مخابرات الاحتلالِ عبر المنصات الفلسطينية.. كمائن بطُعمٍ إنسانيٍ ومجابهة غائبة

فيسبوك
فيسبوك
  • حيدر المصدر "الخبير في الدعاية": مجابهة صفحات المخابرات عبر "منصات التواصل" سطحية في غزة، والمتحدثون أمنيًا غير متخصصين.

  • عصمت منصور "مدير مركز الخدمات الاستراتيجية والترجمة العبرية ": التنسيق المباشر مع الاحتلال يعرض المواطنين للابتزاز ونحتاج أطرًا بديلة في الضفة.

مع زيادة انفتاح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في العالم، وبعد دخول ثورة الإعلام الجديد المتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتوتير) وغيرها، نشطت مخابرات الاحتلال في استدراج بعض الشباب والفتيات لوحل التخابر مستغلة غياب الثقافة الفكرية والاجتماعية والعلمية.

ويجب أن يكون المروج على درجة عالية من الذكاء والحساسية والمعرفة بكيفية تفكير الناس وتفاعلهم للإيقاع بهم واستدراجهم لتحقيق أهدافـه.

وفي هذا التقرير، ترصد "زوايا" أساليب الاحتلال في محاولتها لإسقاط النشطاء والمتفاعلين عبر "منصات التواصل" والأهداف الساعية لتحقيقها، وتداعياتها وسُبل مواجهتها وواقع مواجهتها رسميًا وفصائليًا.

أنواعٌ ومراحل التجنيد

وقال الخبير في الدعاية حيدر المصدر، إنه يجب أن نفرّق بين نوعين من الصفحاتِ "معلومة المصدر وهي رسمية" و"الصفحات غير معلومة المصدر تتبع لأشخاص مجهولي الهوية الحقيقية"، مبينًا أنها تؤدي وظائف أمنية متفاوتة فيما بينها.

ونوّه خلال حديثه لـ "زوايا" أن تفاعل الفلسطينيين مع الصفحات الرسمية كـ "أفيخاي أدرعي" أو "المنسق" أو "إسرائيل باللغة العربية" سواءً بالسلب أو الإيجاب، يُعطي القائم على الاتصال إمكانية دراسة مزاج النشطاء الفلسطينيين المتفاعلين وتحديد ثغرات تساعد القائم على عملية "التجنيد".

اقرأ أيضاً: مقتل الناشط بنات.. عندما يهدد عناصر الأمن السلم الأهلي

وسرد مراحل عمليات التجنيد بقوله: "تمر عملية التجنيد بمراحل، وتتمثل المرحلة الأولى بتحديد الشخص المنوي إسقاطه، والمرحلة الثانية الاحتكاك المباشر مع الضحية عبر صفحات وحسابات وهمية وإسقاطه إما عن طريق دردشة جنسية وجمع معلومات، فإما أن يكون الناشط واعيًا ويفشل الإسقاط، أو يكون جاهلًا ويتم إسقاطه".

ويقول مسؤول أمني رفيع في غزة إن المسؤولين عن تلك الصفحات يطلبون في البداية معلومات بسيطة من الشخص الذي يتواصل معهم مقابل تلبية حاجته، منبهاً إلى أن الشخص المستهدف قد لا يدرك أنه يتواصل مع ضابط شاباك، "ويعتقد أن المعلومات المطلوبة لا تشكل خطرا على أحد، فيقدمها في سبيل تلبية حاجته الإنسانية الملحة".
وبيّن "المصدر" أن عمليات الاسقاط تحظى بمتابعةٍ رسميةٍ من جهاز "الموساد" و"الشاباك" حتى وإن كانت الواجهات الرسمية إعلامية بحتة، لافتًا إلى أن الاحتلال يستخدم أساليب الهندسة الاجتماعية والتكتيك في الاستدراج، سواء بفتح حوار لفترات زمنية ويتم تجنيده.

وظائف مزدوجة

وأشار إلى أن العديد من الصفحات تؤدي وظائف مزدوجة في عملية الدبلوماسية الشعبية من خلال "منصات التواصل" وتديرها وزارة الخارجية أو مكتب رئيس وزراء الاحتلال، وهدفها إقامة قنوات اتصال مباشرة مع الشعوب "الدبلوماسية الرقمية".

"ومن الصعوبة التعرّف على ما يدور بين المخابرات والضحية لأن الاتصال يكون سريًا، ونعجز عن الاطلاع على فحواه إلا بالقبض على "المُستدرج" والاستماع له عبر أجهزة الأمن الفلسطينية"، كما يقولُ "المصدر"

وشدّد أن تداعيات عملية الإسقاط والاستدراج التي تتبعها المخابرات الإسرائيلية وخيمة على المجتمع الفلسطيني، ومفاقمة تمزيق النسيج الاجتماعي للشعب الفلسطيني، عبر تعزيز الانقسام والاختلاف على المستوى الاجتماعي وغيرها.

وأضاف "المصدر" كما أن هذه الصفحات تؤلب الشعب ضد المقاومة وضرب الحاضنة الشعبية، عبر قنوات اتصال تدرس وتصمم رسائل لتغذية الانقسام المجتمعي" مؤكدًا على أن أنجع وسيلة لمحاربتها "الوعي والتوعية".

غائبة في الضفة سطحية في غزة

ودعا لمجابهة صفحات المخابرات والإسقاط عبر برامج دراسة لدعاية الخصم، والاستمرار بشكل دوري في التوعية لمعرفة ثقافة الخصم وسبل مواجهتها، وعدم ترك الخصم "الاحتلال" في وضع هجومي والفلسطينيين في وضع دفاعي على الدوام، منبهًا إلى ضرورة أن يهاجم الفلسطينيون الاحتلال عبر دارسة مجتمعه ونقل رسائل لبيئته ومجتمعه لإشغاله وإرباكـه.

وحسب رأيه قال "المصدر" "لا يوجد حملات توعية في الضفة وحملات التوعية في غزة سطحية لا تغادر مربع التحذير إلى مربع التفسير كما أنها موسمية ولا يوجد استراتيجية مستمرة، بل حملات مرتبطة بأحداث معينة وموسمية وحضورها في أحداث وغيابها في أخرى وأن المتحدثين أمنيًا غير متخصصين فعليًا"

شائعة في الضفة وغزة

وقال مدير مركز الخدمات الاستراتيجية والترجمة العبرية الأسير المحرر عصمت منصور، أن هذه الظاهرة أصبحت شائعة في الضفة وغزة، وتنتشر صفحات ضباط المخابرات الإسرائيلي بشكل مباشر وصريح أو بشكل وهمي، لخلق نوعٍ من التواصل مع الناس والحصول على المعلومات.

وبين خلال حديثه لـ "زوايا" أنها تهدف لنشر الإشاعات وإثارة الأجواء التي تخدم الاحتلال الإسرائيلي، وخلق حالة من الإرباك، منوهًا أن صفحات المخابرات بشقيها لم تكتفِ بنشطائها والعاملين معها، بل تريد التواصل مع الجمهور مباشرة وممارسة كل أساليبها لخدمتها من خلال منصات التواصل المفتوحة.

وأشار أن تعامل نشطاء "منصات التواصل" لا يتم كلـه بوعيٍ.. منوهـًا " ولو أن 5% تجاوبوا مع هذه الصفحات لحققت المطلوب لدى المخابرات الإسرائيلية، وتعتبر مكسبًا لهم وإضافة إلى رصيدهم".

وقال "نرى في الضفة منشورات للكابتن "س" ينشر أخبارًا عن منطقته ويغري المتفاعلين ويروج لسياسات الاحتلال وتحذيراته، ويُشعِر الجميع أنهم تحت المراقبة وأن الاحتلال مطلع على كل شيء".

سياسة إنسانية مخادعة

"مخابرات الاحتلال ترّوجُ لسياساتٍ إنسانية مثل التصاريح ورفع المنع الأمني لكي يتواصلوا معهم، والحصول على المعلومات، كما أن لهم أهدافا مثل الترهيب ونشر الفتن والإشاعات والترويج لمحفزات"، وفق ما ذكره منصور.
اقرأ أيضاً: صحيفة أمريكية: الفلسطينيون وحدهم أطاحوا بنتنياهو

ونبّه الأسير المحرر أن التواصل مع صفحات المخابرات عبر "منصات التواصل" بأي شكلٍ من الأشكال، يعتبرها ضباط المخابرات أنها قابلية للتواصل ومدّهم بالمعلومات وأنّ الناشط مهيأ للعمل معهم بشكل مباشر لتحقيق مصلحته الشخصية مقابل تحقيق أهدافها، داعيًا لعدم التعاطي ولو بـ "تعليق" ليكون مدخلًا للحديث.

أدوار غائبة لمحاربتها

وعن دور السلطة والمؤسسات والفصائل في محاربة "صفحات المخابرات الرسمية والوهمية"، قال منصور: "حقيقةً وبدون تجنٍ ليس لهم أي دور يُذكر، ولا يوجد أي نوعٍ من الوعي والتوعية، إضافة إلى أن الأهم من ذلك ضرورة خلق بدائل للتواصل الرسمي مع "المنسق" وغيره تكون وسيطًا لرفع المنع الأمني من خلال محاكم أو قضاء يُجنب التنسيق المباشر مع الاحتلال الذي يعرض المواطنين للابتزاز مستغلين حاجتهم وتحت مسميات الخدمات يُخترق المجتمع الفلسطيني.

ويكمل: "لا يوجد محاولات بحثٍ وتقصٍ ولا إحصاء لأضرار التواصل المباشر مع المخابرات الإسرائيلية، مبينًا أن العديد من المواطنين وقعوا في فخ المخابرات، داعيًا لاستراتيجية يتكاثف بها كل من السلطة والمجتمع المدني والنشطاء من أجل حلول وأطر بديلة لتقديم الخدمات".

توجيهات

ويعمل ضباط المخابرات على كسر الحاجز النفسي بينه وبين المستهدف ليشكل مدخلًا للإسقاط والتجنيد، ويجب الإدراك بأنه لا توجد جهة مجهولة تقدم شيئًا دون ثمن، وأن الوعي الأمني بهذه الأساليب يمثل مدخلًا في إفشالها، كما يمكن التغلب على ضابط المخابرات من خلال قطع التواصل معه مهما كان ما يملكه من مبررات لإدانة بحق الشخص المستهدف، كما أنه لم يسجل أي مواقف بأن ضابط المخابرات قد قام بكشف ما يملكه عن الأشخاص المستهدفين، لأنه إن كشفها فسيعجز عن استخدامها.

المصدر : خاص زوايا: معتز عبد العاطي

مواضيع ذات صلة

atyaf logo