انتقدت مؤسسات حقوقية وفصائل فلسطينية، اعتداء عناصر الشرطة على طلبة وموظفي جامعة الازهر بغزة، خلال استعدادهم لاستقبال الطلبة مع بدء العام الدراسي الجديد، وإجبار الطلبة على نزع الكوفية الفلسطينية وعدم ارتدائها، الأمر الذي نفته الشرطة بغزة، وأكدت على أن الكوفية هي رمز للكل الفلسطيني، مستنكرة الهجمة عليها، موضحة أن تدخلها كان بالتنسيق مع إدارة الجامعة وبناء على طلبها للحفاظ على العملية التعليمية.
جامعة الأزهر تشجب سلوك الشرطة
هذا واستنكرت وشجبت جامعة الأزهر في بيان لها، قيام عناصر شرطة الجامعات بالاعتداء على طلبة وموظفين من أمن الجامعة؛ صباح الثلاثاء، وتعتبر الجامعة أن هذا السلوك مرفوض داخل الحرم الجامعي الذي يحمل قدسية العلم".
وأضافت: "بناءً على ما سبق فإن جامعة الأزهر-غزة تطالب جهات الاختصاص والمسئولين بضرورة التدخل لحماية الجامعة وطلبتها وعامليها، ومنع أي تدخل في الحرم الجامعي لغير جهات الاختصاص".
الشرطة تؤكد احترامها للكوفية الفلسطينية
من جهتها قالت الشرطة الفلسطينية في غزة التي تديرها حركة حماس، :" في إطار القيام بواجبنا، وبالتعاون الكامل مع إدارات مختلف الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، تعمل شرطة أمن الجامعات على صون وحماية أمن الجامعات، وضمان توفير الأجواء الملائمة لسير العملية التعليمية بكل يسر.
وأضافت، أن الشرطة تلقّت (بتاريخ 27 يوليو الماضي) كتاباً خطيّاً من عمادة شؤون الطلبة بالجامعة تفيد بقرارها منع جميع الأطر والكتل الطلابية من استقبال الطلبة الجدد، واقتصار الأمر على لجنة استقبال الطلبة التابعة لإدارة الجامعة؛ حرصاً على المصلحة العامة، ولم تتدخل الشرطة في طبيعة هذه الإجراءات باعتبارها جهة تنفيذية فقط. وعليه أعدت شرطة أمن الجامعات ترتيباتها للفصل الدراسي الجديد بناء على تعليمات إدارة الجامعة، وبالتنسيق مع أمن الجامعة، لكنها علمت، باعتزام أحد الأطر الطلابية تنظيم نشاط استقبال للطلبة الجدد، في مخالفة لقرار إدارة الجامعة، وعلى إثر ذلك أبلغت شرطة جامعة الأزهر مسؤول أمن الجامعة ليقوم بواجبه في تنفيذ قرار الجامعة، لكنها فوجئت باستمرار إقامة النشاط صباح اليوم الثلاثاء، وقد جرى التواصل مرة أخرى مع مسؤول أمن الجامعة لاحتواء الموقف دون جدوى، وبناء على ذلك تدخل مكتب شرطة الجامعة وطلب من الإطار الطلابي وقف النشاط التزاماً بقرار الجامعة، لكنهم رفضوا وقام بعض الطلبة وعناصر أمن الجامعة بالتهجم على ضباط الشرطة، وأثاروا حالة من الفوضى والشغب داخل حرم الجامعة.
اقرأ أيضاً: حكومة بينت تعيش أزمات سياسية وأيديولوجية وأمنية تهدد مستقبلها
وأكدت الشرطة أن ما أُثير من ادعاءات مُلفقة حول منع الطلاب من ارتداء الكوفية الفلسطينية هو أمر مُثير للسخرية، وينطوي على استخفاف بعقول المواطنين، وإن الهدف من وراء هذا التشويه هو حرف مسار الحدث لتحقيق أهداف سياسية عبر ادعاء الإساءة إلى الكوفية التي تُعد رمزاً وطنياً فلسطينياً لا يختلف عليه أحد.
فصائل تؤكد رمزية الكوفية الفلسطينية
حركة فتح وفي بيان لها تعليقاً على ما جرى، وصفت اعتداء مسلحي "حماس" على طلبة وموظفي جامعة الأزهر اعتمروا الكوفية الفلسطينية، بالسقوط الأخلاقي القيمي، واعتبرته انعكاسا لنهج الإقصاء والمفاهيم الظلامية المناهضة للفكر والمبادئ والتراث والتاريخ الوطني. على حد تعبير البيان.
واعتبرت الحركة، الاعتداء الذي وسعته "حماس" ليطال أمن الجامعة الذين حاولوا حماية الطلبة والموظفين، فِعلة مسلحي جماعة "حماس" جريمة بحق رموز الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية عموما، ورمزية الفدائي المناضل الفلسطيني في الثورة الفلسطينية المعاصرة والحركة الوطنية الفلسطينية.
ورأت "فتح" في الاعتداء على معتمري الكوفية بمثابة اعتداء على كل فلسطيني وطني، وأكدت أن الكوفية التي أصبحت رمزا للحرية والتحرر والكفاح لدى شعوب العالم مبعث فخر واعتزاز، واعتبرت العدوان على معتمريها في جامعة الأزهر انعكاسا مباشرا لمنهج الإقصاء الذي تمارسه حماس، وتعميما بالقوة والقهر للمفاهيم الظلامية المناهضة للفكر والمبادئ والتراث والتاريخ الوطني.
وجاء في البيان إن ممارسات حماس الانقسامية تثير الفتن، خدمة مجانية للاحتلال.
في ذات الاتجاه، أكد الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" في بيان له، أن الكوفية الفلسطينية كانت وستبقى رمز لنضال شعبنا وإرادته الصلبة على التحرر وأصبحت بفضل دماء الشهداء وعذابات الجرحى ومعاناة العمال والفلاحين بمثابة هوية وطنية لشعبنا الفلسطيني المكافح وتكرست كأيقونة لكل الأحرار والشرفاء في العالم خلال مختلف محطات النضال الفلسطيني وبالتحديد في الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى (انتفاضة الحجارة).
وقال "فدا" إن ما أقدمت عليه أجهزة الأمن التابعة لحركة حماس عندما اقتحمت الحرم الرئيس لجامعة الأزهر بغزة وابلاغها طلبة الجامعة بحظر ارتداء الكوفية واعتدائها على الطلبة الذين رفضوا الانصياع لأوامرها اعتداء مشين ومدان بأشد العبارات يجب محاسبتها عليه ويجب عليها الاعتذار عنه.
وأضاف "فدا" أن الملفت أن هذا الاعتداء المشين يتساوق ويأتي بالتزامن مع حملة مسعورة تشنها سلطات الاحتلال الاسرائيلي لتهويد وتشويه وأسرلة كل ما يمت بصلة لتراث شعبنا وتاريخه وحضارته ما يضع علامة سؤال استفهام كبيرة على ممارسات حركة حماس بما في ذلك مدى جديتها باستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الذي تسببت به عبر استمرارها في تكريس سلطة الأمر الواقع التي تدير مقاليدها في قطاع غزة بقوة النار والسلاح وقائمة المحظورات التي لا تنتهي.
ودعا "فدا" كل القوى والفصائل ومنظمات المجتمع المدني والأهلي والمنظمات والاتحادات الشعبية وفي مقدمتها الاتحادات الطلابية إلى إدانة هذه الممارسات والتصدي لها.
في ذات السياق، استنكرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، الاعتداء، مُعتبرةً أنّ "ما جرى مساس بالحريات الشخصية والعامة على حدٍ سواء".
وأضافت الجبهة في بيان لها وصل "زوايا" نسخة منه، أنّ "هذا الاعتداء يساهم في ضرب الجهود الوطنية الداعية لاحترام الحقوق والحريات العامة والشخصية، وفي تسميم العلاقات الطلابية والوطنية في ظل الدعوات والمبادرات الوطنية والشعبية والأهلية الداعية لاستعادة الحياة الديمقراطية داخل المؤسسات التعليمية".
واعتبرت الجبهة أنّ "هذا السلوك البوليسي غير المبرر بالمطلق لا يتناسب مع حرمة الجامعات ومناخها التعليمي، والمرفوض جملةً وتفصيلاً"، داعيةً "المؤسسة الشرطية ووزارة الداخلية بشكلٍ عام للوقوف أمام مسؤولياتها ومحاسبة المعتدين ووقف التعديات على الحرم الجامعي".
وأكدت على "ضرورة التزام القوى الشرطية بعدم دخول الحرم الجامعي إلا بحالة الطوارئ، حيث أن للجامعات نظامها الأساسي وهيئاتها الخاصة بالأمن والعمل الطلابي المكلفة من إدارة الجامعة ومجلس أمنائها وكذلك سكرتارية الأطر الطلابية الناظمة للعلاقات الطلابية وعلاقة الطلاب بإدارات جامعاتهم وفق ميثاق الشرف الموقع بين الأطر الطلابية المختلفة".
كما دعت "إدارات الجامعات للوقوف أمام مسؤولياتها واستخلاص العبر من الحادث بضرورة إطلاق الحريات الطلابية والأكاديمية واحترام العمل الطلابي داخل الحرم الجامعي استنادًا لمبدأ المساواة لكافة الأطر الطلابية المختلفة، وإعادة الحياة الديمقراطية عبر تنظيم انتخابات اتحادات مجالس الطلبة وفق النظام الانتخابي المتوافق عليه وطنيا بالتمثيل النسبي الكامل، والمساهمة الجادة في تخفيف معاناة الطالب وعدم تحميله الأعباء المالية التي تعاني منها الجامعات".
مراكز حقوقية تؤكد حظر ارتداء الكوفية
بدوره استنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان، "حادثة الاعتداء على الطلاب في جامعة الازهر ، والتي تخللها مشادات بين أمن الجامعة وبين الشرطة بالقطاع، مطالباً بالتحقيق في هذه الحادثة، واتخاذ التدابير الكفيلة بمنع تكرار مثل هذه الحوادث".
وقال المركز في بيان له وصل "زوايا" نسخة منه، : "مركز الميزان لحقوق الإنسان ينظر بقلق بالغ للإشكال الذي وقع في جامعة الأزهر، ويطالب جهات الاختصاص بالتحقيق في حادث اعتداء أفراد من شرطة الجامعات على طلبة في جامعة الأزهر صباح الثلاثاء داخل حرم الجامعة بحسب بيان جامعة الأزهر".
اقرأ أيضاً: مركز أبحاث مصري: حل القضية الفلسطينية كان في قلب اتفاق كامب ديفيد
وأشار المركز الحقوقي، إلى أن تدخل الشرطة داخل حرم الجامعة يكون دائما بطلب رسمي من إدارة الجامعة، وهو أمر معمول به منذ فترة طويلة، ويحترمه أطراف العلاقة، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة تحييد الجامعات عن المشكلات والصراعات السياسية وأن يكفل العمل النقابي لجميع الكتل الطلابية على قدم المساواة.
كما استنكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ما حدث، وطالب الجهات المختصة بالتحقيق في الحادث.
ونقل المركز شهادات عن طلبة تعرضوا للاعتداء من قبل عناصر الشرطة، أكدوا فيها أنه طلب منهم عناصر الشرطة بعدم ارتداء الكوفية الفلسطينية بناء على تعليمات شرطية عليا، وعندما رفضوا تم الاعتداء عليهم بالضرب وإجبارهم على التوقيع على تعهدات بعدم ارتدائها.
تفاهم بين إدارة الجامعة والشرطة على خلفية ما حدث
وعقب الضجة التي حدثت، توصلت إدارة جامعة الأزهر والشرطة إلى أسس مستقبلية تمنع حدوث أية تجاوزات قد تؤدي إلى عدم استقرار الجامعة.
وبحسب بيان صادر عن جامعة الأزهر في اليوم التالي للأحداث، فقد تم التوافق بين الجانبين على ضبط العمل والأنشطة داخل الحرم الجامعي وعلى بواباتها بالتنسيق الكامل بين إدارة الجامعة وشرطة أمن الجامعات لضمان عدم حدوث أية اشكاليات ناتجة عن تداخل الصلاحيات، وبما يحقق الحفاظ على الأمن والسكينة والهدوء داخل الحرم الجامعي.
ووفقاً للبيان فقد تم التوافق بين الطرفين، (الجامعة-والشرطة)، على معالجة كافة الآثار المترتبة على ما حدث مؤخرا وقد تمثل ذلك في عقد اجتماع موسع لبعض الاطر الطلابية؛ تمخض عنه التفاهم على توفير الاستقرار والامان لكافة الطلبة والموظفين داخل الحرم الجامعي؛ والقائم على الاحترام المتبادل بين الجميع على قاعدة الالتزام بالأنظمة المعمول بها في الجامعة.
يشار إلى أن حادثة المشاكل بين طلبة جامعة الأزهر والشرطة تكررت مرات عدة خلال سنوات الانقسام.