تقرير المقاومة الشعبية أم المسلحة.. أيهما الأجدى في مجابهة الاحتلال؟

المقاومة الشعبية
المقاومة الشعبية

منذ احتلال فلسطين ونشأة دولة الاحتلال عام 1948 عبر المجازر والانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني، من تشريدٍ وتهجيرٍ وقتلٍ واعتقالاتٍ واعتداءات متواصلة، والشعب الفلسطيني يقاومُ الاحتلالَ بوسائل وأدوات متعددة عبر المقاومة الشعبية أو المسلحة.

وفي هذا التقرير تستضيفُ "زوايا" الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية برام الله "يبوس" سليمان بشارات، والباحث في الشأن العسكري للمقاومة الفلسطينية رامي أبو زبيدة من غزة، للاطلاع على واقع المقاومة بشقيها الشعبية والمسلحة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتستطلع رأيهما حول المقاومة الأجدى في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وكيفية تطوير آليات المقاومة الشاملة.

المقاومة الشعبية والسلمية

من جانبه، قال الباحثُ في مركز الدراسات الاستراتيجية "يبوس" برام الله سليمان بشارات، أن المقاومةَ في الضفة تأتي امتدادًا لنضال الشعب الفلسطيني منذ نشأة الاحتلال الإسرائيلي.

وتتنوع أداوتُ المقاومة في الضفة الغربية بناء على الاحتياجاتِ المتلاحقة، فتارةً تأخذ الطابع السلمي من خلال المسيراتِ والوقفات الاحتجاجية، وتارةً أخرى تأخذ الطابع الشعبي المتمثل في المواجهات على الحواجز، وعمليات إطلاق النار الفردية.

واعتبر الباحثُ "بشارات" عمليات إطلاق النار والعمليات الفردية ضمن إطار "المقاومة الشعبية"، معللًا ذلك بأنها غير منخرطةٍ في حاضنة نضاليةٍ منظمةٍ أو حزبية واضحةٍ، بل تعتمد على الإطار الفردي والذاتي.

اقرأ أيضاً:  المشاريع المصرية.. مرهونة بالمقايضات السياسية لغزة!

 ويُلاحظ أن عمليات المقاومة الشعبية بشقيها "السلمي" و"الشعبي" غير مرتبطة بوقتٍ معين، وتشهدُ انخفاضًا في أوقاتٍ وارتفاعًا في أخرى، وكذلك الحال بالنسبة للمكان، فأماكن تتصاعد فيها المقاومة وأخرى على النقيض تمامًا، "حسب بشارات".

السلطة والمقاومة

وعلى الرغم من وجود السلطة الفلسطينية كنظامٍ يؤيد المقاومة الشعبية، إلا أنه لا يقدم الغطاء الكامل، ويعتمد فقط على مفقوم "المقاومة السلمية" المتمثلة في الحالة الإعلامية أو السياسية والوقفات التي لا تقترب من مناطق الاحتكاك، وهذا ما يجعل المقاومة في الضفة رهينة الأحداث والتطورات، يضيف "بشارات".

المقاومة الأنجع

وعن الحل الأمثل في الوقت الحالي المقاومة المسلحة أم الشعبية في الضفة الغربية، أشار "بشارات" إلى واقع الضفة الغربية من تراجعٍ للوجود التنظيمي نتيجة التفكك وانخراط بعض الفصائل في العمل السياسي، مشيرًا إلى أن الانتفاضة الثانية انتقلت من مرحلة المقاومة الشعبية إلى حالة نضالية منظمةٍ.

وأكد "بشارات" أن الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للاحتلال من حقه اختيار الأدوات المناسبة في أي ظرفٍ مكاني وزماني وغير مشروط، وقد تحتم الظروف السياسية والإقليمية والدولية وقفا مؤقتا للمقاومة المسلحة، والذهاب للمقاومة الشعبية وليست السلمية، لأنها ذات أثر في الوقت الراهن.

وحول رأيه بالمقاومة الشاملة، قال "بشارات" إن مفهوم التحرك الشمولي مرتبط بالتحرك على الأرض أكثر من استخدام الأدوات، لافتًا إلى الهبة الأخيرة عقب الأحداث التي جرت في الشيخ جراح، حيث تحرك الداخل الفلسطيني والقدس والضفة وغزة والشتات، فأصبحت حالةً من الشمولية.

