تحليل تقرير الموازنة العامة.. استمرار الأزمة المالية وغياب الشفافية والتقشف

اقرار الموازنة العامة
اقرار الموازنة العامة

جاءت موازنة الطوارئ 2021 لدولة فلسطين ضمن ظروف سياسية تختلف اختلافاً كلياً عن الموازنات العامة السابقة من حيث التوقع للإيرادات والاختلاف في الإنفاق، نتيجة للمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، ونتيجة لحالة الطوارئ التي تعيشها الأراضي الفلسطينية وما تبع ذلك من إجراءات وتدابير احترازية للحد من تفشي وانتشار فيروس كورونا، وما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية كبيرة وعميقة على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام وعلى الموازنة العامة بشكل خاص.

وأشار تقرير أعده الفريــق الأهلي لدعــم شــفافية الموازنة العامــة، إلـى اسـتمرار الأزمة المالية التـي تعانـي منهـا موازنـة السـلطة الفلسـطينية خاصـة عـام 2020، وارتفاع الدين العام ليصل إلى حوالي 18 مليار شيقل، بالإضافة إلى استمرار أزمة صندوق التقاعد، وتراكم الديون، وكذلك اسـتمرار حالـة العجـز في الموازنة لضعـف خيـارات سـد العجـز المالي، سـيما أن هـذا العجـز لـم يرتبـط فقـط في العـام الجاري، وإنمـا هنـاك عجـز دائـم تعانـي منـه السـلطة.

وأشارت البيانـات المالية إلى وجود ضعـف في الالتزام بمبـادئ الشـفافية، حيـث تأخـر صـدور الموازنة ثلاثـة أشـهر عـن الموعـد المحدد، وتم النشـر بشـكل مختصـر جـدا، دون توضيـح لأي موازنـات تفصيليـة لمراكز المسؤولية.

اقرأ أيضاً: الإضراب ضد الاعتقال الإداري.. عذابٌ بلا تهمةٍ وتضامن دون المستوى

وأوضح التقرير إلى أن الحكومة لم تلتـزم بالنهـج التشـاركي الـذي أعلنـت مـرارا وتكـرارا التزامهـا بـه، حيـث تم إصـدار موازنـة الطـوارئ، دون نقاشـها مـع ممثلـي منظمـات المجتمع المدني، ولـم يطلـع المواطنون عليهـا قبـل إقرارهـا.

وكشفت عرض وتحليل النفقات العامة للعام 2020، عن عجـز دائـم تعانـي منـه الحكومة الفلسـطينية، نتيجـة تراجـع الإيرادات وتراجـع الدعـم الخارجي، والفجـوة بيـن النفقـات والإيرادات، بالإضافة إلى وجود ضعف في تحقيق العدالة الضريبية بسبب استناد النظـام الضريبـي علـى الضرائـب غيـر المباشرة.

كما كشـفت جائحة كورونا عن وجود ضعـف في جـودة الخدمات الصحيـة، والإمكانيات والبنيـة التحتيـة الصحيـة، بالرغـم مـن ارتفـاع النفقـات المخصصة لـوزارة الصحـة وتحديدا شـراء المستلزمات الخاصة بمواجهة الجائحة.

وشهدت موازنة الدولة للعام المالي 2020 زيادة في العديد من بنود الإنفاق العام، لكن هذه الزيادة لا تلائم التحديات التي فرضها وباء كورونا على الاقتصاد والخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة، كما أن جانبًا كبيرًا منها يوجه إلى سداد الديون وفوائدها بما يحرم المواطنين من الاستفادة بأموالهم في تحسين أحوالهم خلال الأزمة التي يمرون بها.

ومع استمرار الجائحة وتداعياتها، تظهــر البيانــات ومــن خــلال المقارنة بــين عــامي 2020 وعــام 2019، ارتفــاع إجمالــي النفقــات علــى وزارة الصحــة، تحديدا علــى بنــد النفقــات الرأسـمالية، والـذي ارتفـع ارتباطـا بالاحتياجات التـي صاحبـت مواجهـة جائحـة كورونـا، وبلغ إجمالـي النفقـات المتحقق علـى أسـاس الالتزام قـد بلـغ (846,1) مليـون شـيقل.

فيما بلـغ إجمالـي نفقـات وزارة التنميـة الاجتماعية مضـاف إليهـا مؤسسـة رعايـة أسـر الشـهداء علـى أسـاس الالتزام (450,1 ) مليـون شـيقل، أي مـا نسـبته 9 % مـن اجمالـي الإنفـاق العـام للسـنة المالية 2020 ،إلا أنـها فعليـا لا تتجـاوز مخصصـات وزارة التنميـة الاجتماعية بشـكل منفصـل عـن 5%.

أما وزارة الداخليـة والأمن الوطنـي فاستحوذت خـلال العـام 2020 علـى 21 % مـن إجمالـي الإنفاق، وهـي النسـبة الأعلى بـن مراكـز المسؤولية مـن حيـث النفقـات.

ودعا الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العام عبر تقريره الحكومة ووزارة المالية مشــاركة منظمــات المجتمع المدني في نقــاش أولويــات الموازنة العامــة وتحديد الفجــوات والتحديـات التـي تواجـه الحكومة، كما طالب الحكومة بتبنـي خطـة ترشـيد وتقشـف للنفقـات العامـة محـددة وواضحـة ومعلنـة تقـوم علـى إعـادة النظـر في بنيـة الموازنة، وبضرورة لالتزام بتحقيـق مبـادئ الشـفافية، وتحديـدا في حالـة الطـوارئ.

هذا وحث الفريق الحكومة على تحديد أولويـات الإنفاق التطويـري، دون الاعتماد علـى المنح والمساعدات، ودون تدخـل خارجـي، وضـرورة التـزام وزارة التنميـة الاجتماعية بتقـديم المساعدات النقديـة للأسر المحتاجة، وزيـادة المخصصات لهم، بالإضافة إلى مراعـاة الفروقـات الاقتصادية بـن الفئـات الاجتماعية المختلفة بهـدف تحقيق العدالـة الاجتماعية مـن خـال إعـادة النظـر في قيمـة وحجـم ضريبـة القيمـة المضافة.

المصدر : متابعة -زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo