ترجمة خاصة: "يجب أن يعاني الفلسطينيون حتى يشعر الألمان بالطمآنينة"

مظاهرة في المانيا
مظاهرة في المانيا

 

“كتب هذا المقال بواسطة دينيجال جيجيك كاتب وباحث وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الأمريكية، وترجم بواسطة موقع زوايا للفكر والاعلام.”


  • لا تزال معاداة السامية تشكل مشكلة في ألمانيا إلى يومنا هذا.

  • نفتالي بينيت ووحشيته ضد الفلسطينيين في كل مكان.

  • راحة الألمان على حساب أرواح الفلسطينيين.

  • ألمانيا تدعم الهجمات الإسرائيلية والتطهير العرقي الممنهج ضد الفلسطينيين.

لقد أتاح تشكيل إدارة إسرائيلية جديدة للقادة الألمان فرصة أخرى لإعادة تأكيد دعمهم القوي للفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

كانت اللحظات الأولى لنفتالي بينيت في منصبه كرئيس للوزراء الإسرائيلي الجديد عبارة عن هيجان عنصري ضد الفلسطينيين في القدس وقد شهدت ضربات جوية على قطاع غزة.

فيما هيئت الحكومة مناخًا مناسبًا لتجمع حشود من المحتجين الإسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة للاحتفال بالذكرى السنوية لضم إسرائيل غير القانوني للمدينة.

استخدم المحتجين الاسرائيليين شعارات اقرب الى العنصرية بينها كان "الموت للعرب" و "سوف نحرق قريتك"، كما كان ايضًا يتردد شعارًا يقولون فيه ان الفلسطينيين على مقربة من "نكبة ثانية" بعد النكبة الاولى التي تهجر بها الفلسطينيين قسرًا من قراهم في عام ١٩٤٨.

الدعم الاوروبي لجرائم بينيت

في الوقت نفسه، قدم السياسيون الأوروبيون والبيروقراطيون غير المنتخبين التهاني لمجلس وزراء بينيت الجديد المليء بتراهات السلام الفارغة.
فيما يتطلع تشارلز ميشيل، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، إلى تعزيز الشراكة مع إسرائيل من أجل ازدهار مشترك ونحو سلام واستقرار إقليمي دائم على حد قوله.
في الوقت نفسه، يعتقد سفين كوبمان، ممثل الاتحاد الأوروبي لما يسمى عملية السلام في الشرق الأوسط أنه يمكنه العمل مع الحكومة الاسرائيلية الجديدة "نحو سلام وأمن دائمين".
إن مثل هذه التصريحات ليست سوى أكاذيب صريحة وتطبيع عنف النظام الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

 

لا توجد "عملية سلام" مع وجود بينيت في السلطة

مصطلح "عملية السلام" هو مصطلح خالٍ من المعنى وهو موجود بشكل أساسي في الخطاب الدبلوماسي المتكرر للاتحاد الأوروبي بشأن فلسطين. قد يكون لإسرائيل حكومة جديدة، لكن النظام نفسه في باقٍ السلطة.

 

بغض النظر عمن هو المسؤول، فإن الإبعاد القسري والقمع للفلسطينيين هو ممارسة مستمرة للمشروع الاستيطاني الاستعماري.

التعصب الألماني

يتماشى هذا التعصب مع سياسات الاتحاد الأوروبي، ولكن الأكثر راديكالية هو النهج الذي تتبعه ألمانيا.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ملتزمة بالعمل بكل قوتها من أجل "أمن إسرائيل" وتتطلع إلى "تعاون وثيق"، بل وتريد "تعميق" "الصداقة الفريدة" مع اسرائيل.

اقرأ أيضاً : ترجمة خاصة- “عبثية محمود عباس”

إن ارتباط ألمانيا بإسرائيل ليس مسألة سياسية ولكنه جزء من هوية ألمانيا.
إن ما يسمى بأمن إسرائيل هو، في الواقع، سبب وجود ألمانيا.
تم إدراج الدعم المتعصب للمشروع الاستعماري الصهيوني في الوعي القومي الألماني المعاصر ويلتزم به جميع المسؤولين المنتخبين تقريبًا وفي جميع أنحاء المشهد الإعلامي في البلاد.
بما أن وجود إسرائيل في شكلها العنصري الحالي يستلزم استمرار الفصل العنصري ومحو السكان الأصليين ، فإن اضطهاد الفلسطينيين يخدم المصالح السياسية لألمانيا. في الواقع، فإن المشاعر الفريدة المعادية للفلسطينيين هي جزء لا يتجزأ من القومية الألمانية الحالية.
بينما يبدو أن الاتحاد الأوروبي وألمانيا يضفيان الطابع الشاعري على رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، إلا أن بينيت يتسم بالشفافية بشأن آرائه العنصرية. قال بينيت ذات مرة: "لقد قتلت الكثير من العرب في حياتي، ولا توجد مشكلة في ذلك".
مدافع قوي عن الاستيطان، بنى بينيت حياته السياسية على التحريض العنصري والعنف العسكري. كان له دور قيادي في مجزرة قانا عام 1996 في لبنان، حيث خدم أيضًا في الجيش الإسرائيلي أثناء احتلاله غير الشرعي للبلاد وعاد خلال حرب عام 2006 وهدد فيما بعد لبنان بالإبادة الجماعية.
لكن هذا ليس كافيًا لتلقي إدانة من بروكسل أو برلين. على العكس من ذلك، يبدو أنها مناسبة للحماس. من نواحٍ عديدة، يرمز بينيت إلى النواة العنيفة للصهيونية العنصرية، والتي ظهرت في حد ذاتها كحركة استيطانية استعمارية أوروبية.

دعم ألمانيا المستمر للأيديولوجيات العنصرية

من وجهة النظر الشائعة أن موقف ألمانيا المتطرف ناتج عن ذنبها بشأن الهولوكوست. ومع ذلك، ينبغي فحص هذا الافتراض بعناية.

بينما يحب الكثيرون في ألمانيا التأكيد على كيفية تغلبهم على النازية وتعاملهم مع ماضي الإبادة الجماعية وكأن شيئاً لم يكن، فإن جرائم ألمانيا لم تنته مع الهولوكوست.
الى اليوم، تواصل برلين دعم الأيديولوجيات المتعصبة والتسلسل الهرمي العرقي. ومع ذلك، تحول التركيز نحو تقديم ألمانيا على أنها ليست عنصرية.

إن دعم ألمانيا لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولي هو بالأحرى وسيلة لبرلين لدعم صورتها الإيجابية ودورها السياسي والاقتصادي القوي في العالم.

اقرا أيضاً: جيل جديد يتصدر الواجهة .. قفز عن الهزيمة والاعلام الجديد سلاحه


بعد عقد بقليل من الهولوكوست، أكد كونراد أديناور، أول مستشار لألمانيا الغربية، عدم وجود معاداة للسامية في المانيا، لكنها كانت مجرد "تطور مؤقت يقتصر على الاشتراكية القومية".
لا تزال معاداة السامية تشكل مشكلة في ألمانيا اليوم، مثلها مثل أشكال العنصرية الأخرى.
نادرًا ما يتم الاعتراف اليوم بأن تاريخ ألمانيا وثقافتها قد تشكلت من خلال معاداة السامية لعدة قرون.
خلال فترة آديناور، كانت النازية لا تزال مزدهرة، حيث استمر المسؤولون من النظام النازي في شغل مناصب حاسمة في الجمهورية الفيدرالية لعقود.
استخدم أديناور نفسه مجازًا لا ساميًا لإقناع برلمان ألمانيا الغربية بعلاقات مع إسرائيل. دعا أديناور إلى "تعفير ألمانيا أو إصلاحها، إذا أردنا على الإطلاق استعادة مكانتنا الدولية"، زاعمًا أنه "لا ينبغي الاستهانة بقوة اليهود حتى اليوم، وخاصة في أمريكا".
بدلاً من التعامل الشامل مع ماضي الإبادة الجماعية، ركزت ألمانيا على تلميع صورتها.

في الواقع، فإن عملية نزع النازية التي بدأت بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية لم يتم تنفيذها بجدية.

اليوم، على اللاجئين الفلسطينيين أن يدفعوا ثمن الإبادة الجماعية للشعب اليهودي في ألمانيا.

من أجل أن تكون هذه المعادلة منطقية، تم تجريد الفلسطينيين تدريجياً من إنسانيتهم ​​إلى تهديد لا يستحق أي حقوق. وبينما تؤكد الحكومة الألمانية اهتمامها المزعوم بالحياة اليهودية، تتطلب سياساتها معادلة الشعب اليهودي بالاستعمار الصهيوني.

نتيجة لذلك، تواصل ألمانيا الترويج للمفاهيم الخاطئة لمعاداة السامية.

مع إعادة إنتاج هياكل الفصل العنصري الإسرائيلية أيديولوجياً في ألمانيا، أصبح حتى النشطاء اليهود الذين ينتقدون الصهيونية ضحايا لعنف الدولة والرقابة وحملات التشهير السياسية التي بدأها في الغالب الألمان البيض غير اليهود.

ليس من المستغرب إذن أنه بالنسبة لألمانيا لا توجد فظائع إسرائيلية وحشية للغاية.

خلال الهجوم الإسرائيلي الاخير في مايو 2021، عندما قتل أكثر من 250 فلسطينيًا، وتحول أكثر من 70 ألفًا مرة أخرى إلى لاجئين بلا مأوى، أصدرت ألمانيا رسائل تضامن مع الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تقصف غزة.
وأدان هايكو ماس المقاومة الفلسطينية ووصفها بأنها غير مقبولة.

كما زار النظام الإسرائيلي ليعلن شخصياً دعمه له وكرر ماس دعم ألمانيا لما يسمى بحق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها".

بعد انتخاب بينيت، أعرب ماس عن سعادته وأكد مجددًا أن "ألمانيا ستكون دائمًا إلى جانب إسرائيل".
في الواقع، تشارك ألمانيا اليوم بنشاط في الفظائع المرتكبة ضد الفلسطينيين وتضمن استمرار التسلسل الهرمي العنصري في إسرائيل.
يبدو أن على الفلسطينيين أن يعانوا حتى يشعر القوميون الألمان براحة أكبر تجاه ماضيهم.
أصل المقال المُترجم

المصدر : خاص زوايا – ترجمة: طارق رامي الشريف

مواضيع ذات صلة

atyaf logo