عمل تراكمي

ويعتبر العمل النضالي عملًا تراكميًا لا يحسب بزمانه، وإنما يحسب بالتراكمية والنتائج، ولقد حققت المقاومة الشعبية الكثير من النتائج في مواجهةِ الاحتلالِ وزيادة حالة الوعي الجماهيري، وإيصال القضايا الوطنية للمحفل الدولية، "حسب بشارات".

وبشأن نتائج المقاومة المسلحة، فلقد حققت، وفق "بشارات"، العديد من النتائج ومنها: إظهار الندية للاحتلال في بعض المواقف، وجعل الاحتلال يتراجع بعض الخطوات مثل ما حدث في اقتحام الأقصى مايو الماضي.

طبيعة المحتلِ تحدد أداة المقاومة

وقال الباحث في الشأن العسكري للمقاومة الفلسطينية رامي أبو زبيدة أن طبيعة المحتل والجغرافيا هي التي تحدد للشعوب المضطهدة اختيار الأدوات والوسائل المقاومة لمواجهة الاحتلال.

واستطاعت عدة شعوب من خلال المقاومة المسلحة في فيتنام والجزائر وليبيا إنجاز حريتهم والاستقلال وتقرير مصيرهم، كما أن الاحتلال انسحب من غزة عام 2005 تحت ضربات المقاومة بقذائف الهاون والصواريخ والأنفاق، حسب حديث "أبو زبيدة" لـ "زوايا"

كما استطاعت شعوب أخرى عبر الطرق السلمية والعصيان المدني مثل: جنوب أفريقيا والهند تحقيق حريتها، كما ذكر "أبو زبيدة"، الذي نبه إلى أن المقاومة السلمية في الأمثلة السابقة كانت تُجدي نفعًا، وأن طبيعة الخصم هي من حددت ذلك.

ورأى أن المقاومة الشعبية في قطاع غزة والتي تمثلت في مسيرات العودة في العامين الأخيرين قد حققت بعض مطالب الشعب في القطاع.

مقاومة شاملة

وأيد أن الشعب الفلسطيني بحاجةٍ إلى مقاومةٍ شاملةٍ تضم كافة أنواع المقاومة، من المسلحة إلى العصيان المدني والمقاومة الشعبية والحقوقية، معتبرًا إياها هي المقاومة الأنجع.

ونوه إلى أن المقاومة المسلحة في الضفة تواجه بالبطش والتهديد والملاحقات، فيمكن مواجهة الاحتلال بالمقاومة الشعبية والسلمية، أما الرضوخ التام للاحتلال فسيزيد من عدوانه وبطشه وتمرير مخططاته.

المقاومة المسلحة

ولفت "أبو زبيدة" إلى أن غالبية الشعب الفلسطيني يرى أن المقاومة المسلحة هي التي تجبر الاحتلال على الرضوخ، حسب استطلاع للرأي نفذه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والدراسات المسحية.

وعن اتجاه قطاع غزة للمقاومة الشعبية رغم وجود المقاومة المسلحة في آخر عامين، قال "أبو زبيدة": "إن الاحتلال في السنواتِ الأخيرة تعامل مع غزة كما يتعامل مع الدول من حيث القوة النارية والسيادة المستقلة".

وعطفًا على السؤال السابق، أضاف: "أنّ مسيرات العودة وجّهت الغضب الشعبي وحالة الاحتقان من الداخل إلى الاحتلال من خلال الضغط على الاحتلالِ الإسرائيلي، وإنجاز بعض المطالب من خلال الوسيط القطري".

وبين أن أبرز المصاعب التي تواجه المقاومة الفلسطينية، الوضع الأمني في الضفة والحصار المالي والجغرافي المفروض على قطاع غزة منذ سنواتٍ.

وتحتاجُ الضفة لرؤية وخطة استراتيجية في مواجهة الاحتلالِ، في اتفاق بين "الزبيدة" و"بشارات" على أن مقاومة الضفة تتجه للجهود الفردية سواءً بالعمليات أو المقاومة الشعبية.

ويجمع الباحثان على أن طبيعة الاحتلال الإسرائيلي والأدوات المتاحة حسب الظروف، عوامل تحدد نوع المقاومة التي يلجأ لها الفلسطينيون في أي زمانٍ أو مكانٍ، وسط غيابٍ قيادة فلسطينية تجمع الكل الفلسطيني، وتتخذ قرارًا موحدًا ضد ممارسات الاحتلال المتصاعدة في الأراضي الفلسطينية.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo