تحليل تفاصيل لافتة.. الشباب اليهود الأمريكيين يدعون لفك الارتباط بإسرائيل 

اليهود الأمريكيين
اليهود الأمريكيين

أكدت مجلة نيويورك تايمزالأمريكية، أن هناك فك ارتباط بين شباب اليهود الأمريكيين وإسرائيل، واشتد ضراوة هذا التوجه، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في شهر مايو الماضي، وما سببه العدوان من جرائم.

واستعرض الكاتب مارك تريسي في مقاله، الأسباب التي تقف خلف توجه شباب اليهود الأمريكيين بفك ارتباطهم باسرائيل التي كانوا سابقاً يؤيدون دعمها اللامشروط، باعتبارها دولة صغيرة تعيش في ظروف صعبة ومضطهدة بين جيرانها الذين يكنون لها العداء. 

وأشار إلى أن السبب الأول يعود لشهر أبريل الماضي، عندما اشتدت رسائل نصية لنحو عشرين طالباً وطالبة من كليات الدراسات اليهودية (شباب اليهود الأمريكيين)، في مدينة القدس، اجتمعوا على مجموعة عبر تطبيق واتساب، وجاء في رسائلهم النصية شديدة الحدة، على الجهود طويلة الأمد التي تبذلها مجموعة يهودية يمينية لانتزاع ملكية منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح، في مدينة القدس، في ظل أن حكومة إسرائيل تصف القضية على أنها مجرد "نزاع عقاري"، لكنه استبعد التاريخ المتعرج لملكية المنازل كهدف صريح للمجموعة اليهودية يتمثل في تغيير التركيبة السكانية للقدس الشرقية لتأمينها بشكل دائم لإسرائيل.

ولفت إلى أن السبب الثاني جاء في الأسبوع الثاني من شهر مايو، عندما اجتمع عدد قليل من أعضاء الدردشة الجماعية على Zoom وصاغوا خطابًا مفتوحًا يدعو اليهود الأمريكيين إلى تعديل توجههم نحو "إسرائيل"، وفي هذا الوقت كان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قد بدأ في الاتساع، بعد أن أطلقت حركة حماس صواريخ على البلدات الاسرائيلية رداً على استشهاد ثلاثة مقدسيين برصاص القوات الاسرائيلية، ونتج عنه قتال شوارع في البلدات الاسرائيلية بين اليهود والعرب، وفي النهاية كانت النتيجة قتل أكثر من 250 شخصا، من بينهم 12 مدنيا ومدنية في إسرائيل وأكثر من 100 في غزة.

اقرأ أيضاً: مواقف الجيل الجديد من يهود أمريكا سلبية اتجاه اسرائيل

وعلى إثر هذا النزاع بدأ الشباب اليهود الأمريكيين محادثتهم بـ "الدم يسيل في شوارع الأرض المقدسة"، وحثوا اليهود على إعادة التفكير في دعمهم للمساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، والتي تبلغ حوالى 3.8 مليار دولار سنويًا.

وتابع الكاتب تريسي أن معظم الشباب اليهود الأمريكيين ممن جاءوا بعد اتفاق أوسلو أي قبل 26 عاماً، ارتباطهم أقل بإسرائيل ممن هم أكبر سناً من ذلك، بحسب مركز "بيو".

ورأى الكاتب أن سبب ارتباط هؤلاء الشباب ممن تقل أعمارهم عن الـ 30 عاماً بإسرائيل، يمكن أن يكون انطباعهم عن "إسرائيل" أنها قوة محتلة وقلعة محمية بحواجز عسكرية ونظام الدفاع الصاروخي، القبة الحديدية، كما أنها دولة قوية ردت، خلال حرب 2014 في غزة، على مقتل حماس لثلاثة مراهقين "إسرائيليين" وإطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية بغارات جوية وتوغلات برية أسفرت عن استشهاد أكثر من ألفى فلسطيني وفلسطينية، من بينهم العديد من غير المقاتلين.

وعزا الكاتب سبب عدم تجسيد هذه الفئة لإسرائيل الذي شغل نفسه بالإشراف على بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية. وعلى الصعيدين الديني والمدني، حاول عرقلة المنظمات الليبرالية غير الحكومية، وانخرط في الديماغوجية العرقية ضد الشعب الفلسطيني وتحالف مع الحزب الجمهوري، بما في ذلك على وجه الخصوص دونالد ترامب.

كما أن هذا الجيل من شباب اليهود الأمريكيين شاهدوا أن الحكومة الإسرائيلية تحتضن صراحةً الإنجيليين الأمريكيين اليمينيين، الذين هم صهاينة مخلصون، بينما يحتقرون اليهود الأمريكيين.

وأشار الكاتب إلى أن العديد من الدراسات الأكاديمية بذلت جهودا على مدى العقد الماضي للبحث عن فك الارتباط مع "إسرائيل" بين الشباب اليهود.

ولفت إلى أن أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا دوف واكسمان، اعتمد على بيانات مركز بيو في ورقة بحثية عام 2017 وجدت أن اليهود من جيل الألفية أكثر عرضة للتشكيك في أفعال "إسرائيل" وسياساتها. قال واكسمان: "في الماضي، كان الدعم حقًا غير مشروط ولا لبس فيه. 

ولفت إلى أنه يعتقد معظم اليهود الأمريكيين اليوم أنه من الممكن تمامًا أن يكونوا مؤيدين لإسرائيل وفى نفس الوقت ينتقدون العديد من سياسات الحكومة الإسرائيلية، وخاصة السياسات تجاه الشعب الفلسطيني".

ونوه إلى أنه في مايو الماضي، نشرت مجموعة يسارية تسمى المعهد اليهودي للقيم الليبرالية رسالة مفتوحة أطلق عليها اسم "خطاب هاربر اليهودى". ألقى هذا الخطاب الجديد باللوم على الأيديولوجية المناهضة للعنصرية لتشجيعها "المفاهيم الخبيثة لـ "الامتياز اليهودي"، وحتى توريط اليهود في "التفوق الأبيض".

واستعرض واكسمان في دراسته قصة الشاب اليهودي الأمريكي ماكس بوشدال، وهو طالب في السنة الثانية يبلغ من العمر 25 عامًا في المدرسة اللاهوتية اليهودية، نشأ في أسرة يهودية محافظة وتعلم في طفولته كيف يدعم "إسرائيل" دعما ثابتا وغير محدود. لكن بدأ تحول "بوشدال" خلال سنوات دراسته الجامعية في جامعة تمبل. عندما بدأ يقرأ تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي خلال الحرب على غزة عام 2014، ولا سيما عن حادثة حرب الاستقلال الإسرائيلية عام 1948ــ المعروفة للشعب الفلسطيني باسم "النكبة"، حيث قامت القوات الصهيونية بترحيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين قسراً. 

وبعد التخرج من الجامعة، عمل بوشدال في اللجنة اليهودية الأمريكية، وهى مؤسسة مؤيدة لإسرائيل، وقد انقطع بسبب دعمها غير المشروط للدولة اليهودية، وسافر بوشدال إلى القدس قبل عامين للدراسة في مدرسة دينية هناك، معهد بارديس للدراسات اليهودية. وعلى الفور وجد نفسه يقوم بأمرين لم يفعلهما من قبل: الانخراط في نشاط التضامن الفلسطيني وإغلاق هاتفه يوم السبت. وبينما كان يقضى ليلة في أحد الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية، شهد مداهمة لأجهزة الأمن الإسرائيلية. وفى حادثة أخرى، هاجمه مستوطنون أثناء قيامه بالمساعدة في قطف الزيتون في بلدة بورين شمال الضفة الغربية. وقال: "أعتقد أن هناك افتراضًا بين اليهود الأمريكيين بأنه كلما زاد معرفة الناس بالصهيونية، كلما أصبحوا أكثر صهيونية. وأعتقد أن هذا خطأ".

بوشدال يعرف ما تقوله النصوص المقدسة اليهودية بالضبط. وقال: "لقد حدث التطرف الديني والتطرف السياسي بشكل متزامن". وأضاف: "صحيح أن الأرض وُعدت لهم على أنهم من نسل إبراهيم. لكنهم انتهكوا شرائعه. لقد سفكوا الدماء". يسأل: "بعد كل هذا، أتتوقع أن يرثوا الأرض؟". واختتم بوشدال: "لقد طردنا من الأرض من قبل. وارتباطنا بالأرض له شروط".

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo