المقاومة أعطت الدرس

د.محمود خليل
د.محمود خليل

من يريد الحياة سوف يحيا رغم كل الظروف المعاندة.. ومن يريد غيرها فليس عليه سوى أن ينام حتى تطرق رأسه الكارثة فى لحظة.

خرج نتنياهو يوم الأربعاء الماضى يقول إن إسرائيل حاربت غزة عام 2014، وتمكنت من القضاء على قدرات فصائل المقاومة، الأمر الذى أدى إلى تأمين المواطن الإسرائيلى من الهجمات الصاروخية لمدة 7 سنوات (أى حتى عام 2021)، وإن الهدف من الحرب على غزة خلال الأيام الماضية تحدد فى تحجيم قدرات المقاومة.

نتنياهو نموذج للقيادة التى تعرف كيف تكذب على نفسها حتى تصدق الكذبة، ثم تصدرها بعد ذلك إلى شعبها.

اقرأ أيضاً: مقدسي قدم مساعدة ليهودي فتحولت لنقمة على أحفاده في الشيخ جراح”انفوجراف”

يتغافل نتنياهو عن حقيقة أن خطوته نحو تمكين المستوطنين الصهاينة من حى الشيخ الجراح كانت السبب المباشر فيما يحدث، الشرارة اندلعت فى القدس، ومنها امتدت نيران الغضب إلى كل مكان فى الأرض المحتلة، فخرج الجميع يبحثون عن الحياة بالمقاومة التى لا تعرف خوفاً ولا استسلاماً.

يتغافل نتنياهو أيضاً أن المقاومة تمكنت على مدار 7 سنوات -تفصل ما بين عدوان 2014 وعدوان 2021- من تنمية قدراتها وتطوير أسلحتها، فأصبحت صواريخ الفصائل قادرة على الإصابة المباشرة، وظهرت الطائرات المسيرة، بل والغواصات التى حاولت التعامل مع البوارج الإسرائيلية.

اعترف نتنياهو بعضمة لسانه بأن المقاومة تمكنت من بناء مدينة كاملة تحت الأرض تتحرك منها بأريحية كاملة لتضرب وتصيب وتدمى قلب إسرائيل.

نتنياهو وقوات الاحتلال قصفوا المنازل وهدموا الأبراج، وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ.

فى كل مرة كان مسئولو الاحتلال يصرحون قائلين إنهم دمروا العديد من قدرات المقاومة، ولا يعيش التصريح سوى دقائق معدودات تدوى بعدها صافرات الإنذار فى أنحاء أسدود وعسقلان وتل أبيب.

كل قصف إسرائيلى قابله وابل من الصواريخ التى دوت فى أنحاء الأرض المحتلة، لتثبت من جديد عجز إسرائيل عن صد الأذى عنها ما دامت تؤذى الآخرين.

اقرأ أيضاً: “معركة القدس”: المآلات الفلسطينية والإسرائيلية

كانت خسارة نتنياهو مخبوءة فى قلب ما ظن أنه مكسب.. لقد أراد أن يخطو خطوة نحو الأمام بتمكين المستوطنين الصهاينة من حى الشيخ جراح، عشماً فى تصحيح وضعه السياسى المتهاوى، لكنه فشل فشلاً مريعاً ذريعاً، وعليه أن يجلس الآن مع قيادات الاحتلال ليحسبوا معاً فاتورة الخسائر.

بدا «نتنياهو» فى قمة الضعف أمام السفراء الأجانب وهو يلمح إلى الدور الذى تلعبه إسرائيل فى الدفاع عن الغرب وعن ديمقراطية الغرب فى المنطقة، وكأنه أراد الاستنجاد بالكفيل الغربى فى مواجهة الموقف المرهق الذى يعيشه مع شعبه.

فى سياق الأخبار التى كانت تتحدث عن جهود العديد من الأطراف لوقف إطلاق النار تردد أن كل ما تريده إسرائيل هو مشهد ختامى، تقوم فيه قوات الاحتلال بقصف غزة دون أن ترد عليها فصائل المقاومة بصواريخ!.

نتنياهو يبحث عن مشهد ختامى يحفظ به ماء وجهه، لكن الفصائل تأبى، وتواصل القصف، وسوف يتكرر الرد مرات ومرات ما دامت إسرائيل تهدم البيوت وتقتل المدنيين.

المقاومة عرفت كيف تعيش وتواصل رغم الظروف المعاندة.. أما إسرائيل فقوة أصابها الغرور.. حاولت اختبار نفسها فى غزة وفشلت.
أصل المقال

المصدر : كتب: د.محمود خليل

مواضيع ذات صلة

atyaf logo