تقرير حملات المناصرة الفلسطينية.. سلاح محدود يصطدم بثلاث سلطات

المناصرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي
المناصرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي

تعتبر حملات الضغط والمناصرة عبر "منصات التواصل" وغيرها  لجوءًا للضغط على جهة معينة من صناع القرار مثل الحكومة أو المشرع  من أجل أخذ قرار معين أو تغيير ممارسة سياسية معينة، أو الدعم والمساعدة لفئة من الجمهور في تحقيق أهداف محددة خاصة بهم وقد لا تشمل المجتمع ككل، ولا يكون ذلك إلا من خلال إيجاد عدد كافٍ من المؤيدين بين الجمهور" .

وتنتشر عبر "منصات التواصل الاجتماعي" حملات "ضغط ومناصرة" للعديد من قضايا الشعب الفلسطيني، سواءً كانت هذه الحملات موجهة لانتزاع حق من السلطات الحاكمة أو الاحتلال، وفي هذا التقرير ترصد زوايا عبر لقائها مع مختصين، أنواع حملات المناصرة وواقعها ومدى تأثيرها وتحقيقها الأهداف، ومدى القصور الذي يعتريها، وعوامل نجاحها.  

حملات موجهة وتلقائية

وتُعدُّ حملات الضغط والمناصرة نوعان، حملات تلقائية تنبع من شعور أخلاقي بضرورة المناصرة، وحملات موجهة ومخطط لها، بحيث تناصر قضية ما بتلقائية أو بشكل موجه، منوهًا على ضرورة ترجمة على شكل صورٍ أو بنشاط ميداني على الأرض كما يوضح "حيدر المصدر" الخبير في الدعاية لـ "زوايا".

وتعتمد الحملات على التفاعل والتكاثف، فكلما زاد التفاعل وارتفع عدد النشطاء المتفاعلين ارتفعت نسبة تحقيق الأهداف المنشودة وقدرتها على الضغط على صناع القرار، منوهًا أن الحملات الموجهة والمخططة تبدأ بتوفيق معين ومرتبطة بحدث ما حسب رؤية المنفذ حول قدرتها على إنجاز أهدافها ومهامها المطروحة.

وينبه "المصدر" أن التمدد في حملات الضغط والمناصرة يجب أن يكون محسوبًا ودقيقًا، فلا يعقل أن تتمدد حملة ذات قضية داخلية لمجتمع عربي، كما يجب أن تكون قريبة من حسابات شخصيات صناع القرار أو ذات العلاقة عبر منصات التواصل.

المنصات أتاحت الفرصة

وأضحت "منصات التواصل" منبرًا للمواطن الفلسطيني للتعبير عن رأيه وعن قضيته وأفكاره وانتقاده السياسات الداخلية والخارجية، وهذا لم يكن حاضرًا من ذي قبل في تعزيز حملات المناصرة الفلسطينية.. حسب حديث الخبير في السوشيال ميديا سليمان بشارات ورئيس مركز "رؤية " للدراسات الاستراتيجية لـ "زوايا".

"وعلى الرغم من الخبرة الفلسطينية المتواضعة، استطاع النشطاء الفلسطينيون عبر المنصات من خلال حملات الضغط والمناصرة أن يقدم نماذج واضحة وناجحة في القضايا الحقوقية والإنسانية مثل قضية الأسيرة أنهار الديك والشيخ جراح والأسرى عمومًا " حسب حديث "بشارات" لـ "زوايا".

عوامل نجاح الحملات

ولضمان نجاح حملا الضغط والمناصرة يجب أن تقوم على التخطيط والرؤية الاستراتيجية واضحة تُبنى عليها الحملات، منبهًا أن الحالة الفلسطينية لم تصل بعد لذلك، لأنها تخضع لاجتهادات النشطاء، وغياب التكاملية، وعدم وجود الإمكانيات حتى اللحظة، مبينًا أن الحملات يقوم بها مجموعة من النشطاء والمؤثرين، ولا يتم تبنيتهم وتوفير الإمكانيات لهم، حتى يحققوا الأهداف بشكل كامل "حسب بشارات"

وفيما يتعلق بمضمون ومحتوى حملات الضغط والمناصرة فيجب أن يقوم على أسس مختلفة ويستخدم القوالب المختلفة في مخاطبة الجمهور الداخلي والعربي والغربي كما يقول "بشارات" مؤكدًا ضرورة استخدام لغات وفق معايير محددة وقادرة على مخاطبة الجمهور على نحوٍ صحيحٍ.

الواقع الفلسطيني

وعن واقع حملات الضغط والمناصرة الفلسطينية، فقد بين "بشارات" أنها تفتقد إلى التكاملية وتبنّي الحملات ومخرجاتها من المؤسسات ذات العناوين الواضحة، مشيرًا إلى أن الحالة الفلسطينية لم ترتقِ الحملات حتى اللحظة بشكل صحيحٍ بهذا الشكل، وأن الحملات ما زالت ضمن التجربة والخطأ والنشاط الذاتي.

وتوصف حملات المناصرة الفلسطينية بالمتواضعة جدًا، وأنها خارج المألوف والأصول والمبادئ وأن معظمها حملات حزبية موسمية ضعيفة، ولا تشمل الكل الفلسطيني ولا يشارك فيها الفلسطينيون كافة، وأن الحملات التي لا تتبعها خطوات ميدانية هي أقرب للفشل وتعجز عن تحقيق أهدافها حسب حديث "المصدر" متفقًا مع ما ذهب إليه "بشارات".

ولا ترتقي الممارسات على أرض الواقع الفلسطيني لمسمى حملات ضغط ومناصرة، بل إلى أعمالٍ احتجاجية التي لا تصل بالقضية إلى حلول مضيفًا " هذا ليس بالمطلق ولكن بالغالب" ويرجع ذلك إلى نقص الخبرة، حسب حديث الناشط في الحملات الميدانية للضغط والمناصرة خالد منصور التي تعقب الحملات عبر منصات التواصل لـ "زوايا".

وبيّن "منصور" أن من خلال عمله في الحملات الاحتجاجية والتي رفض تسميتها لـ "ضغط ومناصرة" لعدم ارتقائها حسب رؤيته، أنه من خلال الوقفاتِ الاحتجاجيةِ التي عقبت قضايا شغلت الرأي العام مما دفع النشطاء للكتابة عبر "منصات التواصل" أنه تلك الحملات حققت نجاحًا نسبيًا.

الحملاتُ الاحتجاجية استطاعت أن توقف الزحف الاستيطاني في بلدة "بيتا" جنوب نابلس، وجيشت الثوار للدفاع عن أرضهم.

واشار "منصور" إلى الوقفات الاحتجاجية التي شارك فيها بالضفة لاقتلاع البؤر الاستيطانية وإزاحة جدران ووقف هدم مبانٍ وإبطال قرارات مُصادرة وحملات ضد البضائع الإسرائيلية وحملات لمساعدة المزارعين ومربي الماشية وحملات ضد الغلاء وضد تعديل أو رفع الضريبة وحملات لصالح العمال ورفع الحد الأدنى للأجور وضد تقليص وكالة الغوث لخدماتها المقدمة للاجئين والفلتان الأمني والفساد والدفاع عن الحريات".

وخلفت حملات الضغط والمناصرة خلقت سلاحًا جديدًا وساحة مواجهة، وأضحت الحملات على مستوى عالمي "ترند عالمي" وانتقلت فلسطينيًا من فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ لطويلة الأمد، وأضحت أكثر تأثيرًا، حسب حديث يحيى قاعود الباحث في السياسات العامـة لـ "زوايا" مخالفًا مع ذهب إليه الآخرون.

ويذكر "قاعود" أن النظام السياسي الفلسطيني معطل منذ 15 عامًا، ومن الطبيعي أن يخلق أجيالًا أكثر ضعفًا وهشاشة وضعيف في الممارسة، وأن حملات الضغط والمناصرة التي تعيش في بيئة صعبة، رغم ضعفها فهي محاولات إيجابية وقيد التطور وتعطي أملًا بالنجاح مستقبلًا"

وبغض النظر عن نجاح بعض الحملات من فشلها، هناك محاولات إيجابية في مجال الضغط والمناصرة رغم غياب الديمقراطية في فلسطين، واصطدامها بثلاث سلطات، مبينًا أن كثيرًا منها تتبع جهودًا فردية وأخرى منظمة من مؤسسات فلسطينية.

نماذج ناجحة

وأطلق نشطاء عبر "منصات التواصل" حملة ضغط ومناصرة للأسيرة الفلسطينية أنهار الديك، والتي كانت على مشارف الولادة في سجون الاحتلال، ونتيجة الضغط الإعلامي عبر المنصات بحسب النشطاء أفرج الاحتلال عنها.

1.jpg

حملة اهبد

وأطلق مجموعة من الشبان قبل عامين في غزة حملة "اهبد " العفوية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكشف التزييف الإسرائيلي للقضايا الفلسطينية منذ النكبة الفلسطينية ولغاية اللحظة، وفضحه أمام المتابعين لأهم الحسابات الإسرائيلية وبعض الشخصيات المؤيدة لإسرائيل، واستطاع الفلسطينيون استخدام 25 لغة رسمية عالمية للرد على المحتوى ونقل الرواية الفلسطينية، وذلك بفضل جهود متطوعين من خارج فلسطين من أصول فلسطينية انضموا للحملة لنصرة الرواية الفلسطينية في عمليات "الهبد الإلكتروني" لكشف الحقيقة.

 وسطرت حملة "اهبد" سطرت إنجازات عديدة، حيث انضم عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس ومن دول عربية وأجنبية لمهاجمة كل محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي يروج للاحتلال، مستخدمين وسم الحملة.

2.jpg


 

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo