التضخم المستورد وسلوك التضخم

التضخم
التضخم

يعاني الاقتصاد العالمي من ارتفاع معدلات التضخم والتوقع بارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم خلال العام الحالي والقادم، مما تتسارع معه سياسات البنوك المركزية النقدية وسياسات الحكومات المالية لمواجهة التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار.

فالتضخم بات شبحا يخيم على الأسواق العالمية بما فيها أسواق رأس المال مما يستدعي معه بث التطمينات حول ذلك فالتوقعات بالتضخم من أهم محددات التضخم والتي تثير المخاوف في الأسواق حيث بات يوصف بالتضخم الدائم أو الأبدي eternal inflation.

والواقع أن التضخم واقع لا محالة عالميا فهو إن كان يعزى لعوامل من جانب الطلب بسبب انتعاش الأسواق وعودتها مع بدء التعافي من جائحة كورونا إلا أن العديد من الإجراءات النقدية مثل التناقص التدريجي في شراء السندات من قبل الفيدرالي الأمريكي التي قد تدخل قريبا وغيرها من السياسات النقدية للبنوك المركزية لدول العشرين قد تحد من تأثير هذا الدافع.

إن جوانب العرض والتضخم الهيكلي بسبب ارتفاع أسعار النفط وأزمة الطاقة الصينية والإرباك الذي صاحب القطاعات الإنتاجية خلال فترة الجائحة والتي لا زالت متأثرة به وعوامل المناخ هي الأسباب الأهم للتضخم الذي يخشى أن يستمر لدورة اقتصادية أو أكثر أو حتى نهاية 2022 على الأقل.

الدول الصغيرة والحكومة والتضخم

تتمتع الدول الصغيرة والمنفتحة بقوة على الاقتصاد العالمي بسبب حجم تعاملاتها التجارية الكبير نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي وبالأخص الواردات، بحجم كبير نسبيا للحكومة وذلك لان الحكومة تلعب دورا استقراريا Stabilizer Role  لمواجهة الصدمات الخارجي بما فيها التضخم المستورد Imported Inflation والذي تعاني منه الدول الصغيرة بالأساس.

اقرأ أيضاً: المقاومة الشعبية أم المسلحة.. أيهما الأجدى في مجابهة الاحتلال؟

ومن هنا تقوم الحكومة بإجراءات في السياسة المالية وان كانت هامشية لتعديل تلقائي في النظام الضريبي والضرائب المختلفة المفروضة على السلع الأساسية والإستراتيجية، بالإضافة لحماية الفئات الهشة ومراقبة وتنظيم الأسواق بشكل فاعل والعمل على تحسين آليات توزيع الدخل والثروة في المجتمع حتى تواجه الصدمات الخارجية، وذلك حتى لا تسهم الحكومة في تفاقم أزمة التضخم عوضا عن المساهمة في مواجهتها.

ومن المستهجن في فلسطين أن أسعار السلع الأساسية والمتأثرة بالتضخم عالميا قد تغيرت بأسرع أو بما يوازي التغير في أسواق رأس المال عالميا، فالأمر الطبيعي حدوث التوقعات بالتضخم ثم تتغير الأسعار في أسواق رأس المال ثم تأخذ بالانتشار حتى تصل الأسواق المحلية من خلال فترات إبطاء أو تأخير زمني إلا أن سوء تنظيم الأسواق محليا يسمح بعمليات الاستغلال ورفع الأسعار وإرباك الأسواق بشكل أسرع واشد.

ومن هنا يأتي دور الحكومة في رعاية وتنظيم الأسواق وحماية المستهلكين حتى في الأوقات الطبيعية من الاستغلال من حيث جودة وسعر السلعة. كما أن الدور الأهم في هذه الأوقات تخفيف حدة ارتفاع السلع الأساسية من خلال قوائم السلع  A1, A2 and B المنصوص عليها في اتفاق باريس الاقتصادي أو على غرارها بحيث يتوفر للسلطة الفلسطينية استيراد أو السماح باستيراد كميات ملائمة من السلع الأساسية دون أي ارتباط بالنظام الجمركي الإسرائيلي المفروض علينا أحاديا من طرف إسرائيل.

اعلم أن اتفاق باريس بات ناظما لقيطا لعلاقة اقتصادية غير مفهمومة مع إسرائيل إلا أن هذه السياسة ألان واجبة في ظل نسبة الفقر الغير مسبوقة في قطاع غزة والتي تستدعي الانتباه لأحوال الفقراء والتخفيف من حدة ارتفاع السلع الأساسية عبر عزل السياسات الضريبة المعمول بها على هذه السلع وتشديد الرقابة على الأسواق.

أخلاقيات التجار والنقابات وجمود الأسعار

أن سوء الأداء الحكومي في الدول النامية وهشاشة تنظيم الأسواق وانعدام أخلاقيات المهنة والتاجر الشريف ونفوذ النقابات وتداخل شخصياتها مع الشخصيات الحكومية وخلفياتها الحزبية تسمح بالاستغلال المستمر للمستهلك حول كافة أنواع السلع وقطاع غزة مرتعا لذلك نظرا لتعرضه المستمر للصدمات وارتفاع الأسعار المفرط حتى لما يتوفر داخل القطاع حتى بعد انتهاء الإغلاق والصدمة وصعوبة عودة الأسعار لحالها السابق والتواطؤ المستمر حول رفع الأسعار من قبل التجار والمستوردين الكبار ونفوذ النقابات وتأثيرها على الجوانب الحكومية أرهقت المواطن الغزي بشدة من خلال اضطراب الأسعار وارتفاعها وجمودها أي عدم عودتها لسابق عهدها بعد زوال أسباب الارتفاع، وفوق واهم من ذلك كله أخلاقيات التجار التي تبدأ مباراة مستمرة مع المستهلك للاستغلال والتحايل وسوء الصناعة بغرض تعظيم الربح إلا من رحم ربي، وهو ما يستلزم شروطا صارمة في جوانب الترخيص على البلديات والحكومة والغرفة التجارية لصياغة مدونات سلوك مناسبة وتدريب قانوني وشرعي وأصول أخلاقيات المهنة قبل السماح بالتراخيص المختلفة لمجرد الحصول على الرسوم.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo