تقرير هل جددت أمريكا مطالبتها بتعيين نائب للرئيس عباس؟

محمود عباس
محمود عباس

يبدو أنّ موضوع خلافة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هي الخلفية والدافع في آن، لكل السلوك الداخلي وحتى طريقة التعامل الإسرائيلية والإقليمية والغربية.

فقد أكدت مصادر سياسية متطابقة لموقع "زوايا" أن الولايات المتحدة الأمريكية جددت مطالبتها من رئيس السلطة محمود عباس، بضرورة تعيين نائب له.

وحسب المصادر، فإن الطلب الأمريكي هو قديم جديد، فقد سبق وأن طالبت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، بتحقيق هذا الأمر، لكن رئيس السلطة محمود عباس يرفض هذه المطالب على مدار سنوات؛ لأسباب عديدة.

وتتخوف الولايات المتحدة من فوضى قد تنشب في حال أي غياب مفاجئ لعباس..لذلك، تريد خطوات تسهم في ترتيب المرحلة المقبلة.

أقطاب في "فتح" والسلطة تُعارض

وقال الصحفي المختص بشأن السياسة الأمريكية محمد القاسم، لـ "زوايا" أنه علم أن هناك مطلباً أمريكياً بخصوص نائب الرئيس، لكنه أوضح أنه ليس عباس، وحده، مَن يعارض هذه الخطوة، وإنما من هم حوله وخصوصا تلك القيادات التي لديها طموح سياسي مستقبلي، أو تخشى على مصالحها وتريد الشخص "المناسب" لهم.

وأكد القاسم أنه مطلب قديم جديد، لكن هناك صراع كبير وشرس في أروقة أقطاب السلطة وحركة "فتح" على موضوع خلافة الرئيس.

بدوره، أكد نائب عربي بالكنيست لـ "زوايا"، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن الإدارة الأمريكية تريد تحريك الموضوع ولا يبقى كما هو، مشيراً إلى أن الطلب الأمريكي متعلق بوجود ضغط داخلي حقيقي في الولايات المتحدة، من منطلق أن استمرار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بهذا الشكل من شأنه أن يضر بالمصالح الأمريكية في الدول العربية والشرق الأوسط عموما.

اقرأ أيضاً:  الصحافة الورقية الفلسطينية.. بين تحدّي الإعلام الرقمي واستمراريتها رغم انخفاض المبيعات

لكن إدارة بايدن اقتنعت بالموقف الإسرائيلي القائل إن الحل الجذري للصراع سيقود إلى دولة فلسطينية قد تسيطر عليها حركة "حماس"..فذهبت واشنطن إلى مسار تخفيف الضغط عن الفلسطينيين سواء من ناحية إسرائيل أو السلطة الفلسطينية، وهو ما يتطلب خطوات من السلطة وتل أبيب.

الطلب الأمريكي بحجمه الطبيعي.. لا شرطاً عاجلاً

ولذلك، لجأت الإدارة الأمريكية إلى تقديم طلبات واستحقاقات من محمود عباس تحت عنوان "تصحيح المسار"، عبر تعزيز التعاون والتنسيق الفلسطيني- الإسرائيلي، ومروراً بعدم المساس بالحريات العامة. وزادت حدة المطالبة الأمريكية، في سياق الغضب من خطاب الرئيس عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً. وأوضح العضو العربي السابق بالكنيست أن واشنطن فتحت موضوع تعيين نائب رئيس السلطة مجددا، إضافة إلى تشديد المطالبة بتحسين المناخ الديمقراطي والحريات العامة، ضمن "خطوات مطلوبة من السلطة" قبل تحريك المسار السياسي.

وحسب المصدر فإن أمريكيا تتحدث مع جميع قيادات السلطة المؤثرين حول مرحلة ما بعد عباس، وتسألهم دوماً: "ماذا سيحدث بعدما يذهب أبو مازن؟..وما الضامن لعدم حدوث فوضى في حال شغور منصبه لسبب مفاجئ؟".

لكن المصدر، أفاد أن النقاش الأمريكي مع المسؤولين الفلسطينيين بخصوص نائب الرئيس ومرحلة ما بعد عباس، يتم بحجمه الطبيعي وليس كشرط عاجل على الطاولة.

نقاش تعيين "نائب" مع عباس..ومرحلة ما بعده مع الأمن

وبين المصدر أن موضوع تعيين نائب لرئيس السلطة، يتم الحديث به مباشرة مع محمود عباس، لكن نقاش مرحلة ما بعده والقلق من الفوضى بعد غيابه، يتم مع المستويات الأمنية الفلسطينية وتحديدا رئيس المخابرات العامة ماجد فرج.

وتطرح إدارة بايدن موضوع تعيين نائب لعباس في السلطة لتولي زمام الأمور في حال غيابه المفاجئ لأي سبب كان، في سياق الرد الإسرائيلي أيضاً، الذي يدّعي أن الوضع الفلسطيني الداخلي على برميل بارود بسبب فشل السلطة في تقليل الفجوة مع الشارع، وعدم ترتيب الأمور جيدا لمرحلة خلافة عباس.

مسؤول فلسطيني: لم يُناقَش "نائب الرئيس" بوضوح

من جانبه، قال مسؤول فلسطيني مقرب من عباس لموقع "زوايا" أن المسؤولين الأمريكيين لا يطرحون موضوع خلافته مباشرة مع الرئاسة الفلسطينية؛ لأن الأخيرة لا تسمح بذلك. لكنه، لم ينفِ أن يكون الموضوع على طاولة البحث بين واشنطن ومسؤولين آخرين في السلطة بشكل عام.

موضوعان على طاولة البحث الأمريكية-الفلسطينية..ماهُما؟

وأوضح أن ثمة موضوعين مطروحين رسميا على الطاولة بين السلطة والإدارة الأمريكية، هما: قانون رواتب الاسرى، والمناهج الفلسطينية التي تزعم أنها تتضمن تحريضا على إسرائيل.

وحسب المسؤول، فإن الإدارة الأمريكية ترى أن تحديد راتب الأسير بناء على سنوات اعتقاله هو تحريض على العنف من خلال "مكافأة الذين ينفذون عمليات ضد إسرائيل ويقتلون أكثر"، على تعبيرها.

ويقول المصدر المسؤول أنه لا يوجد مانع أن يتم الدفع لعائلات الشهداء والأسرى ولكن وفق آلية أخرى تحت بند "الحماية الاجتماعية"، وليس وفق قانون يعزز العنف وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل.

الإشكالية قانونية أيضاً

وبشأن الطلب بتعيين نائب لرئيس السلطة، قال المسؤول إن الأمر لا يُحل بتحديد الشخصية التي تشغل هذا الموقع؛ لأنه بالأساس لا توجد وظيفة "نائب رئيس السلطة"، وأن استحداثها يجب أن يمر من بوابة المجلس التشريعي وهو غير موجود. ولذلك، يعتقد أنّ استحداث منصب نائب رئيس للسلطة عبر "قرار بقانون" من الرئيس نفسه من شأنه أن يلقى ارتدادات داخلية لا تُحمد عقباها. ما يعني أن ثمة عقبة قانونية واخرى سياسية لا بد من تذليلهما لحل قضية "نائب الرئيس".

والحال، أنه يوجد نائب لرئيس حركة فتح هو عضو مركزيتها محمود العالول، باعتبار أنها الحزب الحاكم، لكن هذا لا يعني أنه بالضرورة أن يكون الرجل الثاني في السلطة، خاصة في ظل الصراع الخفي بين أقطاب "فتح" على خلافة عباس.

ويعتقد مراقبون أن السلوك العصبي من قبل السلطة الفلسطينية حيال الانتقادات الموجهة لها من الشارع الفلسطيني، وقمع المحتجين أكثر من مرة، مرتبط بطريقة أو بأخرى، بمرحلة خلافة عباس؛ إذ أن التفكير المستمر بهذه المرحلة يجعل القائمين على السلطة لا يسمحون بفقدان السلطة هيبتها؛ لأن هذا يضر بأي جهد لترتيب المرحلة المقبلة.

 

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo