوذ الإدارة المدنية على أراضي الضفة الغربية التي تتعاقد، بشكل غير مباشر، مع المزارع الفلسطيني لرفد السوق الإسرائيلية بمنتجات زراعية معينة، وذلك عبر ثلاثة محاور: استغلال الأراضي الزراعية واستهدافها بمحاصيل جديدة، التشبيك والتعاون الزراعي، المبيدات الحشرية.

أما الصناعة والتجارة، فتعتبر بحسب الورقة البحثية من أهم عناصر التبعية الاقتصادية الفلسطينية لإسرائيل، إذ يصَّدر نحو 90 ٪ من المنتجات الصناعية الفلسطينية إلى إسرائيل، فيما تحاول الإدارة المدنية القيام بمشاريع مختلفة تسعى من خلالها إلى استثناء المصانع الفلسطينية من الإجراءات العقابية ونظام الفصل الذي تفرضه على الضفة في محاولة لتعميق دمجها في الاقتصاد الإسرائيلي، ومنح بعض المصانع الفلسطينية امتيازات خاصة تجعلها في مكانة قريبة جدا من المصانع الإسرائيلية، ومن أهمها: مشروع "الباب إلى الباب" والذي يتم فيه نقل البضائع من خلال مسارات خاصة بالقرب من المعابر دون أن تخضع للفحوص الأمنية، وكذلك الحصول على شهادة المعايير والمواصفات الإسرائيلية، كي تتأهل منتجاتهم لدخول الأسواق الإسرائيلية، على الرغم مما يتضمنه بروتوكول باريس من حرية التجارة بين الطرفين.

اقرأ أيضاً: هآرتس تحذر من مخاطر العبوات الناسفة في طريق بايدن

بالإضافة إلى ذلك سعت الإدارة المدنية للبحث عن بديل لنظام الفواتير الإسرائيلي، فقامت بالتنسيق مع سلطة الضرائب الإسرائيلية، بمنح كبار المصدرين الفلسطينيين نظاما لتحويل فواتيرهم نفسها إلى أموال المقاصة.

وترى الورقة البحثية أن هذه التدخلات المباشرة في القطاع الصناعي الفلسطيني تهدف إلى ضم إداري واقتصادي للمصانع التصديرية الموجودة في مناطق "أ" و "ب" و "ج"، ولعب دورا أساسيا في الاقتصاد الفلسطيني، بحيث تتمتع بامتيازات هائلة تجعلها متفوقة على المصانع المنافسة، بسبب اعتمادها على العلاقة المباشرة مع الإدارة المدنية.

وحول ملف العمال الفلسطينيين أشارت الورقة الاقتصادية إلى أن الإدارة المدنية مخولة من الحكومة الإسرائيلية بإصدار تصاريح للعمل في أماكن إسرائيلية حسب الكوتا السنوية المتفق عليها داخل اسرائيل، وتتراوح بين 80 -90 ألف تصريح، بالإضافة إلى 20-30 ألف تصريح للعمل في مستعمرات الضفة الغريبة.

ومنذ العام 2016 ، بدأت الإدارة المدنية تتعامل باعتبارها وزارة العمل والتشغيل، متجاهلة دور الوزارات الفلسطينية وبنود اتفاق باريس الاقتصادي وأحكامه كّلها، وأجرت تعديلات على دخول العمال إلى أماكن العمل الإسرائيلية بآلية جديدة لتنظيم من خلال منصة إلكترونية ًتابعة للإدارة المدنية، واستحدث منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية "يوأف مردخاي" تطبيق "المنسق الإلكتروني" ليكون منصة في الضفة الغربية وقطاع غزة يستطيع من خلالها التواصل مع الفلسطينيين.

كما تقوم الإدارة المدنية بعقد دورات تدريب مهني لبعض العمال الفلسطينيين لتتلاءم إمكانياتهم مع شروط سوق العمل.

وشككت الورقة البحثية في الدوافع وراء تدخلات الإدارة المدنية الاسرائيلية التي تعمق برأيها تبعية الاقتصاد الفلسطيني، كما تساءلت عن مدى قدرة السلطة الوطنية في الحد من هذه التدخلات عبر إيجاد بديل للمواطنين الفلسطينيين

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo