تقرير هل نشهد تغييراً وشيكاً لحكومة اشتية؟

حكومة اشتيه
حكومة اشتيه

شهدت الأونة الأخيرة تراجعا ملحوظا في شعبية الحكومة التي يترأسها عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، إثر تصاعد المساس بالحريات العامة وسوء الإدارة لملف كورونا والخدمات المختلفة.

وهذا التراجع المصحوب بمطالبة الغاضبين من الانتهاكات برحيل حكومة اشتية (الحكومة الثامنة عشر)، يأتي رغم العنوان الذي حملته إبان تشكيلها في آذار/مارس 2019 وهو "تقليل الهوة بين الشارع والسلطة"، والتي اتسعت في عهد الحكومة السابقة برئاسة رامي الحمدالله.

وقد تعالت الأصوات والتوقعات التي تتنبأ بتغيير حكومة اشتية بعد واقعة مقتل الناشط والمعارض نزار بنات إثر تعرضه للضرب والعنف غير المبرر خلال اعتقاله من قبل قوة امنية فلسطينية في مدينة الخليل مؤخراً، من منطلق أن هذه الحكومة فشلت في تحقيق أي من الأهداف سالفة الذكر.

لن تتغير الحكومة تحت ضغط الشارع

الحال، أنه بالرغم مما يتم تداوله في الشارع الفلسطيني عن تغيير حكومي مرتقب، إلا أن قيادياً في السلطة الفلسطينية أوضح لموقع "زوايا" أنّ القيادة لا تريد تغيير الحكومة تحت وطأة ضغط الشارع؛ خشية ان يكون هذا عاملا يؤدي إلى رفع سقف المطالب الشعبية لتطال أموراً أخرى.

وبين القيادي أن ما تفكر به السلطة الآن هو كيفية احتواء الشارع بخطوات معينة تؤدي إلى تخفيف احتقان الشارع.

وكشف القيادي أن هناك توجهاً تم اتخاذه قبل أيام من مقتل الناشط نزار بنات يتمثل بتغيير نصف المحافظين بالضفة الغربية، لكنّ الأحداث الأخيرة في الشارع قد أجلت القرار.

وبحسب هذا المسؤول، فإن تغيير حكومياً لن يحدث قبل أشهر من الآن.

إذاً، تبدو السلطة الفلسطينية مُكابِرة الآن لعدم الذهاب بعيداً بخطوات تشعر أنها تمثل انصياعاً للشارع ويؤدي إلى رفع سقف الاحتجاجات في هذا التوقيت.

ولعلّ عاملا آخر يكبح تغيير حكومة شتية هو أنّ رئيس السلطة محمود عباس يرغب باسمين آخرين يرغب بتوليهما رئاسة الحكومة المقبلة، ألا وهما محمد مصطفى وزياد أبو عمرو، غير أنّ ما يؤجل قراره بهذا الخصوص هو التوقيت الحساس، لأن أيّاً من الاسمين لن يكونا قادرين على احتواء الشارع.

إدارة بايدن تريد تغييرا لكن لا تعرف الكيفية!

من زاوية أخرى، أكد المختص بشأن السياسة الأمريكية محمد القاسم أن الإدارة الأمريكية وأوروبا تمارسان ضغطاً على السلطة الفلسطينية للدفع نحو نوع من التغيير من أجل تهدئة الشارع ومحاربة الفساد

لكنّ القاسم أوضح في حديثه لموقع "زوايا" أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعرف ما هو شكل هذا التغيير المطلوب.
ويرى القاسم أن الإدارة الأمريكية تشعر بإحراج من سلوكيات السلطة الفلسطينية؛ لأن الأخيرة وضعت ردة فعلها تحت الاختبار لاسيما وأن إدارة بايدن تطرح نفسها كحامية للحريات وحقوق الإنسان في العالم.

وتعتقد واشنطن أن ما جرى مؤخراً لن يساعد السلطة في حال حصول انتخابات في الأراضي الفلسطينية، كما قال القاسم.

وبين القاسم أن الضغط الأمريكي يتركز من البيت الأبيض وأعضاء بالكونغرس الأمريكي.

وأكد القاسم أن رئيس السلطة محمود عباس وعددا آخر من المحيطين به قد تعرضوا لانتقاد علني وآخر شدد اللهجة وراء الكواليس من قبل المسؤولين الأمريكيين على خلفية قمع الحريات والفساد في الأراضي الفلسطينية.

تغيير الحكومة لن يحل الأزمة المتراكمة

بدوره، رأى الباحث بالسياسة الأمريكية المقيم في واشنطن جو معكرون أن الإدارة الأمريكية لن تصل إلى درجة تسحب فيها البساط من تحت السلطة الفلسطينية نتيجة الاحتقان الذي يشهده الشارع بعد مقتل الناشط نزار بنات خلال اعتقاله.

وأضح معكرون لموقع "زوايا" أن الإدارة الأمريكية لن تقطع المساعدات الأمنية المقدمة للسلطة، لكنها تمارس عليها ضغوطاً لعمل إصلاحات وتغييرات من شأنها احتواء الغضب وعدم المساس بالوضع الراهن.

وبيّن معكرون، أنه بالرغم من أن سلام فياض شخصية مفضلة أمريكياً وأوروبياً، إلا أنه يعتقد أن الأزمة الموجودة نتيجة تراكمات لن يحلها مجرد تغيير حكومة.

وينسجم ما قاله الباحث معكرون مع استنتاجات أخرى لمراقبين تشدد على ان الإشكالية ليست في تغيير الحكومة، وإنما في مرجعيتها وصلاحياتها، متسائلين: هل تبقى حكومة يتحكم بها رئيس السلطة ويقرر كل شيء فيها؟

تأخير أوروبا مساعداتها ليس لسبب "فني"!

من جانبه، شكك الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم بحقيقة "السبب الفني" الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تأخير مساعداته للسلطة الفلسطينية حتى شهر أكتوبر/تشرين أول القادم.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن تأخير دفعة المساعدات الأوروبية لأشهر من المستبعد أن يكون لسبب "فني"-كما رُوّج- لأنّ هذه الدول المتطورة بإمكانها تدارك أي شيء فني على وجه السرعة.

ورجح عبد الكريم لموقع"زوايا" أن يكون التأخير مرتبط بانتظار الأوروبيين لشيء ما من قبيل الإصلاحات والحكم الرشيد والتغييرات الواجب على السلطة تنفيذها.

تغيير الحكومة "الفاشلة" ضرورة

رئيس تجمع الشخصيات المستقلة بالضفة الغربية خليل عساف دعا إلى تغيير فوري للحكومة لتخفيف الاحتقان؛ لأن الحكومة متهمة ناهيك عن تناقضها بين الأقوال والأفعال فيما يخص الحريات العامة.

وأضاف عساف "إما أن الحكومة لا تمون، أو أنها غير قادرة على مسؤولياتها الأخلاقية، وهي في كلتا الحالتين حكومة فاشلة".

وشدد خليل عساف في حديثه لموقع "زوايا" على أن السلطة الفلسطينية لو تحركت منذ البداية بالمسار القانوني لمحاسبة قتلة الناشط نزار بنات، لتمّ احتواء الموقف، معتبراً أن اطرافاً في السلطة تسعى إلى توجيه البلد لناحية خطيرة.

وأكد أنّ مَن يطالب بالقانون من الشعب ليس "مرتزقاً أو صاحب أجندات"، كما يتم وصفهم من قادة سياسيين وأمنيين في السلطة.

ونوه عساف أن ضباطاً في أجهزة أمنية يكتبون منشورات على صفحاتهم بالفيسبوك يصفون فيها المتظاهرين ب"المرتزقة"، ثم تعليقات تحريضية أخرى لضباط أمن على المنشور، تحث على قتل وضرب المتظاهرين.

وتساءل عساف: "إذا كان رجال الأمن يقولون هذه الكلام التحريضي والمرعب بدلا من حماية المواطن والقانون، فماذا بقي للمجرمين؟!".

وتابع عساف: "يوجد خطر كبير على البلد ونريد انتخابات، ونطالب بلقاء جامع للشعب وقيادة السلطة مبني على المصارحة والمكاشفة، فنحن لا نريد أن تذهب البلد إلى الفوضى في ظل الاستيطان واعتداءات الاحتلال، فخلال عشرة أيام صادر الاحتلال نحو 24 ألف دونم بالضفة الغربية".

ودعا عساف مسؤولي السلطة إلى التوقف عن استخدام "فزاعة المؤامرة والأجندات الخارجية" للتحريض على المتظاهرين المطالبين بتطبيق القانون ووقف الفساد والمساس بالحريات العامة وحقوق الإنسان.

المصدر : خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo