تقرير الصحافة الورقية الفلسطينية.. بين تحدّي الإعلام الرقمي واستمراريتها رغم انخفاض المبيعات

مطالعة صحيفة القدس
مطالعة صحيفة القدس
  • مدير تحرير صحيفة القدس محمد أبو لبدة:

- من المهم الاستمرار طباعة صحيفة القدس ورقيًا في القدس تحديدًا في ظل سعى الاحتلال لتهويد مؤسسات القدس.. فلذلك نحن مستمرون

- مبيعات الصحيفة انخفضت وكذلك الإعلانات وهناك عدد لا بأس به مستمر في قراءة النسخة الورقية، لدينا طاقم ومراسلون قادرون على تعزيز مضمون الصحيفة.

  • مدير صحيفة فلسطين الصادرة من غزة مفيدة أبو شمالة:

- صحيفة "فلسطين" انتهجت نهجًا يجنبها التأثير السلبي التكنولوجي، من خلال الاهتمام بمجال الإخراج الصحفي.. لدينا منصات موزاية للصحيفة الورقية ومستمرون في طباعتها.

- الصحيفة قامت على الصعيد المقابل بفتح قنوات على منصات التواصل الاجتماعي، بحيث تتساوق مع المجال الرقمي، والصحيفة تمضي على نحو متوازٍ بين الصحيفة المطبوعة والإعلام الرقمي.

الباحثة فاطمة الدويك:

يجب على  الصحافة المطبوعة في فلسطين التوجه إلى الرأي والمقال والتحليل والصحافة الاستقصائية وابتكار مضامين جديدة – التحديات حول الصحافة المطبوعة تزداد مع مرور الزمن.

أضحت خلال الفترة الأخيرة الصحف الورقية في موضع تحدٍ حقيقي، فإما أن تلحق بتطورات الاتصالات والإعلام الرقمي حتّى تحافظ على وجودها بين الجمهور الذي أصبح يعيش معظم أوقاته متنقلا بين التطبيقات والمواقع الاجتماعية، وإما تبقى على حالها التقليدي المعروف والحالة العامّة للصحف الفلسطينية لم تكن بعيدة عن مثيلاتها في جميع مناطق العالم، ويزيد عليها حالتها الخاصّة الناشئة بفعل ظروف الاحتلال والانقسام الفلسطيني الداخلي.

والحديث عن الصحف الفلسطينية في المرحلة الحالية يعني أنّنا نتكلم عن ست صحف بشكل أساسي تصدر في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزّة بسياسات تحريرية وأحجام ومضامين متباينة.

وفي هذا التقرير تسلط "زوايا" على نموذجين للصحف الفلسطينية التي تصدر مطبوعة، وهما صحيفتي "القدس" وتصدر في القدس، والأخرى صحيفة "فلسطين" وتصدر من غزة، وما رؤيتهما التحريرية نحو الاستمرار في طباعة الصحيفتين في ظل تحدي الإعلام الرقمي ومنافسته للصحف، ومدى تأثر الصحيفتين بالثورة الرقمية وكيف استطاعتا التخلص من انخفاض انقرائية الصحف في ظل الثورة الرقمية.

صحيفة فلسطين بغزة

وقال مفيد أبو شمالة مدير تحرير صحيفة فلسطين التي تصدر في غزة أنّ صحيفته هي صحيفة الكل الفلسطيني، وشاملة وتصدر عن شركة الوسط للإعلام، وذات صبغة تدعم التوجه المقاوم، والحفاظ على الثوابت الفلسطينية منذ تأسيسها منذ 15 عامًا في الثالث من مايو 2007 في اليوم العالمي لحرية الصحافة.

"صحيفة فلسطين تخصص بشكل يومي موادًا عن القدس واللاجئين والأسرى وتنقل القضايا الفلسطينية لجماهير قرائها بشكلٍ متوازنٍ وموضوعي وتسعى لكسب الرأي العام بجانبها، من خلال انضباطها في السياسة التحريرية الوطنية" يضيف "أبو شمالة" في حديثه لـ "زوايا".

وأضاف أن صحيفته تقدم جرعة من الأخبار العربية والعالمية الاقتصادية والثقافية والتنموية والصحية والتكنلوجيا والقانونية إلى جانبِ جرعاتٍ من القضايا الرياضية وتغطيتها الشاملة للدوري المحلي والبطولات الكبرى مثل الدوري الإسباني والإنجليزي وكأس العالم، وتعد ملحقات للبطولات الكبرى، إضافة لوجود استراحة ترفيهية.

وبين أن الصحيفة تخصصُ جانبًا ملونًا ومصورًا، وتقدم في بعض الأحيانِ تقارير مصورة وتغطياتٍ مثل مخيمات العودة والعدوان على غزة والقدس بشكلٍ مصور، موضحًا أن ما سبق هو جوهر عمل الصحيفة للوصول لأكبر عدد من الجمهور.

الصحيفة واكبت الثورة الرقمية

وعن الثورة الرقمية والإعلام الجديد.. قال "أبو شمالة" " الصحيفة واكبت هذا التغير بحيث اعتمدت سياسة معينة في النسخة الورقية، بتصغيرها حجم المواد وتقليل عدد الكلمات وزيادة عدد الصور وإبراز فقرات مهمة في التقارير بشكل واضحٍ وإخراجها على شكل عناوين.. "

وواصل "ومنح التقرير الطويل عناوين فقرات أكثر لجذب الانتباه للجزء الذي يهم القارئ، وزيادة مساحات الصور وتكبير العناوين" لافتًا إلى أن الصحفية تقدم جوهر الموضوع على شكل وجبات سريعة وأصبحت أكثر ميلًا للمواضيع الصغيرة ، بدلًا من تقليل التقارير وزيادة عدد الكلمات"

فلسفة الإخراج الصحفي

وأوضح مدير التحرير في صحيفة فلسطين، أن صحيفته انتهجت نهجًا يجنبها التأثير السلبي التكنولوجي، من خلال الاهتمام بمجال الإخراج الصحفي وتجميل الصفحات أكثر، الذي يجعلها تحافظ على نسختها الورقية المطلوبة لدى الجمهور، ولا سيما الجمهور النخبوي الذي يحرص على شرائها مثل الأكاديميين والساسة والمحامين والمهندسين.. وليس جمهور الشباب الذي يتجه للإعلام الرقمي.

اقرأ أيضاً:  القيادي في حركة حماس د. يحيى موسى: ليس هناك جرأة لإجراء تعديلات جوهرية في انتخابات حماس الداخلية

ولفت "أبو شمالة" إلى أن الصحيفة قامت على الصعيد المقابل بفتح قنوات على منصات التواصل الاجتماعي، بحيث تتساوق مع المجال الرقمي، وقد أنشأت صفحة عبر فيس بوك وصلت لـ 2.5 مليون متابع، مبينًا أن النشطاء وحدهم لا يستطيعون الوصول لهذا الرقم بجهد فردي.

ونبّه أن الصحيفة قادرة على تمويل منشوراتها عبر منصات التواصل من خلال عوائد الإعلانات لتصل لجماهير أكبر، وأن مقدراتها المالية والمادية تتفوق على قدرة النشطاء في مجال الإعلام الرقمي.

النسخة الورقة مستمرة

وأشار أن الصحيفة تمضي على نحو متوازٍ بين الصحيفة المطبوعة والإعلام الرقمي، منوهًا إلى أنه بدون الصحيفة الورقية تعجز الصحيفة على المضي في طريق الإعلام الرقمي ولا أن تنافس وأن الصحيفة المطبوعة تساند الصحافة الرقمية.

واعتبر أن معضلة انقرائية الصحف ليست معضلة بالنسبة لصحيفة فلسطين، مشيرًا إلى أن النسخة المطبوعة إلكترونيا "pdf" تصل لجمهور واسع ويقرأها الجمهور على شكل جرعة واحدة من الصفحة الأولى للأخيرة، وأن كادرًا متنوعًا وذا كفاءة يعمل على إنتاجها بهذا الشكل.

وأكد على استمرارية النسخة المطبوعة ورقيًا منبهًا إلى أن أكثر من 23 تقريري يومي ما بين خبري وتحليلي ينشر عبر الصحفية، وأن هذا الجهد لا يمكن رؤيته عبر المنصات، التي تهتم بشكل أساسي بالمضمون الخبري العاجل.

صحيفة القدس الفلسطينية

وقال مدير صحيفة القدس الصادرة في مدينة القدس محمد أبو لبدة، أن صحيفته تعنى بنشر الحقائق والأحداث بشكل عام بطريقةٍ مهنيةٍ، مبينًا أنها صحيفة وطنية تصدر بسياسةٍ تحريريةٍ تقوم على مسافةٍ متساويةٍ من جميع الفصائل الوطنية والإسلامية.

"نتمسك بالثوابت الوطنية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ونتهتم بالمواضع والتقارير السياسية والثقافية والأدبية والموضوعات التي تعنى بشؤون المرأة ولدينا صفحات متعددة الهدف منها وضع القارئ في صورة ما يجري من أحداثٍ بشتى أنواعها" يضيف "أبو لبدة" في حديثه لـ "زوايا".

الإلكتروني يعزز الورقي

ولفت إلى أن الموقع الإلكتروني يساعد ويعزز من بقاء الجريدة المطبوعة ورقيًا، مشيرًا إلى أن صحيفته عائلية ولا تتبع لأحد، وينشر فيها صحفيون مهنيون.

ونوّه إلى أن من المهم جدًا استمرار طباعة الصحيفة الورقية في مدينة القدس تحديدًا، ولا سيما في ظل تغول الاحتلال التي يريد تهويد المدينة بالكامل، وإنهاء مؤسسات القدس، فمن الجيد استمرارها حسب رأيه.

ولم يخفِ "أبو لبدة" في حديثه لـ "زوايا" أن مبيعات الصحيفة المطبوعة ونشر الإعلانات في الجريدة المطبوعة انخفضت في ظل الثورة الرقمية والإعلام الجديد، لافتًا إلى استمرارية الإعلانات المتعلقة بالبنوك والعطاءات والمؤسسات والتهاني والوفيات، مشيرًا إلى أن الجيل "القديم" مستمر في قراءته للجريدة المطبوعة بشكلٍ أساسيٍ.

استمرارية رغم انخفاض المبيعات

وأكد على استمرارية طباعة الجريدة الورقية رغم انخفاض المبيعات والإعلانات بسبب الثورة الرقمية، موضحًا أن الصحيفة واكبت التطور فيما يتعلق بالإمكانيات مثل تجديد الأجهزة والاشتراك في وكالات أنباء عالمية "الفرنسية والألمانية والصينية ووكالة وفا".

وبين أن لدى جريدة القدس المطبوعة مراسلين صحفيين في كل مدن الضفة القطاع وبعض الخارج مثل واشنطن، وكان من ذي قبل في موسكو وعمان، مبينًا أن ذلك يعزز مضمون الصحيفة المطبوعة مما يضفي عليها العمق في التقارير والمواد الصحفية.

تقارير معمقة للمواكبة

وأوضح أن صحيفته تواكب التطور والثورة الرقمية وتعزز البقاء والاستمرارية من خلال تقارير معمقة تهتم وتعالج مشاكل الناس في شتى بقاع الوطن، مبينَا أن أدوات إنتاج الصحيفة الورقية تطورت معداتها لمعدل يضمن بقاءها واستمرارها.

ونوّه أن الجريدة المطبوعة لا تركز على حجم المبيعات بل على الإعلانات، مبينًا أن حجم المبيعات انخفض عن السابق، بعدما كانت تصل الجريدة المطبوعة لأنحاء الوطن والأردن ومصر ولندن، لافتًا أن الأزمات الاقتصادية جعلت الصحيفة تستغني عن الأسواق الخارجية ذات التكلفة العالية.

علاقة تكاملية وتنافسية

وتوصلت الباحثة " فاطمة الديوك" في بحث منشور عام 2019، والتي بعنوان "واقع الصحافة المطبوعة في فلسطين في ظل تطور تكنولوجيا الاتصال من وجهة نظر القائمين بالاتصال في الصحف والمجلات الفلسطينية" إلى أن 77.4% من الصحفيين يعتقدون أن الثورة الرقمية ستجعل العلاقة بين الصحافة المطبوعة والرقيمة علاقة تنافس، وعلاقة تكامل بنسبة 73.4%.

وأوصت الباحثة في حديثها لـ "زوايا" فاطمة البيوك بضرورة توجه الصحافة المطبوعة في فلسطين إلى الرأي والمقال والتحليل والصحافة الاستقصائية وابتكار مضامين جديدة تكون بمثابة مواد تفاعلية وتشاركية للأجيال الناشئة وأن تقدم محتوى جديدًا يختلف عما ينشر في النسخة الإلكترونية.

كما توصلت الدراسة إلى أن 82.4% من الصحفيين يرون أن تكنلوجيا الاتصال والمعلومات قد أثرت بصورة كبيرة على الصحف المطبوعة في فلسطين في المفهوم والأداء والتطور، مشيرة إلى انتهاء صحيفة الرسالة إحدى صحف قطاع غزة المطبوعة.

ونبهت "الديوك" إلى أن الصحف الورقية المطبوعة في خطر، وتزداد التحديات حولها يومًا بعد يومٍ، لافتةً إلى أن الأجيال الحالية بشكل عامٍ تتجه للإعلام الرقمي، وأن "الجيل القديم" حسب وصفها ما زال شغف بالورق.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo