تقرير الإضراب ضد الاعتقال الإداري.. عذابٌ بلا تهمةٍ وتضامن دون المستوى

الاعتقال الاداري
الاعتقال الاداري

يمارسُ الاحتلال الإسرائيلي سياسية "الاعتقال الإداري" ضد الفلسطينيين، دون تهمةٍ أو محاكمةٍ، معتمدًا على أدلة غير معلنةٍ لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن للاحتلال من خلالها تمديد فترة الاعتقال لفترةٍ أقصاها ستة شهورٍ قابلة للتجديد.

وأصدر الاحتلال منذ العام 1967 أكثر من 50 ألف اعتقال إداري ما بين قرار وتجديد اعتقال، تعرض خلالها المعتقلون الإداريون كغيرهم من الأسرى لعمليات اقتحام والاعتداء والغاز ومصادرة أغراضهم والإهمال الطبي بحقهم، حسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني "وفا".

وفي هذا التقرير، تستعرض "زوايا" ماهية الاعتقال الإداري والاضراب ضده ودوافع الأسرى للجوء إليه، ودور المؤسسات الرسمية والفصائل والمنظمات الأهلية تجاه قضية الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال رفضًا لاعتقالهم الإداري.

الطريقُ إلى الإضرابِ

وقال الأسير المحرر والمبعد من الضفة إلى قطاع غزة طارق عز الدين، بأن الأسرى يمرون بظروفٍ صعبةٍ للغايةِ بسبب هجمة إدارة السجون التي تتعمدُ التنغيص على حياتهم، وسحب المنجزات وفرض عقوبات، من خلال المنع الأمني للزيارات لذويهم من الدرجةِ الأولى والثانية، أو من خلال سياسة الإهمال الطبي لا سيما لأصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة، إضافة إلى منع "الكنتين" وغيرها.

اقرأ أيضاً: قرار بريطانيا بحظر "حماس": عوامل أنضجته..وأهداف أوجبته

عندما يبدأُ الأسرى الفلسطينيون إضرابهم عن الطعام، يكونون قد وصلوا إلى وضعٍ لا يمكن احتماله بالفعل، وبعد استنفاد كل الطرق الحوارية مع إدارة السجون، وينفذون خطواتٍ مبدئية تطالبُ بإعادة حقوقهم وتحسين الظروف الحياتية وتطبيق القوانين الدولية الخاصة بالأسرى.

وفي حال رفضت إدارة السجون مطالب الأسرى وسوّفت الاستجابة لها، يبدأ الأسرى بخطواتٍ تكتيكية، بإضرابهم الجزئي كخطوة احتجاجية على إجراءات الاحتلال، فليس من السهل الدخول إلى الإضراب عن الطعام الذي قد يرتقي فيها شهداء، فهو ليس نزهة، ويسبقه استفتاءات ولجان مختصة إعلامية وصحية وحوارية وجهود. كما جاء في حديث "عز الدين" لــ "زوايا".

تقصير من الجميع

وحول الحراكات التضامنية مع الأسرى المضربين ضد الاعتقال الإداري، وصفها "عز الدين" بأنها لا ترقى لمستوى تضحيات الأسرى المضربين عن الطعام، الذين يعتقلهم الاحتلال تحت حجج واهية أو دون سبب، ضمن "الملف السري" للاحتلال، ويذهبون لخطوة الإضراب لانتزاع حريتهم.

وأكد "عز الدين" أن التقصير تجاه قضية الأسرى المضربين عن الطعام رفضًا لاعتقالهم الإداري، يقع على عاتق الجميع، ولا سيما المؤسسة الرسمية المتمثلة في السلطة الفلسطينية، التي لم تتحرك قانونيًا ضد الاعتقال الإداري المنافي للقوانين الدولية، ولم تحرك سفاراتها حول العالم والجاليات للتضامن والضغط من أجل الأسرى.

ولم يكن التحرك الجماهيري الفلسطيني بالقدر المطلوب الموازي لتضحيات الأسرى في إضرابهم، والذي يفرض على الاحتلال أن يتراجع عن استخدام قانون "الاعتقال الإداري"، حسب "عز الدين"، الذي طالب بسياسة أكثر فعالية حتى يتم تشكيل ضغط على الاحتلال.

دور الفصائل

وحول دور الفصائل الفلسطينية، أوضح بأن الفصائل لديها أوراق كثيرة، ولا نقول لها بأن تطلق الصواريخ، بل باستطاعتهما تكثيف الحراك الجماهيري على نقاط التماس في الضفة، وإشعار الاحتلال بأن الأمن قد يتدهور والمواجهات قد تتصاعد إذا ما استمر الاعتداء على الأسرى وتمديد اعتقالهم.

وأرجع انتصار الأسرى المضربين عن الطعام بالدرجة الأولى لإرادتهم وعزيمتهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم، ومن ثم لكل متضامنٍ وحرٍ ساند الأسرى بالشكل الحقيقي ولو بالجهود البسيطة فهو شريك في الانتصار، على حد تعبير الأسير المحرر "عز الدين".

وحول المقارنة بين الإنجاز الفردي والجماعي، بين "عز الدين" أن الإضرابات الجماعية أقوى وأنجع في تحقيق المطالب، ولكن الأسرى الإداريين لديهم حقوق حسب قانون الاحتلال محروم منها، وهي أن يعيش في جو يلائم المكان الحقيقي لبيته وهو لم يطبق، كما أنه لا يعلم ما التهمة ومتى سيخرج، وهو يتحمل مسؤولية خطوته حتى النهاية، فلذلك يلجأ للإضراب الفردي.

غياب استراتيجية موحدة

من جانبه وصف مدير مركز "أحرار" لحقوق الإنسان والأسير المحرر فؤاد الخفش، حالة التضامن بأنها دون المستوى المطلوب في القضايا الوطنية بما فيها قضية الأسرى متفقًا مع ما ذهب إليه "عز الدين".

وعزا "الخفش" خلال حديثه لـ "زوايا" ضعف التضامن لغياب استراتيجية لدى الجهات الرسمية، بإشراك الفصائل ومؤسسات المجتمع المدنية والمنظمات الأهلية في برنامجٍ واحدٍ من أجل التضامن مع قضية الأسرى، منددًا بحالة الاستفراد التي أدت لإضعاف قضية الأسرى والقضايا الوطنية.

السلطة أضاعت الفرصة

وعن الأوراق الضاغطة التي تملكها السلطة، قال إن السلطة أضاعت فرصة ثمينة بالتوجه للمؤسسات الأممية ورفع شكوى ضد الاحتلال، حيث كانت البيئة مناسبة في 2012-2013 عقب إضراب الأسير خضر عدنان، مبينًا أن عدم ذهاب السلطة أدى لتمادي الاحتلال في الاعتقال الإداري المخالف للأعراف الدولية.

ويقول "خفش": "البرامجُ الواضحة تُسّهل مهمة التضامن، وفي حال وجود برنامج موحد للتفاعل مع قضية المضربين، وتنفيذ اعتصامات تضامنية بشكل جاد، لكان التفاعل الجماهيري أكبر"، منوها إلى أن الجماهير لا تخرج إلا بدعوة القيادة أو الفصائل.

فصائل شبه غائبة

وعن وضع الفصائل في الضفة، لفت إلى تراجع الدور الفصائلي هناك، لا سيما بعد الانقسام، فجزء منها شبه محظور والآخر مشغول بمشاكله وهمومه الداخلية ولا يعتبر الأسرى قضيته الرئيسية.

وتنقسم الإضرابات التي يخوضها الأسرى لثلاثة أقسام مطلبية، وسياسية، والمتعلقة بالاعتقال الإداري، ويعد الأخير خيارًا لتحديد سقف المعتقل وإنهاء معاناته، حسب "الخفش".

وبين "الخفش" أنه ليس بمقدور أحد أن يمنع الأسير من الإقدام على الإضراب رفضًا لاعتقاله الإداري، منبهًا أنه ورغم أهميته في انتزاع الحرية، إلا أنه مرهق ومستنزف للشارع الفلسطيني وللمؤسسات والفصائل.

الفضل للأسير وحده

وأرجع الفضل في انتزاع بعض الأسرى المضربين عن الطعام حريتهم، إلى الأسير نفسه أولًا وأخيرًا ولعائلته، متسائلًا باستهجان عن عدد المسيرات والاعتصامات التي خرجت من أجل الأسرى المضربين عن الطعام.

وأكد أنه لا يحق لأحد انتقاد الاعتقال الإداري الفردي، لأنه شكل من أشكال المقاومة ضد السياسية العنصرية الإسرائيلية، منوهًا أنه عاش هذه التجربة بنفسه واصفًا إياها بالصعبة والعصيبة.

وعن دور مقاومة غزة، قال إنه لا يمكن لمقاومة غزة خوض مواجهة من أجل كل أسير يضرب عن الطعام، مبينًا أن الدور يقع على عاتق الضفة التي تقع على نقاط تماس مباشرة مع الاحتلال، وتصاعد المواجهات التي تسرع بخطوات الإفراج عن الأسرى، منددًا بغياب المواجهة في الضفة تضامنًا مع الأسرى.

وما يزال أسيران فلسطينيان وهما "هشام أبو هواش" و"لؤي الأشقر" يواصلان إضرابهما عن الطعام، رفضًا للاعتقال الإداري، بعد أن استطاع 4 أسرى آخرين من انتزاع حريتهم من أنياب الاعتقال الإداري عبر الإضراب عن الطعام.   

وألقت الحالة السياسية المتردية وغياب استراتيجية موحدة وضعف دور الفصائل والمنظمات الأهلية تجاه القضايا الوطنية، إلى تراجع حالة التضامن الفاعلة والضاغطة على الاحتلالِ من أجل تحقيق المطالب الفلسطينية ومنها إلغاء الاعتقال الإداري المنافي لكل الأعراف والقوانين الدولية.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo