صحيفة أمريكية: الفلسطينيون وحدهم أطاحوا بنتنياهو

بنيامين نتنياهو رئيس وزراء حكومة الاحتلال
بنيامين نتنياهو رئيس وزراء حكومة الاحتلال
  • استطاع الفلسطينيون فعل ما لم يستطع أعتى الإسرائيليين فعله
  • أطاح الفلسطينيون ببنيامين نتنياهو أخيرا
  • تكاثفت جميع الأحزاب الإسرائيلية بما فيهم حزب نتنياهو لإسقاطه
  • باءت كل المحاولات الإسرائيلية لإسقاط نتنياهو بالفشل
  • قضية فساد نتنياهو أمام المحاكم الإسرائيلية
  • الحرب الأخيرة كانت بمثابة الضربة القاضية لنتنياهو
  • وصف السياسيين الإسرائيليين سياسات نتنياهو بالانهزامية والمحرجة بعد حرب غزة

أكد تقرير أعدته Counter Punch، أن الفلسطينيين في غزة تمكنوا من الإطاحة برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد خمسة عشر عاماً حكم فيها "إسرائيل"، كأطول فترة حكم متغلباً على المؤسس ديفيد بن غوريون، بعد أن فشلت كل المحاولات الإسرائيلية من الاطاحة به رغم التهم التي وجهت له بالفساد وخيانة الأمانة العامة، وأضاف التقرير أن الجولة القتالية الأخيرة في مايو الماضي، حولت نتنياهو إلى مسخرة بين الإسرائيليين، حيث وصف سياسيون إسرائيليون المشهد الأخير لنتنياهو بالمحرج والمستسلم والمهزوم.

يشار إلى أن أربعة انتخابات جرت في أقل من عامين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتمكن هذه الانتخابات من الإطاحة بنتنياهو، ومع وشك الذهاب لانتخابات خامسة، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن لنتنياهو، وينقلب السحر على الساحر، ويتحول عدوانه على غزة إلى سيف على رقبته سيخرجه من المشهد السياسي الإسرائيلي.

وتساءلت الصحيفة الأمريكية في تقريرها الذي ترجمه موقع "زوايا"، كيف تمكن بنيامين نتنياهو من تولي منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي لمدة خمسة عشر عامًا في منصبه وهي الفترة الاطول لرئيس وزراء اسرائيلي حيث تجاوز نتنياهو المؤسس الاول لإسرائيل ديفيد بن غوريون والذي استمر على سدة الحكم لمدة أثني عشر عامًا. ستصبح الإجابة على هذا السؤال حاسمة بشكل خاص للقادة الإسرائيليين المستقبليين الذين يأملون في محاكاة إرث نتنياهو، بعد أن أصبح من المرجح أن تنتهي قيادته التاريخية.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أنه لا يمكن الحكم على "إنجازات" نتنياهو بنفس المعايير التي اتخذت في فترة حكم بن غوريون. كلاهما يعتبران من الأيديولوجيين الصهاينة المخلصين والسياسيين الأذكياء. ولكن على عكس بن غوريون، لم يقود نتنياهو ما يسمى بـ "حرب الاستقلال"، حيث قام فقط بدمج الميليشيات في الجيش وقام ببناء "رواية وطنية" بعناية ساعدت إسرائيل على تبرير جرائمها العديدة ضد الفلسطينيين الأصليين.

اقرأ أيضا: “زوايا” تكشف خبايا فشل عقد حوار الفصائل الفلسطينية بالقاهرة

التفسير المبتذل لنجاح نتنياهو في السياسة هو أنه "ناج"، محتال، ثعلب، أو في أفضل الأحوال، سياسي متحذلق. ومع ذلك، هناك ما هو أكثر لنتنياهو من مجرد مقاطع صوتية. على عكس السياسيين اليمينيين الآخرين في جميع أنحاء العالم، لم يستغل نتنياهو أو يركب موجة حركة شعبوية قائمة. بدلاً من ذلك، كان المهندس الرئيسي للنسخة الحالية لسياسة اليمين الإسرائيلي. إذا كان بن غوريون هو الأب المؤسس لإسرائيل في عام 1948، فإن نتنياهو هو الأب المؤسس لإسرائيل الجديدة في عام 1996. بينما استخدم بن غوريون وأتباعه التطهير العرقي والاستعمار وبناء المستوطنات غير القانونية لأسباب استراتيجية وعسكرية، نتنياهو أثناء استمراره بنفس الممارسات تغيَّر السرد كليًا.

بالنسبة لنتنياهو، كانت النسخة التوراتية لإسرائيل أكثر إقناعًا من الأيديولوجية الصهيونية العلمانية والتي تواجدت في الماضي. من خلال تغيير الرواية، تمكن نتنياهو من إعادة تعريف الدعم لإسرائيل في جميع أنحاء العالم، وجمع بين المتعصبين المتدينين اليمينيين، والشوفينيين، والمعادين للإسلام، واليمين المتطرف، والأحزاب القومية المتطرفة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.

لم يكن نجاح نتنياهو في إعادة تسمية المركزية الخاصة بفكرة "إسرائيل" في أذهان مؤيديها التقليديين مجرد استراتيجية سياسية. كما غيّر ميزان القوى في "إسرائيل" من خلال جعل المتطرفين اليهود والمستوطنين غير الشرعيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة دائرته وموضوعه الأساسي. بعد ذلك، أعاد اختراع السياسة الإسرائيلية المحافظة تمامًا.

كما قام بتدريب جيل كامل من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين واليمين المتطرف والقوميين المتطرفين، مما أدى إلى ظهور شخصيات جامحة مثل وزير الجيش السابق وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، وما تسمى بوزيرة العدل السابقة أييليت شاكيد، واخيرًا، وزير الجيش السابق، والبديل المحتمل لنتنياهو، نفتالي بينيت.

في الواقع، نشأ جيل جديد من الإسرائيليين وهم يشاهدون نتنياهو وهو يأخذ معسكر اليمين من نجاح إلى آخر. بالنسبة لهم هو المنقذ. حشدت مسيراته المليئة بالكراهية وخطابه المناهض للسلام في منتصف التسعينيات المتطرفين اليهود، قتل أحدهم اسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الذي أشرك القيادة الفلسطينية من خلال "عملية السلام"، وفي النهاية وقع اتفاقيات أوسلو.

بعد وفاة رابين في تشرين الثاني (نوفمبر) 1995، تداعى "اليسار" السياسي الإسرائيلي بسبب الشعبوية اليمينية التي دافع عنها زعيمها الجديد نتنياهو، الذي أصبح بعد بضعة أشهر فقط أصغر رئيس وزراء في "إسرائيل".

على الرغم من حقيقة أن السياسة الإسرائيلية يتم تحديدها تاريخيًا من خلال ديناميكيتاها المتغيرة باستمرار، إلا أن نتنياهو ساعد اليمين على إطالة فترة هيمنته، متغلبًا تمامًا على حزب العمل الذي كان مهيمنًا في يوم من الأيام. لهذا السبب يحب اليمين نتنياهو. في ظل حكمه توسعت المستعمرات اليهودية غير الشرعية بشكل غير مسبوق، وتم دفن أي احتمال مهما كان ضئيلاً لحل الدولتين إلى الأبد.

بالإضافة إلى ذلك، غيّر نتنياهو العلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، حيث لم تعد "اسرائيل" مجرد زبون أو أن تتبع أمريكا معها سياسة الزبائن، ولكن نتنياهو كان له تأثير كبير على الكونغرس الأمريكي والبيت الأبيض.

كل محاولة من قبل النخب السياسية في "إسرائيل" لطرد نتنياهو من السلطة باءت بالفشل.

لم يكن هناك تحالف قوي بما فيه الكفاية وأخيرًا لم تكن نتيجة الانتخابات حاسمة بما فيه الكفاية ولم يكن أحد ناجحًا بما يكفي في إقناع المجتمع الإسرائيلي بأن بإمكانه أن يفعل من أجلهم أكثر مما فعل نتنياهو. حتى عندما حاول جدعون ساعر من حزب الليكود بزعامة نتنياهو القيام بانقلاب خاص به ضد نتنياهو خسر التصويت ودعم الليكوديين، وتم نبذه بالكامل فيما بعد.

في وقت لاحق أسس ساعر حزبه "أمل جديد"، مستمرا في المحاولات اليائسة للإطاحة بنتنياهو الذي يبدو أنه لا يقهر. أربع انتخابات عامة في غضون عامين فقط فشلت في طرد نتنياهو. كما فشلت كل معادلة رياضية محتملة لتوحيد الائتلافات المختلفة، وكلها متحدة بهدف واحد وهو هزيمة نتنياهو. في كل مرة يعود نتنياهو بعزم أكبر على التمسك بمقعده، متحديًا المتنافسين داخل حزبه وكذلك أعدائه من الخارج. حتى نظام المحاكم في "إسرائيل"، الذي يحاكم نتنياهو بتهمة الفساد لم يكن قوياً بما يكفي لإجبار نتنياهو على الاستقالة.

حتى أيار (مايو) من هذا العام، كان الفلسطينيون يبدون هامشيين، إذا لم يكن لهم صلة بهذه الأحداث على الإطلاق. بدأ الفلسطينيون الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي وكأنهم مهددون، بفضل العنف الإسرائيلي ورضوخ السلطة الفلسطينية. كان الفلسطينيون في غزة، على الرغم من مظاهر التحدي العرضية، يقاتلون حصارًا إسرائيليًا استمر 15 عامًا، كما بدت المجتمعات الفلسطينية داخل "إسرائيل" غريبة عن أي محادثة سياسية تتعلق بنضال وتطلعات الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضا: نقاط ضرورية على جدل المقاومة في فلسطين ومحور إيران

تبددت كل هذه الأوهام عندما انتفضت غزة تضامناً مع ثلة فلسطينية صغيرة في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة. أشعلت مقاومتهم سيلًا من الأحداث التي وحدت خلال أيام جميع الفلسطينيين في كل مكان. ونتيجة لذلك، حولت الثورة الشعبية الفلسطينية الخطاب لصالح الفلسطينيين وضد الاحتلال الإسرائيلي.

وكتبت صحيفة فايننشال تايمز، التي تصور بشكل مثالي أهمية تلك اللحظة، "فاجأت شراسة الغضب الفلسطيني "إسرائيل" ونتنياهو الذي أطلق العنان لحماقه المتطرفين ضد الفلسطينيين في كل مكان على غرار جيشه الذي أطلق العنان ضد غزة المحاصرة وجد نفسه في وضع غير مسبوق، استغرق الأمر 11 يومًا فقط من الحرب لتحطيم شعور إسرائيل بـ "الأمن"، وفضح ديمقراطيتها الزائفة.

أصبح نتنياهو غير المقبول المساس به محط سخرية السياسة الإسرائيلية. ووصف سياسيون "إسرائيليون" قياديون سلوكه في غزة بأنه "محرج وهزيمة واستسلام".

كافح نتنياهو لاستعادة صورته، ولكن كان الوقت قد فات. قد يبدو هذا غريبًا، لم يكن نفتالي بنيت أو أفيغدور ليبرمان من أطاح ب "ملك إسرائيل" أخيرًا، ولكن الفلسطينيين هم من فعلوا ذلك.

"كتب هذا التقرير باللغة الإنجليزية الصحفي رمزي بارود وهو صحفي فلسطيني ومحرر لموقع بالستينين كرونيكل الأميريكي، كما قام أيضا بكتابة خمس كتب كان آخرها "لا بد للقيود ان ينكسر" وقد ترجم هذا المقال بواسطة موقع زوايا للفكر والاعلام.

أصل التقرير المترجم

المصدر : ترجمة خاصة: طارق رامي الشريف

مواضيع ذات صلة

atyaf logo