المدير التنفيذي لائتلاف "أمان" عصام حج حسين

حوار القرارات التي أصدرتها السلطة بقانون هدفها حماية الفاسدين

المدير التنفيذي لائتلاف "أمان" عصام حج حسين
المدير التنفيذي لائتلاف "أمان" عصام حج حسين
  • مكافحة الفساد تتطلب خطة اصلاح شاملة للنظام السياسي.
  • هيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات يضعف منظومة المساءلة والمحاسبة ويتيح الافلات من العقاب.
  • القرارات المتعلقة بالشأن القضائي هدفت للسيطرة على القضاء الاداري (العدل العليا) وليس المحاكم العادية.

أكد المدير التنفيذي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" عصام حج حسين، أن غياب المجلس التشريعي وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية من خلال القرارات بقانون التي صدرت مؤخراً أدى إلى تفرد في عملية صنع القرار في فلسطين وأعطى فرصة للإفلات من العقاب والمساءلة.

واعتبر حج حسين في حوار مع موقع "زوايا" أن القرارات الصادرة عن السلطة السياسية التي تصب في مصالح حزبية أو شخصية لمتنفذين في الطبقة السياسية يسمى فساداً سياسي، مشدداً على أن تفكيك منظومة الفساد بحاجة لإصلاح شامل للنظام السياسي.

وأوضح حج حسين أن هناك 300 قرار بقانون كان جزء كبير منها إعطاء صلاحيات للتغطية على أي سوء إدارة لاحقا، أي أنه تم تكييف القانون للحماية ولمنع المساءلة والمحاسبة.

وأكد أن دائرة صنع القرار في فلسطين ضيقة أي أن هناك ضعف في الشفافية وضعف في المشاركة، ويوجد احتكار للتأثير ولا يسمح للمؤثرين الأخرين من خارج دائرة المتنفذين مثل المجتمع المدني أو أحزاب أو الفصائل للوصول إلى دائرة صنع القرار للتأثير عليها.

وبيّن أن الواسطة والمحسوبية هي أكثر أشكال الفساد انتشارا في فلسطين، لكن القضايا الأكثر وصولاً إلى المحكمة هي الشبهات المتعلقة بالقضايا المالية مثل الاختلاس وإساءة الائتمان أو التربح من المنصب.

وأشار إلى أنه يوجد تقدم ملحوظ في عدد الشكاوى المتعلقة بشبهات فساد التي تمت معالجتها مقارنة بالسنوات السابقة وخصوصاً التي تحال للمحكمة أو للنيابة خلال أخر عامين.

اقرأ أيضاً: المتحدث باسم وزارة العمل رامي مهداوي.. تطبيق قانون الضمان الاجتماعي سيعود للواجهة من جديد

واعتبر حج حسين أن المطلوب من المواطن أن يضغط أكثر لإعادة الكرة في حقه في المساءلة من خلال الانتخابات.

فيما يلي نص الحوار كاملاً:

- هل فاقم غياب المجلس التشريعي وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية من الفساد في فلسطين؟

المؤسسة الأولى في الرقابة والمساءلة وإحدى السلطات الثلاث وفي أي نظام سياسي يجب أن يكون هناك رقابة متبادلة بين هذه الأطراف، بالتالي غياب المجلس التشريعي وما يحدث من هيمنة على السلطة القضائية سيعطي الغطاء والفرصة للإفلات من العقاب والمساءلة، وهذا العنوان الرئيسي الذي من الممكن الاعتماد عليه.

ما يحدث في فلسطين اليوم جاء نتيجة غياب المجلس التشريعي وهيمنة على السلطة القضائية، بالتالي لدينا تفرد في عملية صنع القرار، أي أن القرارات التي يجب أن تصدر عن السلطات الثلاث كل في مجاله، باتت الآن مركزة في مكان واحد لدى السلطة التنفيذية.

توجهات السلطة التنفيذية في الفترة الأخيرة نحو التغييرات التي حدثت مؤخرا في الشأن القضائي والقرارات بقانون الثلاثة المتعلقة بالسلطة القضائية كان لها هدف واحد وهو أن تضمن السلطة التنفيذية ألا يكون هناك قدرة للقضاء الإداري (محكمة العدل العليا، والمحكمة الدستورية) للاعتراض او إيقاف أي من القرارات التي تتخذها السلطة التنفيذية، حيث ما تم تعديله في القضاء مؤخرا يتعلق بتعيينات او ترقيات او عزل قضاة ليتم التحكم فيها من قبل السلطة التنفيذية، بالتالي تضمن ولاء السلطة القضائية لها.

- هل هذا يسمى فسادا سياسيا؟

نعم هذا صحيح، عندما تصب القرارات المنبثقة عن السلطة السياسية (السلطة التنفيذية) في مصالح حزبية أو مصالح شخصية لمتنفذين في الطبقة السياسية على مصلحة المنفعة العامة، هذا يسمى فسادا سياسيا، بالتالي هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء ليست معنية بالسيطرة على المحاكمة العادية وإنما على القضاء الإداري.

- هل هناك جدية وإرادة سياسية في معالجة الفساد؟

الفساد هو منظومة غير مرتبطة بإرادة فقط، مع الإشارة إلى أن الإرادة السياسية مهمة، واذا كانت موجودة فهي بحاجة لخطة، والخطة تحتاج لمجموعة من القائمين على تنفيذها، والتي حتى الآن في حالتنا الفلسطينية هناك غياب لهذه العناصر أو تطبيق لأي خطة لمكافحة الفساد، من غياب للمجلس التشريعي وعدم دورية الانتخابات، والقيود المفروضة على مؤسسات المجتمع المدني والإعلام وحرية الرأي والتعبير وحق التجمع والتنظيم ومجموعة من القرارات المتعلقة بالتعيينات وتمكين موالين في مراكز اتخاذ القرار في السلطة والاشكالية المتعلقة بالنظام المركب الذي لدينا (منظمة التحرير والسلطة)، بالتالي تفكيك منظومة الفساد بحاجة لإصلاح شامل للنظام السياسي.

- هل تعتقد أنه يوجد غض بصر عن المتنفذين الكبار؟

اعتقد أن الموضوع أكبر من غض بصر، فعندما يتم حماية بعض الممارسات التي يمكن أن توصف بأنها فساد من خلال قانون أو قوانين تصبح عملية محاسبة متخذي القرار وهم المسؤولين الكبار صعبة، على سبيل المثال إذا كان هناك صلاحية في القانون تقول أن رئيس الوزراء له الحق بتعيين سفير أو مدير هيئة عامة بالتالي يمكنه تعيين شخص من حزبه.

إحدى أدوات المسؤولين للإفلات من العقاب، هي التحكم بالقانون من خلال التعديلات التي حدثت والمراسيم، فهناك 300 قرار بقانون كان جزء كبير منها منح صلاحيات للتغطية على أي سوء إدارة لاحقا، أي أن القانون صدر للحماية ولمنع المساءلة والمحاسبة.

من أقوى المحاسبات في الدول هو مبدأ الذمة المالية "من أين لك هذا؟" وللأسف الشديد أن هذه المنظومة غير فاعلة لدينا حتى اليوم، لسبب بسيط جدا أنها تطلب تقديم الذمة المالية وليس الإفصاح عن الذمة المالية، أي أنها تقدم الذمة المالية ولا تطلع عليها أحد وتبقى مغلقة إلا إذا وجهت لصاحبها تهمة وطلب القاضي الاطلاع عليها.

المطلوب هو حصر الأشخاص الذين لديهم القدرة على اتخاذ القرارات والمتنفذين بقائمة ويتم الطلب منهم تقديم الذمة المالية ونشرها للسماح لمؤسسات المجتمع المدني التحقق من بياناتها.

دائرة صنع القرار ضيقة أي أن هناك ضعف في الشفافية وضعف في المشاركة، ونحن نعلم أن المتنفذين في دائرة صنع القرار محصورين، أي يوجد احتكار للتأثير ولا يسمح للمؤثرين الأخرين من خارج الدائرة مثل المجتمع المدني أو أحزاب أو فصائل للوصول إلى دائرة صنع القرار للتأثير عليها، بالتالي القرارات تبقى بعيدة عن التشاركية مع ضعف في المعلومات مما مكنهم من السيطرة على مركز اتخاذ القرار في مختلف مؤسسات الدولة بالتالي وجدنا العديد من القرارات تصب في مصالح خاصة.

- ما هي أشكال الفساد الأكثر انتشارا في فلسطين؟

القانون حدد مجموعة من الممارسات التي ينطبق عليها الفساد، والآلية الوحيدة التي يمكن من خلالها معرفة أشكال الفساد، هي الشكاوى أو القضايا التي قدمت للمحاكم، وبالرجوع للسنوات الماضية هناك أشكال للفساد منتشرة لكن لم تصل للمحكمة لعدم القدرة على إثباتها مثل الواسطة والمحسوبية، وهناك قضايا يسهل اكتشافها متعلقة بالقضايا المالية مثل الاختلاس وإساءة الائتمان أو التربح من المنصب، وهي الأكثر وصولا للمحكمة.

في آخر عامين نلاحظ تقدما ملحوظا في عدد الشكاوى التي تمت معالجتها مقارنة بالسنوات السابقة وخصوصاً التي تحال للمحكمة أو للنيابة، فهناك ارتفاع ملحوظ أيضا في عدد الشكاوى.

- هل تستقبلون شكاوى متعلقة بشبهات فساد؟

القانون يتيح تلقي الشكاوى فقط من قبل المؤسسات المختصة لكن "أمان" تستقبل متوجسين إن كانوا ضحايا فساد أو لديهم شكاوى على الفساد ويطلبون إسنادا قانونيا لمتابعة قضاياهم، ونحن في "أمان" نقوم بمتابعة هذه القضايا بشكل مباشر مع الجهات ذات العلاقة.

- كيف يمكن مكافحة الفساد مجتمعياً؟

هناك منظومتين للرقابة والمساءلة الأولى رسمية تبدأ من التشريعي والأذرع المساندة مثل هيئة مكافحة الفساد، وديوان الرقابة المالية والإدارية وغيرها، والثانية منظومة المساءلة غير الرسمية والتي تسمى المساءلة المجتمعية والتي تتكون من المواطن والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، بالتالي المطلوب من كل مؤسسات المجتمع المدني أن تقوم في برامجها بدمج موضوع مكافحة الفساد في المجال الذي تعمل فيه، والاعلام يجب ان يعد التحقيقات الاستقصائية الخاصة في مكافحة الفساد كما أن المواطن يجب أن يضغط أكثر لإعادة الكرة في حقه في المساءلة من خلال الانتخابات.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo