تقرير حكومة بينيت: تعامل "مختلف" مع السلطة..والسياسة ذاتها مع حماس ؟

حكومة بينيت
حكومة بينيت

تمارس الحكومة الاسرائيلية الحالية برئاسة نفتالي بينيت مقاربة جديدة في طريقة التعامل مع السلطة الفلسطينية من ناحية، فيما أبقت على نفس "نهجها التعاملي" مع حركة حماس في قطاع غزة من ناحية ثانية، حسب ما أكده مراقبون لـ"زوايا".

بينيت يتعامل مع السلطة بطريقة مختلفة..لكن بحدود

يقول النائب العربي في الكنيست الأسبق نظير مجلي إن رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت يحاول التعامل مع السلطة الفلسطينية بطريقة مختلفة عن الحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو، ولكن بحدود واضحة ومعايير ضيقة..فهو (بينيت) من جهة لا يريد للجمود في العلاقة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية أن يستمر كما هو عليه الحال في السنوات العشرة الأخيرة، إلا أنه يريد حدوداً لهذا التعامل الجديد. بحيث يكون الحوار مستمرا بين الطرفين شريطة اقتصاره على وزير الأمن الإسرائيلي، باعتبار أن الضفة الغربية وقطاع غزة هي قضية أمنية، بالمنظور الإسرائيلي، ولا يستطيع بينيت الرقي في الحوار للمجال السياسي الذي سيقود بنهاية المطاف حتماً إلى مفاوضات حول حل الدولتين، كما أكد مجلي.

وأوضح مجلي في حديث لـ"زوايا" أن نفتالي بينيت لا يريد المفاوضات ولا يجد امكانية لتوحيد الائتلاف الحكومي حولها، خاصة أنه هو الذي خسر جمهوره اليميني لمجرد أقامته حكومة تحالف مع ميرتس وحزب العمل والحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس.. تابع مجلي "هو يريد ان يستعيد قسما على الأقل من قاعدته الشعبية التي خسرها وهم المستوطنون واليمين المتطرف "الفاشي" الذي لا يؤمن ولا يقبل اي تسوية سياسية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويريدون تمديد الاحتلال عن طريق إقامة أرض اسرائيل الكاملة وتقزيم الحقوق الفلسطينية الى "شبه حكم ذاتي".

إسرائيل تتعامل مع السلطة وحماس بمنطق "السلام الاقتصادي"

وأكد المختص بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي أن بينيت صريح بذلك، ويقول هذا الكلام ويريد التركيز بالمرحلة المقبلة على أمور اقتصادية واجتماعية يومية تخص الفلسطينيين.. معتبراً أنه رغم الأهمية الكبيرة للقضايا الاجتماعية والاقتصادية اليومية للسكان الفلسطينيين، إلا ان السلطة في رام الله ترفض هذا الفهم الاسرائيلي واكتفاء بينيت بهذا المقدار من العلاقة مع السلطة وعدم قدرته على الارتقاء بما هو أكبر.

وشدد مجلي أنّ بينيت يسير بهذه المقاربة من التعامل مع كل من السلطة الفلسطينية وحتى حركة حماس ضمن مفهوم "السلام الإقتصادي"، مشيراً إلى أنّ هذا من الناحية العملية ليس طرحاً جديداً وقد رفضته القيادة الفلسطينية سابقاً.

بيدَ أنّ الجديد في تعامل الحكومة الإسرائيلية، وفق مجلي، ان السابقة كانت تخطط لإضعاف السلطة الفلسطينية وعدم اعطائها اي فرصة لتستعيد مكانتها دولياً، وعملت ما بوسعها ألا يكون تقدم بأي مفاوضات معها وتصرفت معها بعقيدة احتلالية فوقية. بينما يوجد في الحكومة الحالية قوى سياسية "جدية" تعرف ان السياسة هذه تضر بإسرائيل، وأن القضاء على حل الدولتين ليس لصالح اسرائيل.

لكنّ حكومة نفتالي واصلت الاستيطان والتهويد والبطش الاحتلالي الذي لا يطاق، بموازاة التعامل مع الأسرى ببشاعة. وأضاف مجلي أن هناك أصواتا من داخل الحكومة الإسرائيلية تطالب بتغيير ممارسات اسرائيل العدوانية، لكن لم يطرأ اي تغير ملموس باستثناء بعض الامور الصغير.

بينيت أبقى على نفس سياسة نتنياهو مع حماس

وبالنسبة لحركة "حماس"، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي يواصل نفس سياسة سلفه نتنياهو في التعامل مع مع حماس. وقال مجلي إن هذا التعامل قائم على فتح قناة للتفاوض مع "حماس" إضافة إلى الفوائد العسكرية عبر الدفع باتجاه تهدئة طويلة الامد وهي سياسة تكرس ايضاً الانقسام الفلسطيني، وتضعف الموقف الفلسطيني وتجعل الكثير من "أصدقاء إسرائيل" في الخارج يتفهمون موقفها بعدم الذهاب الى مفاوضات جادة، مثلما حصل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما قال إنه ليس الوقت المناسب لفتح المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين.

لذا، فإن بينيت يريد هذا التوجه في الإبقاء على نفس التعامل مع غزة، وكي ينجح في هذا التوجه هو يحاول ان يدير المفاوضات ويكرس الانقسام بموازاة إظهار الطرف الفلسطيني ضعيفاً وغير جاهز للذهاب لمفاوضات كبيرة، وفق مجلي.

الواقع، تبدو السلطة الفلسطينية وحركة حماس متوافقتين على ضرورة الحوار مع اسرائيل من اجل احتياجات السكان، وتحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي في كل من الضفة وغزة. لكنّ مجلي شدد على أن السلطة لا توافق على التوجه، إلا أنها قررت أن تتعاطى مع عدد من القضايا الحياتية الجوهرية مثل حصص المزيد من العمال الفلسطينيين على تصاريح وتحسين الوضع الاقتصادي.. لكنّ السلطة لا تقبل هذه الأمور كبديل عن المفاوضات السياسية، حسب مجلي.

واستدل على ذلك بالقول "إن السلطة تتعاطى مع وزير الجيش بني غانتس المسؤول من الحكومة الإسرائيلية عن القضايا الحياتية للسكان الفلسطينيين، غير أنها تحرص في الوقت ذاته على مواصلة الحراك السياسي في الخارج للضغط على الحكومة الإسرائيلية كي تسير باتجاه أفضل نحو حل المعضلة الفلسطينية".

حركات السلام الإسرائيلية بدأت باستعادة نشاطها؟

في غضون ذلك، أكد نظير مجلي أنه بينما أصبحت قضية الأسرى في الواجهة ارتباطاً بعملية هروب الأسرى الستة من سجن "جلبوع"، فإنه من غير المفاجئ ان حركات السلام الاسرائيلية بدأت تستعيد انفاسها بعد غياب.. وضحاً أنها ستشرع بداً من الأربعاء بتنفيذ سلسلة من الأنشطة والتظاهرات لإعادة رفع الموضوع الفلسطيني- الإسرائيلي إلى رأس الاهتمام، ومطالبة الحكومة الاسرائيلية بأن تتخلى عن موقفها الضيّق الرافض لمفاوضات الحل الدائم.

كما وتنوي حركات السلام الإسرائيلية توجيه دعوة للولايات المتحدة لتعيد فتح القنصلية الأمريكية والقيام بإجراءات أخرى من ضمنها الضغط على اسرائيل حتى تغير موقفها السياسي.

وفي السياق، قال مصدر حكومي فلسطيني لـ"زوايا" إن وزير الجيش الاسرائيلي بيني غانتس أبلغ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال لقائهما الأخير، بأنه يريد أن يصبح "اسحق رابين رقم اثنين في اسرائيل، أي أنه وعد عباس، بأنه يسعى لإصلاح العلاقة السياسية مع السلطة واستعادة الظروف المواتية للدفع نحو الحل السياسي. لكنّ المصدر أوضح بان بينيت أبلغ غانتس أنه ليس مخولاً بالحديث السياسي مع السلطة، وإنما لك شيء دون القضية السياسية.

"حماس جزء من الحل المستقبلي"

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا د.عنان وهبة في حديثه لموقع "زوايا" إنّ مرد التعامل الجديد نسبياً من قبل حكومة بينيت مع السلطة الفلسطينية يعود إلى ارتباطه بتسوية اقليمية محتملة، وأن القضية الفلسطينية جزء منها في سياق حياكة سياسات واسعة بالشرق الأوسط بالمرحلة المقبلة.

وحسب وهبة، فإن هذا التعامل قائم على تهدئة الميدان والجوانب العسكرية وقد تنتج عنها اتفاقيات هادئة مع مرجعية عربية تتدخل لحين التسوية لاحقاً.

ويرى وهبة أن الرؤية الدولية تقضي بحضور حركة "حماس" إلى جانب السلطة الفلسطينية في عملية الإنخراط بالحل بالمستقبلي، أي أن حماس ستكون جزءا من الحل، وفق وهبة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo