نهاية شهر حزيران الماضي، أقدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي على هدم محل تجاري يعود لعائلة الرجبي، في حي البستان ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، في القدس المحتلة.
ويعتبر أهالي سلوان هدم هذا المحل التجاري ما هو إلا علمية "جس نبض" للشارع المقدسي، قبل تنفيذ 17 عملية هدم لمنشآت أخرى في حي البستان، بعد أن انتهت مهلة الهدم الذاتي، التي منحتها بلدية الاحتلال للسكان، بحيث يقوم صاحب المنزل بهدم منزله، وفي حال لم ينفذ القرار خلال مهلة محددة تحضر جرافات البلدية معززة بقوات عسكرية لتنيفذ الهدم، وتحميل صاحب المنزل كافة التكاليف.
تهدد سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات بتنفيذ أكبر عملية هدم وتهجير في القدس، والتي تستهدف هدم 100 منزل في حي البستان، وتهجير حوالي 1200 مقدسي يعيشون فيه، لإقامة حديقة توراتية، على انقاض المنازل.
"في البداية تم الاعتداء علي وعلى أخوتي وأولادي بالضرب المبرح وبواسطة الهراوت، حيث فتح رأس أحد إخوتي، ومن ثم احتجزونا لساعات خلال تنفيذ عملية الهدم، ولاحقاً تسلمنا قرارات بالإقامة الجبرية في المنازل مدة أربعة أيام".
هكذا يلخص نضال الرجبي (46 عاماً) ما جرى عندما اقتحمت قوات الاحتلال معززة بجرافة عسكرية لهدم محل تجاري تعود ملكيته لوالده "أبو نضال" يوم 29 حزيران الماضي.
هذا المحل التجاري واحد من بين 17 منشأة مهددة بالهدم، انتهت مهلة الهدم الذاتي، وتنتظر بلدية الاحتلال الفرصة المواتية للانقضاض عليها.
نضال متزوج ولديه ثمانية أبناء من بينهم ثلاث بنات متزوجات، وهذا المحل الذي يعمل فيه والده الحاج حربي الرجبي هو مصدر رزق وحيد للعائلة، حيث لا يقوى نضال على العمل بسبب وضعه الصحي، ويساعده والده.
وفي حوار مع موقع "زوايا"، يقول الرجبي إن هناك ثلاث منازل مهددة بالهدم لعائلته من بينها منزل انتهت مهلة الهدم الذاتي له، وفي أي وقت قد يصبح من الماضي، عندما تأتي الجرفات لهدمه، وهناك وهناك محل تجاري اخر مهدد بالهدم لشقيقي.
قضية منازل عائلة الرجبي في حي البستان بدأت في العام 2000، حيث شرع الاحتلال بمطالبتهم بإخلاء المنازل لإقامة حديقة توراتية، وضلت القضية في المحاكم حتى صدور قانون "كمينتس" عام 2017، وحينها حدث تطور جوهري على القضية، حيث بات تنفيذ أمر الهدم بيد الاحتلال ولا قدرة للعائلة على الاعتراض، بحسب هذا القانون.
اقرأ أيضاً: حي البستان .. تهجير قسري ومخطط للانقضاض على الأقصى
يعيش نضال الرجبي في منزله المهدد بالهدم في أي لحظة هو وزوجته وخمسة أبناء، لكنه يؤكد "لا لن أقوم بهدم البيت بيدي، وهذه الأرض التي بني عليها المنزل لنا، وولا عمرها كانت الهم، وهذه القوانين غير عادلة".
وحول إدعاء الاحتلال بأن هذه المنازل غير مرخصة، يرد الرجبي إن بلدية الاحتلال لا تمنحهم تراخيص للبناء، وفيما لو تمت الموافقة على الترخيص للبناء وهي أمور نادرة تكون المبالغ المطلوبة خيالية، حيث هناك قريب لي تقدم بطلب لإصدار رخصة لأربع منازل طلبوا منه مليون شيقل.
وختم الرجبي "كل تاريخهم مزور وهم يحاولوا إثبات وجودهم وتغيير وجهة القدس عبر إقامة هذه الحدائق، ولكن تراب البلد هو عربي إسلامي".
لا تقل تلك الظروف التي يعيشها نادر أبو ذياب (55 عاماً) في حي البستان خطورة عن تلك التي يعيشها نضال الرجبي وأخوته.
أبو ذياب لديه أبناء وأحفاذ وعدد أفراد أسرته 13 نفراً، يعيشون في بيت مؤلف من طابقين، كلها مهددة بالهدم، وانتهت ملهة الهدم الذاتي.
يقول أبو ذياب لموقع "زوايا": "إحنا قاعدين هون، ولن نخرج من هنا، وفي حال تم هدم البيت لا يوجد لدينا أي خيارات ولا يوجد أي مكان نذهب إليه".
يروي أبو ذياب أنه قام ببناء منزله قبل أربعين عاماً، وتطور البناء على مراحل بسبب كبر حجم أسرته مع مرور السنوات.
وأضاف "قدمنا عدة مرات للحصول على تراخيص بناء، ولا يوجد رخص ودائما نقابل بالرفض، بادعاء أنه هذه المنطقة مخصصة لإقامة حديقة توراتية، ولكن الحقيقة أنهم يريدوا تهجيرنا من هنا وإسكان المستوطنين فيها".
يعمل نادر أبو ذياب في صيانة أجهزة التكييف، وفي أوقات الفراغ يذهب للرابط في خيمة التضامن، التي شيدها أهالي سلوان، رفضاً لأوامر الهدم والتهجير التي يتعرض لها الأهالي في حي بطن الهوة حي البستان.
تحولت هذه الخيمة إلى عنوان للصمود في سلوان، ويوم الجمعة الماضية أقيمت صلاة الجمعة بداخلها بمشاركة المئات المتضامنين، قبل أن يقمعهم الاحتلال، وتتحول شوارع البلدة إلى ساحة مواجهة مع شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
فخري أبو دياب عضو لجنة الدفاع عن سلوان والمختص بشؤون القدس قال لـ موقع "زوايا" : إن الاحتلال يريد إبعاد الزخم الشعبي وخط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى من جهته الجنوبية خاصة وأن حي البستان لا يبعد أمتارا قليلة عن الأقصى لذلك نجد هذا الاستهداف.
اقرأ أيضاً: مقتل الناشط بنات.. عندما يهدد عناصر الأمن السلم الأهلي
ويضيف أبو دياب بأن مخطط الاحتلال يهدف لإقامة حزام ما يسمى الحدائق التلمودية ولذلك يستهدف المنطقة في محيط البلدة القديمة، لإحلال المستوطنين وطرد السكان وتغيير هوية المواطنين.
وأكد أبو دياب أن الهدف من هذه المخططات هو سياسي وأيديولوجي والحقيقة أن الاحتلال يهدف لإبعاد الفلسطينيين وإفراغ المنطقة لأن المستهدف بالنهاية هو المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة، وإذا استطاع الاحتلال إفراغ المنطقة لن يكون هناك دفاع عن الأقصى بعد اغلاق محيطه على الفلسطينيين ومنع الدفاع عنه.