مكبات النفايات "تزكم" أنوف الفلسطينيين.. نحو 3 آلاف طن نفايات يومياً

منذ 20 عاما ويكافح آلاف المواطنين الذين يسكنون في محيط مكب "زهرة الفنجان" في محافظة جنين، من أجل الحصول على هواء نقي وبيئة صحية، خالية من الروائح الكريهة والحشرات الناقلة للأمراض، بسبب المكب الذي يؤرقهم كل ساعة.


عبد الباسط خلف صحفي مختص بالبيئة ويقيم في محافظة جنين، يقول لـ"زوايا" إنه رغم سكنه البعيد عن منطقة مكب "زهرة الفنجان"، إلا أن الروائح تصله في بعض أوقات العام خصوصا في الشتاء على بعد أكثر من 10 كيلومتر هوائيا.

المواطنون يعانون على مدار الساعة


ويضيف أن المكب أصبح وجهة للطيور المهاجرة التي تتغذى على المواد العفنة، وتضررت الزراعة في المكان، حتى أن بعض الأشجار القريبة قد جفت، إلى جانب تأثيره المباشر على السكان من حيث الروائح الكريهة، وعدم قدرتهم على الجلوس في الهواء الطلق أو نشر ملابسهم في الخارج لأنه سوف يتلوث بالروائح والانبعاثات الغازية، بالتالي حول المكب حياة السكان الى جحيم.


ويتابع خلف: كما أن أسعار الأراضي انخفضت بشكل كبير لأن الجميع يمتنع عن البناء والاستثمار في تلك المنطقة، بالتالي أصبحت الأرض بلا قيمة.

ويرى أنه يمكن اقناع المواطن بفرز النفايات المنزلية التي تحتوي على عصارة مثل بقايا الطعام عن النفايات الصلبة والبلاستيكية وتحويلها لسماد عضوي لاستخدامه في الزراعات المنزلية.

اقرأ أيضاً: عمال النظافة .. يصنعون الجمال ويعاقبون بالفصل بدون حقوق


أما مدير جودة البيئة في جنين عبد المنعم شهاب، فقد أوضح لـ"زوايا" أن المشكلات الناتجة عن مكب "زهرة الفنجان" مصدرها عدم قدرة المكب استيعاب كمية النفايات الضخمة التي تصله يوميا، بالتالي تخلف صعوبة في معالجة العصارة بالطريقة السليمة، مما ينتج عنها روائح كريهة.


ويؤكد أنه مع نهاية العام قد يتم إغلاق المكب أو تحويله الى مصدر للطاقة المتجددة بحيث يتم استخراج الغاز أو الطاقة الكهربائية منه.

ويرى أن انشاء مكب جديد سيواجه صعوبة في الحصول على قطعة أرض بمساحة كبيرة بعيدة عن السكان والأراضي الزراعية.

انتشار المكبات العشوائية


من جانبه، يرى الخبير البيئي د. عقل أبو قرع أن كثيرا من المواطنين في بلادنا يتخلصون من النفايات بطريقة عشوائية مضرة بالبيئة، حيث يتم إلقاؤها في الوديان وبجانب الطرقات.


ويوضح أن "زهرة الفنجان"، تم تأسيسه قبل 20 عاما وفق المعايير الصحية والبيئية في ذلك الوقت، حيث يتم التخلص من النفيات عن طريق الطمر، ولكن الآن بعدما أصبح يخدم شمال الضفة الغربية وبعض مناطق الوسط، أدى لزيادة قدرته الاستيعابية، بالتالي لم يعد التأثير مباشرة على السكان المحيطين فقط، وإنما قد يؤدي الى تسرب عصارة النفايات الى المياه الجوفية وتلويثها.

تكلفة عالية


ويبيّن القائم بأعمال مدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة د. أيمن أبو ظاهر، أن من أهم الصعوبات التي تواجه سلطة جودة البيئة بخصوص انتشار المكبات العشوائية، عدم توفر مكبات مركزية كافية لجمع النفايات الصلبة في مختلف محافظات الوطن، حيث المكبات المطلوبة (3-5) مكبات.


وفي الاستراتيجية الوطنية للبيئة أقر 3 مكبات من ضمنها "زهرة الفنجان" شمال الضفة، ومكب "المنيا" في جنوب الضفة، والثالث مكب "رمون" في وسط الضفة الذي لم يتم انشاؤه ويراوح مكانه، أما في قطاع غزة فيوجد مكب واحد مركزي، وهذا غير كافٍ لذلك يوجد مكبات أخرى صغيرة تخدم مناطق معينة.

ويوضح أبو ظاهر في حديثه لـ"زوايا" أن مكب "زهرة الفنجان" أنشئ لجنين وجزء من نابلس لكن نتيجة عدم وجود مكبات في الوسط، أصبح المكب يخدم محافظات نابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية وسلفيت وجزء من رام الله والبيرة.

وبناء عليه، وبدلا من أن يستوعب هذا المكب ثلث النفيات في محافظات شمال الضفة، أصبح يقترب من النصف، واصبح غير قادر على استيعاب كافة النفايات في الوقت المناسب.

ويشير إلى أنه نتيجة بعده في شمال الضفة، أصبحت تكلفة النقل من البلديات البعيدة عالية جدا، لذلك بدأ يظهر مكبات عشوائية في المحافظات بالرغم من إغلاق بعضها بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي.

الاحتلال عائق


وحول السبب الذي يمنع افتتاح مكبات مركزية جديدة، يؤكد أبو ظاهر أن السببين الرئيسيين وراء ذلك، أولا عدم توفر مساحة أرض كافية خاضعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وثانيا معيقات الاحتلال.


ويقول أن خير مثال على ذلك مكب "رمون" في محافظة رام الله والبيرة الذي خطط له منذ 2003 ولغاية الآن لم يفتتح لأنه لا توجد ارض مناسبة تحت سيادة السلطة الفلسطينية.

ويضيف أنه بعد العمل في مكب "رمون"، تبيّن أن جزء منه يقع في المنطقة المصنفة "ب" بالتالي اعترض الإسرائيليون عليه ولا زال عالقا، كما أن المستوطنين القريبين احتجوا أيضا على المكب.

ويؤكد أبو ظاهر أن الاحتلال يشكل عائقا رئيسيا في إقامة مكبات النفايات، لأنه يمنع إقامة مكبات في المناطق المصنفة "ج"، وإذا أنشئ في المنطقة المصنفة "ب" يتدخل الاحتلال أيضا ويضع شروطه.

اعتداءات على عمال جمع النفايات


وتتكرر مشاهد اعتداءات الاحتلال على عمال جمع النفيات وعربات النفايات، حيث قام عدة مرات باحتجاز ومصادرة عربات جمع النفايات والاعتداء على طواقمها التابعة لبلدية البيرة جراء تخلصها من النفايات في مكب تابع للبلدية قرب جبل الطويل المقامة عليه مستوطنة "بسجوت".


وحول ذلك، يوضح أبو ظاهر أن الاحتلال أغلق مكب نفايات البيرة عدة منذ الانتفاضة الأولى، مما دفع البلدية للتخلص من النفيات في مكبات أخرى.

اقرأ أيضاً:  “الأونروا”.. من تثبيت اللجوء حتى مخطط التصفية


ويضيف أن هذه الظاهرة تكررت أيضا في مكب نفايات العيزرية الذي كان يخدم ضواحي القدس، حيث اغلقه الاحتلال، مما دفع هذه المناطق لتحويل نفايتها الى مكب "المنيا" بالجنوب.



أرقام وحلول


وينتج الفرد الفلسطيني من النفايات المنزلية الصلبة يوميا 0.6 كغم، يعني يصل حجم النفايات الصلبة الى 3 آلاف طن في الضفة وغزة يوميا، وفق أبو ظاهر.


ويؤكد أن سلطة جودة البيئة تعمل مع مؤسسات السلطة الأخرى جاهدة لمحاولة تشغيل مكب "رمون" بمحافظة رام الله والبيرة للتقليل من العبء على المكبين المركزيين الأخرين.

ومن الحلول أيضا، يقول أبو ظاهر أن الحكومة اعتمدت في 2017 على أجندة السياسات الوطنية القائمة على 70 سياسة من ضمنها 23 سياسة بيئية تعتمد على الطاقة المتجددة والمياه العادمة ومعالجتها، ومعالجة النفيات وإعادة تدويرها واستخدامها.

وبالتالي يوجد مشروع ضخم على وشك أن يدخل حيز التخطيط النهائي، وهو مشروع الطاقة والغاز المنبعث من مكب "زهرة الفنجان"، وقد أطلقنا قبل سنوات شعار "نفايتنا مصدر وليست عبء" بالتالي يمكن إنتاج طاقة كهربائية منها نتيجة الحرق، أو إنتاج الغاز، كما يذكر أبو ظاهر.

ويضيف: في مكب "المنيا" يتم فرز كل شيء، فمثلا النفايات الصلبة يتم فرزها والبلاستيك أيضا، والنفايات المنزلية يتم فرزها وتحويلها إلى سماد عضوي يستخدم في الزراعة .

ويؤكد أن "سلطة جودة البيئة بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى شجعنا التدوير على مستوى الشركات، حيث شجعنا صناعات بيئية كثيرة تعتمد على تدوير البلاستيك والورق والمطاط والسماد العضوي.

ووفق أبو ظاهر، يتوفر لديهم الآن أكثر من 12 مصنع سماد عضوي في الضفة، ما يعني النجاح في تقليل نسبة النفايات إلى 50%، من خلال تحويل نصفها إلى سماد عضوي.

ويقول "نحن بحاجة لسنوات حتى يظهر ذلك، لكن نؤكد بشكل حقيقي أننا قطعنا مشوارا مهما على مستوى القطاع الخاص والسياسات الحكومية المتعلقة بالنفايات والبيئة".

خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo