في الوقت الذي تعمل فيه الحكومات الإسرائيلية على فرض أمر واقع على الأرض لمنع خيار "حل الدولتين" القائم على إقامة دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية في حدود الرابع من حزيران 1967م، يخشى خبراء إسرائيليون وعسكريون من أن سياسة رئيس الوزراء نفتالي بينيت القائمة على تعزيز الاستيطان وفرض أمر واقع لإنهاء خيار "حل الدولتين" يعني التحول لخيار الدولة الواحدة، واصفين الأمر بالكارثي نظراً لأن الأغلبية ستكون فيه ديموغرافياً للفلسطينيين في حال كانت ديمقراطية أو دولة "فصل عنصري" لتعاملها مع الفلسطينيين من الدرجة الثانية، محذرين القيادة السياسية من الانتباه للأمر والعمل على "حل الدولتين" كي لا تقع الكارثة.
المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، أكد أن هناك قلق من قبل الخبراء الاستراتيجيين في قيادة الأجهزة الأمنية العسكرية والأكاديمية الإسرائيلية والكثير من العقلاء السياسيين الإسرائيليين من الاستمرار في السياسة الإسرائيلية الحالية التي يقودها نفتالي بينيت، التي تتنكر لخيار "حل الدولتين" وتفرض وقائع على الأرض لتخريب وعرقلة إمكانية الوصول لحل الدولتين، وذلك عبر سياسة توسيع المستوطنات ونشرها بشكل هستيري في القدس والضفة الغربية، بتخطيط مسبق أن لا يكون هناك أي بقعة تستطيع فيها القيادات الفلسطينية أن تقيم عليها دولة، موضحاً إلى أن هؤلاء جميعاً يخشون من أن هذه السياسية الإسرائيلية ستقود لحل "الدولة الواحدة".
وتابع مجلي في حديث لـ "زوايا"، أن "الدولة الواحدة" هي تحطيم للحلم الصهيوني، لافتاً إلى أن الهدف الاستراتيجي الصهيوني هو أن تكون هناك دولة يهودية، اعتقاداً منهم أن دولة واحدة سوف تقضي على الأكثرية اليهودية في فلسطين.
وأكد أنه النخبة الاسرائيلية يؤكدون أنه لا توجد قوى سياسية في "إسرائيل" جدية تؤمن بالمساواة بين اليهود والعرب، وفي هذه الحالة تكون دولة إسرائيل هي دولة أبرتهايد (فصل عنصري) لأنها لن تعطي الفلسطينيين حقهم، وستصبح دولة منبوذة في العالم.
اقرأ أيضاً: هآرتس: بنيت ينقلب على وعد بلفور والحلم الصهيوني
وشدد على أن حل الدولة الواحدة يعرقل ويضرب كل حسابات "إسرائيل" الاستراتيجية، لهذا هم يرون فيه خطراً ويقاومونه بما يستطيعون لكنها مقاومة لم تترجم إلى رد فعل بحيث يتم تقييد الانفلات الاستيطاني والتهويدي في القدس أو الضفة.
في ذات السياق، أكد الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في مقالٍ له نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أنه يجب على العالم الاعتراف بأن نفتالي بنيت يؤسس دولة فصل عنصري، بقضائه على حل الدولتين.
وأشار ليفي إلى توجهات بنيت الصريحة في القضاء على حل الدولتين وتأسيس دولة فصل عنصري، منتقداً دول العالم التي تحتضن بنيت.
ولفت إلى أن رئيس تحرير "هاآرتس"، ألوف بن، حلل أول مائة يوم لرئيس الوزراء نفتالي بنيت في منصبه بمهارة، ووصل إلى نتيجة مفادها أن "بنيت يسير بهدوء وإصرار نحو تكوين دولة واحدة بها ملايين من الرعايا الفلسطينيين".
ولكن الأمر لا يقتصر فقط على دولة واحدة يبنيها بنيت، ولكنه يقيم دولة فصل عنصري.
"الفصل العنصري" سيكون الاسم الأوسط لإسرائيل، وخاصة بعدما أعلن "بنيت" أنه لا يوجد لديه نية في الوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
وقال ليفي:" إن بنيت وضع حداً لمهزلة عملية السلام، والتي لم تكن عملية ولم ترم يوما إلى تحقيق السلام.
وأضاف، أن بنيت إضافة لذلك صرح بأنه لن يقابل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهدفه هو التقرب من الامريكيين والأوروبيين حتى يسمحوا له بالاستمرار في ترسيخ الاحتلال وبناء المزيد من المستوطنات واستكمال عمليات التطهير العرقي.
وأكد أن حل الدولتين لم يكن أي رئيس وزراء إسرائيلي صادقاً بشأنه، وإذا كان من الممكن قول "دولة واحدة" دون إغضاب أحد؟! هذه هي النقطة الهامة التي لاحظها بنيت، فبنيت هو أول من صرح بذلك بدون إغضاب أي شخص.
اقرأ أيضاً: أبعاد قرار الاحتلال اعتبار ست مؤسسات فلسطينية كمنظمات إرهابية
وأشار إلى أن معسكر السلام الإسرائيلي وباقي العالم يحتضنون بنيت، مؤسس نظام الفصل العنصري الذى ينوى قتل الحلم الفلسطيني بهدوء. هذا الحلم كان ميتا بالفعل، ولكن الآن أصبح من المستحيل أن نحلم حتى به.
ونادى ليفي الأوروبيين والعرب والأمريكان، بأن لا يتحمسوا لنظام الفصل العنصري ذلك، وعليهم تصديق بنيت في أقواله بأنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية.
أما الكاتب الإسرائيلي دمتري شومسكي، فقد اعتبر أن خيار الدولة الواحدة هو بمثابة نكبة ثانية.
ويقول شومسكي في مقال له نشرته هآرتس، إن البروفيسور الاسرائيلي يهودا باور يقول :"إن التفسير الفعلي لإقامة دولة ثنائية القومية بين النهر والبحر الآن هو "حرب مع إمكانية كامنة لإبادة الشعوب"، معتبراً أن أقوال باور بشأن إمكانية كامنة للإبادة من كلا الطرفين هو أمر خاطئ، نظراً لأن الحقيقة تقول أن اليهود الإسرائيليون هم الجانب الأقوى حسب كل المعايير الوجودية ذات الصلة بموضوع المواجهة العسكرية، وهم أقوى بما لا يقاس من الفلسطينيين الذي يمثل الجانب الضعيف حسب كل المعايير. ومن هنا فإن "إمكانية كامنة لإبادة شعب" أو للدقة، و"إمكانية كامنة شفافة" تكمن في عملية بلقنة ثنائية القومية في إسرائيل/ فلسطين، تهدد هنا فقط جانبا واحدا، وهو الجانب الفلسطيني.
ويقول الكاتب الإسرائيلي دمتري شومسكي، :"لا شك أن الدولة الواحدة بين النهر والبحر، التي يدعو إليها لسبب معين من يعارضون تقسيم البلاد من اليسار، دولة ثنائية القومية، لن تكون ثنائية القومية بأي شكل من الأشكال. إقامتها، الآن أو في المستقبل المنظور، ستشير بصورة واضحة إلى الانتصار الكاسح لمشروع الاستيطان الكولونيالي في الضفة الغربية، المخلص منذ سنين لفكرة "سيادة الآن"، حتى لو رافق ضم "المناطق" الفلسطينية تجنيس كامل لسكانها في دولة "إسرائيل"، مثلما يقول اتباع فكرة دولة ديمقراطية واحدة في أوساط اليسار وبعض مؤيديها في أوساط اليمين، فإنه في كل الأحوال ستثير عملية الضم السياسية هذه موجة كبيرة من الحماس القومي المتطرف – المسيحاني في أوساط اليمين.
وأكد على أن هذه الفكرة سيكون مصيرها الفشل، لأنه مع الأخذ في الحسبان علاقات القوة القائمة بين اليهود والفلسطينيين فإن نهايتها معروفة مسبقاً، وهي نكبة ثانية.
وتأتي خشية النخبة السياسية والعسكرية الاسرائيلية من اللجوء للدولة الواحدة بدون مساواة بين اليهود والفلسطينيين في ظل تهديد الرئيس الفلسطيني محمود عباس من على منبر الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أن البديل عن حل الدولتين هو العودة لقرار التقسيم عام 1947، أو الدولة الواحدة التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون.