حوار رئيس تونس الأسبق المنصف المرزوقي: فلسطين موجودة أكثر من أي وقت مضى

الرئيس التونسي الأسبق، د. المنصف المرزوقي
الرئيس التونسي الأسبق، د. المنصف المرزوقي

 

  • أخشى من تأجيل الانتخابات جراء ارتفاع شعبية حماس بعد معركة سيف القدس.

  • لم يكن يوما مطلوب من غزة المحاصرة أن تغلب دولة نووية

  • المقاومة الفلسطينية حققت أهم انتصار على دولة الاحتلال في الجولة الأخيرة.

  • انهيار "صفقة القرن" ومعاهدة إبراهام

  • الانتصار الحقيقي هو الذي سيكون على الانقسام

  • من الخطأ مواصلة الانقسام لأنه أجمل هدية لإسرائيل

  • باستثناء الإمارات بقية الأنظمة ستراجع حساباتها في التطبيع

أكد الرئيس التونسي الأسبق، د. المنصف المرزوقي أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تعرضت لهزيمة إعلامية وسياسية وأخلاقية أمام العالم خلال المعركة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال في قطاع غزة.

وقال المرزوقي في حوار خاص لموقع "زوايا": إن "المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة انتصرت في جولتها الأخيرة على الاحتلال الإسرائيلي، انتصاراً معنوياً ونفسياً وسياسياً وهذا أهم انتصار، لأنه لم يكن يوما مطلوباً من غزة المحاصرة أن تغلب دولة نووية".

وشدد على أن واقع القضية الفلسطينية الآن موجود أكثر من أي وقت مضى والأحداث ستفرض على الجميع التعامل الجدي معها خاصة أمام انهيار "صفقة القرن" ومعاهدة إبراهام، (في إشارة إلى اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين مع دولة الاحتلال).

اقرأ أيضاً: د. سمير غطاس لـ “زوايا”: مصر تحولت من دور وسيط إلى شريك بين الفلسطينيين والاحتلال

وأعرب المرزوقي عن خشيته أن يكون ازدياد شعبية حركة حماس بعد معركة "سيف القدس" سبباً في تأجيل الانتخابات الفلسطينية أكثر فأكثر، داعياً إياها أن تطمئن الأطراف الأخرى "لأن الانتصار الحقيقي هو الذي سيكون على الانقسام وهو الذي سيمكن من استثمار كل نتائج المقاومة البطولية لغزّة عرين الأسود". حسب وصفه.

وعن إمكانية إحياء عملية السلام وعودة المفاوضات في زمن الرئيس الأمريكي الحالي جوزيف بايدن، أوضح أن الإشارات الإيجابية تتمثل في توقف الاستيطان وتهجير العائلات المقدسية ورفع الحصار عن غزة آنذاك وباب المفاوضات الجدية سيفتح على مصراعيه لحلّ نهائي. أما إذا كانت هذه المواضيع الثلاث هي وحدها ملفات مفاوضات ماراثونية لا نهاية لها فالرسالة ستكون واضحة للشعب الفلسطيني: "عودوا للمقاومة".

وفيما يلي نص الحوار كاملاً :

- كيف تنظرون لواقع القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني في ظل الأزمات والمشكلات والانقسام الداخلي الذي تشهده لأكثر من 14 عاماً؟

كل الذين راهنوا على عاملي الزمن والوهن فقدوا رهانهم. واقع القضية الفلسطينية موجود أكثر من أي وقت مضى والأحداث ستفرض على الجميع التعامل الجدي مع القضية خاصة أمام انهيار صفقة القرن ومعاهدة ابراهام. هذا سيطرح تحديات على كل الأطراف ومن جملتها السلطة وحركة فتح.

- ما رسالتكم للفصائل من أجل إنهاء الانقسام ؟

ثمة مثل فرنسي ساخر يقول "لا داعي لنصحي بوسعي الخطأ بوحدي". أرجو فقط للفصائل ألا تواصل خطأ مواصلة الانقسام لأنه أجمل هدية لإسرائيل وأكبر خيبة أمل لشعب وجد وحدته حول المسجد الأقصى سواء كان من غزة أو الضفة أو من الداخل أو من الشتات. يجب التعلم من هذا الدرس العظيم.

- بعد المعركة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، كيف تقيمون القوة العسكرية للمقاومة وهل دولة الاحتلال خسرت الجولة الاخيرة؟

الانتصار كان معنويا ونفسيا وسياسيا وهذا أهم انتصار، لأنه لم يكن يوما مطلوبا من غزة المحاصرة أن تغلب دولة نووية. طبعا "إسرائيل" خرجت مهزومة سياسيا وإعلاميا وخاصة أخلاقيا أمام العالم أجمع. أذكر لما كنت طالبا في الجامعات الفرنسية في الستينيات صورة "اسرائيل" وأقارن صورتها اليوم. من بلد ديمقراطي صغير محاصر من قبل العرب البشعين إلى دولة أبارتهايد يقودها يمين فاشي متطرف استيطاني استعماري. فقط الناس من جيلي يقيسون التدهور والانهيار الأخلاقي والمعنوي لدولة فقدت البوصلة خاصة منذ وصول نتنياهو للحكم.
اقرأ أيضاً: “القدس” توحد الفلسطينيين من النهر إلى البحر وتكسر حاجز الخوف من الاحتلال

- كيف تقيمون واقع قيادة السلطة الفلسطينية في ظل ازدياد شعبية حركة حماس خصوصا بعد معركة القدس الاخيرة؟

أخشى ما أخشاه أن تكون هذه الشعبية سبب تأجيل الانتخابات مما يعني مفاقمة وضع الانقسام. أملي أن تأخذ حماس بعين الاعتبار هذه الخشية، أن تطمئن الأطراف الأخرى لأن الانتصار الحقيقي هو الذي سيكون على الانقسام وهو الذي سيمكن من استثمار كل نتائج المقاومة البطولية لغزّة عرين الأسود.

- في ظل هرولة الأنظمة العربية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، هل ترون بأن هناك دولاً عربية جديدة ستطبع بعد الامارات والبحرين والسودان والمغرب؟

اعتقادي أنه باستثناء الإمارات بقية الأنظمة ستراجع حساباتها والدليل تصويت السودان والبحرين ضد "اسرائيل" في لجنة حقوق الانسان بجنيف. على كل حال طبعوا أم لم يطبعوا. هم يبيعون الوهم للإدارة الأمريكية التي بدأت تدرك أنه لا سلام يأتي به التطبيع مع أنظمة مبتزة مثل السودان أو عميلة مثل الامارات. السلام الذي يجب أن ننشده جميعا في منطقة عانت ما يكفي من ويلات الحروب منذ أكثر من نصف قرن يمرّ بالفلسطينيين أولا وأخيرا.

- كيف ترون واقع الشرق الأوسط بعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن؟ وهل سينهي عمل "صفقة القرن" التي جاء بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟

السياسة الموالية لإسرائيل بطريقة فجة ومستفزة ورخيصة على طريقة ترامب انتهت. لكن السياسة الموالية لإسرائيل بطريقة لينة وذكية ستعود للساحة. على كل حال أعتقد أن بايدن وإدارته يعرفون ما هي الطرق المسدودة التي جربها ترامب ونتنياهو وما هي الطرق التي يجب الآن استكشافها.

- في ظل توقف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عهد ترامب، هل ترون بإمكانية احيائها وعودة المفاوضات في زمن بايدن؟

الإشارات الإيجابية توقف الاستيطان وتهجير العائلات المقدسية ورفع الحصار عن غزة آنذاك باب المفاوضات الجدية سيفتح على مصراعيه لحلّ نهائي. أما إذا كانت هذه المواضيع الثلاث هي وحدها ملفات مفاوضات ماراثونية لا نهاية لها فالرسالة ستكون واضحة للشعب الفلسطيني: عودوا للمقاومة.

- ما أوجه التقصير في الدور العربي لنصرة الحق الفلسطيني؟

الأمة في أسوأ حالاتها والكثير من دولها عادت للتبعية المباشرة وليس فقط غير المباشرة والشعوب منهكة بالثورات المضادة التي نكلت بها لتأديبها وعقابها على ثورات الربيع العربي. ومن ثم لا عتب ولا لوم وإنما تجدد النضال كل في ميدانه فكل انتصار في غزة انتصارنا. يوم تنتصر الثورات العربية ستدعم القضية كما حدث في 2011.

- بدى الموقف الأمريكي أقوى من الموقف الأوروبي، هل نشهد تراجعا في الدور الأوروبي؟

ثمة تغيير جذري في موازين القوى في كل قضايا الشرق الأوسط أي تصاعد دور القوى الاقليمية مثل إيران وتركيا وتراجع دور القوى الدولية الكبرى. أوروبا اختفت تقريبا من كل تأثير وحتى تأثير أمريكا يقلّ. وفي كل الأحوال أيا كان وزن الطرف الإقليمي أو الدولي أكبر عنصر في النصر هو العامل الذاتي وأحسن دليل على ذلك ما فعلته غزة بكل حساباتهم أكانوا من الإقليم أم من خارجه.

المصدر : عبد الله عبيد- خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo