حماس بين النضج ونهاية التأرجح

مؤسسة زوايا للفكر والإعلام
مؤسسة زوايا للفكر والإعلام

كل حركات التحرر في العالم سارت في مسارات متعددة، تفرضها البيئة السياسية الدولية والعلاقات المحيطة، وكذلك الإيدلوجيا في مراحل التطور والنمو، ومع كل مرحلة تتضح معالم جديدة ومقاربات غائبة، تؤدي الى تغيير في التوجهات السياسية والكفاحية.

في الحالة الفلسطينية المعقدة مرت كافة القوى الفلسطينية الحيوية بهذه المنعرجات السياسية، نتيجة الإحباط أو نشوات عابرة تفرزها التغييرات العربية والإقليمية، حتى حركة فتح التي دربت طلائع الحرس الثوري بعد نتصار الثورة الايرانية، وجدت نفسها في لحظة ما أمام مفترق طرق.

اليوم حركة حماس أمام اختبار حقيقي في ظل المصالحات العربية- العربية وصولا لاسطنبول، خاصة في ظل الدفء المتنامي بين القاهرة والدوحة، في المقابل تصر إيران على أن تكون رأس محور بأطراف مرتبطة في مركزية شديدة بطهران، من ضاحية لبنان الجنوبية حتى دمشق وعدن وأطراف بغداد التي عادت مؤخرا لدورها الاستراتيجي من خلال فتح حوار بين الرياض وطهران.

اليوم مطلوب من حركة حماس إعادة النظر الى بعدها العربي، وسط حالة ادراك كل الأطراف لأخطائهم، واتخاذ العبرة من التجربة المريرة لمرحلة ما بعد الربيع العربي.

وحتى تتضح الامور، هناك فارق واضح بين الأردن ومصر من جهة وأبو ظبي ودول الأطراف في الخليج، فالأردن سجل موقف واضح ضد صفقة ترامب، فيما شكلت مصر غطاء لغزة في أصعب لحظاتها تحت القصف.

وبما أن حركة حماس اعتمدت البرنامج المرحلي بقبول أهم مكونات المبادرة العربية في اطار حل الدولتين، يتوجب عليها تجاوز ما سبق نحو علاقات عربية وثيقة قائمة على تحقيق المصالح الفلسطينية وتحويل الطوق من حصار إلى نجاة.

وأصبح واضحا أن أي مسار خارج خيارات الأمة العربية وبعدها الاسلامي الواسع سيكون شاق ومتعثر، لأن الحكمة تقول: أهلي إن جاروا علي كرام.

لا يمكن التعامل مع الأمة من خارج مكوناتها بل المطلوب التسديد والمقاربة على قاعدة فلسطين قضية الأمة.

إن الظهير العربي الذي تمثله الشعوب بدرجة أساسية هو السند الحقيقي للكفاح الفلسطيني، ولم يبخل يوما على فلسطين الناهضة بالاحتضان والدعم رغم توازنات الحكم الداخلية في كل قطر، وهو أمر تقتضي الحكمة السياسية عدم التدخل فيه والاكتفاء بالأصل عبر الشعوب وقواها الحية.

هذا الصمود الفلسطيني والتمسك بالهوية ومقارعة الاحتلال عبر عقود ممتدة ونضال مستمر، يفرض على حماس تحديد الثابت والمتغير وفهم طرق الاستخدام والاستحواذ الإقليمية ضمن رؤية عالمية لإدارة صراعات الكبار على الجغرافيا والنفط والنفوذ.. حيث لا مكان للشعارات وحسن النوايا.

المصدر : خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo