مروان المعشر: أحداث فلسطين أثبتت أن التطبيع كبديل للسلام سقط

مروان المعشر
مروان المعشر
  •  المصلحة الأردنية تقتضي دوراً اردنياً فاعلا في كل المحافل بعيداً عن الخطاب السابق

  •  التحولات الدولية والأمريكية تجاه دولة الاحتلال يجب البناء عليها

  •  المشهد الفلسطيني الوحدوي أسقط كل محاولات "إسرائيل" تقسيم الفلسطينيين

  •  نظرية أن المشروع الفلسطيني يتعارض مع الأردن سقطت.

  •  المشروعان الأردني والفلسطيني متكاملان في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي

أكد وزير الخارجية الأردني الأسبق، مروان المعشر، أن الأحداث الأخيرة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، أثبتت أن نظرية التطبيع الاسرائيلي مع دول عربية كبديل عن السلام مع الجانب الفلسطيني قد سقطت، وأصبح واضحاً أن التطبيع لم يؤد إلى جعل الموقف الاسرائيلي أكثر اعتدالاً أو أقل تعنتاً أو يُساهم بالتأثير على دولة الاحتلال أو ردعها عن الاستمرار في انتهاكاتها الجسيمة ضد الفلسطينيين التي ترتقي إلى جرائم حرب.

وأوضح المعشر في مقالٍ له، نشره مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، أن هذه الاتفاقيات مازالت على مستوى الحكومات، وأن شعوب هذه الدول لا ترضى بمثل هذا التطبيع بينما يتعرض الشعب الفلسطيني للقصف والتهجير.

يشار إلى أن ثلاث دول عربية وقعت اتفاقات تطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي العام الماضي، وهي (الامارات، البحرين، السودان، المغرب)، ورفضها الفلسطينيون بإجماع تام، كونها تتنكر للمبادرة العربية للسلام ونضال الفلسطينيين.

وأكد المعشر أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي فشلت فشلاً ذريعاً في كسر إرادة الشعب الفلسطيني رغم ما فعلته بآلتها العسكرية المدمرة في قطاع غزة، وانتهاكاتها في القدس المحتلة والضفة الغربية، وانتفاضة فلسطينيو الداخل، ترتقي لجرائم حرب وتطهير عرقي وتشكل خرقاً صارخاً للقوانين الدولة.

وأكد الفلسطينيون تثبتهم بأرضه وحقهم التاريخي فيها.

وأشار إلى أن الأحداث الأخيرة أظهرت وحدة الشعب الفلسطيني، ووقوفه ضد الاحتلال ونظام الفصل العنصري الابرتهايد، وفشل ما حاولت إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 بتفرقة الشعب الفلسطيني وشرذمته، وواجه الفلسطينيون موحدين القوة الإسرائيلية والحصار الجغرافي بتوحيد صفوفهم وأظهروا بجلاء حقيقة وجود أغلبية فلسطينية عددية داخل الأراضي التي تسيطر عليها "اسرائيل"، لا يمكن الاستهانة بها.

ولم تعد اسرائيل تستطيع استخدام قوتها العسكرية لإخماد هذه القوة العددية التي باتت تشمل فلسطيني يافا وحيفا وعكا والناصرة والنقب، كما تشمل القدس ونابلس والخليل ورام الله وجنين وطولكرم وأريحا.

كما تجددت ثقة الشارع الفلسطيني بقيادة جيل فلسطيني جديد، جيل ما بعد أوسلو، بقدرته على مواجهة القوة العسكرية، ومن شأن استمرار توحيد هذه الجهود الفلسطينية أن تؤثر ايجابياً على مجمل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

ولفت الكاتب الأردني المعشر، إلى أننا نشهد اليوم تحولاً واضحاً في موقف المجتمع الدولي من دولة الاحتلال، مشيراً إلى أن هذا المجتمع دعم سابقاً الجهود المبذولة لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية بما يدعى بحل الدولتين، لكنه وقف خلال الأحداث الأخيرة موقفاً محايداً من الانتهاكات الاسرائيلية للحقوق الفلسطينية والقانون الدولي بحجة أن انتقاد "إسرائيل" أو محاسبتها قد يقف عائقاً أمام هذا الحل.

ورأى أنه بعد ثلاثين عاماً من مؤتمر مدريد للسلام، أصبح واضحاً أن فرص حل الدولتين باتت شبه معدومة.

وتابع أنه لم يعد باستطاعة المجتمع الدولي السكوت عن الانتهاكات الاسرائيلية، وبخاصة في ضوء الغطرسة الاسرائيلية المتزايدة ومحاولتها ضم الاراضي المحتلة فعلياً، وقتل أي فرصة لحل الدولتين.

اقرا أيضاً: ترجمة خاصة: “عبثية محمود عباس”

لافتاً إلى أننا بدأنا نشهد مراكز أبحاث ومنظمات لحقوق الانسان ووسائل إعلام عالمية ورئيسية تنعت ما تقوم به دولة الاحتلال من ممارسات بالفصل العنصري، وهو ما كان من المحرمات عالمياً حتى وقت قصير.

موضحاً أنه هناك كتلة حرجة عالمية تكبر باطراد تطالب بوقف الاستثناء الاسرائيلي المعمول به عالمياً، وبضرورة محاسبة دولة الاحتلال على انتهاكاتها، ولم تعد هذه الكتلة تأبه بــــ "البروباغاندا" الاسرائيلية التي تنعت كل من ينتقدها باللاسامية، وهذا كله مفاده أن المجتمع الدولي لم يعد يحتمل الممارسات الاسرائيلية أو يتغاضى عنها بعد اليوم.

واستطرد قائلاً أن هناك مجموعات داخل المجتمع الامريكي لديها تحول واضح داخل صفوف الشق التقدمي الليبرالي من الحزب الديمقراطي ضد الممارسات الاسرائيلية، ما أدى إلى مطالبة عدد غير مسبوق من أعضاء الكونغرس، بربط جزء من المساعدات الأميركية لإسرائيل، باحترامها حقوق الانسان.

كما قامت منظمة أميركية كبرى لحقوق الانسان، هيومن رايتس واتش، وكذلك أحد أهم وأقدم مراكز الأبحاث الأميركية الرئيسية، كارنيغي، بوصف ما تقوم به دولة الاحتلال بالأبرتهايد، ومطالبة الأخير بمقاربة تعتمد على احترام حقوق الفلسطينيين بالتوازي مع، وبمعزل عن أي مسار سياسي يرغب الجانبان في اتخاذه.

وأوضح أن مثل هذه التحولات داخل المجتمع الأميركي تعني أن أي مقاربة أميركية تعتمد على المعطيات السابقة وتواصل استثناء دولة الاحتلال الاسرائيلي من أي محاسبة وتهدف إلى إدارة الصراع فقط لن تنجح في التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد، فالحقائق تغيرت على الأرض بسبب الإرادة الفلسطينية الشعبية التي لم تعد تقبل انتهاكات متكررة واحتلالاً لا ينتهي.

وتابع الكاتب الأردني المعشر، أنه أمام ما سبق فإن الأحداث الأخيرة قد تجاوزت إلى حد كبير الدور الأردني التاريخي الذي حاول بجهود كثيفة ومخلصة انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على الأرض الفلسطينية، موضحاً أن التعنت الاسرائيلي وعمله ضد المصلحة الأردنية واتفاقيات التطبيع العربية، قد أثرت إلى حد كبير على ما كان للأردن من دور.

اقرأ أيضاً: حماس أمام توجّهين دوليين بعد الحرب..ما هما؟

وشدد على أن المصلحة الأردنية تقتضي أن يبقى لها دورا فاعلا في إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وأن يكون حاضراً في أي محفل إقليمي أو دولي يبحث في المسارات السياسية لإنهاء الاحتلال، بعيداً عن المقاربات ترداد المواقف السابقة وكأن الحقائق والواقع الفلسطيني هو ذاته وتجاهل كل المعطيات التي تم ذكرها، لن يؤدي إلى استعادة الدور الأردني الذي يطمح إليه، لأن المقاربة الأردنية الحالية تفقد تدريجياً صلتها مع الواقع.

وأكد على أن الوقت الراهن يتيح للأردن التخلي عن النظرية التي اعتمدها بعض أركان الحكم في السابق التي تعتقد بأن المشروع الوطني الفلسطيني يتعارض مع المصلحة الأردنية العلياً، وإدراك أن المشروعين الوطنيين الأردني والفلسطيني متكاملان في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ولا يتعارضان مع السياسة الأمنية الأردنية.

المصدر : لندن- زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo