تحليل الكونفدرالية بين فلسطين والأردن .. هل قابلة للتحقيق ؟

الرئيس عباس والملك عبد الله
الرئيس عباس والملك عبد الله

في ظل انسداد الأفق لحل القضية الفلسطينية جراء التعنت الإسرائيلي وسيطرة اليمين الإسرائيلي المتشدد على مقاليد الحكم والذي يرتكز على تعزيز الاستيطان وفرض وقائع على الأرض من شأنها القضاء كلياً على مشروع حل الدولتين الذي ينادي به العالم أجمع باستثناء اسرائيل، خرجت أصوات مؤخراً تنادي بحلول مختلفة عبر الشراكة مع الأردن، ليعم السلام والاستقرار في المنطقة، خاصة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يمانع الكونفدرالية مع الأردن وإسرائيل معاً.

وفجر رجل الأعمال الأردني من أصل فلسطيني حسن سميك، في مقالة موسعة له نشرتها صحيفة فورين بوليسي، اختلافات في الآراء على الجانبين الفلسطيني والاردني، عندما اقترح بضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأردن، ومنح الفلسطينيين والمستوطنين الراغبين الجنسية الأردنية، ليعم السلام والاستقرار خاصة أن هناك تجربة سابقة كانت فيه الضفة الغربية تحت السيطرة الأردنية، ولتصبح اسم المملكة الجديد (المملكة الأردنية الفلسطينية الهاشمية)، يسمح من خلالها بتمثيل الفلسطينيين في البرلمان الأردني، وكذلك المستوطنين إن قبلوا، على أن يتم الاتفاق على أن الحكم هو للعائلة الهاشمية فقط حتى لا ينازعه الفلسطينيون على ذلك.

وجاءت الردود من الجانبين الفلسطيني والأردني على فكرة سميك، ما بين معارض للفكرة واعتبروها ضرب من ضروب الخيال والعمال، ومؤيد للفكرة بشكل قليل جداً، بينما أضاف البعض تعديلات على المقترح، ومؤكداً على أن هناك أرضية مشتركة بين الفلسطينيين والاردنيين يمكن البناء عليها.

أرضية مشتركة بين الفلسطينيين والاردنيين

السياسي والإعلامي الفلسطيني نبيل عمرو، علق على ما جاء في مقترح رجل الأعمال سميك، في مقالة أخرى، استعرض فيها تاريخ العلاقة بين الجانبين الأردني والفلسطيني، ونكسة 67 التي أثرت على العلاقة بينهما وذهب الطرفان إلى الانفكاك.

وقال : "إن كل المزايا التي ساقها سميك منطقية ومجربة، ولم تغب عن بال الفلسطينيين في كل مراحل كفاحهم الوطني.

وأشار عمرو إلى تاريخ ومميزات الوحدة مع الأردن عام 1950 والتي كانت الانجح والأطول عمرا في تجارب "الوحدات العربية" والتي لم يجرؤ خلالها فلسطيني واحد ولا أردني واحد على مجرد التلميح بالانفصال.

الاتحاد الكونفدرالي

وأضاف عمرو، أن ما يجب أن يكون هو إعادة الحديث عن الشراكة ولكن بصيغة جديدة، كانت منظمة التحرير قد طرحت خيار الاتحاد الكونفدرالي غير أنه كان مجرد عنوان لم يخدم ببرنامج تفصيلي متفق عليه بين الجانبين يضمن تحققه فعلا في الوقت المناسب ويضمن كذلك شروط بقاءه واستمراره، وقرار منظمة التحرير بهذا الاتجاه وان كان دستوريا بمعنى صدوره عن هيئة برلمانية هي المجلس الوطني، إلا أنه انتج خصوما تلقائيين على الجانبين وفي حالة من هذا النوع فإن العناوين مهما كانت منطقية وجذابة إلا أنها لا تكفي، وفي هذا السياق لا يمكن القفز عن العامل الإسرائيلي، فدخل على الفكرة الإيجابية وحسنة النية تعقيد سلبي مؤثر من خلال الرؤية الإسرائيلية للعلاقة الفلسطينية الأردنية وما انبثق عنها من مواقف وسلوك.

وتابع، أنه بعد سنوات طويلة من وحدة نجحت وتراجعت أو تجمدت أو انفصلت، لابد من أن يطرح هذا الأمر من جديد، ولكن بصيغة أكثر واقعية واتقانا، وإذا كانت المصالح المتداخلة بين الجانبين تحتم ذلك إلا أن حل القضية الفلسطينية بعد سلسلة الاستعصاءات التي حدثت وأفشلت كل المحاولات التي هدفت إلى بلوغ هذا الحل وآخرها بالطبع ما نحن فيه الان بعد انهيار المشروع الدولي الذي كان أكثر جدية وهو مشروع أوسلو، وبعد أن تغيرت خرائط المواقف والقوى والعلاقات في الإقليم مما جعل مواصلة النسج على المنوال القديم ضرباً من ضروب إضاعة الوقت واستهلاك الصيغ الفاشلة والمكررة.

وأكد عمرو أن هنالك أرضية مشتركة بين الفلسطينيين والاردنيين في أمر العلاقة بينهما، هي عدم ممانعتهما لتجديد العلاقة الوحدوية بصيغة أكثر عملية وفاعلية، يعززها المناخ الإيجابي الذي يميز الفهم الشعبي المشترك لأساسية هذه العلاقة في حياتهما.

ويرى العديد من المراقبين والخبراء والسياسيين الأردنيين أن دعوة رجل الاعمال اسميك لضم الضفة الغربية للحكم الأردني، ليس بالأمر المستجد، إلا أنها حتما ذو دلالات وأبعاد كثيرة فتصريح الكاتب يأتي في سياق يصفه كثيرون بـ "الحساس والخطير".

وغلبت نظرية المؤامرة على بعض التعليقات التي يرى أصحابها في انتقاد مقالة رجل الأعمال سميك "خطة تهدف لهز ثقة الجيل الجديد وزعزعته تجاه ثوابت الوطنية التي لا تقبل التجزئة  والترويج لثقافة بديلة" وفق قولهم.

ومن جانبه، رأى الكاتب ابراهيم قبيلات أن خطورة القرار اليوم بالذات هو انه يعني نقل جائحة الاحتلال الصهيوني من الضفة الغربية الى الضفة الشرقية بكل ما فيها من جراثيم وفايروسات.

واضاف قبيلات على منبره الإلكتروني من يقول إن دعوة هذا الرجل مجرد بالون اختبار مخطئ، ليس بالون اختبار على الاطلاق، هناك من يعمل لهذه الدعوة.

الإسرائيليون يضربون بالمقترحات عرض الحائط

الكاتب الأردني ماهر أبو طير، اعتبر في مقال له نشرته صحيفة الدستور الأردنية، أن السيناريوهات التي يطرحها البعض، حول وضع الضفة الغربية، سيناريوهات عمياء، لأن هؤلاء يتناسون أن "إسرائيل" لن تقبل بقيام دولة فلسطينية، ولا ربع دولة، ولا تريد إعادة متر من الأرض، من منطقة تعتبرها مقدسة، أي "يهودا والسامرة"، وفقا للمفهوم اليهودي المعروف هنا، وهي أيضا لا تريد أي طرف بديل، داخل الضفة الغربية، مهما ظن البعض عكس ذلك.

وقال:" إن مواصلة تقديم الاقتراحات وخلع الملابس قطعة وراء قطعة من أجل تقديم وصفات حلول "لإسرائيل" لن يؤدي إلى أي تغيير في الواقع، فالمشروع "الإسرائيلي" متواصل، بسرعة في الضفة الغربية والقدس، وهو مشروع له أسسه ومعاييره التي تقوم على التمدد إلى كل المشرق العربي.

وأضاف، أنه لا يوجد أي طرف مستعد لمثل هذه السيناريوهات، فالأردن مثلا لن يقبل أي صيغة تؤدي إلى تحويله إلى حاضنة سكانية، بأرض أو دون أرض، وهو أيضا، يتجنب الحساسيات الفلسطينية التنظيمية والرسمية التي كانت تشكك تاريخيا بالسياسات الرسمية في عمان، إضافة إلى أن الفلسطينيين لم يقدموا كل هذه التضحيات من أجل تحويل قضيتهم نهاية المطاف إلى مجرد قضية سكان بحاجة إلى حاضنة قانونية، تستوعبهم وتتولى إدارة شؤونهم، في ترقية لوظيفة السلطة ودفعها نحو طرف ثان، لكنه سيكون مطالبا بتنفيذ ذات مهام السلطة، إزاء السكان، وقضاياهم، فيما يجب ألا يغيب عن البال، موقف الأردنيين الواضح، تجاه هكذا مشاريع خطيرة.

وأكد أن كل محاولات التطوع العربية لتقديم وصفات من أجل إنهاء القضية الفلسطينية، وصياغة السيناريوهات بأنماط مختلفة، لا يقف عندها الإسرائيليون. وتابع أنه لو قبلنا بفرضية أن الأردنيين والفلسطينيين، قبلوا صيغة تؤدي إلى إلحاق أهل الضفة الغربية بالأردن، فإن هذا الحل على الرغم من كونه يصفي القضية الفلسطينية، إلا أن المفارقة هنا أن "إسرائيل" ذاتها لا تقبله.

يشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبلغ وفداً من حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، في سبتمبر 2018"، أن جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والمبعوث الخاص للرئيس، جيسون غرينبلات، طرحا أمامه خطة سياسية في صلبها إقامة كونفدرالية مع الأردن.

وأضاف: "سألوني إذا كنت مؤمنا بفيدرالية مع الأردن. وقلت: نعم، أريد كونفدرالية ثلاثية مع الأردن ومع "إسرائيل".

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo