تقرير جيل جديد يتصدر الواجهة .. قفز عن الهزيمة والاعلام الجديد سلاحه

مسيرات شعبية
مسيرات شعبية

بدا صوت الشاب طارق خصيري (22 عاماً) مبحوحاً، من شدة الهتافات التي صدح بها صوته خلال الأيام الأخيرة، فهو واحد من بين عشرات الشبان في مدينة رام الله من الجيل الجديد، الذين لا يغيبوا عن الفعاليات الشعبية.

خضيري ناشط شبابي يساهم في تنظيم الفعاليات الشعبية الميدانية في رام الله، ويعرف بالعادة بأنه "الهتيف"، أي من يردد الهتافات في المسيرات، ويكررها من خلفه البقية.

يصف خضيري الشباب الفلسطيني بـ"القنبلة الموقوتة"، ويقول في حوار خاص مع موقع "زوايا"، إن التحديات التي فرضتها المرحلة الماضية من انقسام داخلي، وتضييقات، واعتقالات سياسية، عملت على انهاض دورهم.

وعلاوة على أن مدينة القدس والمسجد الأقصى تعتبر بالنسبة إليهم خط أحمر، وما قام به الاحتلال في قطاع غزة من انتهاكات لكل المحرمات دفعهم للميادين.

جيل جديد يخوض التجربة

يرى الصحفي محمد دراغمة، أن هذا الجيل يختلف عن الأجيال السابقة التي طحنت وانهزمت وتعرضت للقمع، والان باتت منشغلة بمشاغل الحياة.

"الجيل الجديد" وفق ما ذكر دراغمة في حوار مع موقع "زوايا"، لا يرى في إسرائيل دولة لا تقهر ولا يرى أن ما يجري هو عادل، وبالتالي يريد أن يأخذ دوره، وهو يثور ويتحرك ويحرك الشارع معه.

اقرأ أيضاً: الخبير العسكري واصف عريقات لـ “زوايا”: المقاومة رسخت معادلة جديدة في معركة القدس

يقول دراغمة من واقع ملاحظته كصحفي يعمل في الميدان، إن الحراك في القدس وبالتحديد في حي الشيخ جراح بدأ مع مجموعات من طلاب جامعات من فلسطيني الداخل والقدس، وحتى طلاب في الثانوية العامة.

وأضاف دراغمة أن هؤلاء هم من يقوموا بتنظيم الاعتصامات في الشيخ جراح، ولديهم نفس طويل، ولا توجد لديهم انشغالات مثل من يعمل، كما أن لديهم مشاعر وطنية جياشة.

"هذا الجيل" وفق دراغمة فتح عيونه في الداخل والقدس وشاهد الفجوة الكبيرة بين العرب واليهود، في الناصرة وحيفا وعرابة البطوف وغيرها، وهؤلاء شاهدوا التمييز بينهم وبين اليهود في عدة مجالات وأنهم محاصرين ولا يسمح لهم بالبناء خارج المخططات.

أما في الضفة الغربية فإن من يعمل في الميدان كما ذكر دراغمة هم طلاب الجامعات والمدارس الذين يذهبوا للمواجهات، "وهذا الجيل لديه نفس وغضب، وهذا الجيل لا يعرف أوسلو ولا يعرف الهزيمة في الانتفاضة الثانية، ولا كيف سحقت إسرائيل الناس، ولا يوجد في ذاكرته هزائم ولا انتكاسات وذاكرته فريش".

وبالتالي يؤكد دراغمة أن هذا الجيل يريد أن يخوض تجربته، من الممكن أن ينجح ومن الممكن أن لا ينجح، ولكن يريد أن يأخذ دوره، والمرحلة القادمة سوف يكون وقودها هذا الجيل، ولكن هم بحاجة إلى ملهم سياسي وقادة لتوجيههم.

وأضاف، أن القوى السياسية في الضفة الغربية ضعيفة، وهي قيادة أكثرها بيروقراطية، أما في قطاع غزة يختلف الوضع وهناك مقاومة وتجنيد ومشورع مقاومة.

لذا يشدد دراغمة أن "هذه القوى في منظمة التحرير لو ترجع لمسار المواجهة ربما يكونوا قادرين على قيادة هذه المرحلة وتوجيهها لأن لهم قدرات وإمكانيات، وهذا سؤال كبير إن أرادوا الاستمرار بهذا الموقع فهذه لحظة مناسبة كي يتولوا القيادة وتنظيم الأنشطة ومدها بالاحتياجات، ولكن أنا لا أرى أن السلطة والمنظمة تذهب بهذا الاتجاه".

وفي السياق، يقول الباحث في التاريخ الاجتماعي سعد عميرة أن هذا الجيل الذي يتصدر الواجهة هذه الأيام لم يدخل سوق العمل ولم يتشرب ثقافة الدوام، لذا هناك عدد لا بأس فيه من طلبة الجامعات والمدارس، وهناك مشاركة لافته من العائلات، ونوع من الفزعة المجتمعية، وتأخذ المشاركة الطابع الشعبي والعفوي، وليست مشاركة مسيرة من حزب فلاني.

وأكد عميرة في حوار مع "زوايا"، أن ما دفع الشبان للمشاركة في هذه الهبة هو حجم الجرائم في غزة وفي المقابل حالة العقم في الضفة الغربية وعدم أخذ أي موقف ذو قيمة.

وتابع أن مراهقة هذا الجيل كانت على مشاهدة جرائم الاحتلال وذبح أهالي قطاع غزة في الحروب السابقة، وبالتالي وعيهم نمى على هذه المشاهد، وبالرغم أنه جيل لم يلحق بمعاهدات السلام واتفاق أوسلو، ولكن ما زال يعيش أعراضها.
أقرأ أيضاً: نائب أردني لـ “زوايا”: اجتماع عاجل لاتحاد البرلمانات العربية لمناقشة أحداث القدس

الشاب طارق خضيري يؤكد على ما تقدم به محمد دراغمة من حيث غياب دور القيادة في الضفة الغربية، قائلاً "أنه لا يوجد هناك أي دعم في ظل حالة التراهل للفصائل وتقلص الدعم التنظيمي، وبالتالي يضطر هو ومن معه أن يتصدروا المشهد دون وجود أي داعم، وكل شيء في الفعاليات يكون على نفقتهم وبمجهود شخصي، من اليافاطات والكراتين و"الدي جي" وغيرها.

وأشار خضيري أن من يشارك في الفعاليات هم فئة الشباب من طلبة جامعات ومدارس وهم المحرك الأساسي لوكن يتم العمل على توسعتها قدر الإمكان مع النقابات واتحادات العمال واساتذة الجامعات والحراك النسوي وذوي الاحتياجات الخاصة وكل الفئات التي يتقاطعوا معها بحيث تتوسع رقعة المواجهة مع الاحتلال.

وحول الطريقة التي يقوموا خلالها بتنظيم الفعاليات الميدانية، أوضح خضيري أنه عندما يكون هناك حدث ما في الضفة الغربية أو القدس أو قطاع غزة، يشرعوا بالتواصل مع نشطاء في مختلف المحافظات والاتفاق على أن يكون هناك فعاليات ميدانية.

ويتابع خضيري "نخصص لكل محافظة الفعالية المطلوبة حسب خصوصيتها وقربها من نقاط التماس، ومن ثم نتواصل مع الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، ونقوم بدعوة وسائل الإعلام والنشر على وسائل التواصل، ومن ثم ننزل إلى الميدان بشكل فردي".

أهمية منصات التواصل الاجتماعي

وفي خضم حديثه عن المسيرات هذه الأيام التي وفق ذكره تكون صباحاً وظهراً ومساء وفجراً، يشدد خضيري أنهم يركزوا على العمل عبر وسائل التواصل، وقد تم تحويل السوشال ميديا لميدان أخر لعملهم، وتصدر هاشتاق "انقذوا_الشيخ_جراح" منصات التواصل الاجتماعي عالمياً.

هنا يؤكد محمد دراغمة أن أهم أداة بيد هذا الجيل هي السوشال الميديا والفيديوهات التي يتم بثها عبر الفيس بوك والتيك توك وغيرها، والتي حركت الشارع، والشارع لم يكن يعرف لولا السوشال الميديا.

وفي هذا السياق، يشير المتخصص في الإعلام الرقمي وحملات المناصرة محمد أبو الرب، أن الفكرة ليست هي بوجود جيل جديد بدليل أن هناك جزء من الشهداء أعمارهم أكبر من 30 عاماً، وأنه في بعض نقاط المواجهة كان هناك أطباء وأساتذة جامعات ومهندسين، ولكن القضية هي بحجم الحدث وكثافة التغطية على وسائل التواصل الاجتماعي، التي هي من انتجت هذه الحالة من الغضب والاحتقان الفائقة لدى الناس.

وما يجري وفق ما قال أبو الرب لموقع "زوايا"، أن هذا الجيل تم التركيز عليه أكثر بسبب كثافة المحتوى والنشر على "السوشال الميديا"، التي انتجت هذا النوع من التوجيه والتحشيد الهائل.

لكنه يستدرك بالقول أن ارتفاع مشاركة فئة الشباب مقارنة بغيرهم، أن هذا هو المنطق لأن هذا الجيل الأقل من ثلاثين عاماً يجب أن تكون له مساهمة فاعلة، لأنه جيل يؤسس نفسه وهو ما زال في الجامعات والمدارس ولا يعمل، وحجم المسؤولية التي تتعلق بالأسرة ولحظة الفقدان أقل من حسابات كبار السن".

وأضاف "هذه فورة الشباب وطاقة الشباب في بداية حياتهم، الذين لديهم البعد العاطفي بينما الجيل الأكبر أكثر عقلاني من حيث حساباته".

الأدوات التي يستخدمها الشباب

وعلاوة على أهمية "السوشيال ميديا" كأحد الأدوات التي يستخدمها هذا الجيل في التفاعل مع القضايا، يقول دراغمة أن أدواتهم الميدانية سلمية.

فمثلاً في الشيخ جراح هناك الدبكة الشعبية والإفطارات والصلاة والغناء الشعبي والهتافات، والتي جعلت هناك استنزاف للطرف الاخر من الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين.

أما في الضفة الغربية وفق دراغمة فالأدوات التي بيد الشبان هي الحجارة وإشعال الإطارات وإشغال الإسرائيليين وهذه أدوات سلمية، وهو ما يفيد لأنه في حال استخدام أدوات أكثر عنف يرد الجيش بأكثر عنف ويقوم بقمعهم بشكل عنيف.

 

المصدر : خاص زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo