حوار القيادي في حركة حماس د. يحيى موسى: ليس هناك جرأة لإجراء تعديلات جوهرية في انتخابات حماس الداخلية

القيادي في حركة حماس د. يحيى موسى
القيادي في حركة حماس د. يحيى موسى
  • الانتخابات المحلية محاولة مكشوفة لتلميع وجه السلطة وذر للرماد في العيون.
  •  عباس خرق السفينة بمفرده وألغى الانتخابات والآن يريدها جزئية بدون توافق.
  • الانقسام فُرض علينا من عباس.
  • الانقسام صناعة سلطوية واحتلالية ومن ضغوطات الإقليم.
  • حماس أجبرت الاحتلال بالتراجع عن ربط الاعمار بالتهدئة وصفقة التبادل.
  • ملف حقوق الإنسان في قطاع غزة طرأ عليه تحسن كبير.
  •  خسارة الأحزاب الاسلامية أمراً طبيعياً في العملية الديمقراطية.

اعتبر رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي والقيادي في حركة حماس يحيى موسى، قرار إجراء الانتخابات المحلية "محاولة مكشوفة لتلميع وجه السلطة الفلسطينية وذر للرماد في العيون"، عاداً أن الهدف منها هو إعطاء رسالة للخارج الذي ينتظر من السلطة سلوكاً ديمقراطياً بعدما ظهر "الوجه البشع" لها في الديكتاتوريات والاستحواذ على كل السلطات.

ويرى موسى في حوار خاص لـ"زوايا" بأن "رئيس السلطة محمود عباس" يحاول أن يُحسن من هذه الصورة من خلال عملية جزئية مخادعة ولحرف الأنظار عن القضية الحقيقية إلى قضايا فرعية، مؤكداً أن اجتزاء الانتخابات بهذا الشكل وتقزيمها وشرذمتها "أمر غير مقبول بالمطلق ومرفوض من الكل الفلسطيني".

وقال موسى "من حيث المبدأ نحن مع انتخابات عامة، أن تكون للتشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، أما إذا أراد عباس أن يذهب إلى الانتخابات المحلية فليذهب إلى الانتخابات في كل الوطن بمعنى في البلديات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، بحيث تجري الانتخابات لمرة واحدة في كل هذه البلديات".

واشترط موسى أن تُوضع الضمانات اللازمة والمرتبطة بالإجراءات القانونية والقضائية والسياسية بما يحفظ الحريات العامة ووقف الاعتقالات السياسية وأن تُعطى لجان الانتخابات حريتها واستقلاليتها وأن لا تكون مستلبة من قبل الرئاسة ومجلس الوزراء، عاداً أن تلك شروط أساسية لنجاح أي انتخابات.

كما شدد على أن أي انتخابات لا بد أن تكون بالتوافق الوطني، منوهاً إلى أن عباس لم يلتزم بالتوافق الفلسطيني الأخير لإجراء الانتخابات العامة، وقام بخرق السفينة بمفرده وألغى الانتخابات، وها هو الآن يريد انتخابات جزئية بدون هذا التوافق.

ويرى موسى بأن لجنة الانتخابات المركزية الحالية ليست الجهة المنوط بها التواصل مع الفصائل بشأن الموافقة على إجراء الانتخابات، لافتاً إلى أن الجهة التي يجب أن تتواصل مع حركة حماس والفصائل بالخصوص هي رئاسة السلطة في المقام الأول ومنظمة التحرير وليس لجنة الانتخابات. 

إليكم نص الحوار كاملاً:

- نبدأ من حيث تسلُم لجنة الانتخابات المركزية قراراً رسمياً بعقد الانتخابات المحلية "البلدية" وتصريح رئيسها حنا ناصر "بأن إجراءها يحتاج إلى موافقة الإعلان الأخير للجنة الانتخابات سياسية من حماس".. ما هو موقفكم الرسمي؟ وماهي السيناريوهات المحتملة بالنسبة لكم؟

موقفنا كان دائماً وابداً مع تفعيل حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقوقه السياسية وعلى رأسها حقه في ممارسة الخيار الديمقراطي، حيث قدمت حركة حماس تنازلات مستمرة في هذا المضمار وعملت على تذليل كل العقبات أمام عقد الانتخابات العامة وأن يمارس الشعب الفلسطيني حقه في اختيار ممثليه.

ولكن في كل مرة، كنا نصطدم بإرادة السلطة ممثلة برئيسها محمود عباس وحكوماته المتوالية، حيث لم تكن الإرادة لديهم صادقة في إجراء الانتخابات، وإنما كانت تتبنى دائماً مثل هذه الخيارات كمناورات سياسية وفي محاولة لإحراج حركة حماس أو استخدام هذه الورقة بغرض عزل حماس من خلال الإقليم أو المنظمات الدولية.

وعملياً لم تكن السلطة مستعدة للانتخابات، وفي كل مرة سرنا في هذه الانتخابات حتى قاربت على بدايتها، كانت تُفشلها السلطة بقرارات عدة، إما بقرار قضائي أو بقرار فردي من رئيس السلطة كما حصل مؤخراً.

كما أن الانتخابات العامة هي هدف وغاية لنا ونحن مع إجراءها، فإنه لا يصح أن تُستخدم هذه الانتخابات بشكل جزئي ومفصول عن سياقات الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، ومن غير المعقول أن تجري الانتخابات فقط في البلديات التي لا يتعدى سكانها الآلاف وبعضها تحكمها عائلات محددة.

ونعتبر أن إجراء الانتخابات المحلية فقط، هي محاولة مكشوفة لتلميع وجه السلطة وذر للرماد في العيون وإعطاء رسالة للخارج الذي ينتظر سلوك ديمقراطي للسلطة بعدما ظهر "الوجه البشع" لها في الديكتاتوريات والاستحواذ على كل السلطات من قبل عباس، ولذلك هو يحاول أن يُحسن من هذه الصورة من خلال عملية جزئية مخادعة ولحرف الأنظار عن القضية الحقيقية إلى قضايا فرعية .

من حيث المبدأ نحن مع انتخابات عامة للتشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، أما إذا أراد عباس أن يذهب إلى الانتخابات المحلية فليذهب إلى الانتخابات في كل الوطن بمعنى في البلديات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، بحيث تجري الانتخابات لمرة واحدة في كل هذه البلديات وأن تُوضع الإجراءات اللازمة والمرتبطة بالضمانات القانونية والقضائية والسياسية بما يحفظ الحريات العامة ووقف الاعتقالات السياسية وأن تُعطى لجان الانتخابات حريتها واستقلاليتها وأن لا تكون مستلبة من قبل الرئاسة ومجلس الوزراء، فهذه شروط أساسية لنجاح أي انتخابات عامة، ولذلك فإن اجتزاء الانتخابات بهذا الشكل وتقزيمها وشرذمتها " أمر غير مقبول بالمطلق واعتقد أنه مرفوض من الكل الفلسطيني".

كما أن أي انتخابات لا بد أن تكون بالتوافق، فعندما توافقنا على انتخابات، جاء عباس وخرق هذه السفينة بمفرده وألغى الانتخابات، وها هو الآن يريد انتخابات جزئية بدون توافق وطني، علماً أن لجنة الانتخابات المركزية الحالية ليست الجهة المنوط بها التواصل مع الأطراف المستهدفة من الانتخابات، حيث أن المكلف بذلك هو الاجماع السياسي والفلسطيني الذي تتفق عليه الأطراف المعنية، ولذلك فإن الجهة التي يجب أن تتواصل مع حركة حماس والفصائل الأخرى هي رئاسة السلطة في المقام الأول ومنظمة التحرير وليس لجنة الانتخابات بهذا الشأن.

وهنا أتساءل "هل المعضلة التي توقفت على أساسها الانتخابات المعلنة سابقاً انتهت؟" حيث يتضح أنه عندما ذهبت السلطة إلى إلغاء الانتخابات الأخيرة بحجة عدم موافقة الاحتلال على إجراءها في القدس " كان الغرض استعمالي ليس له أصل، وإنما كان قناة للهروب من الاستحقاق الانتخابي والخوف من السقوط المدوي لتمثيلها الزائف".

- صوت المصالحة تراجع والشارع يشعر بإحباط .. ما الشروط التي يمكن تضمن نجاح المصالحة .. وهل تنتظرون غياب الرئيس أبو مازن؟

الانقسام فُرض علينا من عباس كتعبير لانفراطه من التوافق والالتزام الوطني وذهابه منفرداً إلى مشروع التفاوض والتنسيق الأمني وطريقه الفاشل، وأصبحت السلطة الآن خالية الوفاض من حيث المشروعية الوطنية ومن حيث قدرتها على إنجاز أي مصالحة وانفض العالم عن الضغط بما يتعلق بالتفاوض، كما أن الكيان الصهيوني انقلب على كل شروط التفاوض وأصبحت القضية الأساسية لدى المشروع الصهيوني هي تهويد ما تبقى من الضفة الغربية والاستحواذ على كل الوطن.

أمام هذا الواقع كان "الانقسام الحاصل صناعة سلطوية عباسية وصناعة احتلالية وصناعة من خلال ضغوطات الإقليم"، ولذلك كلما كانت الفرصة سانحة لفرصة المصالحة، كانت تُسارع حكومات الاحتلال لتخيير عباس بين المصالحة والاستمرار في العلاقة مع الاحتلال والتنسيق الأمني واستلام المقاصة وغيرها من الإغراءات البالية.

أرى أن هناك نوع من تسويق الوهم، بأننا نعيش حالة الانقسام بفعل فريقين في الساحة الفلسطينية، لكن هذا التوصيف ليس صحيحاً لأن هناك فريق مارق لا يقبل الوحدة والشراكة الوطنية، في حين أنه يستحوذ على المال والشرعية السياسية والدعم من الاقليم والتأييد الدولي، ولذلك يعتبر نفسه ليس بحاجة لهذه المصالحة "والواقع أنه في كل مرة كانت حماس تتقدم نحو المصالحة، كانت السلطة تبعد خطوات كثيرة عنها وتُحبط شعبنا ".

ولعله بعد إلغاء عباس للانتخابات الأخيرة، التي تعد مدخلاً لإنهاء كل هذا الواقع، أصبح واضحاً للقاصي والداني ولكل أبناء الشعب الفلسطيني "أن عباس هو المسؤول الأول والأخير عن كل حالة التشرذم والانقسام والتسبب في الإقصاء والعقوبات والحصار الذي يُمارس على شعبنا (..) المصالحة الحقيقية أن يُقر عباس وفريقه بكل وضوح قبوله للشراكة الوطنية وفتح منظمة التحرير لتكون عنوان لهذه الشراكة ومنها يتم الانطلاق إلى باقي الملفات الأخرى".

- لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية بحق القدس بعد الحرب الأخيرة .. فضلاً عن الاعتداءات على الأسرى .. كيف يمكن مواجهة ذلك؟

"قضيتا القدس والأسرى من القضايا الوطنية الجمعية في المقاوم الأول وليست قضايا فصائلية وهي محل إجماع للكل الوطني الفلسطيني بكل شرائحه"، بعكس الواقع الحالي الذي تذهب فيه السلطة برام الله إلى مشاريع مع الاحتلال والتنسيق الأمني والقبول بأن يكون سقف التفاوض مع الاحتلال هو تحسين الحياة المعيشية بعيداً عن الحقوق الوطنية.

أتوقع أن الاعتداءات الصهيونية ستزيد على القدس والأسرى، ولكن الوصول إلى دفع هذا الاحتلال ووقفه عند حده "يحتاج من حيث المبدأ إلى رؤية جمعية وحشد كافة الطاقات وأن يصبح الشعب الفلسطيني كله في حالة اشتباك دائم مع هذا المحتل، وهذا لا يمنع أن كل فصيل يدفع بكل مقدراته خلف قضية القدس والأسرى باعتبارها عناوين الكرامة والحقوق الوطنية الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: حكومة بينيت: تعامل "مختلف" مع السلطة..والسياسة ذاتها مع حماس ؟

- أربعة حروب خاضتها حماس وسنوات ثقال من العدوان والحصار أنهكت ما تسمى "الحاضنة الشعبية" على كافة الصعد، أليس الأجدى بالحركة مراجعة كل ما سبق؟ أوليس مواصلة المراكمة على ما سبق قد يؤدي إلى نتائج عكسية؟

نحن لسنا عشاق للحروب ولم نخض المعارك مع الاحتلال إلا دفاعاً عن شعبنا، فالاحتلال هو من مارس علينا أكثر من عدوان وعمليات عسكرية كبيرة أدت إلى مزيد من الدماء والجراحات والهدم للمنازل والتدمير في البنية التحتية.

أما محاولة الربط دائماً بين مقاومة الاحتلال وبين عدم قدرة الحاضنة الشعبية على الصمود "حديث لا ينبغي أن يقال في الحالة الوطنية الفلسطينية وفي إطار حركات التحرر" فهناك نماذج في كل دول العالم كفيتنام وغيرها من الشعوب لم تتحرر بالنظرة سالفة الذكر، فشعبنا أقوى بكثير من فصائله وروحه المعنوية وجلده على الكفاح واستمرارية نضاله لا محدودة ما دام هذا الاحتلال جاثماً على أرضه.

والعامل الموضوعي هو وجود المحتل الذي يستفز كل الطاقات الإيجابية عند شعبنا لمقاومته، وهذا لا يمنع أن لا تُراجع حركة حماس نفسها، ولكن ليس المراجعة بمعنى أن الطريق الذي تخوضه خاطئ، بل على العكس تماماً هذا هو الطريق الصحيح وطريق كل الشعوب للحرية والاستقلال ولا يمكن نيل ما سبق بأي وسائل أخرى تم تجربتها وأثبتت فشها من تفاوض وتساوق مع شرعيات دولية "حيث لم يبقى هناك حالة إجماع إلا على المقاومة بأنها الطريق الوحيد لرفع كلفة الاحتلال والضغط عليه لكي يتخلى عن عربدته على شعبنا والتعدي على ثوابته". 

"نعم نحن حاجة إلى المراجعة، لكن هذه المراجعة تتركز على كيف نجعل هذه المقاومة وطنية وشاملة وكيفية تصعيدها في إطار أن تُشكل كل الجغرافيا والشعب الفلسطيني وأن يكون لها استراتيجيات واضحة تناسب كل تجمع من تجمعات الفلسطينيين سواء في أراضي 48 والضفة والقدس وغزة والشتات، بحيث يكون لكل ساحة أدوار محددة وتتكامل من أجل تحقيق الهدف وهو التخلص من الاحتلال".

من ناحية أخرى، لا يجوز في أي حال من الأحوال تقزيم المقاومة في اتجاه المحافظة على الأمر الواقع وتثبيت التهدئة لمجرد الحصول على مكاسب اقتصادية أو تحسين الحياة المعيشية، فالمقاومة لها هدف واضح هو تحرير الأرض وتقرير المصير.

المعادلة التي يجب أن نعمل عليها ونحافظ عليها "لا بد من المحافظة على ديمومة المقاومة والبقاء في حالة الاشتباك مع المحتل، أما أدوات الاشتباك فيمكن تحديدها والاتفاق عليها بعناية، حيث أن هذا الاشتباك لا يتوقف تحت عناوين تهدئة وغيرها ولا يتوقف عند اجراءات احتلالية هنا أو هناك، ولكن يجب أن يكون اشتباكاً دائماً مستمراً وأن يأخذ صوراً وأساليباً وفق ما نستطيع تحمله ويكون أكثر إيلاماً للمحتل".

-  ملف الإعمار مرتبط بالتهدئة وصفقة تبادل الأسرى، كيف تقيمون دور الوسطاء في ظل الشروط الإسرائيلية؟  ألا تخشون من خيار المرواحة والوعود من الوسطاء؟

أرى أن الشروط التي كان يضعها الاحتلال أمام إعادة الإعمار إلى حد كبير تم التخلي عنها ولم تعد قائمة بهذا المعنى، حيث أثبت شعبنا ومقاومته أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بأن يرتبط ملف الإعمار بحالة الاستكانة للاحتلال والخنوع لشروطه، سواء ما يتعلق باتفاق التهدئة أو تبادل الأسرى، وتجربتنا الأخيرة أثبتت أن ديمومة الاشتباك مع المحتل جعلته يتراجع في مثل هذه الحالة، وذلك بدليل ما نشهده على أرض الواقع -حتى الآن-من السماح بإدخال مواد الإعمار والبناء وغيرها، فإنه يأتي في هذا الاتجاه.

وتبقى الخشية من تراجع الاحتلال عن كل ذلك رغم كل الوساطات الحاصلة، ولكن نتمنى أن تعي كل الاطراف وخاصة الطرف المصري أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينعم الاحتلال بالهدوء ما دام يواصل ارهابه وحصاره وجرائمه بحق شعبنا وأرضه ومقدساته".

- البعض يرى أن الفرصة مناسبة لفتح مفاوضات مباشرة بين حماس والاحتلال في ظل تصريحات سابقة للسيدان موسى أبو مرزوق وحسن يوسف مفادها أن المفاوضات ليست محرمة؟

" التفاوض مع الاحتلال يعتبر في ظني خطيئة وليس خطأ"، فهذا الاحتلال عندما يحاول جرنا أو سحبنا إلى موقع التفاوض فهو يريد أن يُشعرنا بحالة الإنهاك والخوض في التفاصيل والتشويه أمام شعبنا(..) أعتقد أن هذا التفاوض بمثابة انحراف للبوصلة، وتصوير وكأن الصراع لم يعد صراعاً وجودياً إنما أصبح صراعاً مطلبياً".

وأقول بشكل واضح تماماً "أنني ضد أي مفاوضات مباشرة بين حماس والاحتلال، لأن المستفيد الوحيد من ذلك هو المحتل وليس حركة حماس وشعبنا الفلسطيني"، فلقد جربنا كل هذه الأنواع من المباحثات المباشرة بين الاحتلال والسلطة "فماذا جنت على أمتنا من كامب ديفيد إلى الآن؟  جميعها جرتنا إلى الويلات والنكبات وصعود الكيان الصهيوني".

" المفاوضات مع الاحتلال يجب أن تكون تحت النار وليس على طاولة المفاوضات" فالاحتلال لم يسلب الوطن الفلسطيني بالتفاوض والسياسة، وإنما أخذه بالقوة والجرائم المتوالية، ولذلك لا بد من استرداد الحقوق الفلسطينية بالمقاومة، وأي لقاء مع الاحتلال في هذه المراحل يعطي شكل من أشكال الشرعنة على الأرض الفلسطينية ويعطي شرائع لكل الوقائع التي فرضها الاحتلال، وهذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً.

- على صعيد الحريات وحقوق الإنسان بحكم موقعكم في التشريعي، يرى المراقبون أن حركة حماس متهمة بانتهاكات كثيرة في هذا الملف في قطاع غزة، في حين تستهجنونه على خصوكم في الضفة، بماذا ترد بكل صراحة؟

المواطن الفلسطيني الذي نُعول عليه في التحرير "هذا المواطن الذي يمتلئ بالعزة والأنفة والكرامة والشجاعة والتضحية، ولذلك هذه الأمور لا تستقيم مع انتهاكات حقوق الإنسان ومنع الحريات العامة".

ونحن نقول بشكل واضح، لابد من توظيف كل مقدراتنا في اتجاه أن نحمي الحقوق والحريات العامة وأن يكون المواطن شريك في هذا الوطن من موقع الشراكة الكاملة والسيادة وليس من موقع الاستعمال والضعف، ولذلك الحريات العامة وحقوق الإنسان هي طريقنا للحرية لتحرير فلسطين.

فمن الظلم الحديث بشكل عام أن حماس متهمة بانتهاك حقوق الإنسان، كما يحاول خصومنا إلصاق هذه التهمة بالحركة، ولكن معظم تقارير منظمات حقوق الإنسان تدلل بشكل واضح أن هناك تحسن كبير في ملف حقوق الإنسان في قطاع غزة، وذلك محل اهتمام كبير للمجلس التشريعي والمؤسسات المختلفة في هذا الاتجاه، علماً أن قطاع غزة مفتوح أمام الجميع للمعاينة والتأكد من ذلك.

ولذلك لا يمكن الحديث في هذا الموضوع بالمنطق العام، ولكن لأن هناك نوع من الانقسام السياسي، يتم فبركة الكثير من الأخبار وبث الشائعات وتوظيف الدعاية المضادة ضد حركة حماس بالتحديد.

-على الصعيد الداخلي لحركة حماس، سبق وأن انتقدت الطريقة التي تُجري بها الحركة انتخاباتها الداخلية، هل من جهود وتحرك فعلي لتعديل المسار الديمقراطي داخل الحركة وما أبرز التحفظات؟

ما زلت أنتقد الطريقة التي تجري بها الانتخابات الداخلية لحركتنا، وذلك من أجل التصحيح والتطوير، حيث أنه في كل مرة تحاول الحركة أن تُجري تغييرات على لوائحها ونظامها الداخلي، لكن دائماً ليس هناك جرأة لإجراء هذه التعديلات بحيث تمس جوهر هذه العملية.

ولذلك أنا أنادي بشكل واضح تماماً أنه ليس هناك أرباع وأسداس وأثمان ديمقراطية، فلا بد من الأخذ بشكل كامل بعملية "الدمقرطة" في حماس، حيث لم تعد الأخيرة صغيرة وإنما حركة كبيرة ملء سمع العالم وهي محط آمال الشعب الفلسطيني وتطلعاته، ومن حقه أن يكون مطمئناً إلى العملية الديمقراطية داخل الحركة. كما أنادي بأن يتم بسط الحريات العامة داخل حركة حماس وأن يكون هناك آليات ديمقراطية في قضايا التنصيب والوصول إلى تولي المواقع التنظيمية المختلفة.

لم تعد طريقة الانتخابات التي تجري داخل الحركة ملائمة بعد أن ظهر للكثير داخل أطر الحركة أن هناك عوار داخل هذه الانتخابات، ولذلك أميل إلى منطق المؤتمرات العامة بحيث يتم تصعيد القيادة من خلال "مؤتمر عام" يمثل كل ساحة من هذه الساحات وفق الظروف الميدانية والأمنية لكل مكان.

ولا يمنع أن يكون لقطاع غزة لوائح وأنظمة تحكمه في تصعيد قيادته وتختلف عما تحكم به الضفة الغربية أو الخارج، وهذا لا يشوب العملية بأي عيوب، ولكن هذا يحتاج إلى إحداث تغييرات جذرية في النظام الأساسي للحركة، بحيث تضمن هذه الأنظمة واللوائح المساواة بين الجميع والوصول إلى المعلومة وتكافؤ الفرص بين جميع المترشحين وتضمن أن لا يتم اختطاف العملية الانتخابية من خلال تحشدات أو مراكز قوى أو فئويات أو مصالح، وكل هذا لابد من معالجته بشكل أو بآخر.

لعل التطور في النظام داخل حركة حماس موجود، ولكن بحاجة إلى أن تُعطى مسالة تطوير الأنظمة واللوائح أهمية كبيرة وأن يتم إشراك أكبر كم من أبناء الحركة ونخبها في هذا التطور، بحيث تكون الأنظمة القادمة محل توافق وتراضِ من جميع أبناء الحركة.

- سقوط للحركة الاسلامية في المغرب وصعود لطالبان .. كيف تراقبون التجربة وما العبر من ذلك؟

أقول بشكل واضح بـأن الذي يقبل اللعبة الديمقراطية لابد أن يقبل بالرسوب فيها وأن يقبل تقدم هذا الحزب أو تراجعه، وكل ذلك له أسبابه الموضوعية المرتبطة بمستوى الإنجاز والوفاء بالوعود التي يجب أن تُقدم من قبل هذه الحركات والأحزاب ومدى اقناع الشعوب والجماهير بمصداقيتها وسلوكها العام.

ولذلك فإن ممارسة الديمقراطية ظاهرة صحية في تبادل السلطة، والأهم في ذلك الحفاظ على العملية الانتخابية وشروطها الموضوعية من النزاهة والشفافية والرقابة وغيرها من الضمانات.

أما ما يتعلق بالحركات الإسلامية فهي حركات مدنية يصيبها كل ما يصيب الحركات والأحزاب المدنية الأخرى، فإن أحسنت فسيختارها الناس وإن أساءت فسيعاقبونها، وإذا عوقبت عليها أن تقوم بعملية المراجعة.

ولذلك لا أرى أي إشكال في أن تخسر الحركة الإسلامية في أي مكان من أماكن العالم مادامت هذه الخسارة ليست نتيجة للتزييف والقمع الأمني أو ما شابه ذلك، أما إذا كانت الأمور في إطار عملية انتخابية نزيهة فمن الطبيعي أن يفوز حزب العمال ثم غداً يفوز حزب المحافظين ثم يعود بعد ذلك حزب العمال وهكذا دواليك.

لماذا لا نتعامل مع هذه الأمور بطبيعتها؟ فليس معنى السقوط للحركة الإسلامية هو سقوط للفكرة، فكل الأحزاب في النهاية هي أحزاب في إطار الرؤية الثقافية الإسلامية في مجتمعاتنا، ولذلك لا ننظر بعكس هذا الشكل، فالأحزاب والحركات تقدم برامج ولو نجح هذا البرنامج أو لم ينجح، فعلينا أن نتعامل مع هذا السلوك ضمن هذه المحددات ولا نتعامل باعتبار كأنه سقوط للحركة الإسلامية وأنه يمثل طامة كبرى.

لا بد أن نتعود بأن نكون لحظة في المعارضة أو في الحكم، وفي الحالتين أن نؤدي دورنا بنجاح، وهذا تصوري للحالة التي جرت في المغرب، واعتقد أن الذي أثر عليها في الأساس هو الوضع الداخلي وليس الوضع الخارجي كما يتوقع البعض.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo