هكذا قرأ محللون مبادرة "التغيير البنيوي" لناصر القدوة

نظر محللون سياسيون، إلى "مبادرة التغيير البنيوي من أجل الإنقاذ الديمقراطي"، التي أعلن عنها الملتقى الوطني الديمقراطي ومؤسسه د. ناصر القدوة، بأنها جيدة وقابلة للتطبيق وتحظى بالاحترام، إلا أنها حالمة نظرا لأن أقطاب الانقسام الفلسطيني (فتح- حماس) لن تستجيب لها، في ظل ما نشهده هذه الأيام من اتساع الهوة بينهما.


وكان القدوة، قد أعلن خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 8 حزيران الجاري، من مقر الملتقى في مدينة رام الله، عن "مبادرة التغيير البنيوي من أجل الإنقاذ الديمقراطي".


وأكد القدوة، خلال المؤتمر على رفض العودة إلى نفس السيناريوهات الماضية في الحوار الفلسطيني التي وصفها بأنها مستهلكة.


كما حذر من وجود خطر على القضية الفلسطينية، بسبب ما اعتبره تعنتاً من بعض أطراف الانقسام الفلسطيني، وإصرار على عدم إحداث التغيير المطلوب لإعادة الاعتبار للنظام السياسي الفلسطيني.


وقال القدوة إن "الموقف السياسي الذي صدر مؤخرا من حماس بدعم دولة فلسطين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية يسهل العمل لوجود برنامج سياسي مشترك، أساسه الاستقلال الوطني".


اقرا أيضاً: رئيس سلطة الأراضي محمد غانم لـ”زوايا”: الاحتلال استخدم أساليب خداع للسيطرة على أملاك الفلسطينيين

ووجه القدوة انتقادات لمواقف حركتي فتح حماس، حيث تطرح فتح والسلطة إقامة حكومة جديدة، لكنه تساءل عن غياب ملفات منظمة التحرير والانقسام في تلك الرؤية.


وفي المقابل بحسب القدوة تريد حماس انتخابات وإعادة بناء منظمة التحرير ولكن بتجاهل الانقسام.


وعن المواجهة الأخيرة بين الفلسطينيين والاحتلال في غزة والقدس وأراضي 48 والضفة الغربية، قال القدوة إنها أثبتت فشل السياسات الإسرائيلية التي تبنتها الحكومات الإسرائيلية، وأعطت نافذة فرصة، لكن لا يمكن أن تفعل شيئا في الحالة الفلسطينية المتردية الحالية.


مبادرة القدوة التي أعلن عنها تشمل أربعة مقترحات، ومقترح خاص بالآلية، لتشكل جميعاً رزمة واحدة، وتنطوي على المكونات التالية:


أولاً: استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وأسس تحقيق ذلك.


ثانياً: إعادة بناء هيئات منظمة التحرير الفلسطينية، بدءاً بتشكيل مجلس وطني جديد وعقد الانتخابات العامة.


ثالثاً: إنشاء حكومة فصائلية بمشاركة كفاءات مستقلة تكون قادرة على مواجهة تحديات المرحلة بما في ذلك من تنفيذ خطوات إنهاء الانقسام المتفق عليها، ويكون لها برنامج يمكنها من التعاون مع المجتمع الدولي.


رابعاً: تشكيل لجنة وطنية قانونية لمراجعة بعض القوانين وتعديلها تمهيداً لإصدارها بشكلها الجديد بما في ذلك قانون الانتخابات.


خامساً: تشكيل جسم قيادي مؤقت لحين إنجاز ما سبق.


المبادرة جاءت من ثمانية صفحات، ووضعت تصوراً وأسسا لاستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، حيث تحدثت عن متطلبات إنهاء الانقسام، وملف الموظفين، وملف موظفي الأمن المدني، والأراضي، والقانون والجهاز القضائي، وسلاح المقاومة، والمصالحة المجتمعية والعدالة الانتقالية، والثروة القومية والمشاريع الكبرى، والتزامات السلطة تجاه قطاع غزة، والأساس الديمقراطي والحريات العامة، وأخيراً المعابر.


موقع "زوايا" حاور اثنين من المحللين السياسيين، أحدهم من الضفة الغربية، والآخر من قطاع غزة، وهم من الذين وصلت إليهم هذه المبادرة.


اقرأ أيضا: “زوايا” تكشف خبايا فشل عقد حوار الفصائل الفلسطينية بالقاهرة

أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د. غسان الخطيب، قال إن المبادرة جيدة وفيها ميزات جديدة، وهي شاملة تتناول مختلف أوجه البنية السياسية الفلسطينية، وتتطرق إلى جوانب تتعلق بالمواقف السياسية، وجوانب تتعلق بالأداء الدولي، وهو أمر مهم جداً.


وأضاف الخطيب في حوار مع "زوايا"، أن هذه المبادرة فيها طروحات واضحة ومهمة فيما يتعلق بموضوع الإنقسام ومعالجته، وتتجاوز الخطوات العريضة، وتضع خطوات ملموسة، حيث تمتاز أنها لا تقف عند العموميات، بل تضع خطوات عملية.


لذا أكد الخطيب أن هذه المبادرة تشكل أرضية مفيدة للمساهمة في النقاشات الجارية الآن، لإعادة تقييم النظام السياسي الفلسطيني وتطويره، ودفعه للأمام للتخلص من بعض جوانب الخلل وأهمها الإنقسام.


وحول إمكانية الاستجابة لهذه المبادرة، قال الخطيب إن القضية تنحصر على فتح وحماس وباقي الفصائل تتبع أو أقل أهمية ودون وزن.


وأضاف، بالرغم أن الفجوة بين حركة فتح وحماس تتسع أكبر وأكبر، ولكن في داخل فتح وحماس بالإضافة إلى عناصر أخرى خارج التنظيمات تتابع باهتمام الحوارات والنقاشات الدائرة بين التنظيمات وفي داخلها وفي خارجها، وهناك مجموعات عديدة في داخل التنظيمات وخارجها مهتمة بهذه المبادرة خصوصاً أن هناك أجواء حوارات.


وأكد أن هناك قطاعات واسعة في النخب والجمهور تشعر أن هناك حاجة لحوار جريء وأفكار جديدة، لذلك البيئة الحالية تتجاوب مع أفكار تحاول أن تتصدى للتحديات الموجودة، ولها صدى لكنها تأخذ وقت للاستجابة لها.


وحول تعامل مركزية فتح مع هذه المبادرة، سيما وأنها صدرت عن القدوة وما بينهما من شقاق هذه الأيام، يرى الخطيب أنه بغض النظر عن الإشكالات التي حصلت في حركة فتح إلا أن القدوة يحضى باحترام كبير في المجتمع وفي حركة فتح، وهذه المبادرة تحضى باحترام كبير.


لكن الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يختلف مع الخطيب، وقال إن الظروف التي نحن فيها ليست ناضجة لاستقبال مثل هذه المبادرات، بالرغم أن المبادرة جيدة وطموحة، وفيها كل المطالبات التي رفعها الناس خلال فترة ليست بالقصيرة.


ويرى عوكل في حواره مع "زوايا"، أنه ليس هناك إمكانية في هذه الظروف لتحقيق مثل هذه المبادرة أو التعامل معها بالجدية من قبل الأطراف المعنية.


وقال عوكل، إنه لم يشاهد أن القوى السياسية تلقفت هذه المبادرة وتعاملت معها بجدية، وفي الآونة الأخيرة هناك جهتين صعدوا فوق الشجرة، وما يجري الان ليس اختلاف في وجهات النظر بين فتح وحماس بل تباعد أكبر للدرجة التي عطلت إمكانية التوافق حتى على اقتراحات بسيطة تسمح ببدء الحوار.


لذا أكد أن هذه الظروف لا تسمح بتحقيق مصالحة حقيقية، والمصالحة التي يطالب بها المجتمع الفلسطيني.


ويرى أنه في أفضل الحالات إذا جرت محاولات جادة ومع ضغوطات نحصل على آليات ضعيفة وشكلية.


وكان من المقرر أن تبدأ جلسات الحوار الوطني بين الفصائل الفلسطينية مطلع الأسبوع الجاري في القاهرة، إلا أنه تأجلت إلى بسبب عدم تقارب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس.


وكشف موقع "زوايا" في تقرير منفصل عن الأسباب التي دفعت إلى تأجيل جلسات الحوار الوطني في القاهرة.


وبحسب مصادر "زوايا" فإن قرار تأجيل الحوار جاء نتيجة رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس المشاركة فيه، بعد إصرار حركة حماس على دعوة فصائل المقاومة الموجودة بغزة “لجان المقاومة الشعبية، ألوية الناصر صلاح الدين، حركة المجاهدين، حركة الأحرار” للحوار.


وبدأ الخلاف بين الحركتين بعد مطالبة حركة حماس البدء بإعادة بناء المؤسسات الوطنية من الأعلى إلى الأسفل بدءا من منظمة التحرير، وهو الذي اعتبر نقضا للاتفاقيات السابقة بينهما.

مواضيع ذات صلة

atyaf logo